الجيش السوداني والإخوان في مواجهة القوى المدنية والثورة... ما الجديد؟

الجيش السوداني والإخوان في مواجهة القوى المدنية والثورة... ما الجديد؟

الجيش السوداني والإخوان في مواجهة القوى المدنية والثورة... ما الجديد؟


30/01/2025

أثارت فيديوهات نشرتها كتائب الإخوان المسلمين حول الاستهزاء بالثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر البشير، و"الجلالة" التي رددها جنود من الجيش السوداني، ضد قوى الحرية والتغيير "قحت" المدافعة عن الحريات والديمقراطية في السودان والتحريض عليهم، أثارت الكثير من ردود الفعل الغاضبة، خاصة أنّها تعكس حقيقة الجيش والميليشيات الإسلامية الموالية له.

ووفق صحيفة (التغيير) السودانية، فقد انتشرت في الأيام الماضية جلالة "أهازيج خاصة بعناصر القوات المسلحة" تحت مسمّى "قحاتة يا كوم الرماد"، بعد أن رددها أفراد يرتدون زي الجيش السوداني، ممّا أثار ردود فعل واسعة وسط السياسيين والمثقفين، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي.

و"قحاتة" هي مفردة اشتقها مناوئو قوى الحرية والتغيير "قحت" المدافعة عن الحريات والديمقراطية في السودان، وتستخدم على سبيل التقليل من التحالف السياسي الذي بلورته الثورة ضد النظام البائد.

واتهم البعض الجيش بممارسة العمل السياسي للنيل من السياسيين والتضييق عليهم، من خلال استخدام تلك "الجلالات" التي تحرض على القوى المدنية التي ليست طرفاً في القتال الدائر الآن، وتهدف إلى إيقاف الحرب العبثية، كما وصفها  قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.

قائد الجيش السوداني: الفريق عبد الفتاح البرهان

وتم تداول "الجلالة" بكثافة في وسائل التواصل الاجتماعي، وتقول كلماتها "قحاتة يا كوم الرماد، بعتونا لي عرب الشتات، ولعتوا نيران في البلاد، وفزيتوا في يوم الثبات".

و"الجلالة" هي أهازيج خاصة بعناصر القوات المسلحة يتم تأليفها وترديدها بمصاحبة الموسيقى العسكرية أو بدونها لرفع الروح المعنوية للجنود.

وقال الخبير العسكري طارق محيسي: إنّ الجيش السوداني ليس حزباً سياسياً حتى يتبنّى خط جهة معينة ويعادي الأخرى، ومهمته الدفاع عن الوطن، ويجب أن يقف من جميع الأطراف على مسافة واحدة.

وأضاف لـ (التغيير): إنّ الجلالات تعبّر دائماً عن العقيدة العسكرية للجيش، وهذه هي عقيدة الجيش الحالي المختطف من الكيزان والفلول، حسب تعبيره.

وزاد محيسي: "ثم إنّ استراتيجية شيطنة الحرية والتغيير التي يتبعها الفلول عبر آلتهم الإعلامية، تعمل على ذلك في كافة المحاور، وفيها الجيش المختطف"، على حدّ قوله.

واتفق الناطق الرسمي باسم تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم" بكري الجاك، مع ما ذهب إليه الخبير العسكري طارق محيسي، وقال: إنّ مثل هذه "الجلالات" هو التوجه العام لشيطنة الأحزاب السياسية الداعية لوقف الحرب واستعادة التحول المدني الديمقراطي.

يوسف: قوى الثورة لن تنكسر، وستواصل نضالها لوقف الحرب ومعالجة آثارها الإنسانية، وإحلال السلام في كل ربوع البلاد، واستكمال مسيرة كانون الأول (ديسمبر) التي لن تتوقف.

وأكد لـ (التغيير) أنّ هذا هو الوجه الحقيقي للحرب، وهو تصفية ثورة كانون الأول (ديسمبر)، وإحراق القوى المدنية التي ظلت تمثل قوى الثورة.

وقد تصاعدت موجة الغضب في السودان إثر استهزاء مقاتلي ميليشيا "البراء بن مالك" الإخوانية، المتحالفة مع الجيش السوداني، بالثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر البشير.

وظهر عدد من مقاتلي الميليشيا، المنتمية للحركة الإسلامية وجناحها الإخواني في السودان، أمام جداريات تخلد شهداء الثورة الذين سقطوا برصاص أمن البشير، وهم يسخرون من الثورة ومطالبها المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة والحكم المدني الديمقراطي.

وأثار استهزاء ميليشيا "البراء بن مالك" بالثورة حفيظة لجان المقاومة، وهي الكيانات الشبابية التي قادت الاحتجاجات ضد نظام البشير، وما زالت تمثل قوة ضغط على السلطة العسكرية لنقل الحكم إلى المدنيين.

وفي بيان لها، قالت تنسيقية لجان مقاومة الكلاكلات وجنوب الخرطوم: "طالعنا استهزاء أفراد كتائب البراء بن مالك بثورة كانون الأول (ديسمبر) المجيدة ورموزها، وهو ليس بالأمر الجديد، فقد اعتادت قوى الثورة المضادة استعداء الثورة والثوار"، وفق ما نقل موقع (الراكوبة).

من جانبها، أصدرت تنسيقية لجان مقاومة كرري بياناً جاء فيه: "بأسف وغضب بالغين، تابعنا أفراداً من لواء البراء بن مالك وهم يسخرون من ثورة كانون الأول (ديسمبر) المجيدة"، مؤكدة أنّ “الثورة أكبر من أن يمسّها نكرة هنا أو هناك، فهي إرادة شعب كسر قيود الاستبداد وواجه كل أدوات القمع".

بدوره، شدد القيادي في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) خالد عمر يوسف على أنّ الثورة لن تُجهض رغم الحرب الدائرة، قائلاً عبر منصة (إكس): "قوى الثورة حية ولن تنكسر، وستواصل نضالها لوقف الحرب ومعالجة آثارها الإنسانية، وإحلال السلام في كل ربوع البلاد، واستكمال مسيرة كانون الأول (ديسمبر) التي لن تتوقف".

 القيادي في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم): خالد عمر يوسف

هذا، ودشّن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وسم "ديسمبر باقية وستنتصر"، معبرين من خلاله عن استنكارهم لاستهزاء ميليشيا البراء بن مالك الإخوانية بقيم الثورة الشعبية، معتبرين أنّ تصرفات هذه الجماعة تكشف الأهداف الحقيقية للحرب، التي تتلخص في القضاء على الثورة.

وكتب الناشط الشافي فضل على منصة (إكس): "ثورة (ديسمبر) كالبركان الثائر، تنفث حممها في صدور الأحرار والشرفاء، إنّها ثورة المطالب والمبادئ، ثورة المدنية ودولة المؤسسات والقانون والدستور".

أمّا يوسف النعمة، فقد نشر مقطع الفيديو الذي أظهر الميليشيا تسخر من الثورة، معلقاً: "متى يدرك الكيزان المجرمون وميليشياتهم أنّهم لن يفلحوا أبداً في إخماد ثورة كانون الأول (ديسمبر)، التي ضحى من أجلها شهداء وشهيدات من خيرة أبناء الشعب السوداني؟".

وفي السياق ذاته، وصفت الفنانة السودانية نانسي عجاج ثورة كانون الأول (ديسمبر) بأنّها "أسوأ كوابيس عناصر النظام البائد"، وكتبت على حسابها: "بعد كل الميزانيات الكبيرة التي خصصت لحملات إعلامية لخداع البسطاء بأنّ هذه حرب كرامة، تتكشف الحقيقة يوماً بعد يوم عبر الفيديوهات الموثقة. الأشرار أغبياء بالفطرة، وستظل ثورة كانون الأول (ديسمبر) أسوأ كوابيسهم".

ناشطون يدشنون على مواقع التواصل الاجتماعي وسم "ديسمبر باقية وستنتصر"، مؤكدين أنّ تصرفات الإخوان تكشف الأهداف الحقيقية للحرب.

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عثمان فضل الله أكد بدوره أنّ "ثورة كانون الأول (ديسمبر) ستظل مستمرة حتى اجتثاث آخر فاسد من النظام البائد، وإن تدثر بالكاكي"، مشيراً إلى أنّ "مارد ديسمبر سينهض من تحت هذا الدمار، ليحوّل ظلام الليل إلى نهار تسطع فيه شمس الثورة".

وهذه ليست المرة الأولى التي يستهزئ فيها أنصار النظام البائد والحركة الإسلامية بالثورة، فقد سبق أن ظهر أفراد نظاميون في مدينة بحري وهم يهددون القوى المدنية أمام أحد معتقلات جهاز الأمن، وقال أحدهم: "هذا معتقل جهاز الأمن الذي تعرفونه جيداً أيّها القحاطة"، في إشارة إلى قوى الحرية والتغيير.

كما هدد قناص يُدعى هيثم الخلاء الثوار قائلاً: "أيّها الثوار وكل من قال تسقط بس، لن ننساكم. نحن عناصر النظام البائد".

وفي حادثة أخرى، ظهر الناشط محمد عمر الشكري معلناً: "لا ثورة بعد اليوم"، لكنّه اضطر لاحقاً للاعتذار تحت ضغط الحملة التي واجهها على مواقع التواصل.

وقد خرج السودانيون في ثورة شعبية ضد نظام البشير، الذي سقط في 11 نيسان (أبريل) 2019، بعد أن انحاز الجيش إلى جانب المتظاهرين. غير أنّ تطلعات الشعب لم تكتمل، إذ قطع العسكريون الطريق أمام الحكومة المدنية، وقاموا بانقلاب على رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2021.

ومع مرور الوقت اكتشف السودانيون أنّ أنصار الحركة الإسلامية عادوا إلى المشهد السياسي، ممّا أدى إلى تصاعد التوتر داخل المكوّن العسكري، حتى انفجر الصراع بينهما في حرب ما تزال مستمرة منذ 15 نيسان (أبريل) 2023.

وانخرط أنصار النظام البائد في القتال إلى جانب الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع، وأسسوا كتائب جهادية، على رأسها "البراء بن مالك"، التي دأب قادتها على إطلاق تصريحات مناهضة للثورة والثوار الذين أطاحوا بحكمهم قبل (5) أعوام.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية