العراق: الاحتجاجات المطلبية بين مطرقة الصدريين وسندان الإطار التنسيقي

العراق: الاحتجاجات المطلبية بين مطرقة الصدريين وسندان الإطار التنسيقي

العراق: الاحتجاجات المطلبية بين مطرقة الصدريين وسندان الإطار التنسيقي


21/05/2023

اتهم متظاهرون عراقيون طرفي الصراع السياسي الشيعي "التيار الصدري، والإطار التنسيقي" باستثمار مطالبهم الاحتجاجية، وتوظيفها لغايات سياسية لا تمتّ لهم بصلة. في حين شهدت العاصمة بغداد ومدن جنوبية أخرى تصاعد احتجاجات المحاضرين "المجانيين" في المدارس العراقية، والتنديد بعدم شمولهم في التوظيف الحكومي المنتظر عقب إقرار الموازنة العامة من قبل البرلمان الاتحادي الشهر الجاري.

واندلعت في بغداد منتصف الأسبوع الماضي مواجهات بين محتجين يرتدون الأكفان البيضاء، وقوات الشرطة المحلية، وقام البعض الآخر بإضرام النيران في شوارع مدينة الصدر ومناطق شرقي العاصمة. وهو ما دفع إعلام "الإطار التنسيقي" قائد الائتلاف السياسي، المشكل لحكومة محمد شياع السوداني، إلى التصعيد واتهام الصدريين بركوب موجة الاحتجاجات المطلبية.

ويرمي "التيار الصدري" باللائمة على جماعة "أصحاب القضية" المطرودة من التيار، بتشويه سمعة الصدر، والعمل على إرباك الوضع الأمني في البلاد، متهماً من وصفهم بـ "الميليشيات الوقحة"، في إشارة إلى الفصائل الشيعية المقرّبة من إيران، بدعم هذه الجماعة العقائدية "المنحرفة" من أجل الإساءة إلى الصدريين.

ويعيش المناخ السياسي هدوءاً نسبياً وحذراً منذ إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اعتزاله العمل السياسي وانسحاب كتلته النيابية من البرلمان في حزيران (يونيو) الماضي، في حين يلمّح الأخير بين الحين والآخر إلى محاولة القوى الشيعية المنافسة له شق تياره الشعبي، واستغلال عكوفه عن السياسة والتعليق المتواصل على الأحداث.
 

محتجون يرفضون استثمارهم

وقد صعّد المحتجون المطالبون بتثبيت شريحة المحاضرين المجانيين في وزارة التربية العراقية من لهجة خطابهم الإعلامي، في مسعى منهم لفكّ أيّ التباس بشأن دعمهم من قبل القوى المناوئة للحكومة الحالية. ويرى القائمون على الاحتجاجات أنّ حركتهم الاحتجاجية مطلبية خالصة، ولا شأن لها بالصراع السياسي الدائر بين تكتلي "التيار الصدري" و"الإطار التنسيقي".

تظاهرة للمحاضرين المجانيين في محافظة ذي قار جنوب العراق

وعلى الرغم من عدم إكمال حكومة السوداني عاماً واحداً، إلّا أنّ العاصمة بغداد وبعض المدن الشيعية شهدت (3) احتجاجات مطلبية لغاية الآن، تتعلق بارتفاع أسعار الدولار أمام الدينار العراقي، وغلاء الأسواق المحلية، وعدم تعيين المدرِّسين المجانيين في المدارس الحكومية.

ولم يغب جمهور التيار الصدري عن المشاركة في هذه الاحتجاجات، بوصفه شريحة مجتمعية كبيرة تشترك مع المحتجين في مطالبهم، إلا أنّ الاحتجاجات أخذت تنحى منحى سياسياً وممارسات عنفية تجاه القوات الأمنية، فضلاً عن حرق بعض البنى التحتية تحت مسمّيات "الغضب الشعبي".

ويحاول القائمون على تظاهرات المحاضرين المجانيين التأكيد على استقلالية تظاهراتهم، وتحديد هوياتها بالمطلبية، والابتعاد عن الحزبية السياسية المتصارعة بين "التيار" و"الإطار".

 شهد العراق الأيام الماضية عملية حرق لجامعة أهلية ولعدد من أشجار النخيل في الشوارع العامة من قبل محتجين شاركوا في تظاهرات غاضبة انطلقت قبل يومين شرقي بغداد

ويقول حازم الكناني، ناشط احتجاجي في تظاهرات بغداد: إنّ "المحاضرين المجانيين يطالبون بحقهم القانوني في التثبيت الوظيفي في وزارة التربية، لأنّهم أعطوا الكثير لهذه الوزارة، والشريحة الطلابية، والأسرة التربوية"، مبيناً أنّ "من حق المحاضر المجاني على الدولة أن ترد لهُ جميل عطائه، بوظيفة تحفظ له حقه، وكيانه، ومستقبله".

ويضيف لـ "حفريات" أنّ "الشريحة المظلومة من المحاضرين المجانيين لا تطلب المستحيل، ولا تطلب قضايا تعجيزية، هي تريد أن تُشمل ضمن الشرائح الاجتماعية الأخرى في الوظائف الحكومية"، مشيراً إلى أنّ "إقرار الموازنة المالية على الأبواب، وهذه هي الفرصة الأخيرة لتثبيت حقوقهم لدى الدولة عبر الموازنة".

وينفي الكناني أيّ دوافع سياسية وراء خروج تظاهراتهم، ويؤكد أنّ "الهدف الأساسي لتظاهراتنا هو توظيفنا رسمياً لدى الحكومة، وتحديداً لدى وزارة التربية، من أجل العيش بكرامة واستقرار"، مشدداً على رفضه لـ "محاولة استثمار أيّ طرف سياسي لتظاهراتنا، كما نرفض الادعاءات التي تقول إنّ التظاهرات مسيّسة".

تنديد وبراءة

وقد تجمع المئات من المحاضرين المجانيين في مدينة الصدر شرقي بغدادالأربعاء الماضي أمام منزل ممثلهم في الاحتجاجات مالك هادي، للتنديد بفعل القوات الأمنية التي اقتحمت منزل الأخير عقب اتهامه بحرق إطارات وقطع الطرق خلال اليومين الماضيين.

إغلاق مديرية تربية محافظة الديوانية من قبل متظاهري شريحة المحاضرين المجانيين بالمحافظة

وشهد منتصف الأسبوع الماضي عملية حرق لجامعة أهلية، ولعدد من أشجار النخيل في الشوارع العامة، من قبل محتجين شاركوا في تظاهرات غاضبة انطلقت قبل يومين في منطقة شارع فلسطين شرقي العاصمة.

وأغلقت القوات الأمنية قبل أيام المناطق المؤدية إلى المنطقة الرئاسية الخضراء، بعدما شهدت بغداد تظاهرة عبّأ لها إداريو التحشيد التربوي في عموم المحافظات. وأعلن المتظاهرون عن براءتهم من أعمال العنف التي طالت عدة مرافق حيوية داخل العاصمة، وأكدوا أنّ تظاهراتهم سلمية وذاهبة نحو تحقيق المطالب الحقوقية.

الإطار يلتجئ إلى الصمت

على الرغم من تصاعد حدة البيانات الإعلامية من قبل المحاضرين المحتجين، والتيار الصدري على حد سواء، إلا أنّ "الإطار التنسيقي" لجأ إلى الصمت وعدم التعليق والرد بشأن الاتهامات التي توجه له من قبل الطرفين. ويحمّل المحتجون الكتلة المشكلة للحكومة مسؤولية مصيرهم في حال عدم شمولهم في التعيين، بينما يرى الصدريون أنّ "الإطار" يفشل في تحقيق المطالب الشعبية، وأنّه يسعى لشقّ التيار الصدري لإرباك وضعه المعارض.

حازم الكناني: الهدف الأساسي لتظاهراتنا هو توظيفنا رسمياً لدى وزارة التربية، ونرفض استثمار طرف سياسي معيّن لتظاهراتنا، ومحاولة آخر اعتبارها مسيّسة

واكتفت القنوات والوسائل الإعلامية التابعة لـ "الإطار التنسيقي" بعرض أحداث العنف التي رافقت عملية الاحتجاج في بعض المناطق الحيوية داخل العاصمة بغداد، موجهين أصابع الاتهام إلى الصدريين ووقوفهم خلف التظاهرات، وقيامهم بحرق المرافق العامة، ومحاولتهم إشغال الحكومة عن الملف الخدمي الذي تعهدت بإنجازه.

وردّت القنوات التابعة والمقربة من التيار الصدري على مزاعم التكتل الولائي لإيران، بأنّ التكتل سعى لتشكيل جماعة "أهل القضية" ودسّهم داخل جسد التيار، لتشويه سمعة الصدر وأنصاره. واعتبرت أنّ عمليات الحرق والتخريب قامت بها تلك الجماعة التي أعلن مقتدر الصدر براءته منها.

إحدى المحاضرات المجانيات منذ سنين ترفع لافتة في الاحتجاجات الأخيرة في مدينة بغداد

وعُرفت جماعة "أهل القضية" بأنّها مجموعة متشددة بمناصرتها للصدر وتبجيلها له، حتى إنّها زعمت أنّه "الإمام المهدي المنتظر"، وراحت خلال شهر رمضان الماضي تحشد للتحرك ومبايعته. وكرر زعيم التيار الصدري براءته ثانية منهم، وذلك عبر تسجيل صوتي غاضب بثه عبر حسابه على (تويتر)، بعد إعادة فتحه مساء الأحد الماضي، اتهم فيه "الميليشيات الوقحة" ومن سمّاهم بـ "المغالين بحبه" والمنحرفين عقائدياً، وقرر معاقبتهم بإيقاف مراسم العزاء الخاص بذكرى اغتيال والده (آية الله محمد الصدر، اغتاله صدام حسين عام 1999)، وإلغاء زيارة مرقده.   

مواضيع ذات صلة:

نار الخلاف تستعر داخل المكوّن المسيحي في العراق.. ما علاقة الحشد الشعبي؟

العراق: اتهامات لسياسيين بدعم النزاعات العشائرية على حساب سلطة الدولة... كيف ولماذا؟

هل يتدخل المجتمع الدولي لحل أزمة المياه بين العراق وإيران وتركيا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية