الحركة الإسلامية في السودان : النهاية الحتمية لتنظيم مفكك

الحركة الإسلامية في السودان : النهاية الحتمية لتنظيم مفكك

الحركة الإسلامية في السودان : النهاية الحتمية لتنظيم مفكك


20/02/2025

حسن عبدالرضي الشيخ

يُعد مقال الدكتور عبدالمنعم همت ، المنشور في صحيفة العرب اللندنية ، توثيقًا دقيقًا لحالة الانهيار التي تعيشها الحركة الإسلامية السودانية اليوم. هذا المقال ، الذي يحمل عنوان “مؤتمر الحركة الإسلامية السودانية في تركيا يكشف انقساماتها وأزمتها المتفاقمة”، يضع القارئ أمام صورة واضحة للحركة وهي تتآكل من الداخل ، غير قادرة على استعادة نفوذها الذي فقدته بعد سقوط نظام البشير.

لقد ظلت الحركة الإسلامية لعقود تحكم السودان بقبضة حديدية ، مستخدمةً الدين كغطاء لأطماعها في السلطة والثروة. لكن ، وكما تنبأ الأستاذ محمود محمد طه منذ زمن بعيد ، فإن هذه الحركة كانت تحمل بذور فنائها في داخلها ، لأنها لم تقم على مشروع وطني حقيقي ، بل على المصالح الضيقة والهيمنة السياسية والاقتصادية. اليوم ، ومع انعقاد مؤتمرها الأخير في تركيا ، بات واضحًا أنها لم تعد تمتلك أي مستقبل يُذكر ، وإنما أصبحت تجمعًا لمن نهبوا أموال السودان ، فارين إلى الخارج خوفًا من المحاسبة. فكان مؤتمر تركيا شاهدا على الفشل والانقسام.

إن المؤتمر الأخير للحركة الإسلامية ، الذي انعقد وسط تكتم شديد ، كشف أن التنظيم لم يعد سوى شبكة من المصالح العائلية والأمنية ، حيث شاركت أسر القيادات إلى جانب رجال الأعمال الإسلاميين وقادة الأمن السابقين. لم يعد للحركة أي امتداد شعبي يُذكر ، حتى إن عدد الطلاب المشاركين لم يتجاوز الثلاثين ، في مؤشر صارخ على تقلص قاعدتها الجماهيرية ، التي كانت تعتمد على المؤسسات التعليمية كمراكز للتجنيد والاستقطاب.

ليس هذا فحسب ، بل إن المؤتمر فضح الصراعات الداخلية الحادة بين أجنحة التنظيم ، حيث احتدم الخلاف بين أنصار التحالف مع الجيش بقيادة البرهان ، وبين من يرونه عدوًا يجب إسقاطه. بل وصل الأمر إلى شن عبدالحي يوسف ، أحد أبرز قادة الإسلاميين ، هجومًا قاسيًا على البرهان ، متهمًا إياه بأنه “بلا دين”. هذه التناقضات العميقة تؤكد أن الحركة لم تعد قادرة على تبني موقف سياسي موحد ، بل أصبحت تعيش في حالة تخبط وصراع داخلي قد يؤدي إلى انفجارها من الداخل. حيث تحولت الحركة الإسلامية من مشروع سياسي إلى شبكة من المصالح.

فقد تحولت الحركة الإسلامية من تنظيم سياسي ذي طموحات للهيمنة إلى مجموعة من رجال المال والأمنيين السابقين ، يتصارعون على النفوذ والسلطة داخل دوائرهم الضيقة. فكان اختيار محمد عطا ، المدير الأسبق لجهاز الأمن ، أمينًا عامًا للحركة ، يعكس هذه الحقيقة بوضوح ، حيث بات الأمنيون هم المتحكمون في مصير التنظيم ، بعدما فقد الإسلاميون القدرة على تقديم قيادات سياسية ذات مشروع فكري أو استراتيجي.

فاختيار شخصية مثل محمد عطا ، الذي يواجه عقوبات دولية ، لن يفيد الحركة في شيء ، بل سيزيد من عزلتها داخليًا وخارجيًا. فمن الواضح أن الإسلاميين عاجزون عن إعادة بناء أنفسهم ككيان سياسي ، ولا يملكون سوى تكرار نفس الوجوه التي قادتهم إلى الفشل منا ينبئ بنهاية وشيكة لحركة أصبحت بلا مستقبل.

ما يعيشه الإسلاميون اليوم ليس مجرد أزمة تنظيمية ، بل هو مرحلة الاحتضار الأخيرة لتنظيم هيمن على السودان بالقوة والفساد ، حتى لفظه الشعب خارج السلطة بثورة عظيمة. نحن اليوم نقترب من اللحظة التي طالما انتظرها السودانيون ؛ لحظة اقتلاع الكيزان من جذورهم ، وطي صفحة سوداء من تاريخ البلاد.

لقد انتظر السودانيون طويلًا هذه النهاية ، وعملوا على تحقيقها بثوراتهم ونضالاتهم ، واليوم ، نحمد الله أنها أصبحت وشيكة. فإن الإسلاميين ، الذين بنوا سلطتهم على القمع والاستبداد ، يجدون أنفسهم اليوم في مواجهة مصيرهم المحتوم : التفكك والانهيار.

إن مؤتمر تركيا لم يكن مجرد اجتماع تنظيمي ، بل كان إعلانًا غير مباشر عن نهاية حقبة الإسلاميين في السودان ، وبداية مرحلة جديدة لا مكان فيها لمن دمروا البلاد وأفسدوا مقدراتها. فالمستقبل الآن يُصنع بعيدًا عنهم ، وأي محاولة منهم للعودة إلى المشهد السياسي لن تكون سوى محاولة يائسة في مواجهة شعب لفظهم إلى غير رجعة.

الراكوبة




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية