الحرائق تلتهم غابات تركيا... هل يتحمل نظام أردوغان المسؤولية؟

الحرائق تلتهم غابات تركيا... هل يتحمل نظام أردوغان المسؤولية؟


03/08/2021

قتل 8 أشخاص، على الأقل، وجرح العشرات في حرائق الغابات التي اجتاحت جنوب تركيا ودمرت غابات ومنتجعات ساحلية وأجبرت السياح على الفرار.

وتلتهم النيران الغابات منذ أيام واضعة تركيا في مواجهة أسوأ أزمة حرائق منذ عقد، على طول السواحل التركية على البحر المتوسط وبحر إيجة، إحدى المناطق السياحية الرئيسية في البلاد.

وقالت السلطات التركية أمس إنها احتوت أكثر من 130 حريقاً، وما تزال جهود مكافحة الحرائق مستمرة، وأظهرت صور الأقمار الصناعية غابات شاسعة محترقة بعد أن التهمت النيران ما يقرب من 100 ألف هكتار، وفق ما نقلت وكالة الأناضول.

قتل 8 أشخاص على الأقل وجرح العشرات في حرائق الغابات التي اجتاحت جنوب تركيا

وأشارت إلى تواصل اشتعال 7 منها، معظمها على مقربة من مدينتي أنطاليا ومرماريس السياحيتين.

وقال وزير الزراعة والغابات بكر باك ديميرلي في تصريح صحفي: إنّ 7 حرائق ما زالت مشتعلة نتجت عن ارتفاع درجات الحرارة إلى نحو 40 درجة مئوية وقوة الرياح وانخفاض في معدلات الرطوبة.

إقرأ أيضاً:أردوغان يواصل دعمه لإثيوبيا.. ماذا عن علاقة تركيا بمصر

ووفقاً لما نقلته "بي بي سي"، أمس، فإنّ رجال الإطفاء استأنفوا عمليات إطفاء الحرائق بالطائرات والمروحيات في الكثير من المدن بجنوب غرب البلاد، وقاموا بتجهيز قوارب إجلاء على الشواطئ لتتمكن من نقل المواطنين والسياح إذا ما استمرت النيران.

وسارع الاتحاد الأوروبي أمس إلى مد يد العون لتركيا لإخماد النيران المشتعلة منذ أسبوع التي أودت بحياة 8 أشخاص وفاقمت الضغوط على أردوغان.

السلطات التركية تؤكد أنها احتوت أكثر من 130 حريقاً، وتواصل اشتعال 7 منها، معظمها على مقربة من أنطاليا ومرماريس

وقال الاتحاد الأوروبي إنه ساعد في حشد 3 طائرات لمكافحة الحرائق، واحدة من كرواتيا واثنتان من إسبانيا، انضمت إلى فرق من روسيا، وإيران، وأوكرانيا، وأذربيجان، وفق وكالة "رويترز".

 حرائق الغابات التي اجتاحت جنوب تركيا دمرت غابات ومنتجعات ساحلية

وأفاد الاتحاد الأوروبي بأنه "يتضامن بشكل كامل مع تركيا في هذه الأوقات الصعبة للغاية"، في رسالة هدفها إظهار حسن النية بعد عام من الخلافات بين الطرفين.

من جهته، شكر وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو بروكسل أمس لإرسالها طائرة من كرواتيا وطائرتين من إسبانيا، حسبما نقلت وكالة أنباء تركيا.

الاتحاد الأوروبي ساعد تركيا في حشد 3 طائرات لمكافحة الحرائق، واحدة من كرواتيا واثنتان من إسبانيا

وامتدت تداعيات الكارثة إلى أبعد من الغابات، فقد عرّضت أردوغان، الذي يخوض انتخابات خلال عامين قد تؤدي إلى تمديد حكمه لعقد ثالث، إلى موجة انتقادات لاستجابته التي بدت بطيئة ومنفصلة عن الواقع.

وتعرّض الرئيس لانتقادات شديدة، خصوصاً نهاية الأسبوع لرميه أكياس الشاي للسكان أثناء قيامه بجولة في إحدى المناطق الأكثر تضرراً، وكشفت الحكومة عن أنها لا تملك طائرات مخصصة لمكافحة الحرائق، ويتعيّن عليها بالتالي الاعتماد على المساعدة الخارجية لمكافحة النيران.

وشنّ زعيم المعارضة في تركيا رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو هجوماً لاذعاً على أردوغان، على خلفية تأخر السيطرة على حرائق الغابات المستعرة منذ الأربعاء الماضي.

كيليتشدار أوغلو: أردوغان اشترى 13 طائرة خاصة لنفسه، ولكنه كان يمكن أن يشتري طائرة واحدة لنفسه و12 طائرة لإطفاء الحرائق

وقال كيليتشدار أوغلو خلال أول زيارة له إلى ولاية أنطاليا بعد الحرائق التي حدثت: إنّ أردوغان اشترى 13 طائرة خاصة لنفسه، ولكنه كان يمكن أن يشتري طائرة واحدة لنفسه، ويشتري 12 طائرة إطفاء أخرى لإخماد الحرائق، وفق ما نقلت صحيفة "زمان" التركية.

إقرأ أيضاً : هل قتلت سياسة أردوغان عائلة أوغلاري الكردية؟

وأضاف كيليتشدار أوغلو أنّ أردوغان في السلطة منذ 19 عاماً، فإذا تم شراء طائرة إطفاء واحدة كل عام، فسيكون لدى تركيا اليوم 19 طائرة إطفاء.

وفي الإطار ذاته، تقدم حزب معارض، تصنفه تركيا "إرهابياً"، بشكوى ضد أردوغان ووزراء في حكومته ومحافظين ومديرين تنفيذيين في المؤسسة التركية للطيران على خلفية الفشل في السيطرة على حرائق الغابات التي أتت على مساحات خضراء ومساحات زراعة واسعة في 7 محافظات كبرى منذ الأربعاء الماضي.

حزب التحرير يتقدم بشكوى ضد أردوغان ووزراء في حكومته ومحافظين ومديرين تنفيذيين على خلفية الفشل في السيطرة على الحرائق

وبحسب موقع "أحوال تركيا"، فإنّ محامين عن حزب التحرير الشعبي رفعوا دعوى قضائية ضد كل من أردوغان ووزير الزراعة والغابات بكير باكدميرلي ووزير الداخلية سليمان صويلو ومحافظي كل من أنطاليا وموغلا ورئيس مجلس أمناء المؤسسة التركية للطيران ونائبه وعضو في المجلس وقائد القوات الجوية حسن كوجوكاكويز والقائد العام لقوات الدرك عارف جيتين وقادة قوات الدرك بالمحافظتين.

واتهم الحزب في الدعوى الجنائية الرئيس وعدداً من وزرائه وقادة ومسؤولين بالإهمال وبالمسؤولية عن فساد في المناقصات وإساءة استخدام الوظيفة العامة.

مكتب أردوغان حمّل في البداية مخرّبين مسؤولية الحرائق التي تُعد الأسوأ في تركيا، لكن ما لبثت أن تبخرت هذه النظرية مع ارتفاع عدد الحرائق

وقد عرّت الحرائق الدعاية الرسمية المغرقة في تضخيم إنجازات حزب العدالة والتنمية ورئيسه أردوغان، والمكابرة والعناد في مواجهة كارثة طبيعية كان يفترض أنّ الدولة التركية مستعدة لها والتعامل معها بشكل استباقي من خلال نظام فعال للمراقبة والتعامل السريع معها قبل أن تكبر لتأتي على الأخضر واليابس، رغم المساعدة التي تقدمها عدة دول من بينها روسيا وأوكرانيا وحتى خصوم تركيا الإقليميين.

ورغم الكارثة، استمرت الدعاية الرسمية بنشر الأكاذيب للتهرب من المسؤولية، فقد حمّل مكتب أردوغان في البداية مخرّبين مسؤولية الحرائق التي تُعد الأسوأ في تركيا منذ عقد، وربطت وسائل الإعلام الموالية للحكومة الحرائق بالمسلحين الأكراد الذين يشنّون تمرّداً دامياً ضد الدولة، لكن ما لبثت أن تبخرت هذه النظرية مع ارتفاع عدد الحرائق.

وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو في تصريح أوردته "ترك برس": إنّ مكتبه يحقق في كل الفرضيات، وسيتوصل إلى استنتاجات أكثر متانة بمجرد إخماد الحرائق.

الحرائق تلتهم غابات تركيا

من جهته، رفض مدير دائرة الاتصال الخاصة بالرئيس فخر الدين ألتون الانتقادات الموجهة للحكومة، ودان حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تطلب المساعدة من الخارج.

صحفي مقرب من أردوغان يحمّل حزبي الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي المعارضين المسؤولية عن حرائق الغابات

وقال ألتون أمس: إنه تمّت السيطرة على 125 حريقاً من بين 132حريقاً في تركيا، ولكنّ الحرائق التي لم يتم إخمادها ما زالت ممتدة وخطيرة.

بدوره، حمّل الصحفي التركي إبراهيم قاراجول، المقرب من الرئيس أردوغان، حزبي الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي المعارضين المسؤولية عن حرائق الغابات التي تشهدها عدّة مدن تركية.

وتعمد قاراجول خلال تدوينة على تويتر تحريف اسم أكبر أحزاب المعارضة للربط بينه وبين الانفصاليين الأكراد، وقال: "إنّ حزب الشعب الكردستاني تحرك جنباً إلى جنب مع حزب العمال الكردستاني في حرائق الغابات"، وفق ما أوردت صحيفة "زمان" التركية.

إقرأ أيضاً: تقرير أمام مجلس الأمن يفتح ملف تورط تركيا في دعم المتطرفين... ما الجديد؟

وأضاف قاراجول أنّ "هناك تحالفاً قذراً يجمع بين الحزبين"، في إشارة إلى التحالف الانتخابي غير الرسمي بين حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديموقراطي الكردي، موجهاً كلامه لرئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو، وقال إنّ "هذه الكارثة هي مسألة أمن قومي".

وعقب نشر هذه التدوينة، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حالة غضب من هذا المنشور، ممّا دفع قاراجول لحذفه من على حسابه.

وأظهر عضو مجلس إدارة حزب الشعب الجمهوري إرين إردام أقوى رد فعل على قاراجول، وقال إردام: "يكفي إلى هذا الحد! ليبتليك الله يا إبراهيم! ستدفع ثمن كذبك وافتراءاتك في المحاكم".

وأضاف أردام أنه سيرفع الأمر إلى القضاء، وسيجعل مثل هؤلاء يدفعون ثمن كل افتراء مشابه في محاكم مستقلة، منهياً كلامه بعبارة "عار على من يطعمكم".

بدوره، رفع زعيم المعارضة في تركيا رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو دعوى قضائية ضد قاراجول.

وقال محامي كيليتشدار أوغلو جلال تشيلاك: إنّ الدعوى القضائية ضد رئيس تحرير جريدة يني شفق السابق إبراهيم قاراجول تتهمه بالافتراء وإهانة زعيم المعارضة في تركيا.

وأضاف المحامي أنّ قاراجول ارتكب جريمة تحريض الناس على الكراهية والعداوة، وتم تقديم طلب لدى المدعي العام لرفع دعوى ضده.

وطالب المحامي في الدعوى القضائية بتعويض من قاراجول قدره 100000 ليرة.

وكان أردوغان قد أعلن قبل 3 أيام أنّ 6 ولايات جنوبي البلاد مناطق منكوبة جراء عشرات الحرائق التي اندلعت في الأيام الماضية، وقال مسؤولون أتراك إنّ هناك شكوكاً حول سبب اندلاع كثير من الحرائق في وقت متزامن، وتباشر السلطات الأمنية والقضائية تحقيقات بهذا الشأن.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية