
في آذار (مارس) 2025 عاد حزب الإصلاح اليمني، الذراع السياسية للإخوان، إلى المشهد السياسي مجددًا، وسط تطورات متسارعة في الساحة اليمنية والإقليمية. وقد تراوحت مواقف الحزب بين تحالفات إقليمية مثيرة للجدل، وعلاقات متشابكة مع أطراف متنازعة، ممّا يثير تساؤلات حول توجهاته واستراتيجياته في هذه المرحلة الحساسة.
حزب الإصلاح نظم فعالية قبلية محدودة، بوساطة ما يُسمّى "حلف قبائل حضرموت" بقيادة حليفهم الشيخ عمرو بن حبريش، رئيس الحلف، يوم السبت الفائت في الهضبة. وأشادت أمانة الإصلاح بالفعالية القبلية التي زعمت أنّها كانت كبرى، في محاولة لمناهضة الجنوب.
ويُعتبر حزب الإصلاح، الذي يُعدّ فرعاً لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن، من أبرز الداعمين لحركة حماس الفلسطينية. تاريخيًا أظهرت قيادات الحزب، مثل الشيخ محمد علي حسن المؤيد، دعمًا ماليًا ومعنويًا لحماس، وأُدين المؤيد في الولايات المتحدة بتهم تتعلق بتمويل حماس والقاعدة، قبل أن يُرحّل إلى اليمن، وهو ما أحدث تقاربًا استراتيجيًا مع الحوثي، بالتزامن مع حرب الإبادة الصهيونية في غزة، بداعي الانخراط في محور المقاومة. ذلك أنّه في الأعوام الأخيرة توطدت العلاقات بين الإصلاح وحماس، ويُنظر إلى هذا التحالف كجزء من شبكة الإخوان المسلمين الإقليمية. ومع ذلك أثار تكريم حماس لممثل عن الحوثيين في العام 2021 استياءً داخل حزب الإصلاح، الذي اعتبره استفزازًا لليمنيين المعارضين للحوثيين.
تخادم وتحالف ضمني مع الحوثي
رغم العداء المعلن بين حزب الإصلاح والحوثيين، إلّا أنّ هناك مؤشرات على وجود تواصل غير مباشر بينهما. فقد أُفرج عن القيادي في الإصلاح محمد قحطان من قبل الحوثيين في تمّوز (يوليو) 2024، ممّا أثار تكهنات حول وجود تفاهمات بين الطرفين.
كما اتُهم بعض أعضاء حزب الإصلاح بالتعاون مع الحوثيين خلال الحروب الـ (6) في صعدة بين 2004 و2010، حين كان الجيش اليمني بقيادة اللواء علي محسن الأحمر المقرب من حزب الإصلاح يشارك في العمليات ضد الحوثيين.
وعلى الرغم من المواقف الرسمية المعلنة، تشير عدة تقارير موثقة إلى وجود تواصل غير مباشر أو تفاهمات ضمنية بين بعض فصائل حزب الإصلاح وجماعة الحوثي، خاصة في ظل تعقيدات المشهد السياسي اليمني.
موقف حزب الإصلاح من تنظيم القاعدة في اليمن
تُتهم بعض فصائل حزب الإصلاح بالتساهل مع وجود تنظيم القاعدة في مناطق نفوذها خاصة في محافظتي أبين وشبوة. وخلال العمليات العسكرية التي شنتها القوات الجنوبية في عام 2022 تم طرد عناصر القاعدة من معاقلهم، ممّا كشف عن تواطؤ وتحالف ضمني بين الإصلاح والقاعدة.
كما أظهرت تقارير أنّ تراجع نفوذ حزب الإصلاح أدّى إلى ضعف تنظيم القاعدة في المنطقة، حيث فقد الأخير قدرته على التحرك بحرّية.
وتعود العلاقات غير المعلنة بين حزب الإصلاح وتنظيم القاعدة إلى العام 2016، حين ظهر التحالف العسكري بينهما، خاصة في مناطق مثل مأرب وشبوة. كما أفادت وثائق وتقارير بضلوع عناصر من القاعدة في القتال ضدّ الحوثيين إلى جانب قوات حزب الإصلاح الإخواني، ممّا أثار تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الطرفين.
وكان تنظيم القاعدة قد أعرب عن استيائه من إقالة محافظ شبوة المنتمي إلى حزب الإصلاح، ممّا عكس تحيزًا غير معتاد من التنظيم للحزب الإخواني، يكشف طبيعة التحالف المريب بين الطرفين.
وفي شباط (فبراير) الماضي أعاد حزب الإصلاح ترتيب صفوف عناصر موالية له داخل تنظيم القاعدة في مدينة مأرب في ظل مخاوف من هجوم محتمل للحوثي. حيث أطلق الإخوان سراح عدد من قيادات التنظيم، من بينهم الإرهابي المعروف بتدبير الاغتيالات أمين توفيق سلام.
التحركات العسكرية ضد المجلس الانتقالي الجنوبي
كانت محافظتا أبين وشبوة قد شهدتا مواجهات عنيفة بين قوات الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي منذ العام 2022، أسفرت هذه المعارك عن سيطرة القوات الجنوبية على معظم مناطق المحافظتين، ممّا أدى إلى تراجع نفوذ الإصلاح في الجنوب، الأمر الذي دفع الإخوان إلى الإفراج عن معتقلي القاعدة، وتمرير هجمات إرهابية متعددة، في محاولة لزعزعة استقرار الجنوب، من خلال تحالفات مع جماعات متطرفة بهدف تقويض جهود المجلس الانتقالي في تحقيق الأمن والاستقرار.
من جهته، قال عيدروس الزبيدي، عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي، في مقابلة حديثة مع قناة (سكاي نيوز عربية): إنّ حزب الإصلاح "فيه إخوان مسلمون، وهؤلاء إرهابيون بالفطرة، وهم قيادات داخل الحزب". وأكد على "وجود خلافات مع الإصلاح وتباينات".
وبشكل عام، يتميز حزب الإصلاح بمواقفه المتقلبة وتحالفاته المتغيرة، ويُنظر إليه على أنّه يسعى لتحقيق مصالحه السياسية دون اعتبار للمصلحة الوطنية. فقد تحالف الحزب مع السعودية في بداية الحرب ضدّ الحوثيين، ثم قام بخيانة الرياض، والتواصل مع الحوثيين لاحقًا. كما أكدت تقارير موثقة ضلوعه في التعاون مع تنظيم القاعدة في بعض المناطق، ممّا يثير تساؤلات حول توجهاته الحقيقية.
ومع انكشاف خطط الإخوان وانتهازيتهم، يواجه حزب الإصلاح تحديات كبيرة في ظل تراجع نفوذه، بالتزامن مع تزايد الانتقادات لمواقفه وتحالفاته. وتُظهر تحركات الحزب الأخيرة سعيه للحفاظ على دوره في المشهد السياسي اليمني، رغم التغيرات المتسارعة والتحولات في موازين القوى. ومع استمرار الصراع في اليمن، يبقى مستقبل الحزب مرهونًا بقدرته على التكيف مع الواقع الجديد، وتقديم رؤية واضحة تتماشى مع تطلعات اليمنيين، وهو أمر ليس مطروحًا على أجندة الإخوان.