إخوان المغرب: العلاقة بين حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح إلى أين؟

إخوان المغرب: العلاقة بين حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح إلى أين؟

إخوان المغرب: العلاقة بين حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح إلى أين؟


13/12/2022

نشر موقع حركة التوحيد والإصلاح المغربية يوم 3 كانون الأول (ديسمبر) 2022 الفيديو الخاص بالحوار الذي أجراه رئيسها أوس الرِّمال لوكالة الأناضول يوم 29 تشرين الثاني (نوفمبر)، وهو ثالث حوار يجريه منذ انتخابه رئيساً للحركة منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بعد موقعي "الأنباء تيفي" و"تيلكيل عربي"، يتناول فيه العلاقة بين حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح مع الإشارة إلى إمكانية تعميق التمايز بينهما.

الشيء الذي يشير إلى إمكانية ازدهار النقاش مستقبلاً حول العلاقة بين الجانبين في اتجاه "فك الارتباط" التام بينهما، بل لا يستبعد انطلاق الحركة في العمل، بعيداً عن الإعلام، على وضع خطة للانفصال.

النقاش الجديد القديم

1- النقاش حول العلاقة بين الطرفين ليس بجديد؛ إذ كان دائماً محل مراجعة، بالنظر إلى حالة الالتباس والغموض التي تكتنفها والانتقادات التي طالتها بسبب قيامها على الربط بين الديني والسياسي، وقد طُرح هذا النقاش خلال المؤتمر الـ (6) للحركة عام 2018، وتمّ اتخاذ قرارين بشأنه:

- مراجعة ميثاقها الصادر عام 1998، حيث شملت أهم التعديلات التخلي عن "المجال السياسي".

- إبعاد الحزبيين (وزراء وبرلمانيين) من المكتب التنفيذي؛ لتحقيق الفصل التام بين قيادة الحركة (المكتب التنفيذي) وقيادة الحزب (الأمانة العامة).

2- تصريح عبد الإله بنكيران، الأمين العام الحالي للحزب وعضو مجلس شورى الحركة، يوم 7 كانون الثاني (يناير) 2022 بأنّه لن يعقد أيّ شراكة مع حركة التوحيد والإصلاح، ثم السقوط المدوي للحزب في انتخابات 8 أيلول (سبتمبر) 2021، وعزوف عدد من أعضاء الحزب والحركة خصوصاً في دعم الحزب، وكلها معطيات عجلت بتجديد النقاش حول العلاقة بين الطرفين.

دعوة بنكيران إلى الانفصال بين الجانبين قد تشكل بداية الاقتناع بصعوبة الاستمرار في الشراكة

3- تصريح بنكيران الذي أوحى فيه بأحقية الحزب، أو أمينه العام، في الحسم بشأن مصير العلاقة بقوله: "لا أريد أيّ شراكة معهم"، و"ليهتموا فقط بأمرهم"[1]، لم تستسغه قيادة الحركة، فقد بادر الرمال إلى التذكير بفضل الحركة على الحزب وأهليّتها وحدها في تقرير مصير العلاقة بينهما بقوله: "هذا حزب نحن من أسسناه"، و"من لم يعجبه كلامي، فليجابهني"، مضيفاً بشأن قرار الشراكة: "نحن من اتخذناه، وليس الحزب، ولم نتشاور معه فيه"، وبالتالي لا يمكن الخوض فيه "إلا من طرف مجلس شورى التوحيد والإصلاح"[2]، لأنّ الأمر يتعلق بـ "شراكة من جهة واحدة أيّ من جهة حركة التوحيد والإصلاح التي اتخذت قراراً أساسه أنّ أعضاءها يمارسون عملهم ومشاركتهم السياسية من خلال حزب العدالة والتنمية"، مضيفاً أنّ إنهاء الشراكة لا يمكن أن يكون "بهذا الشكل [بقصد تصريح بنكيران]، فهو قرار لا يمكن اتخاذه إلا في الهيئات التقريرية للحركة"[3].

الداعون إلى "فك الارتباط"

قيادة الحركة ممثلة في المكتب التنفيذي الحالي والسابق ومعظم أعضائها يرفضون الاستمرار في الارتباط بالحزب، خاصة خلال الحملة الانتخابية الأخيرة آب وأيلول (أغسطس - سبتمبر) 2021، التي أبانت عن "عصيان" أعضائها لتوجيهاتها بالتصويت لصالح الحزب ودعمه في حملته.

تحرص قيادة الحركة على عدم الخوض في موضوع الشراكة أمام العموم، لكنّها تُعبّر عنه أحياناً بالتلميح دون التصريح، باستثناء أحمد الريسوني الذي دعا عام 2018 إلى فك الارتباط بين الهيئتين، قائلاً عن الشراكة: "إذا كانت موجودة فعلاً، فيجب أن نضع لها حدّاً"، وبهذا سيحصل إقبال على الحركة "من جميع الأحزاب، وعموم الناس، لأنّ كثيراً من الناس يتحرجون من الالتحاق بها، ويعتبرون ذلك انخراطاً في دعم حزب سياسي معيّن"[4].

تحرص قيادة حركة التوحيد والإصلاح على عدم الخوض في موضوع الشراكة أمام العموم، لكنّها تُعبّر عنه أحياناً بالتلميح دون التصريح، باستثناء أحمد الريسوني الذي دعا عام 2018 إلى فك الارتباط بين الهيئتين

3- محفزات الانفصال لدى الحركة تكمن في الغموض الذي يكتنفها وتراجع أدائها في النقاش العمومي لتجنب إحراج الحزب الذي اتخذ مواقف تعارضها الحركة، مثل:

أ- الموقف من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).

ب- قانون الإطار الذي سمح بالتناوب اللغوي، ومن ثمّ التمكين للفرنسية على حساب العربية.

ج- إنتاج القنب الهندي (مخدّر الكيف) واستغلاله.

د- التطبيع مع إسرائيل (وقع عليه العثماني بصفته رئيساً للحكومة، وتبرّأ منه بنكيران)،

وقد ترتب عن ذلك ما يلي:

أ- التضييق على الحركة من حيث علاقاتها مع التنظيمات الإسلامية مثل جماعة العدل والإحسان المعارضة والمؤسسات الرسمية في الحقل الديني مثل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والرابطة المحمدية للعلماء.

ب- غلبة الاهتمام الحزبي لدى عدد من أعضائها على حساب الاهتمام الدعوي، الشيء الذي تسبب في ترهل وظائفها الدعوية والتربوية.

ج- جمود في عمل عدد من الهيئات التابعة للحركة مثل "منتدى الزهراء للمرأة المغربية" و"منظمة التجديد الطلابي" لتجنب مزاحمة مؤسسات الحزب في الأعمال المشابهة أو اتخاد مواقف تعارضها.

د- انحرافات تربوية وأخلاقية لعدد من رموز الحزب أثرت على صورته في أذهان المواطنين، ومن ثم انتقلت إلى الحركة.

هـ- تأثر الحركة بالصراع بين قيادات الحزب من حيث بناؤها الداخلي، لوجود أعضاء مناصرين لجهة دون أخرى، ومن حيث وضعها في نظر المواطنين الذين يحكمون على الحركة من خلال سلوك أعضاء الحزب.

موقف الحزب من الشراكة 

لا يوجد موقف رسمي للحزب من الشراكة، تماماً مثل الحركة، لكن بخلافها فإنّ الغالب على قيادييه هو الرغبة في الاحتفاظ عليها.

غلبة الاهتمام الحزبي على حساب الاهتمام الدعوي تسبب في ترهل وظائف الحركة الدعوية والتربوية


2- دعوة بنكيران إلى الانفصال بين الجانبين، سواء كان يقصد الفصل في الجانب التربوي فقط أم الشراكة بشكلها العام - التي جاءت كرد فعل على إصرار قيادة الحركة على أخذ مسافة بينها وبين العمل السياسي، والاقتناع المتزايد في صفوف أعضائها بضرورة التخلص من الحزب - قد تشكل بداية الاقتناع بصعوبة الاستمرار في الشراكة.

عبد العالي حامي الدين، عضو المجلس الوطني للحزب والمقرب من العثماني، يكاد يكون القيادي الوحيد الذي دعا إلى فك الارتباط بين الجانبين، لكن ليس انتصاراً لاستقلالية الحركة وحريتها فقط، إنّما خصوصاً لحرمان بنكيران ومناصريه من الاستمرار في استمداد القوة من الحركة، فقد طالب بحق الجمعيات الدعوية في رسم "أهدافها بمعزل عن مستلزمات العمل السياسي واشتباكاته"، والانتقال إلى ترسيم المسافة الضرورية بين الدعوي والسياسي "بشكل عقلاني ينطلق من خصوصية كل مجال وحاجته للاستقلال بذاته"[5].

لا يستبعد أن تكون حركة التوحيد والإصلاح قد انطلقت فعلاً في العمل سرّاً، وفي إطار لجان محدودية العضوية، على وضع الخطة لفك الارتباط بين الحزب والحركة

 

أبو زيد المقرئ الإدريسي، نائب برلماني سابق ووجه ثقافي ودعوي مقرب من قيادة الحركة، فضل تجميد عضويته في الحزب بدل الدعوة إلى فك الارتباط، بعد صدور قرار التطبيع مع إسرائيل، احتجاجاً، حسب ما نُقل عنه، "على ضمور قضايا الهوية والمرجعية الإسلامية في خطاب الحزب ومواقفه وقراراته".

5- استفاد الحزب من الشراكة مع الحركة، فيما يلي:

أ- تحول الحركة من "العلاقة الاستراتيجية مع الحزب" إلى "التبعية الاستراتيجية للحزب"، نظراً للتدخل الفج للوجوه السياسية في الشأن الدعوي للحركة.

ب- "امتصاص" الحزب لكوادر الحركة نظراً للإغراءات التي يوفرها العمل السياسي.

ج- تحصيل الدعم الديني في المعارك السياسية عند الضرورة.

د- توسيع الحاضنة الشعبية للحزب بفضل فاعلية الخطاب الدعوي للحركة ونشاط أعضائها.

رؤية مستقبلية

1- لا يستبعد أن تكون الحركة قد انطلقت فعلاً في العمل سرّاً، وفي إطار لجان محدودية العضوية، على وضع الخطة لفك الارتباط بين الحزب والحركة، خاصة في ظل المؤشرين التاليين:

- استمرار الأزمة الداخلية للحزب الناجمة عن التعارض القائم بين بنكيران والعثماني، وحالة الانسحاب وتجميد العضوية المستمرة في الحزب.

- سعي بنكيران إلى إعداد برنامج تربوي خاص بأعضاء حزب العدالة والتنمية، ممّا يعني فك ارتباطهم بالتوجهات الدعوية للحركة.

2- يتوقع مواجهة الحركة لإشكالات مهمة يطرحها الانفصال، خاصة على مستوى عدد من قيادييها الذين يغلب عليهم الحس السياسي، وبالتالي إمكانية تخليهم عن الحركة والالتحاق بالحزب.

3- قد تظهر شروخ داخل الحركة أيضاً على مستوى المواقف المتعلقة بالهوية، مثل مسألة المرأة التي تختلف بشأنها القيادات الدعوية التي هي في الغالب تقليدية مع العناصر النسوية في الحركة.

4 ـ يحتمل عودة أحمد الريسوني للقيام بمهام إعادة بناء الحركة وربما قيادتها فيما بعد، بعد أن رحل معظم مؤسسيها وكوادرها الكبار إلى الحزب. ويُعرف عن الريسوني عدم تحمسه للعمل مع الحزب، ورفض الالتزام المسبق بدعمه، ويرى أنّ الدعم يجب أن يترك للفروع حيث "يجتمع الأعضاء ويقررون دعم مرشح معيّن، سواء كان من العدالة والتنمية أو من الاستقلال أو الاتحاد الاشتراكي، أو غيرهم"[6].

5- يتوقع تحول الحركة بعد الانفصال إلى قوة معارضة للحزب بشأن الاختيارات القيمية والهوياتية.

هوامش:
[1] "بنكيران يرفض أيّ شراكة مع حركة التوحيد والإصلاح، لكنّه يخطط لتشكيل هيئة تربوية لأعضاء حزبه"، 7 كانون الثاني (يناير) 2022، موقع اليوم 24، على الرابط: https://alyaoum24.com/1629845.html

[2] "3/1  حوار... رئيس "التوحيد والإصلاح": أغلب إخواننا لم يصوّتوا لـ "البيجيدي"، والعثماني كان سيوقّع على التطبيع أو يغادر الحكومة"، 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، موقع تيلكيل عربي، على الرابط: https://bit.ly/3iqEExC

[3] "رمال: "التوحيد والإصلاح" لم تفك ارتباطها بـ "البيجيدي"، وحين نتخذ القرار، وسيعلمه الجميع"، 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2022، موقع النبأ تيفي، على الرابط: https://anbaetv.ma/1008188

[4]  الشرقي الحرش: "الريسوني يدعو إلى فك الارتباط نهائياً بين "الحركة" و"البيجيدي"، والتحلل من دعمه انتخابياً"، السبت 18 آب (أغسطس) 2018. https://bit.ly/3UyyEjI

[5] عبد العالي حامي الدين، " نكسة 8 أيلول (سبتمبر) لإسلاميي المغرب... مداخل لأطروحة نظرية جديدة"، 16 أيلول (سبتمبر) 2021، موقع عربي 21، على الرابط: https://bit.ly/3gYhHl4

[6]  الشرقي الحرش، "الريسوني يدعو إلى فك الارتباط نهائياً بين "الحركة" و"البيجيدي" والتحلل من دعمه انتخابياً"، مرجع سابق.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية