الجيش الإسرائيلي يرتكب مجازر تطهير عرقي بحق سكان مخيم جباليا تمهيداً لتطبيق خطة الجنرالات شمال غزة

الجيش الإسرائيلي يرتكب مجازر تطهير عرقي بحق سكان مخيم جباليا تمهيداً لتطبيق خطة الجنرالات شمال غزة

الجيش الإسرائيلي يرتكب مجازر تطهير عرقي بحق سكان مخيم جباليا تمهيداً لتطبيق خطة الجنرالات شمال غزة


كاتب ومترجم فلسطيني‎
14/10/2024

يستمر الجيش الإسرائيلي في حصار مخيم جباليا أكبر المخيمات من حيث تعداد السكان شمال قطاع غزة، وذلك تمهيداً لتطبيق خطة الجنرالات التي تم إعدادها قبل أيام وصادق المستوى السياسي على تطبيقها؛ بهدف إفراغ شمال غزة من السكان ودفعهم للنزوح قسراً نحو جنوب القطاع وسيطرة الجيش على المنطقة.

وتُعتبر العملية العسكرية في مخيم جباليا هي الأعنف والأشد قسوة، حيث يستخدم الاحتلال كافة أدواته لقتل المدنيين العزّل، ودفعهم إلى التهجير قسراً نحو مناطق جنوب قطاع غزة، وسط رفض مطلق من قبل الأهالي الذين يرفضون الانصياع لأوامر الجيش

وقد بدأ الجيش الإسرائيلي الأحد الماضي عملية عسكرية ضد مخيم جباليا تحت ذريعة القضاء على محاولات ترميم حماس قدراتها العسكرية، وبدأ الجيش العملية بإطلاق قذائف مدفعية تجاه منازل المواطنين وإطلاق النار تجاه كل من يتحرك في الشوارع والطرقات، وتُعتبر العملية العسكرية الشرسة على مخيم جباليا هي الثالثة منذ بداية حرب الإبادة مطلع تشرين الأول (أكتوبر) 2023، ويحاصر الجيش كافة مداخل المخيم بالسواتر الترابية، وينشر قناصة على المنازل المرتفعة، إلى جانب نشر طائرات الكواد كوبتر التي تطلق النار على كل من يتحرك، ويتزامن هذا الحصار مع قصف مدفعي على منازل المواطنين والمناطق المحيطة بالمخيم، ومنها بيت حانون وبيت لاهيا ومنطقة الصفطاوي.

وقد حذّرت الهيئة الوطنية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، من تمادي الاحتلال في جرائم الإبادة ضد المدنيين في مخيم جباليا، وارتكاب مجازر إبادة وتطهير عرقي ضمن خطة تفريغ سكان الشمال بالحصار والقوة، وطالبت بضرورة التدخل الدولي العاجل لوقف تطبيق خطة الجنرالات، التي تهدف لتفريغ السكان واحتلال شمال قطاع غزة، وذلك بارتكاب المزيد من المجازر والإعدامات الميدانية بحق المحاصرين ومن يريدون الخروج من المخيم

السكان يرفضون الخروج

من داخل مخيم جباليا حيث يتواجد المئات داخل منازلهم، وبعضهم لجأ إلى مراكز الإيواء بعد قصف منازلهم، ويرفض عدد كبير من الشبان والنساء الخروج، وخلال اتصال هاتفي مع عدد من النازحين الصامدين داخل مدرسة الفاخورة التابعة لـ (الأونروا) وسط المخيم، أجمع النازحون على رفضهم الخروج من المخيم تحت أيّ ظرف كان، مطالبين بانسحاب الجيش والعودة إلى العيش فوق ركام منازلهم التي يتعمد الاحتلال نسفها خلال العملية الدائرة في المخيم ومحيطه.

يقول المواطن يوسف بشير الذي نزح من منطقة الإدارة المدنية شرق المخيم إلى المدرسة: "إنّنا صامدون أمام كل محاولات الاحتلال ارتكاب المجازر والتطهير العرقي، والإجبار على الخروج وترك المخيم، فلا نعرف سوى طريق واحد في ظل هذه الهجمة الشرسة، وهو طريق الجنة".

 "إنّنا صامدون أمام كل محاولات الاحتلال ارتكاب المجازر والتطهير العرقي، والإجبار على الخروج وترك المخيم، فلا نعرف سوى طريق واحد في ظل هذه الهجمة الشرسة، وهو طريق الجنة"

وأشار في حديثه  لـ (حفريات) إلى أنّ "الاحتلال يواصل قصف محيط المدرسة بالقذائف المدفعية، وأنّ طائرات الكواد كوبتر تطلق النار نحو نوافذ المدرسة، وهناك عدد من الشهداء داخل ساحة المدرسة، ونعجز عن الخروج لنقلهم ودفنهم في أقرب مكان؛ نتيجة حدة القصف واستهداف كل من يتحرك، إلى جانب تعرّض النازحين لنقص حاد في المستلزمات الأساسية من ماء وغذاء ودواء".

واستنكر "الصمت العارم من جريمة الإبادة التي يمارسها الاحتلال ضد المدنيين العزّل المحاصرين داخل مخيم جباليا والمناطق المحيطة منذ أيام، وانتشار جثث الشهداء في الشوارع وترك الكلاب والقطط تنهشها"، مطالباً كل أحرار العالم بالخروج لفكّ الحصار عن مخيم جباليا.

حصار هو الأعنف

أمّا المواطن ساهر أبو النصر، الذي ما يزال برفقة أسرته يمكث داخل المدرسة، فإنّه يرفض، برغم القصف الشديد والجوع والعطش واحتمالية فقدان حياته وأسرته في أيّ لحظة، الخروج من المدرسة وتحقيق مراد الاحتلال من عملياته العسكرية بتفريغ المخيم والمنطقة بشكل كامل.

ويقول فى حديثه لـ (حفريات): "واجهنا أصعب أيام منذ بداية الحرب داخل المخيم، تحملنا الجوع والعطش والقصف والإبادة فداء للوطن ورفضاً لأيّ مخططات تهجير، واليوم وفي ظل الهجمة التي تعتبر الأعنف، سنبقى صامدين، حتى لو دخل الجيش المشفى وأجبرنا على الخروج لن ننصاع للأوامر، وسنبقى أمام خيار واحد فقط إمّا البقاء، وإمّا الموت".

ويوضح  أنّ "ما يدور داخل المخيم جريمة إبادة بكلّ معنى الكلمة، فهناك عدد من الشهداء منهم أشلاء أمام بوابة المدرسة نشاهدهم من النوافذ، والكلاب تنهش أجسادهم، ولا يسمح بوصول الطواقم الطبية لانتشالها، وهذا المشهد هو الأصعب بالنسبة إليه، ولم يعهد أن شاهد مثله من قبل".

ويتخوف "في ظل الصمت المجحف، من وصول الجيش للنازحين والسكان داخل منازلهم، والقيام بإعدامات ميدانية لتطبيق الخطة بالقوة، في ظل رفض الغالبية الكبرى من السكان الخروج وإفراغ المخيم لطموحات الاحتلال".

استهداف الصحفيين

وإلى جانب ارتكاب الجيش عمليات قتل متعمدة ضد كل من يحاول التحرك داخل شوارع وأزقة المخيم، يتعمد في المقابل قتل واستهداف الطواقم الصحفية، في خطوة لمنع نقل ما يجري من إبادة بشعة ضد المحاصرين، وقد تعرّض عدد من الصحفيين لاستهدافات مباشرة وبالتحديد من طائرات الكواد كوبتر المسيّرة، التي تطلق الأعيرة النارية عليهم، وهو ما يعيق عمل المصورين والمراسلين في الميدان. ويقول الصحفي غسان أبو القمصان الذي يعمل مصوراً لإحدى الوكالات الدولية: إنّه يواجه معوقات صعبة خلال عمله، في ظل اشتداد العملية العسكرية على مخيم جباليا، والتي يتعمد الاحتلال خلالها منع نقل أيّ صور عمّا يقوم به من جرائم.

يتعمد جيش الإحتلال قتل واستهداف الطواقم الصحفية، في خطوة لمنع نقل ما يجري من إبادة بشعة ضد المحاصرين

وأشار في حديثه لـ (حفريات) إلى أنّه "تعرّض لإطلاق نار أكثر من مرة خلال محاولة تنقله ونقل معاناة النازحين والمحاصرين داخل المخيم، مؤكداً أنّ الاحتلال يتعامل مع الصحفيين على أنّهم أهداف عسكرية خلال عمليته، ويستهدف كل من يمكن رؤيته يتحرك".

ولفت إلى أنّ "شوارع مخيم جباليا يتكدس فيها الشهداء والجرحى الذين يصعب الوصول إليهم وإنقاذهم نتيجة القصف العشوائي المستمر، ويصف ما يجري بالكارثة غير المسبوقة والخطيرة، في ظل إصرار الاحتلال على تفريغ المخيم وحصاره، ومنع السكان حتى من الخروج عقاباً على بقائهم". 

إبادة جماعية

في سياق ذلك يقول الناطق باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل: إنّ "الاحتلال يرتكب مجازر إبادة جماعية بحق السكان المحاصرين داخل مخيم جباليا منذ أيام، وهناك عشرات الجثث منتشرة في الشوارع وبين أزقة المخيم، إلى جانب وجود محاصرين تحت ركام منازلهم، ويناشدون الدفاع المدني والطواقم بسرعة الوصول لإنقاذهم ".

ولفت في حديثه لـ (حفريات) إلى أنّ "الاحتلال يرفض إدخال الماء والغذاء والوقود إلى السكان والمستشفيات داخل المخيم، وهذا أثر على عمل المنظومة الصحية بعد توقفها عن العمل نتيجة نفاد الوقود، وهذا أيضاً يهدد بتسجيل أعداد كبيرة من الشهداء، نتيجة عجز الطواقم الطبية عن التعامل مع الأعداد الكبيرة من الإصابات".

وطالب محمود بصل "المنظمات الدولية والصليب الأحمر بالتدخل العاجل لإنقاذ المواطنين المحاصرين، من خلال السماح لطواقم الإسعاف والدفاع المدني بالوصول إلى المحاصرين داخل المخيم، وإنقاذ أرواح المصابين وانتشال المحاصرين داخل البنايات المهدمة، وإدخال المستلزمات الأساسية للسكان من ماء وغذاء ودواء".

يُشار إلى أنّ حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة دخلت عامها الثاني، وسط استمرار الاحتلال في محاولات تهجير السكان وقتلهم عمداً، وتجاهل كلّ القوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية الداعية إلى وقف الحرب على غزة.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية