احتدام الصراع الانتخابي في إسرائيل.. واتفاق على إطاحة نتنياهو

احتدام الصراع الانتخابي في إسرائيل.. واتفاق على إطاحة نتنياهو


كاتب ومترجم فلسطيني‎
01/09/2019

ترجمة: إسماعيل حسن


تحتدم المنافسة في الانتخابات الإسرائيلية، بعد أن تلقّى رئيس حزب الليكود اليميني، بنيامين نتنياهو، صفعة مدوّية من رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان؛ الذي وقّع اتفاق فائض أصوات، مع ثاني أكبر الأحزاب الإسرائيلية "أزرق أبيض"، بقيادة بيني غانتس.

جاء فشل نتنياهو في تشكيل الحكومة نتيجة إحجام المتطرف ليبرمان عن منحه الدعم البرلماني الضروري لضمان أغلبية

ثمة انتقادات واسعة ومتواصلة موجَّهة من قِبل العديد من الأحزاب لرئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، الذي فشل في تشكيل الحكومة الإسرائيلية، بعد نجاحه في الانتخابات التي أجريت في الأول من نيسان (أبريل) الماضي، وحصل على 37 مقعداً، بفارق مقعد واحد عن حزب "أزرق أبيض"، الذي حصل على 36 مقعداً، هذا الاتفاق المفاجئ، الذي لطالما استبعده نتنياهو، يبدو أنّه يأتي في خطوة لتعزيز العلاقات بين حزب اليمين "إسرائيل بيتنا"، وحزب غانتس الوسطي "أزرق أبيض"، اللذين يتوقّعان أن يحاولا تشكيل حكومة وحدة بعد الانتخابات، وقد يحاولان الإطاحة برئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي يواجه معضلة تُهم الفساد المالي، وتلقي رشاوى.
وبحسب المدّعي العام الإسرائيلي؛ فإنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي متهم في عدة قضايا، باتت معروفة إعلامياً بملفات الفساد الثلاثة؛ 1000 و2000 و4000، ويستعدّ خلال الأشهر القادمة للمثول أمام القضاء للاستجواب في القضايا الموجهة إليه.

 تلقّى بنيامين نتنياهو صفعة مدوّية من رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان
المشهد السياسي في الداخل الإسرائيلي يزداد تعقداً، وذلك على وقع إعادة انتخابات الكنيست، الذي حلّ نفسه أواخر أيار (مايو) الماضي، وذلك في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الحياة السياسية، لصعوبة تشكيل الحكومة من قبل بنيامين نتنياهو.

اقرأ أيضاً: ما سر منح إسرائيل تراخيص بناء للفلسطينيين في المناطق "ج"؟‎
المحلل العسكري أمير بخبوط يقول: إنّ "بقاء نتنياهو في الحياة السياسية باتَ أشبه بالأمر المستحيل، لا سيما أنّه لم يواجه هذا النوع من التحدي من قبل، وهو الفشل في تشكيل حكومته"، موضحاً أنّه "كي يتمكّن رئيس الوزراء الإسرائيلي من تشكيل حكومة يمينية بعد الانتخابات المقبلة، في 17 أيلول (سبتمبر) الجاري، يتوجب على حزبه الفوز بــ 40 مقعداً بالكنيست؛ أي بزيادة 5 مقاعد عما حصل عليه خلال الانتخابات الأخيرة، وهو ما تستبعده أغلب استطلاعات الرأي الحديثة.

تُظهر استطلاعات الرأي في إسرائيل احتفاظ كلّ من حزبَي "الليكود" و"أزرق أبيض" بقوتيهما بفارق مقعد واحد لصالح الليكود

على صعيد اتفاق فائض الأصوات؛ فهو يسمح بالاستخدام على نطاق واسع في الانتخابات الإسرائيلية للأحزاب، بضمان ألا تذهب الأصوات الإضافية غير الكافية لإضافة مقعد آخر سدى، بدلاً من ذلك يسمح للحزب بمشاركة هذه الأصوات من خلال اتفاق خاص مع حزب آخر، وعادةً ما يتم التوقيع على هذه الاتفاقات بين أحزاب مقربة، سياسياً أو أيديولوجياً، لكن ليبرمان كان قد أشار في الماضي، إلى أنّ حزبه على استعداد لإبرام صفقات مع اليمين أو اليسار، ولكنّه لم ينجح في مقترحه، وذلك لشغله منصب وزير الدفاع في الحكومة الماضية، برئاسة نتنياهو؛ فهو لا يريد فتح خلافات في الوسط السياسي آنذاك، على غرار ما يحصل الآن من اشتداد الصراع السياسي مع نتنياهو، ومحاولته إيجاد ثغرات في حزب الليكود الذي هاجم على لسان نتنياهو الاتفاق، وقال: إنّ "أفيغدور ليبرمان زعيم "إسرائيل بيتنا" يعمل من أجل تشكيل حكومة علمانية بعيداً عن الليكود، وكتب نتنياهو على صفحته في فيسبوك ساخراً: وقّع ليبرمان اتفاق فائض أصوات مع غانتس، بعد أن أعلن صراحة أنّه سيوصي أمام رئيس الدولة بغانتس لرئاسة الحكومة المقبلة، وكلّ من يريد نتنياهو رئيساً للحكومة المقبلة، عليه أن يصوت لحزب الليكود فقط".

مصادر إعلام إسرائيلية: الاتفاق يهدف في النهاية إلى أن يوصي ليبرمان بغانتس رئيساً للحكومة المقبلة
وكان نتنياهو قد رفض فكرة حكومة وحدة، كما رفضها غانتس، إلا إذا كانت من دون نتنياهو، ويعزز هذا الاتفاق تحالفاً محتملاً بعد الانتخابات، بين حزبَي غانتس وليبرمان، الذي يعدّ حزبه بيضة القبان في ترجيح كفّة أحزاب اليمين، التي يقودها "الليكود"، والأحزاب الأخرى التي يقودها تحالف "أزرق أبيض" الوسطى.

اقرأ أيضاً: هل زرعت إسرائيل عميلاً في صفوف حزب الله؟
مصادر إعلام إسرائيلية قالت: إنّ الاتفاق يهدف في النهاية إلى أن يوصي ليبرمان بغانتس رئيساً للحكومة المقبلة، بعد أن كان يطالب نتنياهو بتشكيل حكومة تضمّ حزبه و"الليكود" و"أزرق أبيض"، وفي أعقاب السخرية التي علق بها نتنياهو بعد توقيع الاتفاق بين ليبرمان وغانتس، ردّ ليبرمان، الذي يعدّ صقورياً متشدداً في الشؤون الدفاعية على حزب "الليكود"، بانتقاد تعامل الحزب مع التوترات على حدود غزة.
وقال: "كلّ أولئك الذين قرروا الاستسلام للإرهاب من قطاع غزة، ودفع أموال قطرية لحماس لحمايتها من ضائقتها المالية، وأولئك الذين يلتزمون الصمت في وجه تدمير قوة الردع الإسرائيلية وإذلالها، لا يحقّ لهم التحدث باسم اليمين، وليسوا جزءاً من المعسكر الوطني في إسرائيل".

اقرأ أيضاً: هل انطلقت الدرونز الإسرائيلية على الضاحية من لبنان؟
وتُظهر استطلاعات الرأي في إسرائيل، احتفاظ كلّ من حزبَي "الليكود" و"أزرق أبيض" بقوتيهما، بفارق مقعد واحد لصالح الليكود. وفي الانتخابات السابقة، حصل الحزبان على عدد مقاعد متساوٍ ولم يستطع نتنياهو، الذي حصل على مقاعد أكبر ضمن تحالف اليمين، تشكيل الحكومة.
ويشير الاستطلاع إلى أنّ " الليكود" وكتلة اليمين والأحزاب الدينية المتشددة لن يكونوا قادرين على تشكيل حكومة بهذا العدد من المقاعد، ولا حزب "أزرق أبيض"، أو حتى حلفائه، وهذا يعني أنّ حزب ليبرمان "إسرائيل بيتنا" هو مَن سيحدّد الحزب الفائز في الانتخابات، الذي يقوم على تشكيل الحكومة القادمة.

اقرأ أيضاً: هكذا يمكن قراءة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل
بالنسبة إلى حزب ليبرمان؛ يرى أنّ الناطقين بالروسية هم قاعدة ناخبيه الأساسية من أحزاب اليمين الصريحة، لكنّه يتبع نهجاً علمانياً في شؤون الدين والدولة، ما يضعه في مسار تصادمي مع شركاء نتنياهو "الحريديم"، وهم المتدينون.
على الجانب الآخر من الطيف السياسي؛ اتهم حزب اليسار المعسكر الديمقراطي حزب "أزرق أبيض" بالتضحية بقيمه، من خلال تعاونه مع حزب ليبرمان اليميني.

 اتهم حزب اليسار حزب "أزرق أبيض" بالتضحية بقيمه من خلال تعاونه مع حزب ليبرمان اليميني
وقال الحزب في بيان له؛ لقد رفع "أزرق أبيض" الراية البيضاء؛ لأنه فشل في فهم أنّ الانتخابات القادمة هي معركة حياة أو موت، وأنّ ليبرمان غير مستفيد كثيراً من هذا الاتفاق، سوى إطاحة نتنياهو، الذي يعدّه العدوّ الأول له، فحزب غانتس له شعبية واسعة، وليس في حاجة إلى الاستسلام، وطلب المساعدة من الأحزاب الأخرى. 

اقرأ أيضاً: هل تستطيع إسرائيل إيقاف العمليات الفردية في الضفة الغربية والقدس؟
وخلال جولة الانتخابات السابقة، تركزت حملة "إسرائيل بيتنا" على دعوة ليبرمان بتشكيل حكومة وحدة وطنية علمانية، تضمّ أحزاب "الليكود" و"أزرق أبيض" وحزبه، وهو مطلب ضاعف من حجم حزبه في استطلاعات الرأي؛ من خمسة مقاعد في شهر نيسان (أبريل) إلى 10 في استطلاعات رأي عدة أجريت مؤخراً؛ حيث جذب شعار الحزب الناخبين الناطقين بالروسية والعلمانيين الإسرائيليين.

اقرأ أيضاً: ترامب يتعرض لــ "ولاء" اليهود.. "ويهزم سردية إسرائيل"
لقد جاء فشل نتنياهو في تشكيل الحكومة، نتيجة إحجام المتطرف ليبرمان عن منحه الدعم البرلماني الضروري لضمان أغلبية تشمل 61 مقعداً في الكنيست، المؤلَّف من 120 مقعداً؛ حيث جاء الرفض بسبب خلافات مع الأحزاب الأرثوذكسية الأصولية على مضمون قانون التجنيد، القاضي بفرض غرامات مدنية على بعض المؤسسات الدينية، إذا لم يؤدِّ عدد كاف من الشباب اليهود المتشددين الخدمة العسكرية، وهو ما سبّب تصدعاً بين نتنياهو ووزير دفاعه السابق، ليبرمان، تطوّر في الأيام الأخيرة إلى تلاسن وتبادل الاتهامات بينهما.
ويدلي الناخبون الإسرائيليون بأصواتهم في الانتخابات القادمة، في 10 آلاف و720 صندوق اقتراع، بينها: 191 في المستشفيات، و58 بالسجون، و96 صندوقاً في البعثات الدبلوماسية والقنصلية الإسرائيلية، ولا يحقّ للناخب الموجود خارج إسرائيل المشاركة في الانتخابات، إلا إذا كان من أعضاء البعثات الدبلوماسية والقنصلية.


المصدر: صحيفة "يديعوت أحرنوت"

الصفحة الرئيسية