بعد انهيار العملة الإيرانية.. أين تتجه الجمهورية الإسلامية؟

بعد انهيار العملة الإيرانية.. أين تتجه الجمهورية الإسلامية؟


13/06/2022

سجلت العملة الإيرانية انخفاضاً غير مسبوق، ووصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق متأثرة بالعقوبات الأمريكية، وفي ظل توقف محادثات إحياء الاتفاق النووي الإيراني.

وذكرت مواقع إخبارية معنية بتداول العملات الأجنبية في السوق الإيرانية أنّ سعر صرف الدولار في السوق الإيرانية المفتوحة ارتفع مجدداً أمس بمقدار (45) ألف ريال، ليصل إلى (332) ألف ريال أمام الدولار الأمريكي، بعد أن كان أول من أمس يعادل (327.5) ألف ريال، بزيادة نسبتها 4.4% مقارنة بشهر حزيران (يونيو)2021، عندما تم تداول الدولار عند (318) ألف ريال، وفق ما أفادت وكالة "أسوشيتد برس".

وهذا هو اليوم الثالث على التوالي الذي يقفز فيه الدولار ويسجل رقماً قياسياً تاريخياً كل يوم، وفقد الريال الإيراني 27% من قيمته منذ بداية العام الجاري، ومنذ عام 1979 ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الريال الإيراني أكثر من (3300) مرة، وفقاً لموقع "اقتصاد نيوز" الإيراني.

وقال الموقع: إنّ "وتيرة خفض قيمة الريال تتسارع منذ توقف المحادثات النووية في آذار (مارس) الماضي بين إيران والقوى الدولية"، مضيفاً أنّ "قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي جرى اتخاذه الأربعاء الماضي ضد إيران أثر على سعر الدولار وانهيار العملة الإيرانية".

وبحسب مراقبين اقتصاديين نقل عنهم موقع "إيران إنترناشيونال"، فقد تأثر سوق العملات الأجنبية بشكل كبير منذ الخميس الماضي، بعد صدور قرار من قبل مجلس المحافظين ضد إيران في اجتماع للوكالة الدولية في فيينا، لافتاً إلى أنّ مواقف منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بوقف بعض كاميرات المراقبة للوكالة الدولية أثرت على العملة الإيرانية.

سجلت العملة الإيرانية انخفاضاً غير مسبوق

هذا، وأشارت بعض الصحف الإيرانية في وقت سابق إلى ارتفاع سعر الدولار وباقي العملات على خلفية دعوات نواب في البرلمان بانسحاب إيران من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وهو ما تردد في الفضاء الإلكتروني بعد اجتماع مجمع تشخيص مصلحة النظام الليلة الماضية.

ورغم أنّ صحفاً إصلاحية ومعتدلة تفاعلت مع انهيار العملة بشكل واقعي، معتبرة أنّه ناقوس خطر أمام إيران، وإشارة واضحة للحكومة في ضرورة إعادة النظر في سياساتها الاقتصادية الأخيرة التي أطلقت عليها تسمية "العملية الجراحية" للاقتصاد الإيراني، إلا أنّ الصحف المقربة من الحكومة مثل "كيهان" فضلت الهجوم على تلك الصحف والخبراء الاقتصاديين واصفة إياهم بأنّهم من مؤيدي حكومة روحاني السابقة التي كانت العامل الرئيسي في وصول البلاد إلى الوضع الراهن.

 

سعر صرف الدولار في السوق الإيرانية المفتوحة ارتفع مجدداً أمس بمقدار (45) ألف ريال، ليصل إلى (332) ألف ريال أمام الدولار الأمريكي

 

ونقلت صحيفة "ستاره صبح" بياناً مشتركاً لـ (61) خبيراً اقتصادياً إيرانياً للحكومة، وتحذيرهم من نسب التضخم الكبيرة في إيران، وقد أكد هؤلاء الخبراء في بيانهم أنّ أوضاع البلاد الاقتصادية أصبحت هشة للغاية، وأنّ إصرار الحكومة على إلغاء الدعم عن السلع الأساسية في هذه الأوضاع المزرية قد يؤدي إلى نفاد صبر الشعب وحدوث انفجار اجتماعي.

وذكر الخبراء، في بيانهم، أنّ جذور المشكلة الاقتصادية في البلاد راجع إلى طريق الحكم السياسي، وهو ما يفرض خلق تغيير في شكل إدارة البلاد.

ويضيف البيان، كما ذكرت الصحيفة، أنّ "خروج البلاد من الحالة الاقتصادية والاجتماعية المتردية الحالية يتمثل في أمرين أساسيين؛ الأول إصلاح جذري وأساسي للسياسة الخارجية، واعتماد سياسة سلام وتعاون مع دول الجوار والمنطقة، والثاني الاهتمام بمطالب الشعب المعيشية والارتقاء بمكانة إيران عالمياً".

 

"اقتصاد نيوز" الإيراني: قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي جرى اتخاذه الأربعاء الماضي ضد إيران أثر على سعر الدولار وانهيار العملة

 

وقال الخبير الاقتصادي الإيراني مهدي بازوكي،  أحد الموقعين على بيان التحذير الذي وجهه (61) اقتصادياً إلى رئيسي، في مقابلة صحفية: إنّ الحكومة تزعم وجود خطة من (7) آلاف صفحة لاقتصاد البلاد، "فلماذا لم تنشر (7) صفحات من هذه الخطة حتى الآن؟".

وفي سياق منفصل، ذكر موقع "التجارة نيوز" أنّ "سعر الذهب ارتفع أيضاً على خلفية انهيار العملة الإيرانية".

مواقف منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بوقف بعض كاميرات المراقبة للوكالة الدولية أثرت على العملة الإيرانية

وقال رئيس اتحاد بيع المجوهرات إبراهيم محمدولي لوكالة أنباء "إيلنا" أمس: إنّ الناس في هذه الأيام يبحثون عن الذهب المذاب والعملات المعدنية للحفاظ على قيمة أموالهم.

وقال: إنّ "الاستقرار لا يصل إلى سوق الذهب إلا إذا كان هناك استقرار في سوق الصرف الأجنبي".

وفي الإطار ذاته، أعلنت السلطات الأمنية في طهران قبل أيام عن إغلاق عدد من حسابات مراكز الصيرفة، واعتقال قرابة (31) شخصاً بتهمة إحداث اضطراب في سوق الصرف الأجنبي، وخلق "طلب زائف" في السوق، حسبما أفاد التلفزيون الرسمي دون ذكر تفاصيل.

 

السلطات الأمنية في طهران تغلق قبل أيام عدداً من حسابات مراكز الصيرفة، وتعتقل (31) شخصاً بتهمة إحداث اضطراب في سوق الصرف الأجنبي

 

وفي سياق متصل، زعم محافظ البنك المركزي الإيراني علي صالح آبادي أمس أنّ احتياطيات البنك من النقد الأجنبي في "ارتفاع تاريخي"، من دون أن يوضح سبب التراجع الكبير لقيمة الريال وانهياره، مضيفاً: "إنّ المعروض من العملة الأجنبية (الدولار) في السوق سيزداد".

انهيار العملة الإيرانية جاء في وقت ما تزال فيه العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران سارية، ويعاني الاقتصاد الإيراني بشدة؛ بسبب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية، وإعادة واشنطن فرض عقوباتها على قطاعي النفط والبنوك في إيران.

وقد وصلت محادثات فيينا لإحياء الاتفاق النووي الإيراني إلى طريق مسدودة منذ شهور؛ بسبب إصرار طهران على رفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية في الولايات المتحدة مقابل إعادة إحياء الاتفاق.

مواضيع ذات صلة:

بين عجز إبراهيم رئيسي ومحاباة خامنئي.. الاقتصاد الإيراني إلى أين؟

ما الجديد في التظاهرات الإيرانية ضد الملالي؟

إيران تعبث في ملف الطاقة وتشعل الخلاف مع كردستان



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية