بعد عودتها إلى المشهد مع هيئة تحرير الشام... ماذا نعرف عن جماعة الإخوان في سوريا؟

بعد عودتها إلى المشهد مع هيئة تحرير الشام... ماذا نعرف عن جماعة الإخوان في سوريا؟

بعد عودتها إلى المشهد مع هيئة تحرير الشام... ماذا نعرف عن جماعة الإخوان في سوريا؟


23/12/2024

برزت جماعة الإخوان في سوريا مع سيطرة هيئة تحرير الشام على الحكم مؤخراً داخل البلاد، باعتبارها أحد التنظيمات المتطرفة المتعاونة مع الحركة، ورغم محدودية تأثيرها في الحياة السياسية إلا أنّ غالبية الترجيحات تشير إلى احتمال اندماجها ضمن التيارات التي ربما تستعين بها الحركة المتطرفة في المستقبل القريب. 

وتُعدّ جماعة الإخوان المسلمين في سوريا من أقدم الحركات الإسلامية التي نشأت في المنطقة، فقد ارتبطت جذورها بفكر الإخوان المسلمين العالمي الذي أسسه حسن البنا في مصر عام 1928، ورغم محاولات الجماعة لإيجاد دور لها في الحياة السياسية والاجتماعية السورية، فقد مرت بمراحل صراع مع الحكومات المتعاقبة، بلغت ذروتها خلال الثمانينيات في المواجهات المسلحة مع نظام حافظ الأسد، ومع اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011، برزت الجماعة مرة أخرى كلاعب سياسي وعسكري، خصوصاً من خلال علاقاتها مع فصائل المعارضة والجماعات المتطرفة.  

تاريخ وتأسيس جماعة الإخوان المسلمين في سوريا

تأسست جماعة الإخوان المسلمين في سوريا عام 1945 على يد الدكتور مصطفى السباعي الذي تأثر بفكر حسن البنا، وزعمت  الجماعة في بداياتها أنّها تركز على العمل الدعوي والاجتماعي، مستهدفة تعزيز الهوية الإسلامية في مواجهة التيارات القومية والعلمانية التي سادت في تلك الفترة.

التقى السباعي في أيام دراسته بمصر مؤسسَ جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا وظلت الصلة قائمة بينهما بعد عودته إلى سوريا، وقد اجتمع العلماء والدعاة ورجال الجمعيات الإسلامية في المحافظات السورية وقرروا توحيد صفوفهم، والعمل جماعة واحدة، وبهذا تأسست (جماعة الإخوان المسلمين) في عموم القطر السوري، وحضر هذا الاجتماع من مصر القيادي الإخواني سعيد رمضان، وكان ذلك عام 1942، ثم بعد (3) أعوام اختير مصطفى السباعي ليكون أول مراقب عام للإخوان المسلمين في سوريا.

مؤسس جماعة الإخوان المسلمين: حسن البنا

ومع الاستقلال السوري، دخلت الجماعة الحياة السياسية وشاركت في انتخابات عام 1947، ولكنّها عانت من التهميش بعد صعود حزب البعث العربي الاشتراكي إلى السلطة في الستينيات، ومع تنامي خلافاتها مع النظام البعثي، انخرطت الجماعة في صراعات سياسية وعسكرية، خصوصاً بعد تبني نظام الأسد نهجاً قمعياً ضدها.  

شهدت الثمانينيات صداماً دموياً بين جماعة الإخوان ونظام الأسد، حين تورطت الجماعة في أعمال عنف، من أبرزها هجومها على مدرسة المدفعية في حلب عام 1979، وقد ردّ النظام بحملة قمعية واسعة بلغت ذروتها في مجزرة حماة عام 1982، التي راح ضحيتها آلاف المدنيين وأدت إلى تدمير جزء كبير من المدينة، هذه الأحداث أدت إلى تراجع الجماعة، واضطر العديد من أعضائها للفرار إلى الخارج، وواجهت التنظيمات الإسلامية في سوريا عقوداً من التهميش والاضطهاد.  

الواقع الحالي لجماعة الإخوان في سوريا  

مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، حاولت جماعة الإخوان العودة إلى الساحة من خلال دعمها للمعارضة السورية سياسياً وعسكرياً، وتمكنت من تعزيز وجودها عبر التحالف مع فصائل المعارضة المسلحة، كما ساهمت في تأسيس المجلس الوطني السوري عام 2011 الذي كان يهدف إلى توحيد المعارضة في مواجهة نظام الأسد، ومع ذلك تراجعت شعبيتها داخل سوريا بسبب اتهامات بغياب الفاعلية وانعدام التنظيم، فضلاً عن ارتباطها بجهات خارجية مثل تركيا وقطر، ممّا زاد من حدة الانتقادات تجاهها.  

مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، حاولت جماعة الإخوان العودة إلى الساحة من خلال دعمها للمعارضة السورية سياسياً وعسكرياً، وتمكنت من تعزيز وجودها عبر التحالف مع فصائل المعارضة المسلحة، وساهمت في تأسيس المجلس الوطني السوري عام 2011. 

على مدار تاريخها، مرت جماعة الإخوان في سوريا بفترات شهدت بروز قيادات مؤثرة، ومن أبرز هؤلاء مصطفى السباعي، المؤسس الأول للجماعة وهو أحد تلاميذ حسن البنا الذين تأثروا به بشكل كبير، وعصام العطار الذي قاد الجماعة في السبعينيات قبل أن ينفى إلى الخارج، وعلي صدر الدين البيانوني، الأمين العام السابق للجماعة، قادها خلال فترات عصيبة وأعاد هيكلتها، ومحمد حكمت وليد، المراقب العام الحالي للجماعة، ويقود التنظيم في ظل تحديات كبرى تتعلق بانخفاض شعبيته.  

التنسيق مع هيئة تحرير الشام

في الأعوام الأخيرة وُجهت اتهامات عديدة لجماعة الإخوان بالتعاون مع تنظيمات إسلامية متطرفة، أبرزها هيئة تحرير الشام "جبهة النصرة سابقاً"، التي تُعدّ من أقوى الفصائل الجهادية في سوريا، ورغم الاختلاف الإيديولوجي بين الجماعتين، فقد جمعتهما أهداف مشتركة في مواجهة النظام السوري، وتشير تقارير إلى وجود تنسيق غير مباشر بين الطرفين في مناطق مثل إدلب، حيث يسعى كل منهما لتحقيق نفوذ سياسي وعسكري على حساب الفصائل الأخرى.

مجموعة من قوات هيئة تحرير الشام

إلى جانب ذلك، تُتهم جماعة الإخوان بأنّها تلقت دعماً مالياً وسياسياً من دول مثل تركيا وقطر، وهو ما ساهم في توسيع نشاطها في الشمال السوري، خاصة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. وقد أدى هذا الدعم إلى تعزيز ارتباطها بفصائل إسلامية متطرفة لتحقيق أهداف مشتركة، وهو ما أثار مخاوف دولية بشأن دور الجماعة في تأجيج الصراع السوري.  

الجماعة ومستقبلها في سوريا

بحسب مراقبين، تواجه جماعة الإخوان تحديات عديدة، أبرزها تراجع شعبيتها داخل سوريا بسبب ماضيها الدموي وصراعاتها مع المعارضة العلمانية، كما تواجه تحديات خارجية تتعلق بتقويض نفوذها نتيجة الضغوط الدولية على الدول الداعمة لها، مثل تركيا.  

في الوقت نفسه، تسعى الجماعة لإعادة تموضعها كقوة سياسية، ولكنّ ذلك يصطدم بواقع الانقسامات الداخلية والرفض الشعبي لأيّ دور سياسي للجماعات الإسلامية، ويُعدّ التعاون مع الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل هيئة تحرير الشام سلاحاً ذا حدين، حيث يمكن أن يعزز من وجود الجماعة على الأرض لكنّه يزيد من العداء الدولي تجاهها. 

ووسط التغيرات الإقليمية والدولية، قد تجد الجماعة نفسها مجبرة على إعادة النظر في استراتيجياتها إذا أرادت الاستمرار كلاعب سياسي مؤثر، لكن يبقى مستقبل جماعة الإخوان المسلمين في سوريا مرهوناً بقدرتها على التكيف مع المتغيرات الداخلية والخارجية، والتخلي عن الارتباط بالجماعات المتطرفة التي أثرت سلباً على سمعتها، وبينما تسعى الجماعة لإحياء دورها السياسي، فإنّ التحديات التي تواجهها تجعل هذا المسعى محفوفاً بالمخاطر، خصوصاً في ظل الرفض الشعبي والإقليمي لها.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية