أحكام قاسية في قضية "التآمر 2": القضاء التونسي يُدين الغنوشي وقيادات إخوانية بالسجن المشدد

أصدرت الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب بمحكمة تونس، مساء الثلاثاء، أحكامًا ثقيلة بحق عدد من قيادات حركة النهضة الإخوانية، في ما يعرف إعلاميًا بـ"قضية التآمر 2"، التي تندرج ضمن الملفات الأخطر المرتبطة بأمن الدولة ومحاولة قلب نظام الحكم.

وقد جاء الحكم بالسجن 14 سنة في حق راشد الغنوشي، رئيس الحركة، فيما نال عدد من كوادر التنظيم، من بينهم محرز الزواري، وعبد الكريم العبيدي، والحبيب اللوز، ورياض الحمزاوي، أحكامًا بالسجن مدتها 12 عامًا لكل منهم.

القضية التي اكتسبت طابعًا حساسًا واهتمامًا واسعًا، تعود إلى معطيات أمنية وقضائية تتعلق بتخطيط محكم للإطاحة برئيس الجمهورية قيس سعيّد، عن طريق إثارة الفوضى الاجتماعية، وتأسيس ما عُرف بـ"حكومة ظل" موازية. 

وقد سبق أن كشفت وثائق مسرّبة عن خطة تورط فيها عدد من القيادات الإخوانية داخل تونس وخارجها، وتضمنت دعوات صريحة إلى التحريض واستهداف رأس الدولة، وصولاً إلى التلميح المباشر بضرورة "إزاحته"، بحسب ما ورد في إحدى الوثائق الموقعة من الغنوشي نفسه.

وإلى جانب الأحكام الحضورية، أصدرت المحكمة كذلك أحكامًا غيابية تتراوح بين 12 و35 سنة ضد عدد من القيادات الفارّة خارج البلاد، من بينهم معاذ الغنوشي، نجل راشد الغنوشي، ونادية عكاشة، مديرة الديوان الرئاسي السابقة، وآخرون وُصفوا بأنهم عناصر مشاركة في حلقات التآمر أو شركاء في التمويه السياسي والإعلامي.

وتُعد هذه الأحكام هي الأشد منذ بداية المحاكمات التي تلت إجراءات 25 يوليو 2021، حيث تنظر إليها الدوائر القضائية والسياسية كخطوة مفصلية في معركة الدولة ضد مشروع الإسلام السياسي. 

كما تعزز هذه الأحكام سيناريو المطالبة بحظر حركة النهضة، خاصة مع تصاعد الأصوات البرلمانية والشعبية التي تطالب بتصنيفها تنظيمًا محظورًا وتجفيف منابعها المالية والتنظيمية.

إلى ذلك، يرى متابعون أن القضية تمثل لحظة فارقة في مسار العدالة الانتقالية في تونس، ورسالة حاسمة بأن الدولة ماضية في محاسبة كل من تآمر على مؤسساتها، مهما كانت صفته أو موقعه. وهي أيضًا محطة اختبار للسلطة القضائية في فرض هيبتها واستقلاليتها، في معركة لم تُحسم فصولها بعد.