مترجم
أثارت صحف غربية تساؤلات حول شركة “سادات” التركية ودورها في “تدريب وتجهيز” مجموعات متشددة في الشرق الأوسط وأوروبا، بأوامر مباشرة من مستشار الرئيس التركي لشؤون الجيش، العميد عدنان تانريفردي.
وعلى ضوء نشاطات الشركة العسكرية الداخلية والخارجية، وعملها تحت إشراف النظام التركي، بالإضافة إلى إداراتها مخيمات تدريبية محصنة ضد التفتيش، حتى من قِبل السلطات التركية، أطلقت صحف أجنبية تسميات مختلفة على “سادات”، من بينها “جيش أردوغان السري”، و”ميليشيا أردوغان”، و”الحرس الثوري التركي”، و”بلاك ووتر تركيا”.
وقد نشر معهد أبحاث “أميركان إنتربرايز” الأمريكي مقالة تحت عنوان “هل أصبحت سادات الحرس الثوري الخاص بأردوغان؟” بقلم الباحث السياسي مايكل روبين. وقال روبين في مقالته إن “سادات لم تكتفِ بتقديم التدريبات العسكرية داخل تركيا، بل تقوم كذلك بتدريب وتجهيز الجماعات المتطرفة والإرهابية مثل داعش في سوريا”. وأكد روبين كذلك أن “الحكومة التركية رفضت السماح لأعضاء البرلمان التركي بتفتيش المخيمات التدريبية الخاصة بالشركة”.
وأضاف روبين أن مسؤولين أوروبيين عبروا قلقهم العميق إزاء نشاطات الشركة في تجنيد وتدريب مجموعات في أوروبا وآسيا الوسطى، وامتدادها إلى مناطق مثل الشيشان وطاجاكستان وكازاخستان وغيرها”.
أما صحيفة “فورن بوليسي” الأمريكية، فقد أفردت تقريرًا تحدثت فيه عن “سادات”، تحت عنوان “جيش أردوغان الخاص”، قالت فيه إن “الشركة لا تنفذ رغبات أردوغان في السياسة المحلية التركية فحسب، بل تعلن هدفها الأكبر في العالم الإسلامي”.
وأضافت فورن بوليسي أن “سادات تنفذ عملياتها في سوريا منذ عام 2012، إذ تقوم بتدريب وتجهيز عناصر عدد من الميليشيات المنخرطة في صراعات المنطقة”. ووفقًا لها، فإن “أردوغان سوف يصطدم بمشاكل كبيرة في المراحل المقبلة بعد أن خلق معسكرين داخل الجيش التركي”.
أما “منصة العدل والسلام” الأوروبية الحقوقية فقد نشرت تقريرًا معمقًا عن “سادات” قالت فيه: “بعد أن شدد النظام التركي قبضته على الشعب التركي، عمل الرئيس أردوغان في شهر يوليو/تموز المنصرم على توسيع سلطته بموجب الدستور، وبنى جيشًا جديدًا، أو بشكل أدق، ميليشيا خاصة به. عملت هذه الميليشيا على تلبية طموحات أردوغان على الساحتين المحلية والدولية تحت غطاء قانوني كشركة استشارات دفاعية تعمل على تقديم خدمات تدريبية عسكرية محليًا وإقليميًا، وتبيع أسلحة متنوعة، بالإضافة إلى تقديم خدمات استشارية لتنظيمات دولية.
أول من أسس وأدار هذه الشركة هو العميد التركي المتقاعد عدنان تانريفردي. غادر الأخير الجيش عام 1997، بعد أن شغل منصب قائد القوات الخاصة التركية، وأطيح به نتيجة لأنشطة إسلاموية.
عرف تانريفردي ما يريده بالضبط منذ البداية، وتولى السيطرة على العديد من الإسلاميين الذين طردوا من الجيش التركي بسبب نشاطاتهم الإسلاموية. ومنذ بداية نشأتها، لم تكن “سادات” مجرد شركة استشارية، بل تولت مهمات أكبر من ذلك بكثير. وقد كتب تانريفردي في بيان موقع الشركة على الإنترنت أنه “تم تأسس سادات لمساعدة العالم الإسلامي في الوصول إلى مستويات القمة التي تتناسب مع وضع الدول الإسلامية، لتحقيق مصيرها بين القوى العظمى”.
وفي أعقاب محاولة الانقلاب التركية عام 2016، قام أردوغان بتعيين تانريفردي مستشارًا له لشؤون الجيش التركي، بينما تولى نجله، علي كامل ميليه، المسؤولية عن إدارة شركة سادات.
أدت العلاقة المباشرة ما بين أردوغان ومدير شركة سادات إلى إثارة حفيظة معارضي أردوغان ومطالبته بإصدار توضيحات، لا سيما في ظل انتشار تقارير حول قيام الشركة بتدريب مقاتلي داعش في معسكرات تابعة لها.
وفي يناير/كانون ثانٍ الماضي، قام أحد موظفي الشركة، البروفيسور التركي “جميل تيكيلي” بتجنيد عرب إسرائيليين، الأمر الذي دفع السلطات الإسرائيلية إلى اعتقاله في مطار بن غوريون الإسرائيلي، بما يشير بشكل واضح إلى أن أردوغان يمارس أجندته الإقليمية بشكل مباشر عبر شركة سادات.
وتؤكد جميع البيانات كذلك أن أردوغان يستخدم شركة سادات للسيطرة على حركة اللاجئين بين الشرق الأوسط وأوروبا، خصوصًا أولئك المتوجهين إلى باريس وبرلين، مما أقلق الكثير من المسؤولين الأوروبيين إزاء التهديد التركي المستقبلي.
وما يزيد الطين بلة هو أن أوروبا تستوعب لاجئين بعد تلقيهم تدريبات في مخيمات “سادات” العسكرية، الأمر الذي يعني وجود خلايا إرهابية نائمة على تراب الاتحاد الأوروبي، ينتظرون دعوة إلى العمل بأوامر مباشرة من الشركة التي يسيطر عليها أردوغان. وبالطبع، يمكن لأردوغان أن يستخدم هؤلاء اللاجئين المدربين لإجبار الاتحاد الأوروبي على التصرف بالطريقة التي يرغب بها، بما يتناغم مع أجندة النظام التركي، دون قيود ومراجعات من الحكومات الأخرى.
ولذلك، تلقت سلطات الاتحاد الأوروبي توصيات بتشديد الرقابة على “سادات” والعاملين معها، بهدف “الحد من القوة التي اكتسبتها، قبل أن تتمكن من توسيع أذرعها كما فعلت في الشرق الأوسط”.
عن "كيوبوست"