زخم دبلوماسي أوروبي عربي في ليبيا... هل ينهي السنوات العجاف؟

زخم دبلوماسي أوروبي عربي في ليبيا... هل ينهي السنوات العجاف؟


07/04/2021

 

اقتباسات:

 

 

 

 

أهم المكتسبات الدبلوماسية التي حققتها حكومة الدبيبة إعادة الدول الأوروبية الكبرى المؤثرة في الشأن الليبي: إيطاليا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا

 

 

 

تشهد ليبيا في الأسابيع الأخيرة توافد مسؤولين أوروبيين، بعد نيل حكومة الوحدة ثقة البرلمان لقيادة البلاد حتى تنظيم انتخابات عامة في كانون الأول (ديسمبر) المقبل، ويشير الزخم الدبلوماسي الأوروبي في الساحة الليبية إلى تحرك منسق لاستعادة زمام المبادرة بعد أن ترك الأوروبيون ليبيا لأعوام فريسة للفوضى والميليشيات والتدخل التركي، عقب مشاركتهم في الحرب التي أطاحت بنظام القذافي.  

وزار رئيسا الوزراء الإيطالي واليوناني ليبيا أمس، في إشارة جديدة إلى اهتمام أوروبا الكبير بالانفراج السياسي الذي يشهده البلد المجاور بعد عقد من الفوضى، وفق ما أوردت صحيفة "المرصد" الليبية.

الزخم الدبلوماسي الأوروبي في الساحة الليبية تحرُّك منسَّق لاستعادة زمام المبادرة وإنهاء أعوام الفوضى والميليشيات والتدخل التركي

والتقى رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس السلطات الجديدة المكلفة بتوحيد مؤسسات الدولة، بعد انقسامها بين حكومتين غريمتين في شرق البلاد وغربها.

وقال المسؤول اليوناني، خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الحكومة الليبي عبد الحميد الدبيبة في العاصمة طرابلس: إنّ "التطورات التي حدثت على مدار العقد الماضي حدّت من علاقاتنا الاقتصادية، لكنّ وجود مستثمرين يونانيين في ليبيا لم ينقطع أبداً"، مضيفاً: "الآن مع استقرار الوضع، تجدّد الاهتمام"، حسب ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية.

وكما كان متوقعاً، أعلن ميتسوتاكيس إعادة فتح سفارة بلاده في طرابلس، وأضاف: "سوف تليها إعادة فتح القنصلية اليونانية في بنغازي" (شرق).

وتمّت أيضاً مناقشة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التركية الليبية التي أغضبت اليونان والاتحاد الأوروبي نهاية عام 2019، لا سيّما على ضوء مسألة احتياطيات الغاز في شرق المتوسط.

وأبرمت تركيا الاتفاقية مع حكومة الوفاق الوطني السابقة التي دعمتها عسكرياً لصدّ هجوم قوات الجيش الوطني على طرابلس.

وقال ميتسوتاكيس في هذا الصدد: إنّ "هذه الخطوة الجديدة في علاقاتنا ستصحح وتمحو الأخطاء التي حدثت في المرحلة السابقة"، طالباً "إلغاء الوثائق غير القانونية التي توصف بأنها اتفاقات بين الدول، في حين ليس لها أي قيمة قانونية".

وردّ عبد الحميد الدبيبة قائلاً: "نؤكد دائماً على أهمية أي اتفاقية تساهم في وضع الحلول المناسبة، وتحفظ حقوق ليبيا واليونان وتركيا".

عبد الحميد الدبيبة يؤكد على أهمية أيّ اتفاقية تساهم في وضع الحلول المناسبة وتحفظ حقوق ليبيا واليونان وتركيا

وأضاف: "إننا مستعدّون لتشكيل لجان مشتركة بين ليبيا واليونان وتركيا لاستئناف المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البحرية لتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة لكلا البلدين بين جزيرة كريت وليبيا".

وبموازاة ذلك، طالب رئيسا المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي خلال زيارتهما إلى تركيا الثلاثاء بأن تظهر أنقرة رغبتها في التهدئة، لا سيّما عبر سحب مرتزقتها من ليبيا، وتسوية خلافاتها البحرية مع اليونان.

وكان رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي قد التقى في وقت سابق أمس السلطات الليبية الجديدة في طرابلس في أول زيارة خارجية له.

اقرأ أيضاً: هل تعوّض موريتانيا طموح تركيا في ليبيا؟

وقال المسؤول الإيطالي: إنّ "الشرط الأساسي للقدرة على المضي قُدماً بشجاعة، هو أن يستمر وقف إطلاق النار، ويتم التقيد به بدقة"، في إشارة إلى الاتفاق الموقع بين طرفي النزاع الليبي في تشرين الأول (أكتوبر) 2020.

وإيطاليا شريك تجاري مهم لليبيا، لا سيّما في مجال الطاقة، مع وجود راسخ لشركة إيني العملاقة في البلد الذي يحوي أكبر احتياطات نفطية في أفريقيا.

والتقى وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا السلطات الليبية الجديدة في طرابلس في 25 آذار (مارس) الماضي، في زيارة لإظهار دعم التطورات السياسية المنجزة.

وكان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في طرابلس مطلع الأسبوع الجاري، حيث أعلن دعم الاتحاد الأوروبي للحكومة الجديدة، وأعلن غداة ذلك رئيس الوزراء المالطي روبرت أبيلا من طرابلس أنّ بلاده ستعيد فتح سفارتها في غضون أيام.

رئيسا المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي يطالبان أنقرة بسحب مرتزقتها من ليبيا، وتسوية خلافاتها البحرية مع اليونان

وتواجه السلطات تحديات كبيرة بعد 4 عقود من حكم الميليشيات، والعنف المسلح، والتدخل العسكري الدولي.

وعلى الرغم من انتهاء القتال بين طرفي النزاع منتصف العام الماضي وصمود اتفاق وقف إطلاق النار، إلّا أنّ ليبيا ما تزال تقوّضها صراعات نفوذ ووجود قوات أجنبية ومرتزقة تكرر السلطات الجديدة والأمم المتحدة وقوى دوليّة المطالبة بانسحابهم الفوري.

وفي سياق الدبوماسية الجديدة في ليبيا والانفتاح على كافة الدول، كشف الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية محمد حمودة عن أنّ رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة سيقوم بجولة إلى عدد من دول الخليج العربي.

اقرأ أيضاً: تركيا تواصل تدريب الميليشيات في ليبيا وتتجاهل هذا القرار

ولم يكشف حمودة موعد هذه الجولة، وقال: إنها تأتي في إطار مساعي الدبيبة لتوحيد الموقف الخليجي فيما يتعلق بالملف الليبي، وتعزيز العلاقة بين كل الدول الخليجية على أساس "الاحترام المتبادل"، بحسب البيان الذي نشره موقع بوابة الوسط الليبي.

إلى ذلك، أكد الناطق الإعلامي في تصريح صحفي نقلته "العربية" أنّ الدبيبة سيزور كلاً من الكويت والإمارات والسعودية.

ومن يتابع تطورات الوضع في ليبيا، يرصد الديناميكية الملحوظة التي تشهدها علاقات طرابلس بعواصم العالم.

 فمنذ تشكيل الحكومة الجديدة لا يكاد يمرّ يوم دون أن تستقبل طرابلس وفوداً رفيعة المستوى بين رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية، وأحدث زوار طرابلس هو رئيس وزراء إيطاليا، الجارة الشمالية النافذة في الشأن الليبي.

ومن أهمّ المكتسبات الدبلوماسية التي حققتها حكومة الدبيبة ووزيرة الخارجية، إعادة الدول الأوروبية الكبرى المؤثرة في الشأن الليبي: إيطاليا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وفتح سفاراتها التي أغلقت قبل 6 أعوام بسبب المخاطر الأمنية.

وبحسب تحليل لوكالة الأنباء الألمانية، تحظى حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا بدعم إدارة الرئيس جو بايدن والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وفي مقدمتها تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي بمغادرة المرتزقة والقوات الأجنبية.

ويتداخل الزخم الدبلوماسي من العاصمة طرابلس وإليها، مع تسابق الدول والمستثمرين على نيل قطعة من كعكة إعادة إعمار شبه كامل للبلد الذي دمّرته الحرب الأهلية، وفي مقدمتها العواصم الغربية التي تدرك أنّ كسب حصة الأسد من "الكعكة" الليبية لن يكون سهل المنال، في ظل التنافس الشرس مع الروس والأتراك والصينيين ودول عربية، في مقدمتها دول الخليج، وخصوصاً مصر التي تطمح إلى استعادة مكانتها في السوق الليبية التي كانت تستقبل قبل أحداث 2011 مليوني مصري.

حكومة الوحدة الوطنية: عبد الحميد الدبيبة سيقوم بجولة إلى عدد من دول الخليج العربي، منها الكويت والسعودية والإمارات

دول الجوار المغاربي بدورها تسارع الخطى لكسب ودّ طرابلس، فقد كان الرئيس قيس سعيّد أول رئيس دولة يزور ليبيا بعد تشكيل الحكومة الجديدة، وتأمل تونس التي تجتاز أزمة اقتصادية واجتماعية حادّة في توظيف زهاء نصف مليون من اليد العاملة لتخفيف وطأة البطالة التي تتجاوز معدل 17,4%.

وزيرة الخارجية الليبية التي استقبلت مبكراً نظيرها المغربي في طرابلس، بعثت برسالة إلى دول الجوار المغاربي، واقترحت عليهم تفعيل الاتحاد المغاربي الذي يترنح تحت وطأة الخلافات المغربية الجزائرية.

وتشكّل ثروات ليبيا وموقعها الجيواستراتيجي دافعاً لتدخلات القوى الكبرى والإقليمية العسكرية.

اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يربط الاستقرار في ليبيا بهذه المسألة

وحسب تقرير حديث لوكالة الطاقة الأمريكية، فقد ارتفع احتياطي النفط الليبي من 48 مليار إلى 74 مليار برميل، لتحتلّ بذلك المركز الـ5 عالمياً، وبمخزونها الاستراتيجي من الطاقة ترفع ليبيا العمر الافتراضي لإنتاجها النفطي من 70 إلى 112 عاماً.

وكشفت الوكالة الأمريكية عن ارتفاع احتياطات الغاز الليبي إلى 3 أضعاف، فقد بلغ 177 ترليون قدم مكعب، وفي تقرير للمجلس الليبي للنفط والغاز يؤكد وجود مناجم يورانيوم بجنوب غرب ليبيا القريبة من الحدود مع الجزائر، ومناجم ذهب خام في المنطقة الشرقية القريبة من الحدود مع مصر.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية