عمران خان يطالب بحل البرلمان الباكستاني ويتهم واشنطن بالتآمر

عمران خان يطالب بحل البرلمان الباكستاني ويتهم واشنطن بالتآمر


04/04/2022

ترجمة وتحرير: محمد الدخاخني

نجا أمس الأحد رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان وحكومته من تصويت بحجب الثقة ومن ثم طالب رئيس الجمهورية بحل البرلمان. ورفض نائب رئيس الجمعية الوطنية مذكرة حجب الثقة عن خان بذريعة أنها "مخالفة للدستور". وكانت المعارضة قد تقدمت بهذه المذكرة إثر اتهامها لخان بسوء الإدارة الاقتصادية وملف الشؤون الخارجية. لكن خان رفض هذه الاتهامات ووصفها "بالمؤامرة الخارجية" من الولايات المتحدة لرفضه الاصطفاف وراء مواقفها الخاصة بروسيا والصين، ودعا أنصاره بالنزول للشوارع من أجل الاحتجاج لمستقبل "باكستان حرة ومستقلة"، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

اقرأ أيضاً: الحرب الروسية الأوكرانية... هل بوسع باكستان والهند تحمّل البقاء على الحياد؟

بعد قليل على رفض الجمعية الوطنية الباكستانية مذكرة بحجب الثقة عنه باعتبارها أتت بوحي من "قوى خارجية"، طالب رئيس الوزراء عمران خان الأحد بحل البرلمان وبتنظيم انتخابات مبكرة.

وجاء هذا التبدّل في الوضع بعدما كان خان في خطر، إذا خسر حزبه "حركة إنصاف" قبل أيام غالبيته البرلمانية الضرورية لتفادي حجب الثقة، مع إعلان حزب حليف له أنّ نوابه السبعة سيصوتون إلى جانب المعارضة.

طالب رئيس الوزراء عمران خان الأحد بحل البرلمان وبتنظيم انتخابات مبكرة

غير أنّ نائب رئيس الجمعية الوطنية قاسم سوري الموالي لخان أعلن في مطلع الجلسة أنّ "مذكرة حجب الثقة هذه مخالفة للدستور. أرفض هذه المذكرة بموجب الدستور".

وبعد دقائق على ذلك، قال خان في كلمة بثها التلفزيون العام إنه يطلب من رئيس البلاد عارف علوي حل البرلمان. وأضاف "سنوجه نداء إلى المواطنين وننظم انتخابات ونترك القرار للأمة".

من الواضح في باكستان أنّ المؤسّسة العسكريّة القضائيّة التي دعمت حزب خان في انتخابات 2018 قد سحبت دعمها، تاركةً مساحة للمعارضة لإعادة تأكيد نفسها

وبدأ النقاش حول حجب الثقة أمام البرلمان الذي يضم 342 عضواً صباح الأحد في أجواء مشدودة بسبب تقلص داعمي خان.

فقد خسر حزب خان "حركة إنصاف"، غالبيته البرلمانية الأسبوع الماضي عندما أعلن حزب حليف له أنّ نوابه السبعة سيصوتون إلى جانب المعارضة. وقد انشق أكثر من 12 نائبا من حركة إنصاف فيما قيادة الحزب تحاول منعهم عن التصويت من خلال إجراءات قضائية.

اقرأ أيضاً: "الجماعة الإسلاميّة" الإخوانيّة في باكستان وسياسة الأرض المحروقة

وكانت صحيفة "ذي ناشونال" نشرت في الحادي والثلاثين من الشهر الماضي، تقريراً  كتبه يوهان تشاكو، هذا نصه:

من المقرّر أن تصوّت الجمعيّة الوطنيّة الباكستانيّة، الأحد، على اقتراح بحجب الثّقة عن حكومة رئيس الوزراء عمران خان. قبيل هذا التّصويت، الذي طُرِحَ للنّقاش لأسابيع، يعدّ الوقت مثالياً للتّراجع وتقييم طبيعة المشكلة الأساسيّة. مع دراما السّياسة البرلمانيّة هذه، من المرجّح أن يتعرّض النّظام الباكستانيّ لضغوط خطيرة في الأيّام المقبلة، ممّا يؤدي إلى مزيد من تآكل الأعراف الدّيمقراطيّة. وعلى الرّغم من أنّ هذه المشكلة قد تبدو باكستانيّة أو جنوب آسيويّة، فإنّها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً باتّجاهات عالميّة بشأن صحّة الحكومات الدّيمقراطيّة.

من المهمّ أن نتذكّر أنّ الكثير من الأساس الأخلاقيّ لزعم عمران خان السّلطةَ مستمدّ ليس من فوزه بهامش ضئيل في الانتخابات العامّة 2018، بل من مزاعم حزبه بشأن تزوير منهجيّ ضدّه في الانتخابات قبل ذلك. ومن المهمّ أن نشير إلى أنّ هذه المزاعم لم تُدعَم من قِبل المراقبين الدّوليّين للانتخابات. الآن، يسعى خان إلى تقويض شرعيّة ومشروعيّة التّصويت البرلمانيّ الذي يهدّد حكومته. وعلى الرّغم من أنّ فوز المعارضة يبدو محتملاً، فإنّه من غير الواضح مدى سهولة قبوله بالنّتيجة والتّخلّي عن منصبه. وحتّى لو خرج من السّلطة، فهناك بالفعل فكرة منتشرة في باكستان مفادها أنّ أنصاره، كما حدث في عام 2013، سيشنّون حملة لعكس هذه النّتيجة في الانتخابات التي ستتبعها.

اقرأ أيضاً: "زينبيون": ذراع آخر لإيران يهدد باكستان

إذا كان هذا يبدو مألوفاً، فذلك لأنّه مألوف بالفعل - مقاربة خان، من نواح كثيرة، تشبه إلى حدّ كبير مقاربة الرّئيس الأمريكيّ السّابق دونالد ترامب. هذه الثّقة التي لا تقهر بالنّفس لشخصيّة أسّست سمعتها خارج السّياسة (رياضة الكريكيت والعمل الخيريّ في حالة عمران خان) جذّابة لجزء كبير جدّاً من النّاخبين، خاصّة أولئك الذين تضاءل شعورهم بالفخر الوطنيّ والثّقة في المستقبل.

اقرأ أيضاً: ما الجماعة الإسلاموية التي تخشى حكومة باكستان الاصطدام بها؟

لكن الجانب المظلم من هويّة "المنتصر" المُحدّدة ذاتيّاً هذه هو أنّ الهزيمة لا تصبح غير مقبولة فحسب، بل لا يمكن تصوّرها. ولذلك، لا يمكن تفسير الانتكاسات إلّا بالاحتيال والتّآمر. وبمجرد أن يُعتقد أنّ الجانب الآخر قد خالف قواعد الّلعبة، يصبح من الأسهل بكثير تبرير سلوك مماثل. تشير حقيقة أنّ العالم يرى مثل هذه المسارات في دول مختلفة مثل الولايات المتّحدة وباكستان إلى أنّ التّحدي المتمثّل في الحفاظ على الدّيمقراطيّة في القرن الحادي والعشرين يمثّل مشكلة تتجاوز الدّين أو الثّقافة.

اقرأ أيضاً: طالبان وباكستان: علاقة مضطربة تنخرها الشروخ والمخاوف

لكن هناك بعض المشكلات المحدّدة التي تواجهها الدّيمقراطيّة في باكستان، وأهمّها تَرِكَة التّدخّل العسكريّ والقضائيّ المتكرّر في العمليّة السّياسيّة. من الواضح في باكستان أنّ المؤسّسة العسكريّة القضائيّة التي دعمت حزب خان في انتخابات 2018 قد سحبت دعمها، تاركةً مساحة للمعارضة لإعادة تأكيد نفسها.

يواجه عمران خان جهوداً غير مسبوقة في البرلمان الباكستاني للإطاحة بحكومته

كان أحد أكثر النّقاشات حيويّة في باكستان هذا الرّبيع هو ما إذا كان سحب الدّعم هذا يمثّل انتصاراً للدّيمقراطيّة أم هزيمة لها. هل هناك تقدّم في تراجع المؤسّسة غير المنتخبة عن مسار عملها السّابق؟ أم أنّ هذا استمرار لفكرة أنّ حظوظ الحكومات ترتفع وتنخفض على أساس السّياسات التي تُعقَد وراء الأبواب المغلقة؟ في الواقع، إذا سقطت حكومة خان لأنّها لم تعد في صالح المؤسّسة، فسيكون ذلك استمراراً لسلسلة منعت كلّ رئيس وزراء باكستانيّ بعد الاستقلال في عام 1947 من إكمال فترة ولايته الكاملة. بالنّسبة إلى بعض الباكستانيّين، حتّى انتقال سلميّ على هذا الأساس من شأنه أن يمثّل خطوة إلى الوراء.

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون ونشر الفوضى في باكستان.. ما الهدف؟

قد لا تكون هناك إجابة واحدة، بالنّظر إلى الطّبيعة "المختلطة" للحكومة الباكستانيّة. من ناحية، تراجعت شعبيّة حكومة خان، ويؤكّد عدم الاستقرار الّلاحق لمنصب رئيس الوزراء أنّ الافتقار إلى تفويض شعبيّ قويّ ليس بالأمر الذي ترغب المؤسّسة في تعويضه. لكن من ناحية أخرى، فإنّ مغازلة المعارضة العلنية النّاجحة للجيش تعزّز فكرة أنّ الجيش والقضاء الأعلى هما "حكم النّزاع" داخل النّظام السّياسيّ للبلاد، والجهات القادرة على قلب الملعب بأكمله.

من المهمّ أن نفهم أنّ الجيش يعتبر نفسه الضّامن النّهائيّ لبقاء باكستان. ومن خلال التّجربة وبُغية تحقيق هذه المهمّة، يجب أن يحافظ على التّميّز المهنيّ

إذاً، ما الذي قلب الجيش ضدّ خان، الذي كان بكلّ المؤشّرات وإلى حدّ بعيد شخصهم المفضّل داخل الطّبقة السّياسيّة؟ كان هناك عدد من المثيرات، من السّياسة الخارجيّة الشّعبويّة لحكومته إلى دفاعه عن رئيس وزراء البنجاب، الذي لا يحظى بشعبيّة كبيرة، عثمان بوزدار. ومع ذلك، فإنّ الصّراع الأكبر يتركّز حول رغبة خان في تعزيز مسيرة الفريق فايز حميد - أوّلاً من خلال تمديد فترة ولايته مديراً عامّاً لجهاز الاستخبارات بين الخدمات، ثمّ محاولة تسريع تعيينه رئيساً لأركان الجيش من خلال رفض أيّ تمديد لرئيس أركان الجيش الحاليّ، الجنرال قمر باجوا. كما كتبتُ سابقاً في هذه الصّفحات، اعتبرت تصرّفات خان في هذا الصّدد تحدّياً خطيراً لسيطرة الجيش على شؤونه.

اقرأ أيضاً: "طالبان" وباكستان وتحقيق "النصر"

إنّ السّياسة الانتخابيّة الباكستانيّة مبنية على الالتفاف حول شخصيّة مؤثّرة وشبكات المحسوبيّة. وقد حاول كلّ رئيس وزراء قويّ وضع رجل خاصّ به في منصب قائد الجيش على أمل أن يسمح ذلك لهم بالحصول على دعم الجيش. لكن معظم الجنرالات الذين يقبلون مثل هذه الخدمات يدعمون المؤسّسة على حساب رئيس الوزراء عندما يجبرون على الاختيار. والقلّة التي تذهب في الاتّجاه الآخر تجد نفسها عموماً مهمّة من قِبل الأقران العسكريّين.

اعتمد فوز خان في الانتخابات الأخيرة بشكل كبير على دعم الجيش الباكستاني

إنّ تحالفاً قويّاً مبنيّاً على علاقة شخصيّة بين الفريق حميد وخان - يُعتبر الاثنان مقرّبان جدّاً - يمكن، في نظام يرتبط فيه الجيش ورئاسة الوزراء ارتباطاً وثيقاً، أن يسمح لهما بالبقاء إلى أجل غير مسمّى في رئيس الوزراء ورئاسة الأركان. قد يكون هذا مفيداً للطّرفين، لكنّه سيأتي على حساب المصالح المؤسّسيّة للجيش.

اقرأ أيضاً: أبرز 4 مُحددات تتحكم في مستقبل العلاقات الإيرانية الباكستانية

من المهمّ أن نفهم أنّ الجيش يعتبر نفسه الضّامن النّهائيّ لبقاء باكستان. وقد أصبح يعتقد من خلال التّجربة أنّه بُغية تحقيق هذه المهمّة، يجب أن يحافظ على التّميّز المهنيّ، والاستقلاليّة في سياسة الأمن القوميّ، وقبل كلّ شيء، نظرة مستقبليّة مؤسّسيّة تتجاوز مصالح أيّ رجل واحد، حتّى رئيس أركان الجيش.

ما يبحث عنه الجيش هو علاقة مؤسّسيّة مع القادة السّياسيّين علاوة على العلاقات الشّخصيّة. هذا هو جوهر ما يسمّى بمقاربة "الصفحة نفسها" لتقاسم السّلطة الهجين بين المدنيّين والعسكريّين. بغضّ النّظر عن الكيفيّة التي سيظهر بها التّصويت، فمن غير الواضح ما إذا كان خان والجيش سيكونان "في الصّفحة نفسها" مرّة أخرى من الآن فصاعداً.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

يوهان تشاكو، ذي ناشونال، 31 آذار (مارس) 2022

https://www.thenationalnews.com/opinion/comment/2022/03/31/is-it-time-to-start-thinking-about-a-post-imran-khan-pakistan/



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية