السقطة المدوية للعدالة و التنمية.. خبراء يبحثون في المسببات الأساسية

السقطة المدوية للعدالة و التنمية.. خبراء يبحثون في المسببات الأساسية


11/09/2021

أمال كنين

الأمر لا يتعلق بـ”فشل كبير”، بل هو “انهيار”؛ هكذا يفضل الخبراء توصيف الخسارة المدوية التي مني بها حزب العدالة والتنمية خلال انتخابات 8 شتنبر، متراجعا إلى الرتبة الثامنة بعدما قاد الحكومة لولايتين متتاليتين.

الحزب حصل بشق الأنفس على 13 مقعدا نيابيا فقط، في حين حصل خلال الانتخابات السابقة على 125 مقعدا.

وفي هذا الإطار، قال الأكاديمي والمحلل السياسي مصطفى السحيمي إن “هذا الحزب الذي جاء سنة 2011 باعتباره حزب التغيير، لم يعد يعتبر خلال 2021 كذلك”.

وقال أحمد البوز، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، إن ما حصل لحزب العدالة والتنمية “ليس هزيمة، بل هو انهيار يشكل تهديدا وخطرا حادا ونافذا على وجوده كحزب، وقد يؤدي إلى حله”.

وأضاف البوز أن “أكثر المتشائمين لم يكونوا يتوقعون هذه النتيجة التي تسائل حتى المنطق الانهزامي في الحملات الانتخابية، وتسائل المنطق الانتخابي”، متسائلًا: “هل هناك خيال سياسي يستوعب هذا النوع من الخسارة الانتخابية؟”.

من جانبه، قال محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، إن “الحزب الذي ظل يعمل على ترسيخ نفسه كأقوى الأحزاب في الساحة السياسية، تبخرت قوته الانتخابية وشعبيته بشكل دراماتيكي”، موردا أنه “انطلق بقوة في 2011 ووصل منهكا خلال 2021”.

صعوبات شتى

من ضمن أسباب الفشل الذريع للحزب، ذكر السحيمي في تصريح لهسبريس ما واجهته الحكومة السابقة من صعوبات، قائلا: “هناك حكومات قادها قياديون في الحزب، سواء عبد الإله بنكيران أو سعد الدين العثماني، وهناك الحصيلة بها ما هو إيجابي وما هو سلبي، لكن المواطن يقوم بحساباته”.

وأكد السحيمي أن حكومة العثماني واجهتها صعوبات عدة منذ بدايتها، مشيرا إلى أن من “أوائل العقبات التي واجهتها هناك حراك الريف، عقبه تقرير مجلس الحسابات، ناهيك عن إقالة أربعة وزراء في أكتوبر 2017، أي ستة أشهر بعد تعيين الحكومة، ثم إقالة وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد في أكتوبر 2018، بعده شرفات أفيلال عقب عشرين يوما، ليليها التعديل الحكومي في أكتوبر 2019”.

وأشار السحيمي كذلك إلى “ما جاء في الخطاب الملكي في أكتوبر 2017، الذي تحدث عن إصلاح ونموذج جديد للتنمية عقب فقط ستة أشهر من تشكيل الحكومة، ناهيك عن أزمة جائحة كوفيد-19 وما خلفته، سواء تعلق الأمر بالأزمة الصحية أو المالية”.

وذكّر الأكاديمي ذاته أيضا بـ”المشاكل التي واجهها الحزب مع الأغلبية التي شكلت الحكومة، والتي جعلت العثماني ينتقل من دور القائد فيها إلى مجرد منسق فقط”.

إصلاحات ملكية

السحيمي نبه إلى أن جميع الإصلاحات الكبرى خلال السنوات العشر الماضية، “كانت بمبادرات ملكية، سواء تعلق الأمر بالجهوية، أو إصلاح نظام التعليم، أو ورش الحماية الاجتماعية، أو إرساء نموذج تنموي جديد، وغيرها”، موردا أن “هذه الحكومة كانت ضعيفة من هذه الناحية”.

وتابع المتحدث، ضمن التصريح نفسه، بأن “الحكومة كانت تعمل بسياسات قديمة في حين هناك استراتيجيات جديدة جاء بها النموذج الجديد للتنمية”.

حزب دون زعيم

اعتبر البوز أن من أسباب فشل حزب العدالة والتنمية أنه “كان طيلة السنوات الست الأخيرة بدون كاريزما وبدون زعيم”، مؤكدا أنه “خلال 2016، كان العامل الأساسي للنجاح هو بنكيران وصوته وقفشاته، وهو ما فقد مع العثماني”.

وأكد البوز أن “البيجيدي” “فشل في ترجمة شعاراته الرنانة التي جذبت له الناخبين سابقا”، مشيرا إلى أنه خاض الانتخابات الحالية بدون شعار.

ازدواجية الخطاب

لم يعجز حزب العدالة والتنمية فقط عن بلورة شعار، بل سقط أيضا في ازدواجية الخطاب، بحسب البوز الذي أشار إلى “وجود فرق كبير بين ما كان ينادي به الحزب وما قام به خلال السنوات الأخيرة من سلوكات مختلفة”.

وقال: “اتخذ حزب العدالة والتنمية قرارات ضد الطبقة التي صوتت له، وسقط في الازدواجية في قضية التطبيع مع إسرائيل، خاصة أنه حزب بني على شعارات القومية والدفاع عن القضية الفلسطينية وغيرها، لكنه سرعان ما سقط في المحظور”.

خلافات تنظيمية

لم ينجح حزب العدالة والتنمية خلال السنوات الأخيرة في ترميم بيته الداخلي، فـ”جزء منه لم ينس قصة البلوكاج الذي تسببت فيه بعض قيادات الحزب، ناهيك عن الانقلاب على بنكيران”، يقول البوز، موضحا أن هناك قيادات لم تخف غضبها، وهو ما دفعها إلى عدم التصويت للحزب، بل ولم تقم بالدعاية له.

وذكر البوز أن هناك خلافات طفت على السطح بمناسبة الترشيحات، وقال: “هي خلافات كانت دائما لكن اليوم مخلفاتها كبيرة على الحزب لكون الأعضاء لم يعودوا يستسيغونها”.

لا جديد

في نظر بودن؛ لم يعد لحزب العدالة والتنمية ما يقدمه؛ فقد “أنهكته المشاركة في السلطة لحوالي عشر سنوات، وأيضا حصيلته في التدبير على مستوى الجهات كانت ضعيفة”.

وأضاف أن “المتصدر في أي منافسة يكون مستهدفا، وحزب العدالة والتنمية كانت الأنظار مسلطة عليه من قبل منافسيه، كما أن وضعه الداخلي أثر عليه”.

وأبرز بودن أنه على الرغم من الأزمات الداخلية المتحكم فيها على مستوى الحزب، “إلا أنها أثرت بشكل كبير، إذ لم يكن هناك تنسيق في الخرجات بين قيادات الصف الأول، ناهيك عن أن أمانته العامة في محطات كثيرة افتقدت وحدة الرؤية والموقف”.

السياق الإقليمي

ذكّر بودن بما أسماه “السياق الإقليمي”، قائلا: “إقليما، تضررت مكانة أحزاب الإسلام السياسي في المنطقة، والمغرب لم يكن استثناء في هذه الحالة”.

ونبه المتحدث إلى أن “المشهد السياسي المغربي لم يعد مطبوعا بعدم اليقين السياسي، بل هناك مشهد جديد يتشكل بنوع من التقاطب الثلاثي لأحزاب لها توجهات مشتركة”.

عن "هسبريس"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية