
رغم أن التجربة السودانية مع تنظيم الإخوان، كبدته وحدته وأمنه واستقراره وازدهاره، مما يعني أن لها أهمية استثنائية لعدة أسباب، فضلا عن دلالاتها النظرية العميقة التي ينبغي أن تصغي إليها المنطقة بأسرها، بحسب موقع "سودان بيس تراكر".
ومن أبرز تلك الأسباب، أن السودان كان أول دولة ذات أغلبية سنية يصل فيها تنظيم الإخوان إلى الحكم، عبر انقلاب عسكري في 30 حزيران / يونيو 1989، ساعدهم على الاستمرار في الحكم لمدة ثلاثين عامًا، استخدام القوة الغاشمة والعنف وحده.
تلك التجربة تدحض الرواية الزائفة التي يرددها البعض، والتي تدعي أن جماعات الإسلام السياسي "تتطرف بسبب الاضطهاد"، بحسب ما نقله موقع "العين الإخبارية"، عن "سودان تراكر"، الذي قال إن الإخوان في السودان لم يتعرضوا لأي قمع، ومع ذلك استولوا على الحكم بالعنف، وحافظوا عليه بوحشية مروعة.
فظائعهم بلغت حدًّا دفع أعلى هيئة قضائية في العالم وهي المحكمة الجنائية الدولية إلى توجيه تهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية
عنف دام طال مئات الآلاف الذين عذبوا واعتقلوا في مراكز احتجاز سرية تُعرف باسم «بيوت الأشباح»، فضلا عن طرد أكثر من 300 ألف سوداني من الخدمة المدنية والعسكرية، فيما قوبل أي احتجاج على نظامهم الشمولي بعنف لا يعرف قيدًا قانونيًا أو أخلاقيًا أو إنسانيًا.
فظائعهم بلغت حدًّا دفع أعلى هيئة قضائية في العالم، وهي المحكمة الجنائية الدولية، إلى توجيه تهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، وإصدار مذكرات توقيف بحق قائد النظام عمر البشير، ووزير داخليته عبد الرحيم حسين، ووزير الدولة أحمد هارون.
ورغم هذه الجرائم المروعة، قابل الشعب السوداني تنظيم الإخوان بـ"تسامح نادر"، عندما نجح في إسقاط رأس النظام عبر ثورة شعبية في نيسان /أبريل 2019، فلم يرد المعاملة بالمثل، ولم يُقَدَّم إلا عددا قليلا جدًا منهم إلى العدالة.
وبينما يرفع تنظيم الإخوان الدين شعارا، أنتجت مزاعمه التي تشير إلى أنه لا يحتاج إلى آليات رقابة أو محاسبة بشرية، أكثر الأنظمة فسادًا في تاريخ السودان الحديث، بحسب مؤشرات الشفافية الدولية، واعترافات عدد من قادتهم أنفسهم، فأهدروا أكثر من 100 مليار دولار من عائدات النفط والذهب، وهي موارد كان يمكن أن تُحوّل السودان إلى "دولة مزدهرة"، بحسب "سودان تراكر".