ممنوعون من الزواج بالبيض والدفن في مقابرهم: من هم "الحراطون" المغاربة؟

ممنوعون من الزواج بالبيض والدفن في مقابرهم: من هم "الحراطون" المغاربة؟


29/08/2020

يُطلق عليهم "الحراطين" أو "أحفاد العبيد"، بسبب لون بشرتهم السمراء، وفي بعض القبائل المغربية يُمنع الزواج بهم، أو دفنهم بمقابر أصحاب البشرة البيضاء، ورغم أنّ أبناءهم نجحوا في حياتهم المهنية والأكاديمية، بيد أنّ وصم "الحراطاني" ما يزال يُلاحقهم.

وجّه مواطن مغربي، اسمه محمد مقنع، رسالة لوكيل الملك بالمغرب، يطلب منه "ردّ الاعتبار إلى السود المغاربة"، مؤكداً أنّ عدداً من الصحابة كانوا سُمْر اللون

"كُنت أصلّي بجوارها في المسجد، وفجأةً بدأت تصرخ وطلبت مني أن أبتعد عنها، بحجة أنّ لون بشرتي سمراء، وأنّه غير مرحّب بي في هذا المسجد" تروي هدى عن تجربتها مع التمييز بسبب اللون.

وتُضيف هدى، البالغة من العمر 22 عاماً: "البعض ينعتني بالكحلوشة، أو العزية، بسبب لون بشرتي السمراء، وفي أحيان كثيرة يقولون لصديقتي البيضاء؛ لماذا ترافقينها إنّها من أحفاد العبيد!".

يُطلق عليهم "الحراطين" أو "أحفاد العبيد"، بسبب لون بشرتهم السمراء، وفي بعض القبائل المغربية يُمنع الزواج بهم

وتُتابع هدى، في حديثها لـ "حفريات": "للأسف، العنصرية مترسخة في المجتمع المغربي بمختلف فئاته الاجتماعية، فنادراً ما يُعين شخص من أصحاب البشرة السمراء في منصب قيادي، بحزب أو جمعية حقوقية، أعتقد أنّ ذلك السلوك الوحيد الذي لا يُمارسه العامة فقط؛ بل المثقفون أيضاً".

 "ينبغي أن يُدفنوا في مقبرة خاصة بهم"

وتُضيف في السياق ذاته: "أنحدر من قبيلة نواحي مدينة ورزازات جنوب المغرب، ورغم أننا تعلمنا، لكن ما يزال يُنظر إلينا على أننا أحفاد العبيد الحراطين، الذين يجب أن يُدفنوا في مقبرة خاصة بهم، وألّا يتزوجوا شخصاً أبيض البشرة".

اقرأ أيضاً: "قانون العبيد" يشعل المجر.. هذا ما ورد فيه

وتُتابع: "نحن أصحاب البشرة السمراء بالمغرب نادراً ما نتحدث عن معاناتنا مع العنصرية، لكنّها تؤلمنا كثيراً، لا سيما حين تكون من أشخاص يدّعون أنّهم نشطاء حقوق الإنسان، وهم ما يزالون ينظرون لصاحب البشرة السوداء على أنّه أقل منهم".

 هل أصلهم عبيد؟

ويرى إسماعيل أيت حماد، الكاتب والصحفي المغربي: أّنّ "العنصرية والتمييز من السلوكيات المجرمة، في القانون المغربي، وفي الدستور، المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات والوظائف".

اقرأ أيضاً: دونالد ترامب.. قصة طويلة من كراهية ذوي البشرة السمراء

ويُضيف الكاتب المغربي في حديثه لـ "حفريات": "لكن في ثقافة المجتمع والسلوكيات، ما تزال هناك تراكمات ثقافية تختلف بحسب المناطق، وترجع إلى التركيبة العرقية والاجتماعية لبعض المناطق، على سبيل المثال؛ واحة درعة وتافيلات ومدينة طاطا، جنوب المغرب، وهي مناطق تُعرف بالتنوع الإثني، ويوجد فيها أصحاب البشرة السمراء، الذين أصلهم عبيد، وتمّ استقدامهم خلال فترة السعديين، من دول أفريقيا جنوب الصحراء".

اقرأ أيضاً: قناة لبنانية تسخر من اللاجئين والنازحين وأصحاب البشرة السمراء!

ويُعاني أحفاد العبيد، في بعض مدن شمال المغرب وجنوبه، من الوصم الاجتماعي بسبب أنّ أجدادهم كانوا عبيداً، ويُنعتون "بالحراطين"؛ أي في المرتبة الدونية بالمجتمع القبلي، على خلاف أحفاد البيض أو شرفاء.

الأحفاد يُحيون ذكرى أجدادهم

ويُتابع أيت حماد، الذي يعيش في مدينة ورزازات جنوب المغرب: "أحفاد العبيد ما يزالون يُحيون ذكرى أجدادهم، وهم معروفون بموسيقى كناوة، وهناك عائلات معروفة بالسلطة والنفوذ، ولديها موقع اجتماعي متميز، وترى نفسها أنّها أسمى من أحفاد العبيد".

اقرأ أيضاً: الحب ينتصر على لون البشرة في "حارة السمران" بغزة

وفي بعض الأحيان قد تكون لدى "حرطاني" إمكانيات مادية ومستوى أكاديمي، مع ذلك ينظر إليه في القبيلة على أنّه عبد، لأنّ جدّه كان مملوكاً لأعيان القبيلة".

ويمضي المتحدث ذاته قائلاً: "في الواقع، نجد أنّ الوصم ما يزال يلاحق أحفاد العبيد، رغم نجاحاتهم، وتقلّدهم مناصب مهمة، وتفوقهم على أبناء الأسياد؛ فهم عندما يرغبون في الزواج من فتاة بيضاء تنتمي إلى قبيلة الشرفاء، يُرفضون من لدن عائلتها، بسبب عرقهم ولونهم".

اقرأ أيضاً: هل سواد البشرة مرادف للقبح وبياضها معادل للجمال؟!

ويُشار إلى أنّه في منطقة تنجداد، ما تزال هناك عائلات لا تقبل المصاهرة مع أحفاد العبيد، وبحسب شهادات أبناء تلك المنطقة؛ فإنّه من المستحيل أن يتزوج أسود بامرأة بيضاء تُلقب في قبيلتها بالحرة، وحتى إن قبلت المرأة بهذا الزواج، لكنّ الأهل والعادات والتقاليد والعشيرة يرفضون ذلك.

المسكوت عنه

يرى إسماعيل أيت حماد؛ أنّ قضية التمييز بسبب اللون والعرق ما يزال تناولها مخجلاً بالمغرب، موضحاً: "موضوع أحفاد العبيد ما يزال مسكوتاً عنه بالمجتمع المغربي".

ويتابع: "أحياناً تطفو على السطح هذه الممارسات العنصرية بالمجتمع المغربي، مثل أن نسمع بأنّ إحدى القبائل رفضت دفن رجل ذي بشرة سمراء في مقبرتها، لأنّها خاصة بالبيض، حتى تتدخل السلطات لحلّ هذا الخلاف".

الكاتب المغربي إسماعيل أيت حماد لـ"حفريات": بعض الشباب بدؤوا يتمردون على عادات القبيلة ويتزوجون من أحفاد العبيد الذين يرفضون السخرية منهم وإقصاءهم، لأنّ همّهم العيش والكرامة معاً

ويدعو المتحدث ذاته إلى محاربة التمييز العنصري بحسب اللون والعرق، وضرورة التوعية، موضحاً في الصدد ذاته؛ "عندما نتحدث عن عنصرية وتمييز فنحن نتحدث عن ضحية ومستفيد، للمطالبة بالتغيير فإنّ الطبقة المستفيدة ستُقاوم وترفض ما يُهدّد مصلحتها الاجتماعية في أن تكون في المرتبة العليا اجتماعياً".

التمرد على القبيلة

ويلفت إسماعيل أيت حماد إلى أنّ بعض الشباب بدؤوا يتمردون على عادات القبيلة ويتزوجون من أحفاد العبيد.

 ويُشدّد أيت حماد على أنّ "النخب المثقفة، التي ولدت في هذه المناطق، تُهاجر إلى المدينة أو إلى خارج المغرب، وتخلق عالمها الخاص، وعندما تزور موطنها الأصلي تكون غير مؤثرة وصوتها غير مسموع".

 

ويُشير إلى أنّ هذه المجتمعات التقليدية لا تسمع للنخب المثقفة، معتبراً أنّ هذه الفئة  المتعلمة لا تستطيع التواصل مع أهالي القبيلة بلغتهم الخاصة.

ويرى أصحاب البشرة السمراء، بحسب أيت حماد، أنّ إقصاءهم بسبب اللون "يعدّ قدراً؛ لأنّ همّهم الوحيد لقمة العيش، لكنّ الجيل الجديد من أحفاد العبيد أصبح يرفض السخرية منه وإقصاءه، لأنّ همّه العيش والكرامة معاً، فقد درسوا وأصبحوا ينافسون أبناء الأسياد ويرفضون حرمانهم من الأرض وحقوقهم".

"الصحابة كانوا سُمْر اللون"

وفي سوس، جنوب المغرب، يستقر أصحاب البشرة السمراء في مناطق معزولة مهمشة، ويمتهنون رعي المواشي أو الحدادة، ويُمنعون من المشاركة في المناسبات الخاصة بالبيض.

وكان مواطن مغربي، اسمه محمد مقنع، قد وجه رسالة لوكيل الملك بالمغرب، يطلب منه "ردّ الاعتبار إلى السود المغاربة، عبر تصحيح المغالطات التاريخية التي تُروّج عنهم، مستدلاً بحجج داعمة لأفكاره، والتي تؤكد أنّ شمال أفريقيا هي منطقة سوداء تاريخية".

وأشار، في مراسلته، إلى أنّ عدداً من صحابة النبي عليه السلام كانوا سُمْر اللون، معتبراً أنّ العبيد لم يرتبطوا باللون الأسود، بل كذلك باللون الأبيض.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية