رفع حظر الأسلحة... هل يعزز إرهاب إيران؟

رفع حظر الأسلحة... هل يعزز إرهاب إيران؟


19/10/2020

يشغل موضوع رفع حظر التسلح عن الجمهورية الإيرانية وبرامجها الصاروخية حيّزاً واسعاً من الاهتمام العالمي العسكري والسياسي، نظراً لما تشكله إيران من تهديدات على إقليم الشرق الأوسط بشكل مباشر، وعلى الدول الغربية بشكل غير مباشر، بتهديداتها للملاحة البحرية في البحر الأحمر، الذي تعبر منه إمدادات نفطية للكثير من الدول الأوروبية.

فعودة طهران لممارسة حريتها في شراء السلاح تعزّز من قدراتها العسكرية، وهو ما يعني مضاعفة الخطر الذي تمثله في المنطقة، وإنّ استهداف إيران لناقلات النفط في الخليج العربي، وتهديد أمن الملاحة خلال العام الماضي، خير شاهد على نوايا طهران العدوانية، هذا بالإضافة إلى أنه يضاعف الدعم الذي تقدمه للميليشيات الإرهابية في اليمن والعراق ولبنان، وفق ما أورده موقع "الخليج أون لاين".

 

وزير الدفاع الإيراني يعترف ضمنياً بتوجه بلاده لدعم جماعات مسلحة بحجة حقها المشروع في الدفاع عن النفس

القادة الإيرانيون لم يخفوا سعادتهم برفع الحظر، فقد قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، الأربعاء الماضي: إنّ بلاده ستتمكن من شراء الأسلحة من أي بلد تريده، اعتباراً من 18 تشرين الثاني (أكتوبر) الجاري، بعد انتهاء حظر الأسلحة المفروض على بلاده من قبل مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.

إقرأ أيضاً: ضغوط متفاقمة.. حظر السلاح والتصعيد الأمريكي- الإيراني

من جهته، اعترف وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي أمس، ضمنياً، بتوجه إيران لدعم جماعات مسلحة بحجّة حقها المشروع في الدفاع عن النفس، في إشارة إلى ميليشيات الحوثي وحزب الله وميليشيات الحشد، قائلاً: من حقنا "الحصول على ما نحتاجه، وتزويد الآخرين في العالم بما يحتاجونه منّا"، وفق ما أوردت شبكة "الحرّة".

وبينما شددت إيران، في بيان لوزارة خارجيتها، على أنها لا تخطط لـ "موجة شراء"، ولكنها نظرياً تستعد لشراء معدات لتحديث عتادها الذي يعود تاريخه إلى ما قبل الثورة الإسلامية عام 1979، وبيع معداتها المنتجة محلياً في الخارج.

وكانت وكالة المخابرات الدفاعية الأمريكية قد توقعت عام 2019 أنه في حال انتهاء الحظر، فمن المحتمل أن تحاول إيران شراء طائرات مقاتلة روسية من طراز "سو 30"، وطائرات تدريب من طراز "ياك 130"، ودبابات "تي 19".

واشنطن تلوّح بفرض عقوبات على أي طرف يساهم في تزويد طهران بالأسلحة أو يتعاون معها في المجال العسكري

وذكرت أنّ طهران قد تحاول أيضاً شراء منظومة صواريخ روسية مضادة للطائرات من طراز "إس 400"، ونظام "باستيان" الصاروخي للدفاع الساحلي. كما يمكن للصين بيع أسلحة لإيران.

رفع حظر التسلح عن الجمهورية الإيرانية وبرامجها الصاروخية

وقوبل إعلان طهران برفع الحظر الدولي المفروض على شرائها وبيعها أسلحة، مثل الدبابات والطائرات المقاتلة، بتلويح واشنطن، التي تعتمد منذ أعوام سياسة "ضغوط قصوى" على الجمهورية الإسلامية، بفرض عقوبات على أي طرف يساهم في تزويد طهران بالأسلحة أو يتعاون معها في المجال العسكري في الفترة المقبلة.

إقرأ أيضاً: إيران تتراجع عن تعهداتها في الاتفاق النووي .. ماذا سيكون ردّ أوروبا؟

ورفض وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو انتهاء الحظر، وقال في بيان نقلته وكالة "رويترز" للأنباء: "الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام سلطتها المحلية لمعاقبة كل من يقدّم تدريباً تقنياً أو دعماً مالياً أو خدمات مالية، أو غيرها من المساعدات المتصلة بهذه الأسلحة".

وأضاف: "على مدار الأعوام الـ10 الماضية امتنعت دول عن بيع أسلحة لإيران وفق قرارات أممية عديدة. أي بلد يتحدى هذا الحظر الآن، سيختار بذلك بوضوح تأجيج الصراع والتوترات بدلاً من السلام والأمن".

بومبيو: على كل الدول التي ترغب في السلام والاستقرار وتدعم مكافحة الإرهاب أن تمتنع عن المشاركة في الاتجار بالأسلحة مع إيران

وأكد بومبيو استعداد بلاده "لاستخدام سلطاتها الوطنية لفرض عقوبات على أي فرد أو كيان يساهم بشكل ملموس في إمداد وبيع ونقل أسلحة تقليدية إلى إيران".

وتابع: "على كل الدول التي ترغب في السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وتدعم مكافحة الإرهاب، أن تمتنع عن المشاركة في الاتجار بالأسلحة مع إيران".

وبعد أيام من رفض مجلس الأمن تمديد رفع الحظر، حذّر بومبيو روسيا والصين من إهمال المطلب الأمريكي بإعادة فرض كلّ عقوبات الأمم المتحدة على طهران.

وأشار بومبيو إلى أنّ واشنطن ستفرض عقوبات على روسيا والصين إذا رفضتا إعادة فرض العقوبات على طهران.

راين هوك: رفع الحظر عن إيران سوف يؤدي إلى تصاعد الصراعات في أماكن مثل سوريا واليمن والعراق

 بدوره، نبّه راين هوك، الممثل الأمريكي الخاص لإيران وكبير مستشاري وزير الخارجية الأمريكي، إلى أنه عاد إلى المنطقة "لتعزيز أولوية الإدارة الأمريكية في تمديد حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران"، مؤكداً أنه تحدث مع القادة في جميع أنحاء العالم، موضحاً: لا أحد يعتقد أنّ إيران يجب أن تكون قادرة على شراء وبيع الأسلحة التقليدية، لأنّ رفع الحظر عن إيران سوف يؤدي إلى تصاعد الصراعات في أماكن مثل سوريا واليمن والعراق.

إقرأ أيضاً: الاتفاق النووي: إيران تهددّ وترتبك

بدورها، أشارت دول خليجية أيدت تمديد حظر الأسلحة، إلى شحنات أسلحة تُرسل إلى اليمن، معترضة على استئناف أي مبيعات أسلحة لإيران.

وذكرت في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي أنّ إيران أسقطت بالخطأ طائرة ركاب أوكرانية في كانون الثاني (يناير) الماضي، كما قتل أسطولها البحري بطريق الخطأ 19 بحاراً في هجوم صاروخي خلال تدريب.

معهد رصانة: المخزون الهائل للأسلحة في إيران سيضع العالم على فوهة بركان مشتعل

وانقضى أمس أجل حظر السلاح الذي فرضه مجلس الأمن على إيران عام 2007، وذلك بموجب الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 بين طهران وروسيا والصين وألمانيا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وقرار مجلس الأمن 2231 الذي تبنّى الاتفاق رسمياً في العام نفسه.

لكنّ الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على الأسلحة لم يمنع إيران من إرسال أسلحة، تتراوح بين بنادق هجومية وصواريخ باليستية، إلى ميليشيات تابعة لها في المنطقة، ومن بينها ميليشيا الحوثي في اليمن، وحزب الله في لبنان.

كما ربطت الأمم المتحدة إيران بهجوم عام 2019 على مصفاة نفط رئيسية بالسعودية، رغم نفي طهران، بينما أعلن الحوثيون في اليمن مسؤوليتهم.

ويهدف الاتفاق النووي لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية.

وفي غضون كل ذلك، انتهكت إيران بشكل مطرد حدود الاتفاق النووي، وذلك في محاولة للضغط على أوروبا لإنقاذ الاتفاق.

إقرأ أيضاً: فشل قرار تمديد حظر السلاح: إيران أكثر قدرة على التخريب

وفي سياق متصل بمخاطر رفع حظر السلاح عن إيران، قال المعهد الدولي للدراسات الإيرانية "رصانة": إنّ المخزون الهائل للأسلحة في إيران سيضع العالم على فوهة بركان مشتعل.

وكشفت دراسة معهد "رصانة"، التي تحمل عنوان "عقيدة الدفاع الأمامي الإيرانية... برنامج الصواريخ والفضاء"، عن عقيدة إيران العسكرية وتبنّيها نهج المواجهة في ساحة الأمن الإقليمي، وتفعيلها استراتيجية "الدفاع الأمامي"، بإبراز محافظة النظام الثيوقراطي على قبضته في السلطة، وإدارة تهديداتها باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ من خلال وكلائها في المنطقة؛ ممّا ساهم في إنشاء منطقة رمادية للقيام بعملياتها العسكرية دون الدخول في حرب.

 وأشارت الدراسة، التي نُشرت عبر موقع المعهد، إلى استمرار إيران في تطوير صواريخها ورؤوسها الحربية النووية، حتى أصبحت تملك أكبر ترسانة صاروخية في الشرق الأوسط، فيما لا يختلف برنامجها الفضائي عن برنامجها النووي ذي البُعد العسكري، ممّا يجعل هذا البرنامج مهدِّداً أمنياً وشيكاً، خصوصاً لدول الجوار الإقليمي.

كما استعرضت الدراسة تشكيلة واسعة من الصواريخ الباليستية والصواريخ المضادّة للسفن وصواريخ "كروز" المتنوعة التي تمتلكها إيران.

وأفادت الدراسة بأنّ الاستراتيجية العسكرية الإيرانية تركِّز على مكوّنات جيوسياسية، من ضمنها إعاقة الوصول إلى مضيق هرمز، في إطار تباهيها بقوّة أسلحتها المخصَّصة للمناطق المحظورة باستهداف نماذج "تشبيهية" لحاملات طائرات وسفن أمريكية، ومع ذلك فإنّ أمام إيران الكثير للوصول إلى أهدافها. وأوضحت الدراسة أنّ برنامج الفضاء الإيراني يظلّ مبهماً، ولكنها تسعى إلى تطويره بتعاملها في السوق السوداء مع كيانات ودول تلتفّ على العقوبات الأمريكية.

وخلصت الدراسة إلى أنّ قوة إيران الصاروخية لن تمكّنها من الانتصار في حرب على خصومها في الخليج وحلفائهم من الغرب، إذ يشوب قوتها ضعف وقصور، نظراً للاختلافات في موازين القوة التسليحية بين الدول، ولكنّها كافية لرفع تكلفة الحرب مادياً وبشرياً في حال إشعالها.

وكانت واشنطن، التي أعادت فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران، قد سعت إلى تمديد هذا الحظر في آب (أغسطس) الماضي، إلّا أنّ تلك المحاولة لقيت معارضة واسعة في مجلس الأمن.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية