مع استمرار تعطيل تشكيل الحكومة اللبنانية ورفض الرئيس اللبناني، “ميشال عون” للتشكيلة الحكومية، يكشف سياسيون لبنانيون عن دورٍ كبير لحزب الله في ذلك التعطيل، على الرغم من غيابه الكامل عن مشهد تشكيل الحكومة.
يشير رئيس حركة التغيير “ايلي محفوض” إلى أن محاولة حزب الله وأمينه العام التواجد خارج المشهد ليس إلا تعامياً عن ما وصفه بـ “الحقيقة السوداء”، مضيفاً: “حزب الله هو القابض على السلطة والسلاح هو المعرقل لكل محاولة إنقاذية ليس فقط في عمل الحكومات، إستمرار الميليشيا بممارساتها يعني دمار وخراب”.
سيناريو القيادة من الخلف
تعليقاً على حديث “محفوض”، يلفت المحلل السياسي، “ميشال بوصعب”، إلى أن سياسة حزب الله في إدارة الأزمة اللبنانية شهدت تطوراً كبيراً بعد حادثة انفجار مرفأ بيروت، حيث تحول إلى قيادة المشهد من الخلف، عبر تحالفه السياسي مع الرئيس “عون” ورئيس التيار الوطني الحر، “جبران باسيل” الذين تصدرا المشهد الخاص بالحكومة، لافتاً إلى أن ذلك ساعد الحزب بتجنب بعض الوم الشعبي على ما يحدث.
في السياق ذاته، يعتبر “بوصعب” أن حزب الله تمكن من استغلال أطماع “باسيل” وطموحاته السياسية، لوضعه و”عون” في واجهة الأحداث، وتعليق الأزمة الحالية على شماعتهما، خاصة وأن وضع الحزب على الساحة الداخلية والدولية، لا يحتمل بقاءه في الواجهة.
يشار إلى أن الرئيس اللبناني، “ميشال عون” كان قد رفض آخر تشكيلة حكومية، قدمها الرئيس المكلف، “سعد الحريري” قبل أسابيع، بدعوى أنها تمت دون التشاور مع حزب الله وحركة أمل.
إلى جانب ذلك، يعتبر الباحث في الشؤون اللبنانية، “فادي قعبور” أن الأحاديث، التي ظهرت مؤخراً عن وجود خلافات بين التيار الوطني الحر وحزب الله، وعن وجود انتهاء لوثيقة مارمخايل بينهما، لا تحمل الجدية الكاملة، وأنها أقرب إلى لعبة سياسية تضع كل البيض في سلة الرئيس وصهره.
كما يشير “قعبور” إلى أن فرض العقوبات الأمريكية على “باسيل” كان مؤشراً على نجاح جزئي لتلك السياسة، معتبراً أن “باسيل” ومعه “عون” قبلا أن يكونا كبش فداء لمصالح حزب الله مقابل أطماعهما السياسية، على حد وصفه.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت أواخر العام الماضي، عقوبات على رئيس التيار الوطني الحر، “جبران باسيل”، بسبب دوره في تعطيل تشكيل الحكومة والعلاقات مع حزب الله ودعم الفساد، على حد وصف الإدراة الأمريكية.
مؤسسات دستورية تحت السيطرة الحزبية
مشاكل لبنان الناجمة عن تحالفات التيار الوطني الحر وحزب الله، وبحسب ما تراه المحللة السياسية، “نجاة ريا”، لا تنحصر فقط في مسسألة التعطيل الحكومي، وإنما امتدت إلى مشاكل في تسيير شؤون أكبر المؤسسات الدستورية وهي، مؤسسة الرئاسة ومن بعدها رئاسة الحكومة، مضيفةً: “حزب الله أحسن إدارة رغبة قياديي التيار في التحول إلى قوة تسيطر على المسيحية السياسية، ومن خلال ذلك تمكن من إدارة رئاسة الجمهورية والسيطرة عليها”.
كما تلفت “ريا” إلى أن حزب الله أدرك منذ عام 2008، حجم طموحات “عون”، وأدرك أهمية استغلالها لخلق توازنات جديدة مع التيار المسيحي، لا سيما بعد فقدانه للتحالفات السنية في لبنان، عقب اغتيال رئيس الحكومة الأسبق، “رفيق الحريري”، مشيرةً إلى أن ذلك التحالف هو من أوصل “عون” إلى الرئاسة ومكن حزب الله من الهيمنة عليها.
يشار إلى أن الأمين العام لحزب الله، “حسن نصر الله” وزعيم التيار الوطني، “عون”، قد وقعا عام 2008، اتفاقية تحالف سياسي، لا يزال مستمراً حتى اليوم.
في السياق ذاته، تؤكد “ريا” أن التحالف بين “عون” و”نصر الله” قاد إلى الظرف السياسي الحالي، خاصة وأنهما يسيطران على أغلبية شيعية – ميسيحية، ما مكنهما من خلق قوة سياسية قادرة على توجيه مجلس النواب ومؤسسة الرئاسة، وأخيراً الحكومة، التي ترأسها “حسان دياب” والتي سميت بحكومة حزب الله، معتبرةً ان مشاكل لبنان مستمرة طالما استمر ذلك التحالف.
يذكر أن رئيس تيار المردة، “سليمان فرنجية”، الشريك المسيحي الثاني في حكومة “دياب” المستقيلة، كان قد اتهم “عون” و”باسيل” في محاولة السيطرة على المناصب الحكومية الخاصة بالمسيحيين، والإضرار بمصالحهم في لبنان، مشيراً إلى أن “باسيل” يطمع بخلافة “عون” في منصب الرئيس.
وكان رئيس الحكومة المكلف، “سعد الحريري”، قد كشف قبل أيامٍ عن وجود شروط تعجيزية تمنع تشكيل الحكومة الجديدة.
عن "مرصد مينا"