إخوان تونس في 2025.. إلى أين وصل مسار الحسم القضائي؟

إخوان تونس في 2025.. إلى أين وصل مسار الحسم القضائي؟

إخوان تونس في 2025.. إلى أين وصل مسار الحسم القضائي؟


13/03/2025

يبدو أن العام  2025 لم يمر حتى الآن بالشكل الذي اعتادته جماعة الإخوان في تونس، فقد شدد القضاء التونسي حسمه في مجموعة من القضايا، التي عطلتها الفلول الإخوانية خلال السنوات الماضية، إذ يعتقد مراقبون أن هذه السنة ستكون مفصلية لغلق ملفات عديدة على غرار قضية الاغتيالات السياسية وتسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر والتآمر على أمن الدولة، التي تتورط فيها قيادات الجماعة وعلى رأسهم زعيم الإخوان في تونس راشد الغنوشي.

وبرغم الحسم في بعهضا، لا تزال ملفات وقضايا كثيرة شائكة ومتشعبة مفتوحة أمام القضاء التونسي للبت فيها، ضمن مسار المحاسبة الذي انطلق منذ الإطاحة بالتنظيم من الحكم في 25 تموز / يوليو2021.

الغنوشي تحت مقصلة القضاء

ففي أواخر شباط / فبراير الماضي، أيدت محكمة النقض في تونس حكما بالسجن لمدة 15 شهرا بحق رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي، مع إخضاعه للمراقبة الإدارية لمدة ثلاثة أعوام، وذلك بتهمة "تمجيد الإرهاب والإشادة به".

ويأتي هذا الحكم بعد اتهام الغنوشي البالغ من العمر 83 عاما، والذي اعتقل في أبريل/نيسان 2023، بوصف الأجهزة الأمنية بـ"الطواغيت" خلال تأبين أحد قيادات حزبه في فبراير 2022.

هذه التصريحات، اعتبرها القضاء تحريضا على الأمن بعد رفع دعوى ضده من قبل مسؤول أمني.

ويواجه الغنوشي عدة قضايا أخرى، إذ حكم عليه مطلع فبراير/شباط بالسجن 22 عاما في ما يعرف بقضية "إنستالينغو"، وتعود أحداث القضية إلى أكتوبر/تشرين الأول 2021، بإيقاف عدد من موظفي شركة "انستالينغو" بتهم بينها "ارتكاب أمر جسيم ضد رئيس الدولة التونسية"، والتآمر ضد أمن الدولة الداخلي، والقيام بأعمال الجاسوسية.

وشملت التحقيقات حينها عددًا من الصحفيين والمدوّنين وأصحاب الأعمال الحرة والسياسيين، بينهم الغنوشي، وابنته، وصهره رفيق عبدالسلام، والمتحدث الرسمي السابق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي.

 زعيم الإخوان في تونس: راشد الغنوشي

كما يحاكم الغنوشي والذي يقبع في السجن منذ أبريل/نيسان 2023،في قضية التآمر على أمن الدولة، إضافة إلى ملف "اللوبيينغ" المتعلق بتمويل حزب النهضة خلال انتخابات 2019.

التآمر على أمن الدولة

كما قرّرت الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس تأجيل النظر في قضية التآمر على أمن الدولة إلى جلسة 11 أبريل/نيسان المقبل، ورفض مطالب إطلاق السراح الموقوفين، وأغلبهم من قادة تنظيم الإخوان.

ونظرت الدائرة الجنائية في القضية، وتمّ إجراء المحاكمة عن بُعد بالنسبة للمتهمين الموقوفين، طبقًا للإجراءات المنصوص عليها في القانون، تبعًا لقرار المحكمة، كما حضر المتهمون المحالون بحالة سراح رفقة محاميهم. وقد عُقدت الجلسة بشكل علني بحضور الصحفيين وعائلات المتهمين.

وتعود القضية إلى شباط / فبراير 2023، وتشمل نحو 86 شخصًا، من بينهم زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي وقيادات سياسية كانت تعمل على قلب نظام الحكم.

ووفق التحقيقات، فإن المتهمين حاولوا، في 27 كانون الثاني / يناير  2023، الانقلاب على الحكم عن طريق تأجيج الوضع الاجتماعي وإثارة الفوضى ليلًا، مستغلين بعض الأطراف داخل القصر الرئاسي.

وأثبتت عملية تتبع قيادات الإخوان ومراقبة هواتف الموقوفين تورطهم في قضية "التآمر على أمن الدولة" التونسية، بهدف إعادة الجماعة إلى الحكم عبر تشكيل حكومة جديدة والعودة للعمل بدستور 2014، الذي صاغته وتوقف العمل به في عام 2022، بحسب التحقيقات.

وحينها، اعتقلت السلطات التونسية مجموعة من السياسيين البارزين، بينهم السياسي خيام التركي، مرشح الإخوان لرئاسة الحكومة سنة 2019، وعبد الحميد الجلاصي، القيادي في الإخوان، ونور الدين البحيري، وزير العدل الأسبق ونائب رئيس حركة النهضة (إخوانية).

كما اعتقلت كمال اللطيف، رجل الأعمال التونسي، وسامي الهيشري، المدير العام السابق للأمن الوطني، وفوزي الفقيه، رجل الأعمال الشهير، بتهمة "التآمر على أمن الدولة".

على إثر ذلك، سارعت حركة النهضة الإخوانية بنشر بيان تزعم فيه براءتها من عملية الاغتيال، وادعت الحركة، في بيان، أنها "كانت أكبر متضرّر من الاغتيالات السياسية".

أيدت محكمة النقض في تونس حكما بالسجن لمدة 15 شهرا بحق رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي مع إخضاعه للمراقبة الإدارية لمدة ثلاثة أعوام

وادعت أنها "طالبت مرارا بالتعجيل بالبتّ في هذه القضايا، خاصة أنّ العناصر الإجرامية، التي خططت ونفّذت عمليات الاغتيال تم القبض عليها في وقت وجيز عندما كانت الحركة مشاركة في الحكومة".

تسفير الشباب

إلى ذلك، قررت هيئة الدائرة الجنائية، المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، تأخير النظر في القضية المتعلقة بشبكات التسفير إلى جلسة يوم 25 مارس/آذار الجاري، مع رفض مطالب الإفراج المقدمة في حقّ بعض المتهمين الموقوفين، بينما يحظى هذا الملف باهتمام كبير لدى الرأي العام خاصة بعد عشرية الإرهاب والتطرف التي عاشها التونسيون خلال حكم النهضة وحلفائها.

وتشمل الأبحاث القيادي بحركة النهضة الإسلامية ووزير الداخلية السابق علي العريض، إلى جانب إطارات أمنية سابقة من بينهم عبدالكريم العبيدي رئيس فرقة حماية الطائرات بمطار تونس قرطاج و سيف الدين الرايس الناطق الرسمي باسم تنظيم أنصار الشريعة المحظور وغيرهم.

هذا وأكد موقع "المصدر" المحلي، أن العريض والإطار الأمني السابق فتحي البلدي، رفضا المحاكمة عن بعد خلال الجلسة، بينما طلب إطار أمني آخر موقوف على ذمة قضية التسفير، سماعه والتحرير عليه لتقديم معطيات على غاية من الأهمية متعلقة بملف القضية، فيما تقدم الرايس بطلب إلى هيئة الدائرة لتمكينه من مواصلة دراسته داخل السجن.

ويواجه المتهمون تهم تحريض وتسهيل سفر المئات من التونسيين للقتال في صفوف التنظيمات الإرهابية في الخارج، خصوصًا بسوريا والعراق، وفقا لما نقل موقع "ميدل ايست أونلاين".

الاغتيالات السياسية

وبعد مرور 12 عاما على اغتيال المعارض التونسي محمد البراهمي، أصدرت محكمة تونسية حكما بإعدام 8 أشخاص، كما قضت بسجن متهم تاسع لمدة 5 سنوات، ويرى مراقبون للشأن التونسي أن إصدار أحكام قضائية بحق مجموعة التنفيذ في اغتيال البراهمي يعد خطوة إيجابية لكن غير كافية، ولا يتحملها المنفذون فحسب، وإنما تطارد دماؤه أيضا "كل من تورط تدبيرا وتحريضا وتمويلا".

الأمين العام السابق لحزب حركة الشعب الراحل: محمد البراهمي

ومع أن الأحكام الصادرة بحق المنفذين تعتبر خطوة إيجابية في مسار المحاسبة، إلا أن محاسبة قيادات حركة النهضة الإخوانية تظل ضرورة، وفق خبراء، إما كمحرضين أو ممولين أو حتى كغطاء سياسي باعتبارهم كانوا في السلطة زمن الاغتيال.

في السياق، اعتبر زهير حمدي الأمين العام لحزب التيار الشعبي في تونس، في تصريح لموقع "العين الإخبارية"، أنه "تمت محاكمة الجهاز التنفيذي والمتكون أغلبه من عناصر مرتبطة بتنظيم أنصار الشريعة (المحظور) مع حلقة الوصل القيادي بحركة النهضة مصطفى خذر (فر خارج البلاد منذ سنة 2021)".

وأشار إلى أن "حزب التيار الشعبي (الذي ينتمي له البراهمي) وهيئة الدفاع سيستمران في متابعة مسار كشف الحقيقة من خلال مواصلة محاكمة القيادات الأمنية التي تمثل جزءا من ملف  محمد البراهمي والتي مازالت في طور التحقيق".

الشائعات

ومؤخرا، تنامت في تونس ظاهرة الأخبار الزائفة المنتشرة بشكل خاص عبر المنصات الاجتماعية والتي يروج لها إخوان تونس لتشويه صورة مسار 25 يوليو، الذي يقوده الرئيس قيس سعيد.

لا تزال ملفات وقضايا كثيرة شائكة ومتشعبة مفتوحة أمام القضاء التونسي للبت فيها ضمن مسار المحاسبة الذي انطلق منذ الإطاحة بالتنظيم

وتحاول حركة “النهضة” جاهدة نشر الفوضى عبر الحث على احتجاجات لم تجد أي صدى، وهو ما حدا بها إلى اتباع نهج آخر، فوجدت ضالتها في منصات التواصل الاجتماعي، عبر نشر ذباب إلكتروني لا يتوقف عن نفث سمومه باستخدام معلومات مكذوبة وتحليلات مغلوطة.

وقد قامت الحركة بتشغيل صفحات مأجورة تعمل على بث الإشاعات التي تستهدف استقرار الدولة. لكن مع انكشاف هذه الاستراتيجية، لجأت الحركة إلى استخدام خطاب جديد يركز على “التعذيب والإهمال الصحي”، في محاولة لكسب التعاطف الدولي.

هذا ويحاول الإخوان إرباك الوضع الأمني في البلاد، وتأجيج الأوضاع بحجة الدفاع عن الحقوق والحريات والمطالبة بإطلاق سراح قياداتها الموقوفة في قضية التآمر على أمن الدولة.

ويرى محللون، أن ترويج الإخوان لهذه الشائعات ليس جديدًا. بل يأتي ضمن استراتيجيتهم الدائمة لادعاء المظلومية وتشويه صورة الدولة، بهدف تحريك الرأي العام الداخلي والدولي لصالحهم.

ويعتقدون أن الإخوان فقدوا كل أشكال الدعم السياسي والشعبي داخل تونس. وحتى امتدادهم الخارجي تراجع بشدة، لذا يحاولون استجداء منظمات حقوق الإنسان للضغط على الدولة التونسية من خلال اختلاق الأكاذيب حول أوضاع السجناء المنتمين للحركة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية