الجزائر والأزمة الليبية.. هل من جديد؟

الجزائر والأزمة الليبية.. هل من جديد؟


04/07/2022

الشأن الليبي وأزمته السياسية، ودخول المنطقة الجنوبية على خط الخلافات والانقسامات، وتحرك دولي خفي لدعم جهات معينة في تلك المنطقة، أعاد ملف الجزائر وتدخلها في ليبيا إلى الواجهة، عبر تمويل حركات انفصالية لتحقيق أهداف ومكتسبات في ليبيا، كانت قد سبقتها إليها دول حاولت وضع يدها على تلك المنطقة.

ويؤكد ذلك ما حدث في أوباري الثلاثاء الماضي، عندما منعت القوات المسلحة الليبية تجمعاً لمجموعة بعد تجاوزها لأجندة الاجتماع المعلنة.

ووفقاً لصحيفة "العنوان" الليبية، فإنّ أجندة الاجتماع كانت دعم الانتخابات والمشاكل الخدمية، إلا أنّها تغيرت إلى مطالب أخرى "انفصالية".

وأكدت المصادر أنّ البيان الذي تلته المجموعة الانفصالية تلقته جاهزاً من محامي سيف الإسلام القذافي خالد الزايدي.

وذكرت المصادر أنّ مطالب البيان كانت انشقاق قوات الجيش عن القيادة العامة وتشكيل قوة ذاتية مدعومة من الجزائر .

وأفادت المصادر، وفق الصحيفة، أنّ الجزائر تسعى لتشكيل قوة عسكرية خاصة بسيف الإسلام للسيطرة على الجنوب، وتعهدت بدعمها إذا نجح في فصلها عن القيادة العامة.

كان الدبيبة قد أجرى مؤخراً زيارة إلى الجزائر، بهدف تقديم خطته لإجراء الانتخابات إلى الرئيس تبون

رغم أنّ الجزائر، وفق صحيفة "العنوان"، تلعب في الخفاء لإيجاد محط قدم لها، كما فعلت في الصحراء المغربية، إلا أنّها تحاول عبر مواقف إعلامية داعمة لرئيس الحكومة منتهية الولاية عبد الحميد الدبيبة، الادعاء بأنّها مع الشرعية.

وفي السياق، كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون صرّح مؤخراً إنّ بلاده تدعم الشرعية الدولية في ليبيا من خلال حكومة عبد الحميد الدبيبة، وأنّ استبدالها يكون بانتخابات تفرز مجلساً نيابياً جديداً يعيّن حكومة جديدة.

 

صحيفة العنوان الليبية: الجزائر تسعى لتشكيل قوة عسكرية خاصة بسيف الإسلام للسيطرة على الجنوب، وتعهدت بدعمها إذا نجح في فصلها عن القيادة العامة

 

وقال الرئيس الجزائري في مقابلة مع وسائل إعلام محلية بثها التلفزيون الرسمي بشأن النزاع على الشرعية في ليبيا: "نحن لن ندخل في مسار التفرقة في ليبيا، تم تعيين حكومة جديدة (حكومة باشاغا) من طرف مجلس وطني (برلمان)، والحكومة التي لديها شرعية دولية هي حكومة عبد الحميد الدبيبة، ونحن ندعم الشرعية الدولية، ولن يكون شيء آخر من غير هذه الشرعية الدولية".

وأوضح: "موقف الجزائر هذه الأيام يكاد يكون مخالفاً لبعض المواقف، رغم أنّنا كنا نمشي في توافق بشأن الأزمة".

وأضاف: "قلناها ونكررها لا يوجد حلّ في ليبيا دون الرجوع إلى الشعب، فالتمثيل اليوم نسبي، وعندما تُجرى انتخابات تشريعية يخرج منها مجلس وطني ليبي، وقتها سترجع ليبيا إلى الشرعية الشعبية".

ونفى تبون أن تكون بلاده بصدد التحضير لاحتضان مؤتمر دولي حول ليبيا قائلاً: "الأشقاء الليبيون طلبوا منّا تنظيم هذا المؤتمر... إلى حدّ الآن لم نردّ على العرض، ونحن ندرس القضية".

 

تبون: موقف الجزائر هذه الأيام يكاد يكون مخالفاً لبعض المواقف، رغم أنّنا كنا نمشي في توافق بشأن الأزمة الليبية

 

وتابع: "الجزائر لا تدخل في تنظيم مؤتمر فاشل، نحن نزن الأمر، وإذا كانت هناك مؤشرات نجاح، فسنقوم بذلك، أمّا إذا كانت مؤشرات تفرقة للدول العربية، فلن نقوم به".

وكان الدبيبة قد أجرى مؤخراً زيارة إلى الجزائر، بهدف تقديم خطته لإجراء الانتخابات إلى الرئيس تبون، ضمن جهود حشد دعم إقليمي ودولي لها.

وفي سياق متصل، سلطت قناة المحور الليبية الضوء على ما أسمته "أهداف تبون الاستعمارية، ومحاولة سيطرته على ثروات الليبيين في حوض غدامس المدينة الحدودية بين البلدين".

منطقة حوض غدامس، المدينة الحدودية بين البلدين

وأشارت إلى أنّ الحقل الذي يوجد بالمنطقة يحتوي على كميات كبيرة من الغاز والمكثفات بالإضافة إلى كمية محدودة من النفط، لافتة إلى أنّ حقل الوفاء الذي يمتد إلى حدود الجزائر يُعتبر المزود الرئيسي للغاز، وينتج يومياً نحو (38) ألف برميل نفط ومكثفات.

وأوضحت القناة أنّ الجزائر "تطمع في تلك المنطقة، رغم أنّها تستخرج حصتها من حقل الرار الذي ينتج (132) مليون متر مكعب من الغاز، وأنّ عملية ترسيم الحدود التي تمّت برعاية فرنسية كانت على حساب ليبيا، نظراً لتوسع الجزائر في تلك المناطق الحدودية، مستغلة الأوضاع غير المستقرة سياسياً وعسكرياً في ليبيا".

 

عملية ترسيم الحدود التي تمّت برعاية فرنسية كانت على حساب ليبيا، نظراً لتوسع الجزائر في تلك المناطق الحدودية

 

ولم تعد الجزائر القوة الموثوقة من طرف محيطها العربي، ولا تحظى بدعم محيطها القاري والدولي، فللمرة الثانية تتعرض لنكسة سياسية بعد رفض تعيين وزير الخارجية الجزائري السابق صبري بوقادوم لشغل منصب مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، بعد اقتراحه من طرف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ممّا يشكل انتكاسة دبلوماسية جديدة للجزائر، تنضاف إلى سيناريو مماثل كان قد مرّ به وزير الخارجية الحالي رمطان لعمامرة، عندما رشح في عام 2020 للمنصب نفسه.

وقال مراقبون في تصريحات نقلتها صحيفة "العرب" اللندنية: إنّ تدخل الجزائر على مدى الأعوام الماضية لدعم الحكومات في طرابلس المدعومة أصلاً من قبل ميليشيات مسلحة ومرتزقة، والذي تحول في الآونة الأخيرة إلى دعم معلن للدبيبة، كان السبب الرئيسي في رفض تعيين الدبلوماسي الجزائري، لأنّه في النهاية سيتعامل مع القضية بشكل غير مهني وفق توجهات بلاده غير الصائبة.

وأوضحت المصادر أنه ومنذ أن هيمن العسكر على القرار السياسي في البلاد ظهر على الأداء الدبلوماسي الجزائري ارتباك وتشنج واضحان، ودخلت البلاد في أزمات دبلوماسية معقدة مع محيطها الإقليمي والدولي؛ إذ عرفت علاقاتها مع كل من المغرب وفرنسا قطيعة، ودخلت في سجال مع إسبانيا، وشهدت علاقاتها مع تونس فتوراً، واندفعت إلى دعم حكومة عبد الحميد الدبيبة في ليبيا.

تدخل الجزائر على مدى الأعوام الماضية لدعم الحكومات في طرابلس كان السبب الرئيسي في رفض تعيين الدبلوماسي الجزائري بوقادوم

ويرى متابعون للشأن الجزائري أنّ إسقاط المؤسسة العسكرية منذ عام 2020 لمقاربتها على مختلف القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدبلوماسية، ساهم في ارتباك أداء المؤسسات المدنية، بما في ذلك الرئاسة والحكومة والبرلمان، وحتى الأحزاب والجمعيات، وهو ما أدخل قيادة البلاد في حالة تشنج غير مسبوقة وخلط للأوراق، الأمر الذي أثار استغراب البعض من توظيف السلطة للنفط والغاز في تصفية حسابات دبلوماسية مع المغرب وإسبانيا.

مواضيع ذات صلة:

لماذا يدافع إخوان الجزائر عن نائب أدين بالغش؟

إسبانيا حائرة بين رضا المغاربة وغضب الجزائريين

هل تكون الجزائر بوابة أردوغان لاستعادة النفوذ في شمال أفريقيا؟

الصفحة الرئيسية