هل تكبح "رخصة الزواج الآمن" حالات الطلاق المرتفعة في غزة؟

هل تكبح "رخصة الزواج الآمن" حالات الطلاق المرتفعة في غزة؟


20/03/2022

شهد قطاع غزة في الآونة الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الطلاق، وذلك نتيجة عدم الاستقرار الأسري، وعدم التوافق بين الأزواج، إضافة إلى صعوبة الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها سكان القطاع منذ عدة سنوات، الأمر الذي أدّى إلى تفكّك الحياة الأسرية لعدد كبير من العائلات نتيجة اتخاذها قرار الطلاق بعد وصولها إلى طريق مسدود في استمرار الحياة الزوجية.

وحاولت الجهات المختصة في قطاع غزة إيجاد حلولاً مناسبة للحدّ من ارتفاع معدلات الطلاق في القطاع، للحفاظ على الترابط الأسري، فأطلقت وزارة العدل التابعة لحركة حماس مشروع "رخصة الزواج الآمن" كشرط أساسي لإتمام عقد الزواج لتأهيل المقبلين على الزواج من كلا الجنسين، وإخضاعهم للتدريبات اللازمة، للمحافظة على تماسك المجتمع، وعدم تفكّك العلاقات الاجتماعية بعد الزواج.

اقرأ أيضاً: ما أثر موروث الاستعلاء الديني في الزواج المختلط؟

 ويسعى القائمون على مشروع "رخصة الزواج الآمن" للتقليل من نسب الطلاق ومعالجتها، وحماية المجتمع الفلسطيني من التفكك الأسري، وتشرف على هذا المشروع 6 وزارات وهيئات حكومية في القطاع وهي "وزارة الصحة، وزارة العدل، وزارة الاقتصاد، وزارة الشؤون الدينية، وزارة التنمية الاجتماعية، ومجلس القضاء الشرعي".

وكيل وزارة العدل في قطاع غزة د. أحمد الحتة: مشروع رخصة الزواج الآمن سوف يستهدف سائر المقبلين على الزواج من الذكور والإناث في قطاع غزة

وسجل قطاع غزة، عام 2021، 4 آلاف و319 حالة طلاق، وهي زيادة بنسبة 23.6%، عن عام 2020، مقابل 20 ألفاً و786 معاملة زواج جرى إنجازها خلال العام نفسه، إضافة إلى ارتفاع معدلات العنف الأسري، والتي كان آخرها مقتل سيدة على يد زوجها بعد تعرضها للضرب المبرح.

غالبية المشاكل الأسرية التي تحدث في قطاع غزة سببها الفقر، وتردي الوضع الاقتصادي، وعدم مقدرة الزوج على تلبية احتياجات زوجته وأطفاله، بالتالي، تنتهي بالطلاق

وتعاقدت اللجنة المشرفة على مشروع "رخصة الزواج الآمن" مع مدربون أكفاء في مختلف المجالات، لتدريب 2500 شاب وفتاة من المقبلين على الزواج شهرياً، ليصبحوا بعد ذلك قادرين على تكوين علاقات زوجية ناجحة تدوم مدى الحياة، دون التطرق إلى الانفصال.

أهداف المشروع

عن أهداف المشروع، يقول وكيل وزارة العدل في قطاع غزة د. أحمد الحتة، في حديثه لـ "حفريات": إنّ "مشروع "رخصة الزواج الآمن" سوف يستهدف سائر المقبلين على الزواج من الذكور والإناث في قطاع غزة، لتحقيق عدة أهداف، ومن أهمها تعزيز السلم الاجتماعي، والتقليل من المشاكل المستقبلية التي تحدث بين الأزواج، وتعريف كلّ من الزوجين بالحقوق، والواجبات الأساسية بالحياة الأسرية، لضمان استمرار الزواج".

اقرأ أيضاً: السودان يحظر الزواج دون الـ18 عاماً... ما علاقة الإخوان؟

وتمّ إطلاق هذا المشروع لتأهيل المقبلين على الزواج في مختلف نواحي الحياة، ونشر مفاهيم تكوين أسرة متماسكة بناء على تعاليم الدين الإسلامي، وزيادة الترابط الأسري بين الزوجين؛ إذ إنّ "هذا البرنامج التدريبي ستكون له خمسة محاور رئيسة "المحور الاجتماعي، المحور النفسي، المحور الصحي، المحور الاقتصادي، المحور الشرعي والقانوني". كما "سيتمّ تدريب المقبلين على الزواج ضمن مشروع "رخصة الزواج الآمن".

سجل قطاع غزة، عام 2021، 4 آلاف و319 حالة طلاق

 وسيتضمن البرنامج التدريبي" باقي الإجراءات التي تتم قبل إتمام عقد الزواج، مثل: "الفحص الطبي، والإجراءات القانونية"، وغيرها، وتلك الدورة مجانية، دون مقابل مادي، وسوف يستهدف هذا المشروع فئة الشباب بالدرجة الأولى لأنّهم الفئة الأكثر والأهم بالمجتمع الفلسطيني".

خطوة بالاتجاه الصحيح

من جهته، يرى المحامي محمد رباح؛ أنّ خطوة "رخصة الزواج الآمن" في الاتجاه الصحيح، وهي تعدّ بمثابة توجيه الشباب المقبلين على الزواج بشكل صحيح، وإرشادهم لكيفية التعامل مع المشكلات التي يواجهونها بعد الزواج، وأن يكونوا على دراية تامة بالأسس السليمة لبناء أسرة ناجحة.

ويشير، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ غالبية حالات الطلاق التي تحدث في أروقة المحاكم الشرعية في قطاع غزة، يكون سببها عدم فهم الطرفين مفهوم الزواج، وعدم قدرتهم على تحمّل المسؤولية، لافتاً إلى أنّ "رخصة الزواج الأمن" سوف تساهم في تقليل نسبة الطلاق.

اقرأ أيضاً: ممنوعون من الزواج بالبيض والدفن في مقابرهم: من هم "الحراطون" المغاربة؟

منار (29 )عاماً واحدة من عشرات النساء اللواتي انفصلن عن أزواجهن خلال الفترة الأخيرة، فهي كانت تعيش مع زوجها طوال سبع سنوات، وتحملت الفقر، وسوء المعاملة، والعنف الأسري التي تتعرض له هي وأطفالها بشكل يومي دون أية أسباب.

تقول منار، في حديثها لـ "حفريات": "حاولت الصبر على أمل أن  تتغير أحواله، وأن يُحسن التصرف معي أنا وأطفالي، لكن دون جدوى؛ لذلك قررت التخلي عن كل حقوقي وطلبت الطلاق منه، فعلى الرغم من صعوبة هذا القرار، إلا أنّه كان أفضل من البقاء مع شخص لا يعرف شيء من الحقوق الزوجية، ويتعامل بوحشية مع أطفاله".

مشروع "رخصة الزواج الآمن" سوف يكون له دور إيجابي في تحسين الظروف الحياتية

تضيف: "ما تعرضت له خلال فترة الزواج كان نتيجة عدم وجود توافق في سائر المستويات بيني وبين الشخص الذي تقدم لخطبتي، فأنا خريجة جامعية، وهو  حاصل على شهادة ثانوية عامة فقط، فهذا فرق جوهري، إضافة إلى أنّه لا يفقه شيئاً بالحقوق الزوجية والأسرية، وكان يعاملني كخادمة".

 وتباينت الآراء في قطاع غزة حول رخصة الزواج الآمن بين مؤيدين يرون أنّ هذه الخطوة ستساهم في خفض نسبة الطلاق التي ارتفعت بشكل كبير، والمساهمة في التوعية المجتمعية بالحقوق الزوجية، ومعارضين رفضوا هذا القرار واعتبروه غير مجدٍ.

تحسين ظروف العائلات

ورأى سامي بدر؛ أنّ مشروع "رخصة الزواج الآمن" سوف يكون له دور إيجابي في تحسين الظروف الحياتية للكثير من العائلات، خاصة الذين يتزوجون في سنّ مبكر، ويفتقرون إلى أشياء كثيرة بالحياة الزوجية، فهذه الدورة التدريبية التي سيتلقونها قبل الزواج سوف تساعدهم كثير على معرفة الحقوق والواجبات، وماذا يجوز ولا يجوز".

وكيل وزارة العدل في قطاع غزة د. أحمد الحتة، لـ "حفريات": مشروع "رخصة الزواج الآمن" يستهدف المقبلين على الزواج من الذكور والإناث لتعزيز السلم الاجتماعي

ويقول في حديثه لـ "حفريات": "هناك أشخاص لا يعرفون شيئاً عن الحقوق الزوجية، ويريدون فقط أن يتزوجوا ويكون لديهم امرأة، بالتالي، لا يحسنون التعامل مع زوجاتهم، إضافة إلى عدم وجود توافق فكري بين أزواج كثيرين، ممّا يؤدي إلى الطلاق بعد فترة قصيرة".

ومن جهتها، أكّدت مرام حمادة؛ أنّ إطلاق "رخصة الزواج الآمن" سيكون له مردود إيجابي كبير خاصة في ظلّ عدم وجود توعية أسرية ومجتمعية، فيما يخص أمور الزواج والحياة الأُسرية والتعامل بين الأزواج.

مشكلة اقتصادية

في المقابل، رفض المواطن نادر أبوعرب فكرة مشروع "رخصة الزواج الآمن"، ورآها خطوة غير مجدية، مفصلاً بالقول: "هذا المشروع الذي أقرته حكومة حماس لا يساهم بالتقليل من حالات الطلاق، والحدّ من العنف الأسري في غزة، لأنّ المشكلة ليست اجتماعية، وإنّما المشكلة الأساسية التي ساهمت بارتفاع معدلات الطلاق في غزة، هي اقتصادية بالدرجة الأولى".

اقرأ أيضاً: كيف ساهمت جائحة كورونا في تقليل تكاليف الزواج في غزة؟

ويرى أنّ غالبية المشاكل الأسرية التي تحدث في قطاع غزة "سببها الفقر، وتردي الوضع الاقتصادي، وعدم مقدرة الزوج على تلبية احتياجات زوجته وأطفاله، بالتالي، تنتهي بالطلاق، وتدمير وتشتيت الأسرة والأطفال، لذلك كان من الأجدى التفكير بطريقة للحدّ من حالات الفقر وتحسين الحياة الاقتصادية بدلاً من تلك المشاريع".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية