مواجهة أخيرة بين ماكرون ولوبان... من يفوز بالإليزيه؟

مواجهة أخيرة بين ماكرون ولوبان... من يفوز بالإليزيه؟


24/04/2022

مواجهة حاسمة على بعد خطوات قليلة من قصر الرئاسة الفرنسي "الإليزيه" بين مرشحين اثنين اختلفا في كلّ شي إلا في موقفهما من الإسلام والمسلمين، رغم تباينه، فقد فتحت مراكز الاقتراع في فرنسا منذ ساعات قليلة أبوابها في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة الفرنسية التي يتنافس فيها الرئيس إيمانويل ماكرون المنتهية ولايته والمحسوب على تيار يسار الوسط، ومرشحة اليمن المتطرف مارين لوبان، التي تجاهلت القضايا الاقتصادية الرئيسية في البلاد، وبنت حملتها على العداء للحجاب والإسلام والمهاجرين.

الاختلاف الأكبر هو أنّ ماكرون يتولى الآن منصب شاغل الوظيفة، حيث لم يعد هو الوجه الجديد الذي اقتحم المؤسسة السياسية المتعبة ووعد بالحكم من "الوسط الراديكالي". على اليسار، ينظر إليه الناخبون على أنّه "رئيس الأثرياء"، بينما يرى اليمين أنّ إصلاحاته الاقتصادية لم تذهب بعيداً بما فيه الكفاية، وأنّه كان من الممكن أن يكون أكثر صرامة فيما يتعلق بالهجرة.

أهمية تاريخية

للاقتراع الذي دعي للمشاركة فيه (48,7) مليون فرنسي أهمية تاريخية، حيث إنّ ماكرون قد يصبح أول رئيس يُعاد انتخابه منذ جاك شيراك في 2002، فيما ستصبح لوبان أول امرأة وزعيمة لليمين المتطرف تتولى الرئاسة إذا فازت في الانتخابات، وفقاً لإذاعة "فرنسا 24".

 إلى ذلك، ترجح استطلاعات الرأي، التي سبقت جولة الحسم اليوم، كفة ماكرون، حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته القناة الإخبارية الفرنسية "بي إف إم" أنّ ماكرون كان أكثر إقناعاً بنسبة 59%، وأظهرت (3) استطلاعات للرأي حول نوايا الناخبين في الجولة الثانية أنّ ماكرون قد يحصل على ما معدله 55.8% من أصوات الناخبين، وهي أعلى نسبة يحصل عليها الرئيس المنتهية ولايته في استطلاعات نوايا التصويت التي جرت منذ ما قبل الجولة الأولى، في حين تأرجحت فرص لوبان بين 43% و47% من أصوات الناخبين في الاستطلاعات ذاتها.

 ترجح استطلاعات الرأي، التي سبقت جولة الحسم اليوم، كفة ماكرون

 وتشير الاستطلاعات إلى أنّ حظوظ ماكرون الحالية هي أعلى بـ(3) نقاط من المعدل الذي توقعته له (5) استطلاعات للرأي جرت قبيل الجولة الأولى، وتوقعت له بأن يجتاز الجولة الثانية بما نسبته 52% من أصوات الناخبين في حال مواجهته للوبان.

السيّئ والأسوأ

على الفرنسيين أن يختاروا اليوم بين السيّئ والأسوأ، بين ماكرون الذي لم يفعل الكثير لإنقاذ الاقتصاد الوطني، والذي تلقى ضربات عديدة وتأثر بشدة في مواجهة انتشار وباء كورونا، وبين لوبان التي لا تجيد سوى التشدد في مواجهة أيّ قضية.

 خلافات جذرية بين برنامجي وطروحات وتوجهات المرشحين الرئاسيين أظهرتها المناظرة، التي حازت على اهتمام الداخل الفرنسي، ووُصفت بأنّها المناظرة التي قد تكون حاسمة في توجيه أصوات الناخبين المترددين، خاصة من اليساريين، وبالذات من أنصار المرشح الذي حلّ في المركز الثالث في الجولة الأولى جان لوك ميلنشون.

 

فتحت مراكز الاقتراع في فرنسا أبوابها في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة الفرنسية التي يتنافس فيها إيمانويل ماكرون ومارين لوبان

 

 ورغم أنّ الاستطلاعات أشارت إلى بقاء ماكرون في الموقف الأكثر إقناعاً خلال المناظرة، إلا أنّها أشادت أيضاً بتحسُّن ربما يكون طفيفاً في أداء لوبان التي كانت قد وعدت بتلافي أخطاء المناظرة السابقة التي جمعتها بماكرون عام 2017، وبدت ردودها آنذاك مرتبكة ومتشنجة إلى حد كبير.

 ووفقاً لقراءة تحليلية لمركز الإمارات للسياسات، فإنّ المناظرة شملت مواضيع تتعلق بالسياسة الداخلية والسياسة الخارجية، لكن كان من الملاحظ احتدام النقاش بصورة لافتة بين المرشحين حول ملفات السياسة الخارجية، بما في ذلك الحرب الأوكرانية، والعلاقة مع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، في مقابل تحقيقهما مقداراً بسيطاً من الاتفاق حول بعض الملفات الداخلية. ومن أبرز المواضيع التي دار حولها النقاش:

1ـ القدرة الشرائية: وهو الموضوع الذي غدا مفضلاً لمرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، حيث يرى مراقبون أنّها استطاعت خلال جولاتها الانتخابية المكثفة الأخيرة، خاصة خارج العاصمة، جذب مزيد من الاهتمام حول تدنّي القدرة الشرائية للمواطن الفرنسي، وتحويل ذلك إلى نقطة ضعف تهاجم به الخاصرة الضعيفة داخلياً لحكومة ماكرون الذي يوصف عادة بأنّه "رئيس النخبة"، كما أنّ ملف القدرة الشرائية (ارتفاع تكاليف المعيشة، وبالذات أسعار الوقود) كان السبب الأساسي في اندلاع احتجاجات ما يُعرف بـ "حركة السترات الصفراء" عام 2018، والتي حازت على تأييد واسع من الأطياف السياسية داخل الشعب الفرنسي، رغم ما تخللها من أحداث عنف، ورغم محاولة إدارة ماكرون إرجاع الدوافع الأساسية للحركة بأنّها مجرد تحريض سياسي من اليمين المتطرف بقيادة لوبان بعد خسارتها بالانتخابات الرئاسية.

على الفرنسيين أن يختاروا اليوم بين السيّئ والأسوأ

 وفي مواجهة اتهامات لوبان لمنافسها ماكرون باتباع سياسات اقتصادية أدت إلى تراجع القدرة الشرائية لدى 70% من الفرنسيين منذ تسلمه مقاليد السلطة، لم يستطع الرئيس المنتهية ولايته إنكار طرح منافسته، ممّا دلّ على استشعاره لحقيقة أزمة ملف القدرة الشرائية، ولكنّه دافع عن سياساته خلال ولايته الأولى بإلقاء اللوم على التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا، وهو ما رآه مراقبون دفاعاً ضعيفاً لتبرير ارتفاع معدلات التضخم، ولا سيّما أنّ تداعيات جائحة الوباء بدأت تظهر نتائجها في نهاية 2020، بينما شكّل ملف القدرة الشرائية والتضخم الاقتصادي أزمة لماكرون منذ منتصف عام 2018، وأدّى إلى انخفاض شعبيته حتى وصلت إلى 20% قبل إكماله عامه الثاني من الرئاسة على إثر اندلاع احتجاجات حركة السترات الصفراء واحتجاجات الطلبة وإضرابات النقابات التي وصفت بأنّها أكبر احتجاجات شعبية تشهدها البلاد خلال العقود الـ(5) الأخيرة.

2ـ العلمانية وحظر الحجاب

رغم تقدّمها في ملف القدرة الشرائية للفرنسيين، لم تبذل لوبان الكثير من الجهد لخسارة أصوات المسلمين في فرنسا، حيث ركزت في المناظرة على ما سمّته بـ "الإرهاب الإسلامي"، وهو المصطلح ذاته الذي لقي بسببه ماكرون ردود فعل غاضبة من العديد من الدول والمؤسسات العربية والإسلامية وفي مقدمتها الأزهر الشريف.

 ورغم محاولاتها التأكيد على أنّها لا تحارب الإسلام، وأنّه دين له مكانته في فرنسا، جددت لوبان استخدام مصطلح "الإرهاب الإسلامي" بوصفه مصدر التهديد الأول لمفهوم العلمانية الفرنسية، في انعكاس لإيديولوجية حزبها "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، الذي لا يخفي إيديولوجيته المعادية للإسلام، والتي عبّرت عنها لوبان أكثر من مرّة حين دعت لإقصاء جميع الرموز الدينية التي تمثل الإسلام مثل منع الذبح الحلال في فرنسا، مع إشارتها إلى إمكانية استيراد اللحوم الحلال من الخارج.

 

الاختلاف الأكبر هو أنّ ماكرون يتولى الآن منصب شاغل الوظيفة، ولم يعد الوجه الجديد الذي اقتحم المؤسسة السياسية المتعبة

 

 وفي حين بدا أنّ لوبان تراجعت عن فكرة حظر الحجاب في الأماكن العامة عبر تصريحات الأسبوع الماضي قالت فيها إنّ "الحجاب مسألة معقدة جداً ويجب النظر فيها"، عادت مرشحة اليمين المتطرف مرّة أخرى، خلال المناظرة، وشددت على نيتها حظر ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، زاعمه أنّه يُهدد قيم الديمقراطية والحرية وحقوق المرأة في فرنسا، واعتبرت الحجاب مجرد زي موحد فرضه الإسلاميون في فرنسا.

 وتعرّض ماكرون نفسه للانتقاد على خلفية استخدامه مصطلح "الإرهاب الإسلامي" منذ وصوله للحكم في أيار (مايو) 2014، غير أنّه من الواضح أنّ الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته يدرك جيداً أهمية أصوات (5) ملايين مسلم في فرنسا، الذين يُقدر أنّهم يشكّلون ما يقرب من 9% من السكان، وفقاً لموقع "سي إن إيه" الآسيوي.

 وخلال المناظرة، هاجم ماكرون طروحات لوبان بشأن حظر الحجاب في الأماكن العامة، متهماً إياها بأنّها لا تُقدّر الأبعاد الأمنية لمثل هذا القرار، وأنّ قراراً كهذا يُعتبر قراراً بنبذ الفرنسيين المسلمين ودفعهم لخارج الفضاء العام للدولة الفرنسية، كما حذّر ماكرون من أنّه في حال انتخبت لوبان وفرضت قرار منع ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، فإنّها ستتسبب في حرب أهلية.

حذّر ماكرون من أنّه في حال انتخبت لوبان وفرضت قرار منع ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، فإنّها ستتسبب في حرب أهلية

 وبالعودة إلى نتائج التصويت في الجولة الأولى، فإنّ استطلاعاً أجرته مؤسسة "إيفوب" أظهر عزوف الناخبين المسلمين عن التصويت لكلٍّ من ماكرون ولوبان في الجولة الأولى، حيث ذهبت 70% من أصوات الناخبين الفرنسيين المسلمين إلى مرشح اليسار المتطرف المدافع عن المهاجرين جان لوك ميلنشون، ولم يحصل ماكرون إلا على 14% من أصوات الناخبين المسلمين في مقابل 7% فقط لصالح منافسته لوبان. وبعد خسارته في الجولة الأولى، لم يدعُ ميلنشون أنصاره للتصويت لصالح ماكرون، لكنّه دعاهم إلى حرمان لوبان من هذه الأصوات، وهاجمهما بعد المناظرة.

3ـ الهجرة والأمن

نال ملف الهجرة نصيباً كبيراً من نقاشات المرشحين خلال المناظرة الانتخابية الأخيرة، فمن جانبها، دعت لوبان إلى ما وصفته بـ"ضبط فوضى الهجرة"، وإلى وضع قيود مشددة على الهجرة إلى فرنسا من خارج دول الاتحاد الأوروبي، وإلغاء منح الجنسية تلقائياً عبر الزواج، ورفْض أيّ طلب هجرة أو لجوء ما لم يقدّم أثناء وجود المهاجرين في بلدانهم الأصلية قبل الوصول إلى فرنسا.

كما دعت لوبان إلى توسيع صلاحيات الشرطة في التعامل مع الهجرة ونتائجها الأمنية، والتوسُّع في مبررات إسقاط الجنسية الفرنسية وقوننة هذه المبررات، لكنّ ماكرون الذي يتفق مع لوبان بأنّ إجراءات الهجرة الحالية غير فعالة، ويشاركها أيضاً في تشديد متطلبات الهجرة على المهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي، خاصة من الدول العربية والإسلامية، إلا أنّه يتهم طروحات منافسته بالمبالغة غير العملية، رغم أنّه يدعو أيضاً إلى تقييد الهجرة عبر الترحيل الفوري لأيّ مهاجر أو لاجئ يُرفض طلب لجوئه، وفرض عقوبات على دول المهاجرين التي ترفض استعادتهم.

 

للاقتراع الذي دعي للمشاركة فيه (48,7) مليوناً أهمية تاريخية، حيث إنّ ماكرون قد يصبح أول رئيس يُعاد انتخابه منذ جاك شيراك

 

 كما دعا ماكرون إلى مراجعة تعليمات منح الإقامة بمدة تزيد على الـ4 أعوام وربطها باجتياز امتحان إتقان اللغة الفرنسية، وتحقيق حد أدنى من الكفاءة المهنية، لكنّه يرفض إلغاء تعليمات الحصول على الجنسية تلقائياً عبر الزواج.

 وتركز طروحات ماكرون في ملف الهجرة على فكرة أنّ استقبال اللاجئين ومنح حق الهجرة مبدأ مُتجذِّر في تقاليد الليبرالية الفرنسية، ويتسق مع نظم حقوق الإنسان في فرنسا، لكنّه أيضاً مدفوع بالحسابات الأمنية والسياسية والاقتصادية لتقييد إجراءات اللجوء والهجرة في فرنسا، وتُظهر إحصائيات مركز الهجرة والديموغرافيا الفرنسية أنّ ولاية ماكرون الأولى منحت أكبر عدد من تصاريح الإقامة الأولوية لمهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي أكثر من أيّ ولاية لرئيس قبله، حيث بلغ عدد هذه التصاريح خلال عهد ماكرون حوالي ربع مليون تصريح أولي.

4ـ الحرب في أوكرانيا

استغلّ ماكرون أزمة الحرب بين روسيا وأوكرانيا لمهاجمة منافسته لوبان، حيث اتهمها بـ "ممالأة" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بل بالتبعية له، بسبب لجوئها لبنك مرتبط بروسيا لأخذ قرض لتمويل حملتها الانتخابية السابقة، وهو ما رفضته لوبان وقالت إنّها لا تُعلي فوق مصالح فرنسا شيئاً، ودعت إلى استقلالية أوكرانيا عن التبعية لكلٍّ من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، كما دعت إلى إنهاء سلمي للأزمة الأوكرانية.

استغلّ ماكرون أزمة الحرب بين روسيا وأوكرانيا لمهاجمة منافسته لوبان

 ورغم أنّ لوبان أشادت خلال المناظرة بمبادرات خصمها ماكرون الدبلوماسية للتوسط لإنهاء الحرب وإبقاء باب الحوار مفتوحاً مع روسيا، كما سبق أن أعلنت استعداداها في حال انتخابها لتقديم مساعدات دفاعية غير فتاكة لأوكرانيا، إلّا أنّها شددت على ضرورة عدم توريط فرنسا في الأزمة عبر تقديم مساعدات عسكرية كبيرة تجعلها شريكة مباشرة في الحرب مع أوكرانيا ضد روسيا.

 

عادت لوبان وشددت على نيتها حظر ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، زاعمه أنّه يُهدد قيم الديمقراطية والحرية

 

 وتُعدّ الأزمة الأوكرانية أكثر ملفات السياسة الخارجية التي تستحوذ على اهتمام الناخبين الفرنسيين حالياً، والمؤثرة في اتجاهات تصويتهم في الانتخابات الرئاسية، حيث أظهر استطلاع أجرته جريدة لوموند ومؤسسة جان جوريس أنّ 90% من الفرنسيين قلقون من التبعات الاقتصادية للحرب الأوكرانية عليهم، بينما عبّر 76% عن قلقهم من نزاع نووي محتمل في القارة الأوروبية، ويُعدّ 50% من هؤلاء الناخبين من المؤيدين لماكرون. كما أظهر استطلاع آخر أجري في بداية آذار (مارس) 2022 أنّ 40% من أصوات الناخبين الأكثر قلقاً من الأزمة الأوكرانية ستذهب إلى ماكرون.

 وشهدت المناظرة تغيراً جذرياً في موقف لوبان من روسيا، حيث لم تعد تطرح إمكانية عقد تفاهم عسكري مع روسيا، كما انتقدت ما وصفته بجرائم حرب في أوكرانيا بعد اكتشاف جثث مئات المدنيين في كييف مطلع شهر نيسان (أبريل) الجاري، غير أنّها ما تزال ترفض العقوبات الأوروبية والغربية على روسيا خاصة في مجال الطاقة، وتقول إنّ تبعاتها ستخلف آثاراً مدمرة على الاقتصاد الفرنسي، كما أنّها لا تتبنّى الموقف الأوروبي من ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، وتعتبر أنّ معظم سكانها هم بالأساس من الروس. وقد بدا واضحاً استغلال لوبان للأزمة الأوكرانية لمهاجمة حلف الناتو لما وصفته بفشله في معالجة التهديدات الأمنية للقارة الأوروبية، وجددت دعوتها لخروج فرنسا منه.

مواضيع ذات صلة:

هل يصوّت المسلمون في فرنسا كتلة واحدة؟

ما سر غياب "خطر الإسلاموية" عن الانتخابات الفرنسية؟

الانتخابات الرئاسية الفرنسية.. هل ينهي إيمانويل ماكرون حلم جيل من السياسيين؟

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية