
أقرّ مجلس النواب المصري قانونًا جديدًا لتنظيم الفتوى، واضعًا بذلك حدًا لحالة الفوضى الدينية التي ظلت لعقود تُغذي خطاب العنف والتكفير، وتُربك الوعي الديني لدى الرأي العام، خصوصًا في أوساط الشباب فيما برزت مخاوف من أن القانون سيؤدي لاحتكار الدولة للمجال الديني ويهدد حرية التعبير.
وينص التشريع على قصر إصدار الفتاوى العامة على أربع جهات محددة: هيئة كبار العلماء، مجمع البحوث الإسلامية، دار الإفتاء المصرية، ولجان الفتوى التابعة لوزارة الأوقاف. ووفقًا لمواده، لا يحق لأي فرد أو جهة أخرى إصدار فتاوى تُبث عبر وسائل الإعلام أو الإنترنت ما لم تكن مخوّلة من إحدى تلك المؤسسات، وإلا فسيكون عرضة للمساءلة القانونية، وفقا لما نقله موقع "ميدل ايست أونلاين".
وقد عانت مصر، على مدى العقود الماضية، من فتاوى أثارت الجدل والرعب معًا، بعضها كفّر المجتمع، وحرّض على العنف ضد الدولة، وبعضها الآخر انحدر إلى فتاوى غريبة وشاذة حول الزواج والمرأة والاقتصاد لا تمتّ بصلة لروح الشريعة.
بعض الجماعات وجدت في هذه الفوضى فرصة لغسل أدمغة الشباب وتمرير مفاهيم راديكالية تبرّر العنف والانفصال عن المجتمع والدولة
وأغلب هذه الفتاوى نُشرت عبر منابر غير مسؤولة، مستغلة غياب التنظيم القانوني، وهو ما جعلها تغدو أدوات ترويج لأجندات سياسية لبعض الجماعات، التي وجدت في هذه الفوضى فرصة لغسل أدمغة الشباب وتمرير مفاهيم راديكالية تبرّر العنف والانفصال عن المجتمع والدولة.
ويعد القانون، الذي نال تأييدًا واسعًا من المؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر الشريف ودار الإفتاء، محاولة تشريعية لترسيخ سلطة المؤسسات الدينية الرسمية في ملف الفتوى، ومنع تسربه إلى منصات إعلامية أو أفراد غير مؤهلين يفتقرون للعلم الشرعي الرصين.
وجاء القانون بتوافق نادر بين البرلمان ومؤسسة الأزهر، بعد سنوات من الخلاف حول من يملك حق الإفتاء. هذه المرة، بدا الأزهر شريكًا حقيقيًا في الصياغة، لا سيّما بعد أن أُقرّ له دور مركزي في وضع ضوابط ومعايير اختيار المفتين التابعين لوزارة الأوقاف، بما في ذلك اجتياز اختبارات علمية وأخلاقية.