هل يصبح السودان محطة لتجمع التنظيمات الإرهابية برعاية الجيش؟ وما علاقة الإخوان؟

هل يصبح السودان محطة لتجمع التنظيمات الإرهابية برعاية الجيش؟ وما علاقة الإخوان؟

هل يصبح السودان محطة لتجمع التنظيمات الإرهابية برعاية الجيش؟ وما علاقة الإخوان؟


02/02/2025

سلط مركز متتبع السلام في السودان (Sudan peace tracker)، في تقرير له نشره عبر موقعه الإلكتروني، المزيد من الضوء على الحركات الإرهابية والجهادية في السودان، واستغلال الحرب القائمة للانتشار وتنفيذ هجمات إرهابية.   

واستهل المركز تقريره بالقول: إنّه تحت عنوان "السودان المنسي"، تصدّرت افتتاحية نشرة (النبأ) الصادرة عن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) العدد الأخير رقم (479) الخميس 23 كانون الثاني (يناير).

وتُعدّ (النبأ) الصحيفة الرسمية للتنظيم الإرهابي المصنف كواحد من أخطر التنظيمات في العالم. وقد صدر عددها الأول في بداية عام 2014، واستمر صدورها بشكل أسبوعي حتى يومنا هذا.

ودعا التنظيم في منشوره إلى استغلال حالة الحرب والفوضى التي يعيشها السودان لصالح الجهاد، وتحويل الحرب من مواجهة عسكرية ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية معقدة، تتداخل فيها النزعات السلطوية والمصالح الذاتية مع التدخلات الخارجية، إلى مواجهة مسلحة بين الإسلام والكفر وفقاً لمنظوره الإيديولوجي وأهدافه التوسعية.

المنشور طويل ومليء بالاستطرادات والتكرار للمفردات الدينية الأكثر تطرفاً، لكنّ جوهر دعوته، كما ورد نصاً في المنشور: "السعي الحثيث لاستغلال الأحداث لصالح الجهاد".

وأكد مركزspt  أنّ هذا يعني عملياً استغلال البيئة الخصبة التي أفرزتها الحرب لنمو الإرهاب، والمتمثلة في التوزيع العشوائي للسلاح، ودعوات الاستنفار، وتأسيس مجموعات مسلحة مساندة للجيش يشرف عليها إسلاميون من النظام القديم، مثل "المقاومة الشعبية"، بالإضافة إلى تكاثر الميليشيات المسلحة التي تتم برعاية الجيش، مؤكداً أنّ تنظيم (داعش) يستغل كل ذلك في تسليح وتدريب وتنظيم عناصره، واستقطاب وتجنيد المزيد لصالحه، ثم إعلان الجهاد في كامل السودان بعد السيطرة على منطقة معينة، يليها توسيع هذه السيطرة تدريجياً حتى تتحقق إقامة ولاية داعشية مكتملة، كما حدث سابقاً في الموصل بالعراق والرقة بسوريا.

يستغل التنظيم الإرهابي (داعش)، البيئة الخصبة التي أفرزتها الحرب لنمو الإرهاب، والمتمثلة في التوزيع العشوائي للسلاح، ودعوات الاستنفار، وتأسيس مجموعات مسلحة مساندة للجيش يشرف عليها إسلاميون من النظام القديم

وقال باحث متخصص في دراسات الإسلام السياسي: "إنّ افتتاحية صحيفة تنظيم داعش لا تقتصر فقط على الشباب السوداني وأعضاء التنظيم، بل تسعى أيضاً إلى استقطاب جمهور أوسع من المسلمين في العالم من خلال تأجيج المشاعر الدينية، وتصوير الحرب السودانية على أنّها مخطط ضد الإسلام والمسلمين، كما في فلسطين، بهدف توليد إحساس عام بالمسؤولية الجماعية، عبر استخدام آيات قرآنية وأحاديث نبوية تحث على الجهاد".

وأشار المركز إلى أنّ السودان يمثل بيئة خصبة لتنفيذ مخططات تنظيم الدولة (داعش) بوتيرة أسرع مقارنة بمناطق أخرى في العالم، وذلك بسبب وجود عدد كبير من المسلحين ضمن كتائب وميليشيات إسلامية جهادية تقاتل إلى جانب الجيش، مثل كتائب البراء بن مالك الإخوانية، والفرقان، والبرق الخاطف. ويتبنى أفراد هذه الكتائب الإيديولوجيا المتطرفة ذاتها، ويرددون الأناشيد الجهادية الحماسية نفسها، بل إنّ بعض هؤلاء المقاتلين الإسلاميين سبق لهم القتال إلى جانب تنظيم داعش في ليبيا والصومال.

وأوضح التقرير أنّه في 16 حزيران (يونيو) 2023، وبعد شهرين من اندلاع الحرب، قُتل العشرات من عناصر كتائب المجاهدين الإسلاميين أثناء خوضهم معركة ضد قوات الدعم السريع، وذلك من داخل قاعدة سلاح المدرعات التابعة للجيش جنوب العاصمة الخرطوم. وكان من بين القتلى (3) من القادة الجهاديين الإسلاميين السودانيين، وهم: أيمن عمر، وبابكر أبو القاسم، ومحمد الفضل عبد الواحد، والأخير معروف بتوجهاته الدينية المتشددة، وقد سبق له أن قاتل في صفوف تنظيم داعش في ليبيا ومع تنظيم الشباب الصومالي. كما يُعدّ من القيادات الشبابية النافذة داخل الحركة الإسلامية السودانية (جماعة الإخوان المسلمين)، وقد نعاه الأمين العام للحركة الإسلامية (علي كرتي)، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات في أيلول (سبتمبر) 2023 لدعمه استمرار الحرب.

وتابع التقرير: "في 15 كانون الثاني (يناير) الماضي، وبعد (4) أيام من استعادة الجيش مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، من قبضة قوات الدعم السريع، ظهر أحد عناصر التنظيمات الدينية المتشددة الموالية للجيش في مقطع فيديو وهو يحمل بندقية ويشير إلى ضريح صوفي، مدعياً أنّ الضريح يمثل "مظهراً من مظاهر الكفر" ويجب هدمه.

قُتل العشرات من عناصر كتائب المجاهدين الإسلاميين أثناء خوضهم معركة ضد قوات الدعم السريع، منهم من قاتل في صفوف تنظيم داعش في ليبيا ومع تنظيم الشباب الصومالي.

وأوضح باحث متخصص في الحركات الجهادية السودانية، تحفّظ المركز عن ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، أوضح أنّ الشخص الظاهر في الفيديو يُدعى محمد إبراهيم، وهو عضو في مجموعة دينية متشددة موالية لتنظيم داعش.

وأضاف الباحث: "ما تقوم به كتائب الإسلاميين من فظائع مثل الذبح، وبقر البطون، وتكبيل الشباب بالسلاسل والإلقاء بهم في النيل، والقتل بالحرق، وغيرها من الممارسات الداعشية، وحدها تكفي."

وأورد المركز معلومات من مصدرين تفيد بأنّ عبد الرؤوف أبو زيد حمزة، أحد الأربعة المتطرفين الإسلاميين الذين أدينوا في جريمة اغتيال جون غرانفيل، الموظف الرفيع في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) في ليلة رأس السنة 2008، قد عاد إلى المشاركة في الحرب بجانب الجيش مجدداً. وكان قد انخرط في الحرب منذ بدايتها قبل أن يتم إيقافه من قِبل الجنرال عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش، بداية العام الماضي بعد تسرب المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقد ذكر عبد الرؤوف نفسه هذه المعلومة في منشور له على صفحته في (فيسبوك) بداية العام الماضي.

وتقول المصادر إنّه عاد إلى ساحات الحرب، لكننا لم نتمكن من التحقق من مصادر أخرى. ومع ذلك عثرنا على منشور له في صفحته على (فيسبوك) بتاريخ 24 تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، وهو الشهر نفسه الذي تقول فيه المصادر إنّه عاد إلى القتال بجانب الجيش. وفي المنشور نشر آيةً قرآنيةً متعلقةً بالقتال، تبيحُ المشاركةَ في الحرب اضطراراً، وهو ما اعتبره كثيرون إعلاناً منه باشتراكه في الحرب.

وكان الانقلاب الذي نفذه الجنرالان المتحاربان حاليّاً، البرهان قائد الجيش، وحميدتي قائد قوات الدعم السريع، ضد الحكومة المدنية الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك في 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2021، هو البداية الحقيقية لعهد الفوضى. فقد سيطر الإسلاميون بمساعدة من سلطة الانقلاب على الشارع، وكانت تلك الفترة أزهى فتراتهم، فقد أعادوا تنظيم صفوفهم للعودة إلى السلطة مجدداً.

قائد الجيش السوداني: الفريق عبد الفتاح البرهان

في تلك الفترة، وتحديداً في 2 شباط (فبراير) 2022، أصدر (أبو حذيفة السوداني)، القيادي البارز في تنظيم القاعدة الإرهابي، منشوراً في شكل كتاب بعنوان "الأمير المنسي"، خصّصه بالكامل للسودان، ودعا فيه أنصار التنظيم إلى استغلال الظروف القائمة في البلاد لتأسيس ميليشيات وكتائب تابعة للتنظيم في العاصمة الخرطوم وخارجها.

في كتابه، الذي نشرته مؤسسة (بيت المقدس الإعلامية)، "الذراع الإعلامية لتنظيم القاعدة"، وجّه أبو حذيفة رسالته بأسلوب مشفّر إلى شخص مجهول لم يُسمِّه، لكنّه وصفه بـ "الأمير المنسي" و"زرقاوي السودان"، طالباً منه الإشراف على هذه المهمة، والبدء في إعداد وتجهيز المجموعات الجهادية داخل البلاد.

وقد تحدثنا إلى باحث متخصص في الحركات الجهادية، وأوضح أنّه استفسر عدداً من الجهاديين عن "الأمير المنسي" و"زرقاوي السودان" الذي خاطبه أبو حذيفة في كتابه، لكنّ من تحدّث معهم لم يفصحوا عن اسمه. 

وأضاف الباحث: "قالوا لي إنّه مجاهد سوداني مخضرم، من قدامى الجهاديين في أفغانستان خلال الحرب ضد السوفييت، وإنّه يحظى بثقة قيادة التنظيم الإرهابي. وقد عاد إلى بلده السودان، ويعيش في الخرطوم بعيداً عن الأضواء منذ عودته."

وختم المركز التقرير بسؤال: "هل سيصبح السودان محطة جديدة لتجمّع التنظيمات الإسلامية الإرهابية، مثل داعش والقاعدة، ووجهة للإرهابيين ومركزاً لنشاطهم؟".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية