"شباب محمد".. ماذا تعرف عن أول انشقاق عن الإخوان؟

"شباب محمد".. ماذا تعرف عن أول انشقاق عن الإخوان؟

"شباب محمد".. ماذا تعرف عن أول انشقاق عن الإخوان؟


11/11/2021

لم تنتهِ سلسلة الانشقاقات عن جماعة الإخوان منذ أسسها حسن البنا وحتى الآن، وكانت إما شخصية أو جماعية كبيرة، والأخيرة كان أولها جماعة شباب محمد، التي كانت أول انشقاق عاصف على التنظيم جملة وتفصيلاً، وهو ما تذكره إبراهيم منير مؤخراً بوصفه الانشقاقات الحالية أنها تشبه الجماعة التي أسسها محمد عطية خميس.

ظهور شباب محمد

ظهرت "شباب محمد" في العام 1939 بقيادة المحامي (محمد عطية خميس) الذي أسس حركة الجماعة هو وزميله محمود أبو زيد، صاحب امتياز جريدة (النذير)، وهو الانشقاق الذي كان البداية الحقيقية لانبثاق المجموعات التكفيرية من العمود الفقري للجماعة، لتؤسس تنظيمات أخرى، وأيضاً البداية التي لم تنتهِ لانشطارها إلى مجموعات متنازعة حتى الآن.

انشق مع محمود أبو زيد وعاونه في التأسيس محمد عزت حسني، أحمد رفعت، صديق أمين، وحسن السيد عثمان، والشيخ حافظ سلامة، بحجة أن الإخوان تتدرج في الدعوة، كما أنّ "البنا يبدد أموال الإخوان ويخالف الشريعة لأنّه لا يأخذ بالشورى، ويرضى بالعمل السياسي في إطار القانون الوضعي".

نادت شباب محمد بالجهاد، وتعتبر وفق الجهادي السابق، والأستاذ في جامعة القاهرة أسامة حميد، الشهير بـ(أسامة جغرافيا) البذرة الأولى لجماعات التكفير في مصر.

جماعة شباب محمد كانت أول انشقاق عاصف على تنظيم الإخوان جملة وتفصيلاً العام 1939

ونادى أحد المؤسسين لشباب محمد، محمود أبو زيد عثمان، الذي استقل بصحيفة النذير الإخوانية عن الجماعة في مقال له بالجهاد، مشيراً إلى أنّ البنا ليناً مع الملك والنساء.

اقرأ أيضاً: المنشقة عن الإخوان حنان حجازي: كنا مجرد تروس في آلة تتلقى الأوامر من أعلى

يقول الدكتور زكريا سليمان بيومي، صاحب كتاب (الإخوان المسلمون والجماعات الإسلامية في الحياة السياسية 1928 – 1948) هؤلاء كانوا من جماعة الإخوان، وهم لم يفصلوا من الجماعة بل انشقوا عنها، وقد حدث هذا الانشقاق العام 1939، وتسموا بعد انشقاقهم بشباب محمد أو جماعة شباب محمد، وهؤلاء كانوا يمثلون داخل الجماعة الجناح الثوري الذي يرفض مبدأ التدرج في الدعوة الذي كان يأخذ به زعيم الجماعة حسن البنا.

رفضت جماعة شباب محمد التقسيم المرحلي الذي وضعه الإخوان لدعوتها وطلبوا تكوين هيئة قوية لمراقبة المال والمحافظة عليه

يقتبس صاحب الكتاب فقرة من مقال كتبه الإخوان في مجلة شباب محمد، مجلة (النذير)، العام 1945، عنوانه (منهاجنا يحمل ما يجاهد في سبيله شباب محمد ويكافحون بكل قوة لتحقيقه)، ونصها: "مطالب التحرير الشاملة ووحدتها والسعي لإعادة الخلافة مشتركة بين الجماعتين، وكذلك المطالبة بإحلال الشريعة الإسلامية محل القوانين الوضعية ونظرات الإصلاح الداخلي تكاد تكون متفقة تماماً".

ويحصر زكريا سليمان سبب الخلاف "في رفض المجموعة التي تكونت منها جماعة شباب محمد، التقسيم المرحلي الذي وضعته جماعة الإخوان لدعوتها، إلى جانب الاعتراض على وسائل الدعوة، وطلبهم تكوين هيئة قوية لمراقبة المال والمحافظة عليه لتكون مسؤولة أمام الإخوان. وإلحاحهم عليه وطلبهم منه غير مرة أن يحرص على طهارة الدعوة بإقصاء كل الأعضاء الذين تشوب أخلاقهم الشوائب".

لماذا انشقت عن الإخوان؟

أيديولوجياً طرحت جماعة "شباب محمد" أطروحات تشبه ما تم طرحه بعد ذلك بأكثر من 25 عاماً من قبل تنظيم الجهاد والتكفير والهجرة مثل مسألة "الحكم بما أنزل الله".

وكانت جماعة "شباب محمد" تؤمن أنه لا سبيل لنهضة الأمة الإسلامية والخلاص من مشاكلها إلا بإقامة الخلافة الإسلامية والعودة للإسلام الصافي كما كان عليه النبي، صلى الله عليه وسلم، وهي في ذلك مثل سائر الجماعات الإسلامية السابقة واللاحقة لكنها زادت عليهم شيئاً جديداً، وهو أنّها حدّدت أنه لا سبيل لتنفيذ ذلك سوى بالتشدد والتعصب للإسلام بمعنى عدم المهادنة أو اللين وكذلك استخدام الجهاد المسلح.

الانشقاق الذي كان البداية الحقيقية لانبثاق المجموعات التكفيرية من العمود الفقري للجماعة

وقد بلغت "جماعة شباب محمد" مبلغاً لا بأس به من الانتشار والقوة أيام حرب فلسطين العام 1948، إذ أرسلت في إحدى المرات ما يعادل نحو 20% من كتائب المتطوعين الذاهبين لفلسطين بينما أرسل الإخوان المسلمون نحو 70% من هذه الكتائب، واشتركت جميع الأحزاب والجمعيات الأخرى في 10% الباقية.

هاجمت شباب محمد بضراوة حسن البنا على خلفية قضية أخلاقية تورط فيها صهره عبد الحكيم عابدين، حيث اتُّهم بانتهاك حرمات بيوت الإخوان، مطالبة بفصله، لكن البنا لم يرضخ، وفاجأ الجميع بإيقاف أبرز المعترضين على قراراته، فحصل انشقاق جديد من الجماعة بقيادة أحمد السكري (أحد أبرز المؤسسين والوكيل الأول لمكتب الإرشاد) والدكتور إبراهيم حسن، وكمال عبد النبي.

الغريب أنّ البنا حاول احتواء الجماعة، وقال عنهم: إنّ الخلاف بينهما هو خلاف شخصي وليس خلافاً على مبدأ! أي أنه لم يختلف معها في تشددها الديني وفي تطرفها السياسي.

اقرأ أيضاً: المنشق عن الإخوان خميس الجارحي: مشكلة الجماعة مع الشعوب لا الأنظمة

ويشير صاحب كتاب (الإخوان المسلمون والجماعات الإسلامية في الحياة السياسية) إلى أنّ مناكفة شباب محمد للإخوان في سنوات الانشقاق الإخواني كانت شديدة، وأنّ عداوتهم كانت مُنصبّة على البنا لا على الإخوان، وأنّهم في سنوات تالية كانوا يساندون الإخوان في حملاتهم على الكُتّاب الليبراليين، وأنّهم حيناً يتصالحون ويتعاونون معهم، وحيناً آخر يدخلون معهم في تحالفات سياسية، ثم مرة أخرى يعودون للمناكفة والعراك.

أقسى اتهام وجهه الإخوان لهذه الجماعة هو الخيانة الوطنية وأنهم مأجورون وأخذوا بعض الأموال من جهات أجنبية

كما يشير إلى أنّ أقسى اتهام وجهه الإخوان لجماعة شباب محمد هو تهمة الخيانة الوطنية، وأنهم مأجورون وأخذوا بعض الأموال من جهات أجنبية للوقوف ضد الإخوان! وردت مجلة (النذير) بتوجيه التهمة نفسها للإخوان، وقالت "لو كان ذلك حقيقة لافتتح شباب محمد مئات الشعب، ولأقاموا الاجتماعات الضخمة ذات المكبرات العديدة، واشتروا القصور الفخمة العالية، بل إنّ دارهم لا تساوي في أثاثها شعبة من شعب الإخوان".

اقرأ أيضاً: قيادي منشقّ عن "النهضة" لـ "حفريات": الغنوشي خائن وللحركة عناصر في الجيش والأمن

بمرور السنوات تقلص وجود "جماعة شباب محمد" حتى لم يعد منها شيء في نهاية السبعينيات من القرن العشرين سوى بعض الكتيبات والمنشورات التي تصدرها من حين إلى آخر بإشراف محمد عطية خميس المحامي رئيس "جماعة شباب محمد" حينئذ، وبوفاة محمد عطية خميس في أوائل الثمانينيات انتهى ذكر "جماعة شباب محمد"، لكن تبعها انشقاق مجموعة آخر بسبب مساندة الإخوان لوزارة إسماعيل صدقي، ثم انشقاق بسبب قضية عبد الحكيم عابدين بقيادة وكيل الجماعة أحمد السكري، وبعدها توالت الانشقاقات إلا الوقت الحالي، الذي تشظّت فيه الجماعة، ما دفع إبراهيم منير ليقول إنّ هذه المجموعات هي شباب محمد جديدة، فيما لم يعترف أنّ جماعته حبلى بالتطرف الديني منذ سن مبكرة، أي إنّ الانشقاق بفعل التطرف الفكري الكامن.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية