الهند ترد لأردوغان الصاع صاعين: لا تتدخل في شؤوننا

أردوغان

الهند ترد لأردوغان الصاع صاعين: لا تتدخل في شؤوننا


17/02/2020

لم يطل صمت الهند على المزاعم التي تفوّه بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فردّت له الصاع صاعين، حين طالبت نيودلهي تركيا عدم التدخل في شؤونها الداخلية، أو في النزاع مع جارتها باكستان حول "جامو وكشمير".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية رافيش كومار، أول من أمس السبت، "ندعو القيادة التركية إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للهند، وأن يكون لديها فهم مناسب للحقائق، بما في ذلك التهديد الخطير الذي يمثله الإرهاب الذي مصدره باكستان، وموجه إلى الهند والمنطقة".

أردوغان يسعى إلى استفزاز السعودية بمحاولة التقرب من باكستان والعمل على تهميش العلاقات الوطيدة بين الرياض وإسلام أباد

وأضاف "الهند ترفض جميع الإشارات إلى جامو وكشمير، والتي تعد جزءاً لا يتجزأ من الهند".
وجاءت تصريحات المتحدث الهندي، رداً على تعليقات أردوغان، بشأن جامو وكشمير، خلال زيارته لباكستان، الجمعة، وإعرابه عن دعم بلاده لموقف باكستان من قضية كشمير.
كما أعلن أردوغان دعمه لرفع اسم باكستان من قائمة مراقبة تمويل الإرهاب العالمية، قبل مراجعة الإجراءات التي اتخذتها إسلام أباد الأسبوع المقبل.
وقال أردوغان في خطاب أمام البرلمان الباكستاني "سنواصل دعم باكستان في مجموعة العمل المالي رغم الضغوط".
يشار إلى أنّ "مجموعة العمل المالي" هي منظمة حكومية دولية تدعم سياسات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وتتمتع تركيا بحق التصويت في المنظمة.
 المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية رافيش كومار: ندعو القيادة التركية إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للهند

فصل جديد من فصول التدخل التركي
ورأى مراقبون أنّ التدخل التركي في ملف كشمير هو فصل جديد من فصول التدخل التركي في إطار مشاريع أنقرة التوسعية، وذلك بعد تورطها في دعم المجموعات الإرهابية والمتشددة في سوريا وليبيا، إضافة إلى بسط نفوذها في مناطق في أفريقيا.

اقرأ أيضاً: هل يمكن لبوتين أن يُضحي بأردوغان؟
وقالت وسائل إعلام إنّ أردوغان يسعى إلى استفزاز المملكة العربية السعودية بمحاولة التقرب من باكستان، والعمل على تهميش العلاقات الوطيدة بين الرياض وإسلام أباد، وذلك في إطار جهود تركية لتزعم عالم إسلامي ساهمت في نشر أزمات في عدد من دوله.

الهند ألغت عطاء بقيمة 3ر2 مليار دولار لشركة "أناضول شيبيارد" التركية لبناء السفن في وقت سابق العام الماضي

ويتحرك أردوغان لاستمالة إسلام أباد في صفه، بعد أن قاطعت قمة كوالامبور الإسلامية التي استضافتها ماليزيا في 19 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، والتي حشدت لها تركيا ضمن جهود إنشاء كيان مواز لمنظمة التعاون الإسلامي، وأيضاً في إطار محاولاته لتحجيم الدور السعودي إقليمياً ودولياً.
وحضرت قمة كوالامبور تنظيمات وجماعات إخوانية من عدة دول في العالم، وكان حضور تلك التنظيمات أكثر من حضور ممثلي دول العالم الإسلامي، وذلك في ضوء فشل المشروع الذي يقوده أردوغان لتمكين جماعة الإخوان في المنطقة العربية.
وأظهر حجم المقاطعة للقمة، فشل الجهود التركية لسحب البساط من تحت أقدام السعودية التي ترتبط مع إسلام أباد بعلاقات وثيقة، وربما هذا ما يفسر، في نظر محللين، اندفاع الرئيس التركي لتعزيز علاقاته مع باكستان لاستكمال ما بدأه في قمة كوالامبور التي لم تحضرها السعودية، ولم تشارك فيها إسلام أباد، وقاطعتها معظم الدول الإسلامية.

هواية أردوغان في إشعال الحرائق
أردوغان، تعمّد إثارة نار الفتنة بين الهند وباكستان، وعاد إلى هوايته في إشعال الحرائق، حينما قال في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان: "ندعم حل قضية كشمير من خلال الحوار وقرارات الأمم المتحدة مع الأخذ بعين الاعتبار تطلعات إخوتنا الكشميريين".

اقرأ أيضاً: الاصطدام بين أنقرة وموسكو مستبعد.. فلِمَ يتبنى أردوغان سياسة الحرباء في إدلب؟
من جانبه، أكد خان أنّ بلاده تقف إلى جانب تركيا ضد الهجمات التي تتعرض لها في سوريا. وأشار إلى أنّ إقليم كشمير "تحول إلى سجن مفتوح فيه 8 ملايين"، معرباً عن شكره للرئيس أردوغان لمواقفه تجاه الكشميريين.
وهذه ليست المرة الأولى التي يصب فيها أردوغان الزيت على نار الخلاف الهندي الباكستاني بخصوص كشمير، فقد قال أواخر أيلول (سبتمبر) 2019، إنّ سكان إقليم جامو وكشمير أصبحوا في وضع السجين في مناطقهم والدخول والخروج من وإلى الإقليم أصبح محظوراً، مشبّهاً وضعهم بوضع سكان قطاع غزة المحاصر من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف أردوغان أنّ إقليم جامو وكشمير الخاضع لسيطرة الهند، تحول إلى سجن مفتوح في الوقت الراهن، معرباً عن قلقه لما ستؤول إليه الأوضاع في جامو وكشمير، بالقول: "لا أستطيع أن أتخيل أي نوع من الأعمال الدموية ستقع غداً في جامو وكشمير".

اقرأ أيضاً: مرتزقة أردوغان في ليبيا إلى البحر
ودعا جميع المؤسسات الرسمية إلى القيام بما يقع على عاتقها من واجبات مهمة بصدد جامو وكشمير، مضيفاً: "لذا ينبغي جعل المبادرات الملموسة المتخذة على مستوى المنظمات الدولية والإقليمية والعالمية أكثر فعالية"، وفقاً لما نقلته وكالة "الأناضول" التركية.
وتطرّق الرئيس التركي، أيضاً، إلى ما يتعرض شبان المسلمين في الهند إلى عمليات جلد، وضرب وقتل بسبب أكلهم لحوم البقر، مبيناً أنه لا يمكن فهم هذه العقلية التي تدفع إلى الاعتداء على المسلمين بسبب أكلهم لحوم البقر.
وتساءل أردوغان، بطريقته الاستفزازية الساخرة: "ما مصير الذين يأكلون لحوم البقر في العالم؟ لا يمكن التوقع من الجميع أن يصبحوا نباتيين."

تأزم علاقات تركيا مع الهند
هذه التصريحات القديمة الجديدة أدخلت علاقات تركيا مع الهند، في طور الأزمة، كما هو حال علاقات أنقرة مع كثير من الدول في العالم. فبعد أن حاولت تركيا استمالة الهند العام الماضي لصالحها للوقوف في وجه الولايات المتحدة التي هدّدت بفرض عقوبات بسبب صفقة الصواريخ الروسية، يبدو أنّ العلاقات التركية الهندية لم تستمر في الصمود الودي.

اقرأ أيضاً: الدرس الليبي: أردوغان لا أصدقاء له
يُذكر أنّ رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ألغى زيارته لتركيا التي كانت مقررة نهاية  العام الماضي، وذلك لإظهار استيائه من تعليقات أردوغان إزاء إلغاء الهند للوضع الخاص لكشمير.
وكان أردوغان قد حثّ الهند على عقد مباحثات مع باكستان حول إقليم كشمير المتنازع عليه بعد أن قرّر مودي في آب (أغسطس) إلغاء الوضع الخاص المستمر منذ سبعة عقود للشطر الخاضع لسيطرة الهند من إقليم كشمير.
وجاء تأجيل الزيارة مترافقاً مع تدابير أخرى من بينها إلغاء عطاء بقيمة 3ر2 مليار دولار تمّ منحه لشركة "أناضول شيبيارد" التركية لبناء السفن في وقت سابق العام الماضي لمساعدة شركة "هيندوستان شيبيارد" المحدودة في بناء خمس سفن لدعم الأسطول الهندي حمولة كل منها 45 ألف طن.

اقرأ أيضاً: عندما يحول أردوغان الدولة إلى ميليشيات
وأفادت مصادر أنّ أردوغان عمل على تعزيز علاقات بلاده مع باكستان العدو التقليدي للهند، وذلك ضمن مساعي استغلال عمران خان كرئيس لوزراء باكستان في إعادة الإخوان للحكم وإن بأسلوب غير ظاهر للعلن، وذلك ضمن مُخططات تحقيق أهداف الإسلام السياسي، كما تقول صحيفة "أحوال".

اقرأ أيضاً: أردوغان وحراس الليل
لكنّ تركيا، وكما دأبت في دول أخرى؛ كالصومال والسودان وليبيا ودول البلقان، لا تكتفي بالطبع كعادتها بتقديم تلك المساعدات المحدودة، وبعقد صفقات اقتصادية مربحة لشركاتها، بل تسعى لزيادة نفوذها الديني والأمني في العالم الإسلامي، من خلال إرسال فرق للتعليم الديني وإحياء النفوذ العثماني التاريخي خارج حدودها.

صفقة صناعة أربع سفن حربية
ومؤخراً عزّزت تركيا تعاونها العسكري مع باكستان من خلال توقيعها صفقة صناعة أربع سفن حربية لصالح القوات البحرية الباكستانية، وتحظى الصفقة التي تعد الأكبر في مجال الصناعات الدفاعية التركية بأهمية كبرى لدى أنقرة.
وتحاول أنقرة تجميل صورتها لدى الباكستانيين الذين لا ينسون ما جرى قبل أربعة أعوام، حينما قامت السلطات التركية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2016 بترحيل عشرات المعلمين الأتراك، حيث وصفت منظمة العفو الدولية القرار بأنّه "مسيس"، ما أثار تظاهرات احتجاجية في العديد من المدن الكبرى في باكستان.

أفادت مصادر أنّ أردوغان عمل على تعزيز علاقات بلاده مع باكستان العدو التقليدي للهند، ضمن مساع لإعادة الإخوان للحكم

وأكدت باكستان أنّها أُمرت بترحيل 130 مدرساً، إضافة إلى موظفين في المدارس وعائلاتهم، أي إجمالي 450 شخصاً. وجرى في حينها اتهام مدارس "باك تورك إنترناشونال" الدولية الخاصة بأنّها مدعومة من جمعية "حزمت" (خدمة) التابعة للداعية التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن.
وتظاهر مئات الطلاب في إسلام أباد ولاهور وكراتشي ضد القرار، الذي دانته الصحافة الباكستانية. وقال مسؤولو المدارس، إنّ نحو 10 آلاف طالب سيتأثرون بالقرار، وهو ما يعد ضربة للتعليم في باكستان، حيث تشير الأرقام الرسمية إلى أنّ 24 مليون طالب غير ملتحقين بالمدارس.
وقالت منظمة العفو الدولية في بيان لها إنّ هذه الخطوة "ستضر فقط بأطفال باكستان". وصرح تشامبا باتيل مدير المنظمة في جنوب آسيا "ما تحتاج إليه البلاد هو المزيد من الغرف الصفية والمعلمين، وليس قرارات مسيسة بتطهير المعلمين بناء على تعليمات الحكومة التركية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية