ميليشيات الحوثي تحاول طمس تاريخ اليمن... هذا ما تفعله

ميليشيات الحوثي تحاول طمس تاريخ اليمن... هذا ما تفعله


02/06/2021

لم تقتصر جرائم ميليشيات الحوثي الإرهابية في اليمن على البشر، بل استهدفت تاريخ البلاد وماضيه الممتد إلى آلاف السنين، عبر تدمير القلاع التاريخية ونهب وتهريب قطع ومخطوطات أثرية إلى دول عدة، من ضمنها إيران ولبنان وإسرائيل وغيرها.

وقد جدّد عاملون في قطاع الآثار والمتاحف والمخطوطات في اليمن اتهاماتهم للحوثيين بمواصلة التدمير الممنهج لما تبقّى من الآثار، تارة بالنهب والتهريب والبيع، وأخرى بالاستهداف المباشر عن طريق التفجير والقصف والتحويل إلى مخازن أسلحة وثكنات عسكرية.

 

قيادات حوثية بارزة (تنتمي إلى صعدة) هرّبت، منذ مطلع العام الجاري، أكثر من 4800 قطعة ومخطوطة أثرية

 

وبحسب ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" يوم 23 أيار (مايو) الماضي، فقد هرّبت قيادات حوثية بارزة (تنتمي إلى صعدة)، منذ مطلع العام الجاري، أكثر من 4800 قطعة ومخطوطة أثرية.

ويعود تاريخ هذه المخطوطات، التي هُرّبت إلى كلٍّ من إيران ولبنان وإسرائيل ودول أخرى، إلى مئات السنين، بعد سرقتها من متاحف ومواقع أثرية واقعة تحت سيطرة الجماعة.

وأوضح بعض العاملين في الهيئة العامة للآثار بصنعاء أنّ الميليشيا كثّفت جهودها مؤخراً بمجال الآثار والمخطوطات، عبر نهب الكثير منها من متاحف في صنعاء ومدن يمنية أخرى.

وقامت كذلك بشراء أخرى من سماسرة ومهربين ثم تهريبها بعد تجميعها إلى جهات إيرانية.

 

العاملون في الهيئة العامة للآثار بصنعاء: الميليشيا قامت بشراء مخطوطات تاريخية من سماسرة ومهربين وهرّبتها إلى جهات إيرانية

 

وقالت المصادر: إن قادة حوثيين بارزين بصنعاء ما يزالون يستحوذون حتى اليوم على قطع آثار كثيرة، من بينها تماثيل برونزية كبيرة وصغيرة ونقوش وعملات ذهبية وفضية وتمائم نحاسية وألواح حجرية ورؤوس سهام وغيرها، وفق مركز المرجع للدراسات. 

وأضافت أنّ خبراء آثار محليين يواصلون عملهم وفق توجيهات حوثية في البحث والتنقيب عن المزيد من المخطوطات والآثار القديمة في عشرات الجوامع والمواقع التاريخية، في كل من صنعاء القديمة ومدن "شبام كوكبان" في المحويت وزبيد في الحديدة وجبلة في إب والجند في تعز، ومواقع أخرى واقعة في نطاق السيطرة الحوثية.

اقرأ أيضاً: الحوثيون إذ ينافسون النازية في التوحش والاستهانة بدماء اليمنيين

وقد جدّد العاملون التحذير من مغبة استمرار مسلسل التجريف الحوثي لما تبقى من الآثار والمخطوطات القديمة، وكشفوا في الوقت ذاته عن وجود ارتباط وثيق بين القيادي في الحرس الثوري الإيراني حسن إيرلو، المنتحل صفة سفير لدى اليمن، وبين ما تقوم به تلك الميليشيات من عبث منظم بحق ما تبقى من المخزون التاريخي في اليمن.

 

قادة حوثيون بصنعاء يستحوذون على قطع آثار كثيرة، منها تماثيل برونزية ونقوش وعملات ذهبية وفضية وتمائم نحاسية وألواح حجرية 

 

وأشاروا إلى أنّ الزيارات المتكررة لحسن إيرلو برفقة قيادة حوثية بارزة إلى صنعاء القديمة تفضح كل النوايا الحوثية الإيرانية، وتؤكد مضيهم في نهب المزيد من القطع والمخطوطات الأثرية اليمنية.

وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت نهاية شهر أيار (مايو) الماضي عزمها عقد مؤتمر دولي، لحماية الآثار اليمنية التي يجري نهبها وتهريبها لبيعها في مزادات عالمية في الخارج.

وكانت مصادر يمنية مطلعة قد كشفت في وقت سابق أنّ زعيم الانقلابيين عبد الملك الحوثي تمكّن من جمع ثروة تقدر بعشرات الملايين من الدولارات عن طريق عمليات منظمة لتهريب الآثار اليمنية تجري تحت إشراف مباشر منه، وتتولاها مافيا آثار تضم شخصيات إيرانية وأخرى لبنانية تابعة لحزب الله.

اقرأ أيضاً: ما مصلحة إيران من الشروط التعجيزية لميليشيا الحوثي؟

وكشف مصدر يمني في صنعاء، نقلت عنه صحيفة "الوطن"، أنّ الحوثي شكّل فريقاً أمنياً خاصاً تابعاً لوزارة داخلية الانقلاب، مهامّ الفريق هي البحث عن الآثار في كافة مناطق سيطرة الحوثيين ومراكز الآثار والمنازل والمواقع التجارية، والسيطرة عليها بحجة المحافظة عليها، بينما الهدف الحقيقي هو تهريب الآثار وبيعها في الخارج.

وأضاف المصدر: إنّ الجهة المعنية عن الآثار في اليمن هي وزارة الثقافة، إلا أنّ وزارة الداخلية هي من قام بتشكيل فريق للبحث عن الآثار وسحبها بالقوة.

 

عبد الملك الحوثي تمكّن من جمع ثروة تقدر بعشرات الملايين من الدولارات عن طريق عمليات منظمة لتهريب الآثار تتولاها مافيات إيرانية لبنانية 

 

وبيّن المصدر أنّ أهم وأكبر المراكز المهتمة والمعنية بالآثار تعرضت للسرقة والنهب بطريقة غير مسبوقة وتم بيعها بثمن بخس، وأنّ الحوثيين لديهم رغبة أكيدة وتوجه قوي لطمس كل آثار وتاريخ اليمن، وأنّ غياب الحس الوطني مهّد للحوثيين الطريق للبحث عن تلك الآثار بشتى الطرق واستخدام المعدات الثقيلة للحفر والتنقيب فقط من أجل السرقة وتشويه المكان.

وفي السياق، نهبت ميليشيا الحوثي الإرهابية مقتنيات أثرية ذات قيمة تاريخية كبيرة من أقدم متاحف محافظة إب وسط اليمن في شباط (فبراير) الماضي، تزامناً مع انطلاق حملة جديدة على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب العالم بوقف الإرهاب الحوثي.

اقرأ أيضاً: التصعيد الحوثي في مأرب والاتفاق النووي الأمريكي الإيراني.. ما العلاقة؟

وطالت عملية نهب الحوثيين التراث الحميري، أحد أشهر ممالك اليمن القديمة قبل وبعد الميلاد.

وقالت مصادر محلية في محافظة إب، وفق صحيفة "العين": إنّ عصابات مرتبطة بقيادات حوثية نهبت قطعاً ومقتنيات أثرية من متحف "ظفار" تعود إلى عهد الدولة الحميرية التي حكمت اليمن بين عامي 115 قبل الميلاد و752 بعد الميلاد.

و"ظفار" هو اسم عاصمة هذه الدولة العريقة، وكان المتحف يضم أكثر من 300 قطعة أثرية قيّمة من آثار المدينة التاريخية الحميرية.

ومن بين المنهوبات ختم لأحد الملوك الحميريين وأحد النقوش الذي يوثق حقبة من تاريخ اليمن القديم وكثير من القطع الأثرية المهمة، بحسب المصادر ذاتها.

 

عملية نهب الحوثيين طالت التراث الحميري، أحد أشهر ممالك اليمن القديمة قبل وبعد الميلاد

 

وقد أقرّت ميليشيات الحوثي بعملية النهب على وسائل إعلامها، زاعمة أنّ "قطعتين أثريتين فقدتا"، وهو ما نفته المصادر، مؤكدة أنّ عمليات النهب طالت أيضاً مخطوطات إسلامية ومقتنيات كانت في المتحف التاريخي، بالإضافة إلى نهب مستمر لمواقع أثرية في عدد من مدن ومديريات المحافظة التي تُعرف باللواء الأخضر لليمن.

وقد ادّعت أخيراً إحدى العائلات الحوثية بشكل سافر ملكية "قصر الملكة أروى الصليحي"، الذي يُعدّ بمثابة تحفة فنية تؤرخ لحكم أوّل امرأة يمنية في الإسلام، ورفضت السماح بترميمه.

اقرأ أيضاً: بهذه الطرق تواصل ميليشيات الحوثيين قمع الإعلام

وشهد متحف "ظفار" عدداً من أعمال الصيانة والإصلاحات، ليصبح محط اهتمام دولة الإمارات، وقد ساهمت منحة مقدّمة من المغفور له الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، في إتمام تشييد المتحف الأثري ضمن اهتمامه بتراث وماضي الجزيرة العربية وتاريخ المنطقة.

واعتبرت الحكومة على لسان وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني اعتداء ميليشيا الحوثي الإرهابية على متحف ظفار التاريخي امتداداً لعمليات النهب المنظم وبيع وتهريب الآثار.

 

الزيارات المتكررة لحسن إيرلو برفقة قيادة حوثية بارزة إلى صنعاء القديمة تؤكد مضيهم في نهب المزيد من القطع والمخطوطات الأثرية اليمنية 

 

وقال في سلسلة تدوينات على موقع تويتر: إنّ "مسلسل الاعتداءات الممنهجة التي طالت المواقع والمعالم الأثرية والتراثية منذ الانقلاب الحوثي يأتي تنفيذاً لمخططات الميليشيات الإرهابية في طمس الموروث الثقافي والحضاري لليمنيين".

من جانبه، قال مستشار وزارة الثقافة اليمنية محمد المهدي في تصريح صحفي سابق: تمرّ الآثار اليمنية في العاصمة صنعاء وفي غيرها من المحافظات بمنعطف خطير جداً، وذلك بسبب سيطرة الميليشيات على صنعاء وما جاورها، وقد تعرّضت الآثار لإهمال بل نهب في عهد الميليشيات الحوثية، إضافة إلى تعرضها لانهيارات جرّاء الأمطار الغزيرة، وأبرزها انهيار منزل الشاعر والمؤرخ الكبير الأستاذ عبد الله البردوني، وقال: سقطت العشرات من المنازل التاريخية وجزء من سور صنعاء القديمة، وتبقى بقية الآثار مهددة ما لم يتم تدارك الأمر.

ويضيف المهدي: الحقيقة أنّ الآثار تعرّضت بفعل إهمال الميليشيات لكل هذا الدمار، بل تعرّضت بعض المناطق الأثرية للقصف، إضافة إلى أخطر ما فعله الحوثيون بالآثار، وهو الاتجار بها وبيع مقتنيات أثرية مهمة في أسواق سوداء عالمية لبيع الآثار، والأدهى من ذلك بيع الحوثيين نسخة قديمة من الإنجيل للكيان الإسرائيلي.

اقرأ أيضاً: ميليشيات الحوثي الإرهابية تواصل تدمير قطاع التعليم.. ما الجديد؟

ويؤكد المهدي أنّ سوق الآثار يمثل رافداً مهمّاً للحوثيين لدعم عملياتهم العسكرية، فقد جنوا من خلالها ملايين الدولارات.

وفي تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، اتهم أمين العاصمة صنعاء في الحكومة الشرعية عبد الغني جميل، اتهم الميليشيات بأنها هرّبت وأخفت ما يزيد على 14 ألف مخطوطة يمنية نادرة ومئات القطع الأثرية.

 

الحوثيون يشكلون فريقاً أمنياً خاصاً تابعاً لوزارة داخلية الانقلاب، مهامهم البحث عن الآثار للسيطرة عليها بحجج واهية

 

يُشار إلى أنّ الحكومة اليمنية الشرعية تتهم ميليشيات الحوثي بتدمير كثير من المواقع التاريخية التي تقع تحت سيطرتها، والتورط في تهريب كثير من القطع الأثرية لتمويل مشاريعها.

وقد حمّلت الحكومة الميليشيات مسؤولية فقدان أو تلف محفوظات كل من دار المخطوطات ومخطوطات الجامع الكبير بصنعاء، وناشدت المنظمات الدولية القيام بدورها في الحفاظ على الموروث الثقافي اليمني، وعلى رأسها منظمة اليونسكو.

اقرأ أيضاً: هل شجع المجتمع الدولي الحوثيين على رفض المبادرة السعودية؟

ولم تكتفِ ميليشيا الحوثي الموالية لإيران بنهب الآثار، بل اتخذت من قلاع تاريخية غربي اليمن ثكنات عسكرية وسجوناً.

ودمّرت ميليشيا الحوثي الإرهابية مؤخراً قصر "السخنة" التاريخي، أحد أهم المعالم التاريخية والأثرية الواقعة إلى الجهة الشرقية في الحديدة، والتي تضم مباني مدرجة على قائمة التراث العالمي، وفق موقع "اليمن العربي".

وطبقاً للمصادر، فإنّ ميليشيا الحوثي عمدت لتسوية القصر بالأرض، مستنسخة نهج تنظيم داعش الإرهابي، وتتجه لتحويل حمامات السخنة ذات المياه البركانية الحارة، التي تُستخدم للعلاج الطبيعي، إلى منتجع تجاري وسياحي لصالح ما تُسمّى بـ"مؤسسة الشهداء" التي ترعى أسر قتلاها.

 

ميليشيات الحوثي الإرهابية اتخذت من قلاع تاريخية غربي اليمن ثكنات عسكرية وسجوناً

 

والعام الماضي، فجّرت ميليشيا الحوثي قلعة "القوباء" الأثرية في مدينة حجة (شمال غرب)، والتي تُعدّ أحد الشواهد على الحضارة اليمنية العريقة، وطال التفجير حصوناً تاريخية كـ"ذو جحا" و"المسنب" و"ذو مسعد" في بلدة "الجميمة"، عقب اجتياح مناطق قبائل حجور التي انتفضت وفجّرت معارك طاحنة لأكثر من شهرين.

اقرأ أيضاً: عناصر من ميليشيات الحوثي في العراق... ما مهامها؟ ومن يدعمها؟

وفي محافظة الجوف، سجل تقرير رسمي خلال الفترة نفسها تدمير ميليشيا الحوثي، بشكل جزئي وكلي، أكثر من 63 معلماً أثرياً ومدينة تاريخية، بعد نهبها وبيعها، أهمها مدن "نشأن" و"كمنة"، و"هرم"، و"إنبا"، و"نشق"، و"براقش"، و"قرناو، و"الخربة البيضاء السوداء".

وعمدت الميليشيات منذ الانقلاب أواخر 2014 إلى اتخاذ عشرات القلاع التاريخية في محافظة الحديدة ثكنات ومعسكرات وزنازين سرّية لإخفاء وتعذيب الناشطين والمناهضين السياسيين بشكل وحشي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية