هل يتدخل المجتمع الدولي لحل أزمة المياه بين العراق وإيران وتركيا؟

بسبب تركيا وإيران .. الجفاف يضرب العراق .. والسوداني يطالب بتدخل دولي عاجل

هل يتدخل المجتمع الدولي لحل أزمة المياه بين العراق وإيران وتركيا؟


10/05/2023

يمرّ العراق بأزمة جفاف قاسية تضرب نهريهِ دجلة والفرات، نتيجة قلة هطول الأمطار، وتحكم تركيا وإيران بالحصص المائية لـ"وادي الرافدين" الذي يعتمد بشكلٍ أساس في تأمين مياههِ من المنابع المائية في البلدان المجاورة له.

تفاقم الأزمة المائية قادت رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى المطالبة بـ"تدخل دولي عاجل"؛ إذ يواجه العراق خطراً لا يقل عن خطري تنظيم "داعش"، وجائحة كورونا التي ضربت البلاد والعالم أجمع، فيما أعلنت وزارة الموارد المائية عن موافقة طهران وأنقرة على عقد اجتماع فنيّ "في القريب العاجل"؛ لبحث ملف المياه بين البلدان الثلاث، والعمل على حل ضعف الاطلاقات المائية المخصصة من كلا البلدين إلى العراق.

وبدأت أزمة الجفاف تتفاقم في أعوام (2020- 2021- 2022) لتصل إلى ذروتها في العام الجاري (2023)، وهو ما دفع البعثة الأممية لدى بغداد إلى مخاطبة المجتمع الدولي، لمساعدة العراق، على حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث الذي يواجهه، كما سبق لوزير الموارد المائية في الحكومة العراقية السابقة، أن هدد بتدويل أزمة المياه مع تركيا وإيران، واتّهم، عبر حوار أجرتهُ معه "حفريات"، إيران برفض تقاسم الضرر المائي مع جارهِ الغربي.
 

مؤتمر دولي في بغداد

لطالما عقدت العاصمة العراقية، مؤتمراتٍ عدة لمناقشة ملفاتها الأمنية والاقتصادية والسياسية، إلا أنّ المؤتمر الأخير الذي عقد في 7 مايو (أيار) الجاري، قد خُصص لمناقشة ملف المياه، وكيفية تفعيل التنسيق المشترك مع الدول المتشاطئة مع العراق؛ لتقليل أزمة الجفاف التي تعيشها البلاد.

المؤتمر الذي حضرتهُ شخصيات دولية ومحلية، وافتتحهُ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، حمل شعار (شحة المياه، أهوار وادي الرافدين، بيئة شط العرب مسؤولية الجميع). وشدد السوداني على أنّ العراق "واحد من البلدان التي تعاني من آثار اجتماعية واقتصادية بسبب شح المياه"، مطالباً بـ"تدخل دولي لإنقاذ نهري دجلة والفرات وتركيز الجهود على إبعاد مخاطر الجفاف والتخفيف من آثارها".

تفاقم الأزمة المائية قادت رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى المطالبة بـ"تدخل دولي عاجل"

وخرج المؤتمر بعدة توصيات، تلخصت في "دعوة الدول المتشاطئة في حوضي نهري دجلة والفرات للانضمام إلى (اتفاق هلسنكي للمياه) الموقع عام 1992، و(اتفاق الأمم المتحدة) الموقع عام 1997، بهدف الحفاظ على المياه العابرة للحدود من التلوث، بغية ضمان استدامة التنوع البيولوجي في مناطق الأهوار، وبيئة شط العرب، والأراضي الرطبة بصورة عامة.

وطالب المؤتمر بـ"دعم العراق في مجال استدامة الموارد المائية العابرة للحدود"، فيما حض الدول المتشاطئة لإبرام اتفاقات ثنائية معه حول تحديد حصة منصفة ومعقولة من تلك الموارد وتفعيل الاتفاقات المبرمة.

هذا العام سيكون صعباً وهناك تحديات أهمها كيفية توزيع هذه الكمية القليلة من المياه بشكل عادل

ويعزى تجاوز تركيا وإيران على الحصة المائية للعراق، إلى قيام كلا الدولتين ببناء سدود داخلية، أثرت بشكلٍ كبير على نهري دجلة والفرات اللذين ينبعان من دول أعالي الفرات، ويصبان داخل الأراضي العراقية.

دق ناقوس الخطر

ومنذ سنين عدة يجري العراق مباحثات مع دول المنبع المائي، لتعزيز إطلاقاتهِ المائية في حوضي دجلة والفرات، إلا أنّ النتائج عادةً تأتي في إطار ترقيعي، وحلول لا تفي بالغرض على نحو استراتيجي بالنسبة إلى العراق، هذا ما يجعل الحماسة مفقودة على مخرجات الاجتماع الفني القريب بين بغداد وأنقرة وطهران، لاسيما أنّ وزارة الموارد المائية العراقية قد دقت ناقوس الخطر لصيف العام الحالي.

وكان الموسم الجاري، قد شهد هطول أمطار أفضل نسبياً من الأعوام الثلاثة الماضية، إلا أنّ الوزير العراقي عون ذياب، أكد أنّ وزارته "ستكون بعد شهر مايو (أيار)، أمام تحديات كبيرة، تتمثل في ارتفاع درجات الحرارة، وما ينتج عنه من تبخير للمياه، بالإضافة إلى حاجة المواطنين للاستهلاك".

ورجح أن "هذا العام سيكون صعباً، وهناك تحديات أهمها كيفية توزيع هذه الكمية القليلة من المياه بشكل عادل".

وتحاول الحكومة العراقية أن تلجأ إلى حلول عملية عبر القنوات الدبلوماسية، ولا تتبنى خطاباً تصعيدياً كما كان في الحكومة السابقة، التي هددت بشكوى إيران وتركيا لدى محكمة العدل الدولية. وفي آذار (مارس) الماضي، التقى رئيس الوزراء محمد السوداني، الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، في أنقرة، حيث وعدهُ الأخير بزيادة إطلاقات الحصة المائية للعراق. 

شل الحياة الزراعية

ومن جانبٍ آخر، تقلّصت المساحات المزروعة في العراق بعد تفاقم أزمة المياه، وتصحر التربة التي كانت بحاجة لمناسيب كبيرة من مياه الري، وبحسب إحصائية وزارة الزراعة العراقية، إنّ مساحة الأراضي الزراعة المستغلة، تبلغ 18 مليون دونم من أصل 32 مليون دونم؛ أي ما يقارب نصف الأراضي الزراعية في العراق، غير مستغلة زراعياً.

منذ سنين عدة يجري العراق مباحثات مع دول المنبع المائي

ولم تكن قلة المياه وحدها هي من شلّت الحياة الزراعية في وادي الرافدين، بل هناك عوامل أخرى، تتقدمها العمليات العسكرية، لاسيما في المناطق التي شهدت قتالاً مع تنظيم داعش الإرهابي خلال الأعوام الماضية، إلا أنّ جفاف زراعة مدن جنوب وشرق العراق، يعود إلى الضعف المائي فقط؛ لأن أراضي هذه المدن المتاخمة مع إيران، من أخصب أراضي العراق، لكنّ بناء إيران لسدود صغيرة عدة؛ أدت إلى ضعف الإطلاقات المائية لتلك الأراضي الزراعية الخصبة.

ويسجل مراقبون بيئيون اعتراضهم على الخطة الحكومية في الزراعة وتخزين المياه، لجهة عدم استثمار مياه الأمطار، وعدم إجادة الخزن المائي، واعتماد آليات زراعية حديثة. ويؤكد مختصون أنّ الخطة الزراعية يجب أن ترسم على وفق ما متاح من كمية مائية، وليس وفق افتراضات تؤدي بالخطة إلى الفشل؛ حيث ترسم في العادة الخطة الزراعية على أساس 30 إلى 40 مليار متر مكعب، علماً أنّ المتوفر 10 مليارات متر مكعب من المياه.

مواضيع ذات صلة:

شاهد.. جفاف نهري دجلة والفرات بالعراق... هل تواصل تركيا سياستها المائية؟

الأكبر منذ 2011... الجفاف يهدد بمجاعة في القرن الأفريقي... هل من حلول؟

الجفاف يضرب أوروبا والقرن الأفريقي.. ما تداعيات ذلك؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية