ما الجديد في التظاهرات الإيرانية ضد الملالي؟

ما الجديد في التظاهرات الإيرانية ضد الملالي؟


12/06/2022

تخيّم أجواء أمنية عنيفة على الوضع المحلي والداخلي بإيران مع تنامي الاحتجاجات الشعبية وتزايد وتيرتها، بينما تواصل قطاعات وفئات عديدة بالمجتمع الانخراط في تظاهرات فئوية على خلفية المشكلات الاقتصادية والمعيشية التي بلغت درجة غير مسبوقة من التأزم، وقد تخطى سعر الدولار الأمريكي في السوق الحرة للعملات الأجنبية في إيران، منتصف الأسبوع، حاجز الـ 31 ألف تومان، وهو أعلى مستوى يصل له خلال عامين.

تفشي عدوى الاحتجاجات بإيران

ومن بين القطاعات التي تواصل احتجاجاتها الفئوية، أصحاب المعاشات والمتقاعدون، وهم الأكثر تضرراً من الوضع الاقتصادي، بسبب ضعف إمكانياتهم المادية وفقدان مواردهم، خاصة مع التأثير السلبي للتضخم وارتفاع الأسعار على رواتبهم، وقد طالبوا الحكومة، خلال الفترة الماضية، بتنفيذ خطة التساوي في دفع المعاشات، والتأمين التكميلي، والسداد التكميلي للمصروفات الطبية، ومعالجة مطالبات المتقاعدين، غير أنّ الحكومة الإيرانية ما تزال تتجاهل قضاياهم المطلبية الملحّة والضرورية.

من بين القطاعات التي تواصل احتجاجاتها الفئوية؛ أصحاب المعاشات والمتقاعدون، وهم الأكثر تضرراً من الوضع الاقتصادي، بسبب ضعف إمكانياتهم المادية وفقدان مواردهم

وفي ظلّ المشهد الاحتجاجي الذي يتسيّد عدة مدن ومحافظات إيرانية، قال المرشد الإيراني، آية الله علي خامنئي: "العدوّ يعوّل على الاحتجاجات الشعبية لضرب النظام الإسلامي من خلال العمل النفسي والإنترنت والمال والمرتزقة"، لافتاً إلى أنّ "الأمريكيين والغربيين يخطئون الحساب إذا اعتقدوا أنّهم قادرون على وضع الأمة الإيرانية في مواجهة الجمهورية الإسلامية". 

وخلال خطاب بمناسبة الذكرى الـ 33 لرحيل الإمام الخميني، اتهم المرشد الإيراني من وصفهم بـ "العدو"، في إشارة إلى الولايات المتحدة والدول الغربية، بتوظيف واستغلال التظاهرات لضرب الجمهورية الإسلامية في طهران.

 وقال خامنئي: "يعوّل العدو اليوم على الاحتجاجات الشعبية لضرب النظام الإسلامي". 

تتزايد وتيرة الاحتجاجات الشعبية في إير ان على خلفية المشكلات الاقتصادية والمعيشية التي بلغت درجة غير مسبوقة من التأزم

وفي حديثه لـ "حفريات"، يوضح المحلل السياسي والمعارض الإيراني، مهدي عقبائي؛ أنّ المرشد الإيراني عادة ما يستخدم تعبير "العدو" في وصف خصومه الإقليميين، لكنه، مؤخراً، بات يخلط بين المواطن الذي يمارس حقّه في الاحتجاج على نظام "قمعي" و"متوحش"، والأطراف الخارجية التي تحركه وتقوم بتعبئته، بحسب زعم خامنئي، فانتقل الوصف الأخير، بالتبعية، لعموم الشعب الإيراني الذي أضحى عدواً أمام النظام، تحديداً الذي يحتجّ على أوضاعه المأزومة.

هل الشعب عدو المرشد؟

ويتابع عقبائي لـ "حفريات": "بالطبع لم يقل خامنئي إنّ عدوّه الرئيس هو الشعب الإيراني، على نحو صريح، لكنّه يعدّ كلّ شخص ينخرط في الاحتجاجات ويرفض الوضع السياسي والاقتصادي والمعيشي الراهن عدوّاً. وبعد انهيار المبنى متروبل في عبادان، جنوب غرب إيران، خرج المواطنون إلی الشوارع وتظاهروا في غضب شديد، ورددوا هتافات منها: "خامنئي قاتل وحكمه باطل"، و"يا خامنئي اخجل واترك السلطة"، و"الموت للباسيج"، و"الباسيج عديم الشرف"، وبهذا عبّروا عن غضبهم واحتجاجهم على فساد الملالي".

كما خرجت تظاهرات مماثلة لدعم المحتجين (في عبادان) في عدة مناطق أخرى، منها خرمشهر وشاهین شهر، وحتى العاصمة طهران، ومدينة قم، إذ رددوا هتافات من بينها: "اخجل یا خامنئي واترك البلاد"، و"الموت للديكتاتور".

الناطق بلسان منظمة "مجاهدي خلق"، الإيرانية المعارضة، شاهين قبادي لـ "حفريات": نظام الملالي حشد نحو 20 ألفاً من قوى الأمن القمعية لمواجهة "وحدات المقاومة"

ويرى المحلل السياسي والمعارض الإيراني؛ أن‌ّ الوضع الراهن في إيران يجعل البلاد كأنّها "منطقة بركانية"، الأمر الذي يشكّل خطورة قصوى على مستقبل نظام الملالي؛ إذ إنّ عدوى الاحتجاجات تنتقل بسرعة شديدة في جميع أنحاء إیران، وطبيعة هذه الانتفاضة تؤشر على صدام غير مسبوق مع السلطة ورفض هويتها السياسية وكذا ممارساتها المحلية والخارجية، بالتالي، فإنّ منحنى صعود الاحتجاجات يرتفع بشكل مستمر، في حين أنّ معدلات صعود قوة النظام تنخفض، رغم استمرار البطش والعنف الأمني، الأداة الوحيدة التي لا يملك "الولي الفقيه" سواها لمواجهة التهديدات الوجودية لنظامه وإمكانية الإطاحة به.

شراكة إيرانية صينية.. ما القصة؟ 

واللافت أنّ إيران لجأت إلى شركة "تياندي" الصينية، المتخصصة في تكنولوجيا المراقبة، وذلك بهدف تزويدها بتقنيات متطورة من تكنولوجيا التجسس، لتعقّب ومراقبة المتظاهرين الذين خرجوا في تظاهرات، على مدار الأسابيع الماضية.

ووفق موقع "العربية. نت"؛ فإنّ شركة "تياندي" الصينية، وهي واحدة من أكبر أربعة منتجين لأنظمة كاميرات المراقبة في الصين وعملاق المراقبة الصيني الوحيد الذي له وجود مباشر في إيران، قد وقعت شراكة لمدة خمس سنوات مع موزع إيراني. 

وإلى ذلك، يشير الناطق بلسان منظمة "مجاهدي خلق"، الإيرانية المعارضة، شاهين قبادي، إلى أنّ نظام الملالي حشد نحو 20 ألفاً من قوى الأمن القمعية لمواجهة "وحدات المقاومة"، موضحاً لـ "حفريات"؛ أنّ الانتفاضة الشعبية الأخيرة في إيران، بالتزامن مع الذكرى الثالثة والثلاثين لوفاة الإمام الخميني، قد حققت نتائجها وزلزلت الأرض تحت أقدام النظام في طهران، ما اضطّر المرشد الأعلى الإيراني إلى القول: "الأعداء يثيرون الاضطرابات في إيران للإطاحة بالجمهورية الإسلامية"، وذلك في إشارة إلى احتجاجات شعبية استمرت لقرابة عشرة أيام بسبب انهيار مبنى في مدينة عبادان في جنوب غرب إيران، وأسفر عن مقتل 41 مواطناً إيرانياً. 

الناطق بلسان منظمة "مجاهدي خلق" شاهين قبادي: استخدمت كاميرات المراقبة لتحديد واحتجاز المتظاهرين المشاركين في الاحتجاجات الشعبية

وأشار قبادي إلى أنّ وفاة الخميني، في 3 حزيران (يونيو) عام 1989، كانت مصدر ارتياح كبير للشعب الإيراني، الذي عانى فترة صعبة من القمع الوحشي في أعقاب ثورة عام 1979، كما أنّه في ثمانينيات القرن الماضي، تعرض آلاف المعارضين للتعذيب والإعدام. وأضاف: "في صيف عام 1988، وبعد فتوى صادرة من الخميني، تم إعدام ثلاثين ألف سجين سياسي".

ولذلك؛ حشد نظام الملالي 20 ألفاً من قوات الأمن لجهة منع خروج تظاهرات بالتزامن مع ذكرى رحيل الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية، وقد أشرف على هذه "العملية الأمنية"، قائد الحرس الثوري حسين سلامي، والسبب وراء حشد هذا العدد الهائل من القوات الأمنية، بحسب قبادي؛ هو أنّ "الشبكة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق، والمعروفة باسم "وحدات المقاومة"، سيطرت على أكثر من 5 آلاف كاميرا مراقبة لمدة 24 ساعة في العاصمة الإيرانية، الخميس الماضي، بما في ذلك ضريح الخميني والمكاتب الحكومية المستخدمة للمراقبة من قبل مكاتب خامنئي ورئيس النظام إبراهيم رئيسي ووزارة المخابرات وقوات الحرس الثوري".

وبحسب الناطق بلسان منظمة مجاهدي خلق؛ فإنّ هذه الشبكة الواسعة هي إحدى الأدوات الرئيسة للمراقبة التي يستخدمها نظام الملالي القمعي، وتابع قبادي حديثه قائلاً: "تمّ استخدام كاميرات المراقبة لجهة تحديد واحتجاز المتظاهرين المشاركين في الاحتجاجات الشعبية". 

مواضيع ذات صلة:

- متقاعدو إيران يعودون إلى الشارع.. وهذه مطالبهم

إيران تهدد الوكالة الدولية للطاقة الذرية... ما القصة؟

خامنئي يعتبر استيلاء بلاده على سفينتين يونانيتين "شجاعة"... تفاصيل


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية