
أجمع المشاركون في ندوة "الانفصالية الإسلاموية في أوروبا.. التحديات والحلول"، التي عقدها مركز تريندز للبحوث والاستشارات في العاصمة الفرنسية باريس، على خطورة النزعات الانفصالية التي تتبناها الجماعات المتطرفة والتيارات الإرهابية، ويأتي على رأسها جماعة الإخوان المسلمين، حيث تؤدي إلى نشر العنف والفرقة والتطرف والكراهية، وتساهم في تقويض الوحدة الوطنية والمجتمعية.
وطالب المفكرون والخبراء والمتخصصون، خلال الندوة، بتفكيك أفكار وأيديولوجيات الجماعات المتطرفة، ودعم قيم التسامح والتعايش، وتعزيز التعاون الدولي في هذا الشأن، إلى جانب أهمية مواجهتها فكرياً عبر التوسع في التحليل العلمي والمعرفي لتفكيك خطاباتها ومفاهيمها.
وأشار الدكتور محمد العلي الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات إلى أن الكثير من الدول والمفكرين وصنّاع الرأي بدأوا يدركون خطورة الفكر الإخواني على مجتمعاتهم، خاصة مع محاولات الجماعة السيطرة على الخطاب الديني.
وأوضح أنه يجب على المفكرين وصناع الرأي والحكومات الانشغال أكثر بمجابهة مخاطر الخطابات المتطرفة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، التي باتت تشكل هوية بديلة، لها صفة دينية مؤدلجة، تصنع أفراداً لديهم "عزلة شعورية" تجاه مجتمعاتهم وأوطانهم، بل ولديهم الرغبة في الانقلاب على قيم المجتمعات والإضرار بها.
الخطاب الديني الذي تروّج له جماعة الإخوان المسلمين هو خطاب سياسي عدواني محمل بمضامين الكراهية والتحريض ورفض التعايش
بدوره، تطرق الإمام حسن الشلغومي، رئيس منتدى أئمة فرنسا، وإمام مسجد بلدية درانسي في سين سان دوني، إلى "دور رجال الدين في مجابهة الانفصالية الإسلاموية"، موضحاً أن حماية المجتمعات من تسييس الدين وخطر جماعة الإخوان المسلمين، مسؤولية جماعية تتطلب تعاون الباحثين والسياسيين والجهات الأكاديمية والفكرية، مؤكداً ضرورة تعزيز الرقابة الأسرية وتوعية الآباء والأمهات حول الأساليب التي تستعملها جماعة الإخوان المسلمين في تجنيد الشباب وغسل أدمغتهم.
وأوضح الشلغومي أن الخطاب الديني الذي تروّج له جماعة الإخوان المسلمين هو خطاب سياسي عدواني، محمل بمضامين الكراهية، والتحريض، ورفض التعايش، مطالباً بتصحيح هذا الخطاب وجعل المنابر الدينية منصات لبث قيم الإسلام الأصيلة، مشيراً إلى أن هناك أكثر من 1700 موقع إلكتروني في أوروبا مرتبط بالإسلام السياسي وجماعة الإخوان، تروج لأفكار جماعة الإخوان وتستهدف الشباب، وتشكل تهديداً مباشراً على الأمن الفكري والاجتماعي، وتستدعي مواجهة عاجلة وفعالة.
أما الدكتورة فلورنس بيرجود-بلاكلر، رئيسة المركز الأوروبي للبحوث والمعلومات حول الماسونية «CERIF»، فتطرقت في مداخلتها إلى مدى انتشار ومخاطر الانفصالية الإخوانية في أوروبا، موضحة أن نشأة جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا جاءت نتيجة للتدويل التدريجي لحركة الإخوان المصرية، وتطورت الجماعة من خلال بناء شبكات تنظيمية قوية ومعقدة للغاية، إلى جانب تأسيسها روابط مع جماعات وتيارات متطرفة أخرى، تسعى إلى تقويض قيم حقوق الإنسان و"أسلمة المجتمع".
وأوضحت أن أنشطة جماعة الإخوان في أوروبا تثير قلقاً كبيراً بشأن الاندماج الاجتماعي والتطرف، وتجعل من المهم فهم أهدافها واستراتيجياتها بشكل أفضل، ويمكن أن يساهم هذا الفهم في تطوير سياسات وخطط فعالة للتعامل مع التحديات التي تطرحها جماعة الإخوان والتنظيمات المنبثقة عنها في المجتمعات الأوروبية.