حزب الله منبوذ سياسيا بعد الخطوط الحمراء لواشنطن

حزب الله منبوذ سياسيا بعد الخطوط الحمراء لواشنطن

حزب الله منبوذ سياسيا بعد الخطوط الحمراء لواشنطن


08/02/2025

يجد حزب الله نفسه محشورا في زاوية حادة، بعد رفض الولايات المتحدة القاطع لمشاركته في الحكومة اللبنانية الجديدة التي يعكف رئيس الوزراء المكلف نواف سلام على تأليفها، وليس من الواضح كيف سيتعاطى الحزب المدعوم من إيران مع الموقف؛ فهل سيغامر بالتصعيد في الداخل أو سيقبل الرضوخ للأمر الواقع؟

ويخشى اللبنانيون تكرار سيناريو 7 مايو 2008 حينما عمد حزب الله إلى ترهيب خصومه السياسيين، عبر استعراضات مسلحة أدت إلى وقوع العشرات من القتلى.

والجمعة أعلنت مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، في أول زيارة إلى بيروت عقب توليها مهامها، بشكل صريح عن معارضة بلادها الشديدة مشاركة حزب الله في الحكومة اللبنانية، بعد “هزيمته” عسكريا من جانب إسرائيل.

وجاءت زيارة المسؤولة الأميركية إلى بيروت بعد مرور شهر على انتخاب قائد الجيش اللبناني جوزيف عون رئيسا للبلاد، على وقع ضغوط خارجية خصوصا من الولايات المتحدة والسعودية، أعقبت تغيّر موازين القوى السياسية في الداخل على خلفية الحرب المدمّرة بين إسرائيل وحزب الله والتي أضعفت الأخير بعدما كان يعد القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد.

وقالت المسؤولة الأميركية عقب لقائها الرئيس اللبناني جوزيف عون في القصر الرئاسي، ردا على سؤال صحافي عن دور حزب الله في الحكومة المقبلة، “وضعنا في الولايات المتحدة خطوطا حمراء واضحة، تمنعهم (منتسبي الحزب) من ترهيب الشعب اللبناني، بما في ذلك عبر مشاركتهم في الحكومة” المقبلة.

وأضافت “لقد بدأت نهاية عهد حزب الله في الترهيب في لبنان وحول العالم. لقد انتهى”. ورأت أورتاغوس التي وصلت الخميس إلى بيروت في أول زيارة خارجية منذ توليها مهامها في إدارة الرئيس دونالد ترامب، أن إسرائيل “هزمت” حزب الله.

وقالت “نحن ممتنون لحليفتنا إسرائيل على هزيمة حزب الله،” مشيرة إلى ضغوط يفرضها ترامب راهنا على إيران “حتى لا تتمكن من تمويل وكلائها الإرهابيين في المنطقة،” ومن بينهم حزب الله الذي تعد طهران داعمته الرئيسية.

وفي وقت لاحق أوردت الرئاسة اللبنانية في بيان مقتضب أن “بعض ما صدر” عن أورتاغوس في القصر الرئاسي “يعبّر عن وجهة نظرها والرئاسة غير معنيّة به،” من دون تحديد التصريحات المقصودة.

وندد حزب الله بتصريحات أورتاغوس. وفي بيان قال رئيس كتلته النيابية محمّد رعد “في تصريحها تدخل سافر في السيادة اللبنانية وخروج عن كل اللياقات الدبلوماسية.”

واعتبر أن ما ورد في تصريحها “زاخر بالحقد وبانعدام المسؤولية، ويتطاول على مكون وطني هو جزء من الوفاق الوطني ومن الحياة السياسية اللبنانية.”

وتجمع عدد من الشبان الغاضبين بعد ظهر الجمعة عند مدخل مطار رفيق الحريري في بيروت، ورفع عدد منهم رايات حزب الله الصفراء وقاموا بطلاء نجمة داوود باللون الأزرق على الأرض. وأقدم آخرون على إشعال إطارات على الطريق المؤدي إلى المطار.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي سلط مستخدمون الضوء على صورة وزعتها الرئاسة اللبنانية تظهر فيها أورتاغوس بينما تصافح عون، وهي تضع في يدها خاتما على شكل نجمة داوود، ما أثار عدة انتقادات.

ومُني حزب الله، المدعوم من طهران، في الأشهر القليلة الماضية بالعديد من النكسات خلال المواجهة بينه وبين إسرائيل، كان أبرزها اغتيال أمينه العام السابق حسن نصرالله، إضافة إلى سقوط نظام حليفه بشار الأسد في سوريا المجاورة التي لطالما سهلت نقل الأسلحة والعتاد إليه.

ومنذ تكليفه بتشكيل حكومة يواصل نواف سلام مساعيه في هذا الشأن، وقال إنها لن تضم حزبيين أو مرشحين إلى الانتخابات البرلمانية المفترض إجراؤها العام المقبل، من أجل ضمان “استقلالية” عملها. وشدد على أنه لن يسمح بأن “تحمل في داخلها إمكانية تعطيل عملها بأي شكل من الأشكال.”

ويصطدم سعي سلام إلى تأليف الحكومة حتى اللحظة بتمسك حزب الله وحليفته حركة أمل بالموافقة على أسماء الوزراء الشيعة الذين يقترحهم، في بلد يقوم نظامه السياسي على تقاسم الحصص بين الطوائف.

ويكرّر سلام الإشارة إلى أن من أولويات حكومته وضع لبنان على “طريق الإصلاح وإعادة بناء الدولة،” وتطبيق القرار الدولي 1701 بكافة بنوده، ومن بينها ابتعاد حزب الله عن الحدود مع إسرائيل، ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان وحصره في يد القوى الشرعية دون سواها.

وأكدت أورتاغوس من القصر الرئاسي التزام بلادها “الصداقة والشراكة التي تربطنا بالحكومة الجديدة،” وأبدت تفاؤلها بقدرة أعضائها على “ضمان بدء القضاء على الفساد، وإنهاء نفوذ حزب الله، والشروع في الإصلاحات” الملحة من أجل تحقيق تعافي الاقتصاد المنهك بفعل أزمة اقتصادية مستمرة منذ خريف 2019 وتداعيات الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل والتي دمّرت أجزاء من البلاد.

وتنتظر الحكومة المقبلة تحديات كبرى، أبرزها إعادة الإعمار وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي أوقف الحرب، ونصّ على انسحاب إسرائيل من المناطق التي دخلتها في الجنوب والالتزام بالقرار 1701.

وبموجب الاتفاق الذي تشرف على تنفيذه لجنة ترأسها الولايات المتحدة وفرنسا، كان على إسرائيل سحب قواتها من جنوب لبنان في موعد لا يتجاوز 26 يناير، لكنها أكدت أنها ستبقيها لفترة إضافية معتبرة أن لبنان لم ينفذ الاتفاق “بشكل كامل”.

واتهم لبنان إسرائيل بـ”المماطلة” في تنفيذ الاتفاق. وأعلنت الحكومة في 27 يناير أنها وافقت على تمديد تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل حتى 18 فبراير بعد وساطة أميركية. وقالت أورتاغوس للصحافيين ردا على سؤال “نحن ملتزمون جدا بهذا الموعد.”

وأعلنت الرئاسة اللبنانية من جهتها أن عون أكد لأورتاغوس ضرورة “إنجاز الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلتها خلال الحرب الأخيرة، وتنفيذ القرار 1701 بجميع بنوده،” معتبرا “إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين جزءا لا يتجزأ من الاتفاق،” والذين كانت السلطات قد حددت عددهم سابقا بتسعة.

وقال عون “يجب أن تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية، بما في ذلك قتل الأبرياء والعسكريين، وتدمير المنازل، وتجريف الأراضي الزراعية وإحراقها،” مؤكدا أن “الجيش اللبناني جاهز للانتشار في القرى والبلدات التي تنسحب منها القوات الإسرائيلية” ضمن المهلة المحددة بـ18 فبراير.

وشكر عون “الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للبنان في مختلف المجالات.” وكانت واشنطن من داعمي وصول عون إلى سدة الرئاسة، وتعد أبرز داعم للجيش اللبناني الذي تولى قيادته خلال السنوات الماضية.

العرب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية