هل تنفذ القاهرة أحكام "الإعدام" بقيادات "الإخوان"؟

هل تنفذ القاهرة أحكام "الإعدام" بقيادات "الإخوان"؟

هل تنفذ القاهرة أحكام "الإعدام" بقيادات "الإخوان"؟


04/06/2023

عمرو فاروق

تسود حالة من الجدل بين النخب السياسية المصرية والعربية منذ صدور الأحكام النهائية بالإعدام ضد قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وإحالة أوراق عدد من أعضاء مكتب الإرشاد، على رأسهم محمد بديع، إلى مفتي الجمهورية المصرية الدكتور شوقي علام، وذلك في إمكان تنفيذ هذه الأحكام والزعم بخضوعها للتوجهات السياسية في ظل امتلاك رئيس الدولة تنفيذ القرار من عدمه.

وتنص المادة 155 من دستور 2014، على أحقية رئيس البلاد في إصدار قرار بالعفو كلياً أو تخفيف الحكم فيها بعد أخذ رأي مجلس الوزراء، وفي حال عدم إصدار القرار بالعفو الرئاسي للمتهم بإلغاء العقوبة أو تخفيفها، خلال فترة 14 يوماً، يتم تحديد موعد تنفيذ الإعدام بقرار من النيابة العامة، وتقوم مصلحة السجون في وزارة الداخلية بتنفيذ الحكم.

الأحكام المشددة الأخيرة ضد رموز الإخوان رسالة قوية تنفي في مضمونها الاتجاه صوب "المصالحة" أو التوافق مع قيادات الجماعة، أو الانصياع للضغوط الخارجية التي تمارس على النظام السياسي المصري من أجل التراجع عن موقفه المناهض للمشروع الإخواني وإعادته مرة ثانية في العمق المجتمعي.

عدد من قيادات الإخوان دينوا فعلياً بأحكام بالإعدام، لكنها خففت بعد الطعن فيها إلى المؤبد، لكنّ ثمة أحكاماً أخرى بالإعدام باتت نهائية وواجبة التنفيذ، أهمها القضية المعروفة إعلامياً بـ"قضية رابعة"، والتي قررت محكمة النقض في حزيران (يونيو) 2021، إعدام 12 متهماً فيها من قيادات الجماعة، في مقدمتهم محمد البلتاجي وصفوت حجازي و10 آخرين.

هناك أيضاً قرار محكمة جنايات أمن الدولة - طوارئ في 22 أيار (مايو) 2023، بإحالة 8 من قيادات الجماعة إلى مفتي الجمهورية لإبداء رأيه الشرعي فى حكم الإعدام، لإدانتهم في القضية المعروفة إعلامياً بـ"حوادث المنصة"، التي تعود وقائعها إلى عام 2013، ومن المنتظر النطق بالحكم في 20 كانون (سبتمبر) 2023، وعلى رأسهم محمد بديع ومحمود عزت ومحمد البلتاجى وعمرو زكي وأسامة ياسين وصفوت حجازي وعصام عبد الماجد ومحمد عبد المقصود. 

في ظل التغييرات السياسية في المنطقة العربية، يتعشم قادة جماعة الإخوان المسلمين، في استغلال ترميم العلاقات وإنهاء حالة النفور بين القاهرة والدوحة وأنقرة، في تحقيق "مصالحة سياسية" تتبعها محاولة للعودة إلى المشهد وفقاً لأجندة تنظيمية مرحلية تمنحها فرصة إعادة تمرير مشروعها الفكري. 

إرجاء تنفيذ بعض أحكام الإعدام في حق قيادات جماعة الإخوان وقواعدها التنظيمية، مرتبط في الأسس بتورطهم في وقائع وقضايا مختلفة، تتوقف فيها التحقيقات والإجراءات القضائية على وجودهم كمتهمين تطبيقاً وتنفيذاً لجوانب العدالة، فضلاً عن إعادة محاكمة عدد كبير منهم وتخفيف الأحكام الصادرة بحقهم، بعد التدقيق والتحقق في الأدلة الجنائية والتحريات الأمنية، لا يعني سوى استقلالية القضاء المصري ونزاهته.

الزعم بأن القاهرة لن تجرؤ على تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة ضد قيادات "مكتب الإرشاد"، وأنها مجرد أحكام صورية معطلة وغير قابلة للتنفيذ في إطارها السياسي، في ظل تخوفها من إثارة دوائر الإسلام السياسي والخلايا الكامنة أو بقايا الفلول التنظيمية المتخفية والمنتشرة في الأقاليم المصرية، كلام غير دقيق ويخرج في مجمله عن المنطق والواقع التاريخي والقضائي والسياسي.  

في ظل الأنظمة السياسية المختلفة والمتعاقبة، لم تتردد الدولة المصرية للحظة واحدة في تنفيذ أحكام الإعدام بالمتورطين والمحرضين على العنف المسلح من أتباع الجماعات المتطرفة، وعلى رأسهم عبد القادر عودة ومحمد فرغلي ويوسف طلعت وهنداوي دوير عقب تخطيطهم لاغتيال الرئيس جمال عبد الناصر عام 1954.

وكذلك تم تنفيذ حكم الإعدام بكل من سيد قطب ومحمد يوسف هواش وعبد الفتاح إسماعيل عام 1966، بتهمة تشكيل التنظيم المسلح لجماعة الإخوان، وإعدام صالح سرية وكارم الأناضولي، بتهمة تنفيذ مذبحة "الفنية العسكرية" في تشرين الثاني (نوفمبر) 1976، كما تم تنفيذ حكم الإعدام بتهمة اغتيال الشيخ محمد حسين الذهبي، وزير الأوقاف المصرية حينها، بكل من شكري مصطفى زعيم جماعة التكفير والهجرة وأحمد طارق عبد العليم وأنور صقر وماهر عبد العزيز ومصطفى عبد المقصود غازي، في تشرين الثاني 1978.

كان تنفيذ حكم الإعدام بكل من خالد الإسلامبولي وعطا طايل ومحمد عبد السلام فرج وعبد الحميد عبد السلام وحسين عباس، الحدث الأوسع والأكثر جذباً لوسائل الإعلام العربية والدولية، عقب تورطهم في اغتيال الرئيس السادات في تشرين الأول (أكتوبر) 1981، بفتوى تحريضية من الشيخ عبد الحميد كشك، والشيخ عبد الله السماوي.

وكذلك تم تنفيذ حكم الإعدام بالإرهابي التكفيري عادل حبارة، في كانون الأول (ديسمبر) 2016، عقب تخطيطه لـ"مذبحة رفح الثانية" في آب (أغسطس) 2013، والتي استشهد فيها 25 جندياً مصرياً، وصدرت ضده 4 أحكام بالإعدام شنقاً، بعد توجيه الاتهامات إليه باستهداف قوات الجيش والشرطة، فضلاً عن اعتناق فكر التكفير، وتأسيس تنظيم مسلح.

وفي آذار (مارس) 2020، أعلن المتحدث العسكري المصري، تنفيذ حكم الإعدام شنقاً بضابط الجيش السابق هشام عشماوي، طبقاً لأحكام القضاء العسكري، بعد استنفاد كل درجات التقاضي، وتأييد حكمين نهائيين بالإعدام. وذلك بعد تورطه في "هجوم الواحات" الذي أسفر عن استشهاد 55 من أفراد الداخلية، والهجوم على"كمين الفرافرة" الذي أسفر عن استشهاد 28 ضابطاً ومجنداً، فضلاً عن الضلوع في تفجير عدد من الكنائس في الإسكندرية وطنطا والقاهرة، ودير الأنبا صموئيل في المنيا، بالإضافة إلى محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم.

وتم تنفيذ حكم الإعدام بكل من تاج الدين مؤنس محمد وبلال صبحي فرحات ومحمد حسن عز الدين المتهمين في قضية تنظيم "أجناد مصر"، وبكل من عبد الله محمد شكري ومحمود محمد عبد التواب ومحمود عبد الحميد وأحمد سلامة علي المتهمين في قضية "ميكروباص حلوان"، في آذار 2022.

ونفذت السلطات المصرية في شباط (فبراير) 2019 حكماً بالإعدام ضد 9 عناصر من الجناح المسلح لجماعة الإخوان، بتهمة اغتيال النائب العام الراحل المستشار هشام بركات، عام 2015، وهم أحمد طه، أبو القاسم أحمد، أحمد جمال حجازي، محمود الأحمدي، أبو بكر السيد، عبد الرحمن سليمان، أحمد محمد، أحمد محروس سيد وإسلام محمد، وذلك بعد استنفاد كل درجات التقاضي، وتصديق رئيس الجمهورية.

الأمثلة السابقة تدلل إلى أنه لا مجاملة لأحد في تطبيق أحكام القضاء، وأنها ليست باباً للتوظيف السياسي، وأن "رقبة" قيادات "مكتب الإرشاد" ليست بعيدة تماماً من حبل المشنقة وفي انتظار "عشماوي"، جراء الدماء التي سالت على أيديهم تخطيطاً وتحريضاً، مستهدفين المدنيين والعسكريين، ومهددين الداخل المصري على مدار السنوات الماضية.

عن "النهار" العربي




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية