العراق: الميليشيات تستحوذ على ممتلكات الناس... والحكومة تستقوي بالمرجع الديني على مواجهتهم

 العراق: الميليشيات تستحوذ على ممتلكات الناس... والحكومة تستقوي بالمرجع الديني على مواجهتهم

العراق: الميليشيات تستحوذ على ممتلكات الناس... والحكومة تستقوي بالمرجع الديني على مواجهتهم


23/08/2023

هزّت صرخة مدوّية لمواطن عراقي يسكن حي الجادرية وسط العاصمة بغداد  وجدان المجتمع المحلي، وتمكّن عبر شاشة التلفاز، التي صوّرته وهو يبكي ضياع أرضه على يد الجماعات المسلحة الشيعية، من خلق رأي عام تفاعل بقوة ضد محاولات الاستيلاء الجارية التي تقوم بها الجماعات على حساب المال العام والخاص معاً.

مناشدة المواطن الذي انهار باكياً بعد مرابطته لأشهر على أرضه في حي الجادرية، جعلت الحكومة العراقية في مأزق اتخاذ الإجراءات الفعلية، حيث تتردد الحكومة في القيام بعملية أمنية ضد أيّ طرف من أطراف تكتل (الإطار التنسيقي) الذي يقود الائتلاف السياسي للسلطة التنفيذية في العراق.

تلك المناشدة لقيت صدىً لدى المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، صاحب فتوى "الجهاد الكفائي" ضد تنظيم (داعش) في حزيران (يونيو) 2014، وهي  الفتوى نفسها التي تستقوي بها الميليشيات الشيعية في وجودها الحالي، وقد طالب المرجع الديني السلطات بـ "حماية المواطنين وممتلكاتهم".

وتسيطر الزعامات السياسية على أهم المناطق الحيوية في العاصمة بغداد، وتتخذها مقرات عملية لها منذ (20) عاماً، وهو ما يجعلهم في عزلة واضحة عن المجتمع، فضلاً عن المشاعر السلبية التي يكنّها السكان المجاورون لتلك الزعامات، نتيجة الاستيلاء والتضييق الأمني عليهم وعلى ممتلكاتهم.

وليس وحدها العقارات الخاصة التي تتعرّض للهيمنة السياسية أو الميليشياوية، إنّما يشمل الأمر العقارات الخاصة بالدولة، حيث تهيمن الفصائل المسلحة على قطاع واسع من الأراضي التابعة للدولة في مناطق أطراف بغداد، والمدن المحررة من (داعش)، لا سيّما في محافظتي نينوى وصلاح الدين.

المرجع يتدخل والحكومة تستجيب

ويحتجب آية الله علي السيستاني عن الظهور الإعلامي، والإدلاء بأيّ موقفٍ سياسيّ معيّن. وممثلوه الذي يتلون بياناته خلال خطبة الجمعة من على منبر كربلاء توقفوا عن المهمة الموكلة إليهم منذ تشكيل الحكومة السابقة لغاية الآن، ويُعدّ هذا الفعل احتجاجاً على سوء إدارة السياسيين، تحديداً الإسلاميين الشيعة، لمنظومة الحكم في العراق.

المليشيات تتخذ من الأراضي الزراعية الواسعة معسكرات لها في أطراف بغداد

لكنّ المفاجأة كانت في استقبال المرجع الشيعي الأعلى لعوائل استنجدت به خشية ضياع أرضها على يد الميليشيات الشيعية التي تدّعي الولاء للطائفة والمذهب. هذه الخطوة عُدّت بمثابة سحب البساط الشرعي من تلك الميليشيات، ودفع الحكومة إلى تنفيذ القانون على الجميع.

وقال بيان لمكتب السيستاني: إنّ المرجع الشيعي الأعلى "استقبل عدداً من أهالي منطقة الجادرية الذين سبق أن ظهروا في وسائل الإعلام، واشتكوا ممّا يتعرضون له من ضغط وتهديد للتخلي عن أراضيهم لصالح بعض الجهات".

استقبال المرجع الشيعي علي السيستاني لعوائل استنجدت به خشية ضياع أرضها على يد الميليشيات الشيعية التي تدّعي الولاء للطائفة والمذهب، بمثابة سحب البساط الشرعي من تلك الميليشيات، ودفع الحكومة إلى تنفيذ القانون على الجميع

وأدان السيستاني، بحسب البيان، هذه الممارسات المخالفة للشرع والقانون، مؤكداً أنّ "من أهم واجبات من هم في مواقع السلطة، وبيدهم زمام أمور البلد، حماية ممتلكات المواطنين وحقوقهم، والوقوف في وجه من يسعون في التعدي عليها بالإرهاب والتخويف، ولا سيّما من يحملون صفات رسمية".

وأعقب بيان المرجعية الدينية في النجف بيان رسمي لرئاسة الوزراء أعلنت فيه أنّها ستتخذ كافة الإجراءات الأمنية للحيلولة دون المساس بحقوق المواطنين.

وقال هشام الركابي، المستشار الإعلامي للحكومة: إنّ "رئيس مجلس الوزراء وجّه وزير الداخلية للتحقيق بقضية التجاوز على أراضي المواطنين في منطقة الجادرية، كما وجه مكتبه بالتواصل مع الأهالي المتضررين من جرّاء التجاوز على ممتلكاتهم".

المسيحيون يشكون

التجاوز الأخير جاء وسط العاصمة بغداد، بينما المحافظات المحررة من (داعش)  تشهد استيلاء شبه تام على المدن التي حررتها الفصائل بالتعاون مع القوات الأمنية  من التنظيم الإرهابي عام 2017. ودائماً ما تشكو الأقليات الدينية، وفي مقدمتها الأقلية المسيحية، من هيمنة الفصائل المسلحة على مناطقهم المحررة منذ أعوام.

ويشكو أبناء المكوّن المسيحي من عدم قدرتهم على العودة إلى مناطقهم في سهل نينوى، بعد أن تحولت إلى معسكرات تابعة لفصائل في الحشد الشعبي، وأخرى لقوات البيشمركة الكردية، وسط غياب السلطة المحلية في المحافظة.

وتُعتبر منطقة سهل نينوى تاريخياً أنّها منطقة ذات غالبية مسيحية من أطياف ومذاهب مسيحية مختلفة، أهمها الكلدانية والآشورية والسريانية، والتي تتبع كنائس مختلفة.

هذا، ونددت أحزاب ومنظمات مسيحية بمحاولات إجراء التغيير الديموغرافي داخل مناطقهم بمحافظة نينوى، والسيطرة عليها بقوة السلاح، والفساد الإداري داخل الحكومة المحلية.

أراض واسعة في بغداد والمدن المحررة تهيمن عليها المليشيات

وقالت أحزاب مسيحية في بيان مشترك: إنّهم "تلقوا معلومات من مصادر رسمية ومصادر مجتمعية مسيحية بأنّ دوائر بلدية محافظة نينوى تروّج لمعاملات بيع ونقل ملكية أراضٍ سكنية في منطقة تلكيف، وهي إحدى مناطق سهل نينوى المسيحية، لأشخاص هم ليسوا من المنطقة، وليسوا من المكوّن المسيحي".

وجاء في البيان أنّه "استناداً إلى الدستور بخصوص هذا الأمر، فإنّ قرار المحكمة الاتحادية العليا لعام 2013 يحظر أيّ استحواذ على عقار أو أرض أو سكن بهدف تغيير التوازن الديموغرافي بين المكوّنات المختلفة للشعب العراقي"، مؤكدين أنّ "هذا النشاط يتم تنفيذه وفق عقلية طائفية".

أحزاب مسيحية: قرار المحكمة الاتحادية العليا لعام 2013 يحظر أيّ استحواذ على عقار أو أرض أو سكن بهدف تغيير التوازن الديموغرافي بين المكونات المختلفة للشعب العراقي، لكنّ هذا النشاط يتم تنفيذه وفق عقلية طائفية

وكانت النشاطات الإرهابية التي مارسها تنظيم (داعش) الإرهابي على المسيحيين في الموصل وسهل نينوى قد أدت إلى نزوح العديد إلى مناطق مجاورة أخرى، في حين هاجرت عوائل كثيرة البلاد، واستناداً لبحث أجراه الاتحاد الأوروبي فإنّ تعداد المسيحيين في العراق تناقص إلى ما دون (500) ألف، بعد أن كان تعدادهم قبل العام 2003 أكثر من (1.5) مليون شخص.

مواضيع ذات صلة:

المجلس الشيعي يتبرأ من قرار ضد الشيخ ياسر عودة... والأخير: فليأخذوا عمامتي

فتوى بحرمة حضور مجالسهم... مرجعيات شيعية ترفض استثمار السياسيين لعاشوراء




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية