المجلس الشيعي يتبرأ من قرار ضد الشيخ ياسر عودة... والأخير: فليأخذوا عمامتي

 المجلس الشيعي يتبرأ من قرار ضد الشيخ ياسر عودة... والأخير: فليأخذوا عمامتي

المجلس الشيعي يتبرأ من قرار ضد الشيخ ياسر عودة... والأخير: فليأخذوا عمامتي


22/08/2023

تبرأ المجلس الشيعي الأعلى في لبنان من قرارات إحدى هيئاته الشرعية القاضي بعزل الشيخ ياسر عودة من مهامه الدينية، وذلك بعد تصاعد حدة الجدل الاجتماعي إزاء القرار الذي استهدف الداعية الشيعي المثير للجدل.

وعدّ قرار هيئة التبليغ الديني في المجلس الشيعي الأعلى محاولةً لتكميم أفواه المعارضين للطبقة السياسية عامةً، والشيعية على وجه الخصوص، حيث يُعدّ الشيخ عودة من أبرز الناقدين لمؤسسة الفساد المهيمنة على إدارة مفاصل الحكم في لبنان.

ورفعت هيئة التبليغ الأربعاء الماضي الغطاء عن (15) اسماً جديداً من رجال الدين الشيعة، بحجة مخالفتهم للضوابط الشرعية الدينية، وما لديهم من القصور العملي في أداء واجباتهم الإسلامية، فضلاً عن قصورهم العلمي في الشريعة.

واعتبرت الهيئة، بحسب بيان لها، أنّ هؤلاء "غير مؤهلين للقيام بالإرشاد والتوجيه الديني والتصدي لسائر الشؤون الدينية والأحوال الشخصية المتعلقة بأبناء الطائفة الإسلامية الشيعية، إمّا للانحراف العقائدي، وإمّا للانحراف السلوكي، وإمّا للجهل بالمعارف الدينية وادعاء الانتماء للحوزة العلمية"، واعتبار المشايخ المذكورين في البيان "غير مؤهلين لارتداء الزي الديني، وإنذارهم بخلعه تحت طائلة اعتبارهم منتحلي صفة رجل دين، وإجراء المقتضى القانوني بحقهم".

وتصدّر الشيخ ياسر عودة القائمة التي رفعتها هيئة التبليغ الديني في المجلس الشيعي الأعلى، حيث جاء في التسلسل الأول، الأمر الذي عُدّ بمثابة استهدافٍ له، نتيجة مواقفه المجاهرة بالنقد الحاد للثنائي الشيعي (حزب الله) و(حركة أمل).

القائم بأعمال المجلس الشيعي الإسلامي الأعلى الشيخ علي الخطيب يسحب قرار هيئة التبليغ الديني بالضد من ياسر عودة

ويُعرف عودة بخطاباته النقدية، التي لا تقتصر على الدين فحسب، بل تشمل الطبقة السياسية، ويتحدث في كل أزمة تضرب لبنان، ولا سيّما أزمة  النفايات، والحراك المدني، والاعتداءات على المتظاهرين، والفساد المستشري، إلا أنّ انتقاداته المستمرة للخرافات الدينية التي يطلقها عشرات المشايخ، وضعته في قفص الاتهام، لدى المتشددين.

عودة: أنا منحرف

وعقب إعلان البيان، ردّ الشيخ ياسر عودة على القرار الذي استهدفه من المجلس الشيعي الأعلى، والذي وضعه وآخرين، في عداد الانحراف العقائدي والسلوكي، فضلاً عن انعدام العلمية الشرعية لرجال الدين المذكورين في بيان الهيئة.

وقال عودة في لقاء متلفز معه: إنّ "ما يتعلّق بالاتهام حول الانحراف عن العقيدة، نعم أنا منحرف عن العقيدة الشيعية المغالية، أنا منحرف عن السياسيين وسلوكهم، وإذا كانوا يريدون عمامتي، فليأخذوها".

الشيخ ياسر عودة: ما يتعلّق بالاتهام حول الانحراف عن العقيدة، نعم أنا منحرف عن العقيدة الشيعية المغالية، أنا منحرف عن السياسيين وسلوكهم، وإذا كانوا يريدون عمامتي، فليأخذوها

وبشأن الاتهامات المتعلقة بالانحراف السلوكي، فقد أكّد أنّ سلوكه يحكي عنه، وأنّ احداً لا يمكنه معايرته في هذا الخصوص، مؤكداً أنّه يملك شهادةً وتحصيلاً علمياً مؤهلاً من الحوزة العلمية. 

رجل الدين الشيعي الذي يبلغ (54) عاماً، الحامل للشهادتين الحوزوية والأكاديمية (دبلوم شريعة)، يُعدّ من الأصوات الناقدة لمبدأ الطائفية في الدين والسياسة، كما أنّه قريب من مرجعية الفقيه الإصلاحي الراحل محمد حسين فضل الله، وأحد أمناء مؤسساته الخيرية في لبنان.

ويشكّل خطابه صداعاً للقوى السياسية التي تتلبس بثوب الدين والمذهب، وتحديداً (حزب الله) و(حركة أمل)، وهو ما جعل إعلام الفريقين السياسييَّن الشيعييَّن، يتهمه بـ"العمالة"، وتلقي الدعم المالي من السفارات الأجنبية في بيروت.

تراجع عن القرار

وفي أقلّ من (48) ساعة، على إصدار قرار هيئة التبليغ الديني في المجلس الشيعي الأعلى، بتجريد الشيخ ياسر عودة من مهامه الدينية، عاد المجلس ونقض قراره السابق، وعدّه لا يمثل المؤسسة.

وقال بيان صادر عن المجلس: إنّ البيان الصادر عن هيئة التبليغ الديني "لا يعبّر عن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ولم يطّلع عليه رئيس الهيئة العليا للتبليغ الديني نائب رئيس المجلس سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب، بغضّ النظر عن مضمونه".

وأضاف: "البيان الصادر عن هيئة التبليغ الديني يُعتبر كأنّه لم يصدر، وينبغي التذكير بعدم نشر أيّ بيان باسم المجلس الشيعي ما لم يكن موقعاً من رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى حصراً".

وعزا الشيخ ياسر عودة سبب تراجع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عن قراره، إلى تدخلات سياسية لم ترد أن تتطور الأزمة داخل الطائفة الشيعية في البلاد.

وقال: إنّ "الرئيس نبيه بري غير راضٍ عن القرار الصادر بحقي، وقام بالاتصال بالمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لإصلاح ما قاموا به".


المرجعية تشيد بقرار التراجع

بالمقابل، أشادت مرجعية السيد محمد حسين فضل الله (أكبر مرجعية شيعية في لبنان) بالموقف الأخير للمجلس الإسلامي الشيعي، وأكدت على ضرورة وحدة الكلمة، وعدم الانجرار خلف التناحرات الداخلية.

الشيخ ياسر عودة ينزع عمامته في لقاء متلفز رداً على القرار الصادر بحقه من هيئة التبليغ الديني

وقال السيد علي فضل الله (نجل المرجع الراحل): إنّ "مؤسسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وجدت لتكون حاملة لكل تنوعات المجتمع المنتمي إلى خط أهل البيت، وقد رأينا مدى الشرخ الذي أحدثه هذا القرار على صعيد اهتزاز الوحدة الداخلية في مرحلة نحن أحوج ما نكون فيها  إلى تعزيزها، وتشويه صورة هذه الطائفة، وهي التي حملت وما تزال هم القضايا الكبيرة، وكانت رائدة في حماية هذا البلد، وداعية إلى مد جسور التواصل مع الآخر".

يُعزى سبب تراجع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عن قراره إلى تدخلات سياسية، في مقدمتها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لكي لا تتطور الأزمة داخل الطائفة الشيعية في لبنان


وأضاف أثناء كلمته بخطبة صلاة الجمعة: "نحن هنا نقدّر كل المواقف الحكيمة التي سارعت لمعالجة هذا الأمر، واحتواء تداعياته، وعدم إذكاء ناره، إنّنا مع كل قرار يعزز المؤسسة الدينية ويصونها ويحفظها، شرط أن يكون نزيهاً وبعيداً عن الحساسيات التي تخرج عن موضوعيته، وألّا يكون سلاحاً يُستخدم لإلغاء هذا التنوع الذي تتسم به هذه الطائفة على كل الصعد، والذي يمثل واحداً من أبرز مميزاتها، وعنواناً بارزاً من عناوينها".

مواضيع ذات صلة:

لماذا تحارب المراجع الشيعية في العراق ولبنان داعيةً ينتقد الفساد؟

حزب الله يحاول تطويع المؤسسات الدينية الشيعية في لبنان.. ما الجديد؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية