كيف تطورت سياسة "جز العشب" الإسرائيلية ضد حماس؟

كيف تطورت سياسة "جز العشب" الإسرائيلية ضد حماس؟

كيف تطورت سياسة "جز العشب" الإسرائيلية ضد حماس؟


12/08/2024

زياد الأشقر

عندما قتلت إسرائيل مؤسس حركة حماس وزعيمها الروحي الشيخ أحمد ياسين في 2004، توقع بنيامين نتانياهو الذي كان وزيراً للمالية وقتها، أن تكون تلك ضربة ستردع الحركة عن التجرؤ على إسرائيل.

أدى قتل الشيخ أحمد ياسين إلى تقويض حماس على المدى القصير، لكنه في النهاية لم يكن فعالاً

وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إنه بعد عشرين عاماً على اغتيال ياسين لا تزال إسرائيل تطارد قادة حماس. وأعادت الجولة الأخيرة من الاغتيالات، إثارة الجدل حول فاعلية اغتيال هؤلاء القادة، وإذا كان يساعد على وضع حد للعنف أو يجعله يتفاقم.

وأشار نتانياهو الذي يرأس الحكومة الإسرائيلية حالياً، إلى نيته مطاردة قادة حماس في مستهل حرب غزة. ويقول مسؤولون إسرائيليون إن موجة القتل التي تنفذها إسرائيل ترمي إلى إثارة الخوف في صفوف أعدائها بعد الفشل الأمني، الذي سمح لحماس بقيادة هجمات 7 أكتوبر(تشرين الأول)، التي أسفرت عن مقتل 1200 شخص، وأطلقت الغزو الإسرائيلي لقطاع غزة.

وخلال عشرة أشهر من الحرب في غزة، تقول إسرائيل إنها قتلت القائد العسكري لحماس محمد ضيف، ونائبه مروان عيسى وعدداً من القادة من الرتب الأدنى. وأخيراً، اتُّهمت إسرائيل بقتل الزعيم السياسي للحركة إسماعيل هنية في انفجار الشهر الماضي في طهران. 

ومع ذلك، أثبتت حماس مهارتها في إعادة تجميع صفوفها بعد مثل هذه الضربات، وفي كثير من الحالات أفرزت زعماء جدداً أكثر حماساً لمحاربة إسرائيل.

وقررت الحركة هذا الأسبوع ملء منصب هنية بزعيم آخر من ذوي الخبرة، يحيى السنوار، المتهم بأنه مهندس هجمات 7 أكتوبر(تشرين الأول)، وله علاقات وثيقة مع إيران، التي تشارك السنوار هدفه المتمثل في تدمير إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية.

وقال عزام التميمي الذي ألف كتاباً عن حماس: "في السنوات الثلاثين الماضية، عززت تلك الاغتيالات فقط قوة الحركة".

وجاءت تصفية هنية في طهران الشهر الماضي، بعد ساعات من اغتيال الجيش الإسرائيلي القائد الكبير في حزب الله فؤاد شكر في بيروت، رداً على هجوم صاروخي من لبنان أدى إلى مقتل 12 شاباً في مرتفعات الجولان، التي تحتلها إسرائيل.

وتنتظر إسرائيل الآن رداً على القتل من إيران وحزب الله، حيث يخشى دبلوماسيون غربيون، أن يؤدي سوء التقدير أو الخطأ في الاستهداف من أي منهما، إلى نشوب صراع أوسع في الشرق الأوسط.

قتل ضباط ودبلوماسيين

كانت فاعلية الاغتيالات موضع نقاش في إسرائيل طيلة انخراطها في هذه الممارسة، والتي سبقت إنشاء الدولة في 1948. فقد اغتال المقاتلون اليهود الذين كانوا يسعون إلى طرد البريطانيين من فلسطين التي كانت تخضع للانتداب، ضباطاً ودبلوماسيين.

واستناداً إلى كتاب "انهض واقتل أولاً" لمؤلفه الصحافي الإسرائيلي رونين بيرغمان، فإن إسرائيل نفذت منذ الحرب العالمية الثانية أكثر من 2700 اغتيال، أي أكثر مما نفذه أي بلد في العالم الغربي.

وبعد مقتل الرياضيين والمدربين الإسرائيليين في 1972 في القرية الأولمبية بميونيخ على يد تنظيم أيلول الأسود، أمرت رئيسة الوزراء غولدا مائير عملاء الاستخبارات الإسرائيلية بمطاردة المتورطين في حملة أطلق عليها "غضب الله".

تفجيرات انتحارية

أدى ظهور حماس في أواخر الثمانينيات إلى زيادة كبيرة في استخدام إسرائيل للاغتيالات. وتعلم أحد القادة العسكريين الأوائل للحركة، يحيى عياش، صنع الأجهزة المتفجرة البدائية، إيذاناً بعصر التفجيرات الانتحارية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وبعد سلسلة تفجيرات في التسعينيات، قتلت إسرائيل عياش بمتفجرات سرية في هاتف انفجر لاحقاً بجوار أذنه. لكن الهجمات الانتحارية زادت في عهد القادة العسكريين الجدد لحماس، بمن فيهم محمد ضيف، القائد العسكري الذي قالت إسرائيل إنها قتلته في غارة الشهر الماضي.

وفي 1997، استهدفت إسرائيل خالد مشعل، أحد مؤسسي حماس الذي كان يعيش في الأردن. ودخل الفريق الإسرائيلي البلاد متنكراً في هيئة سياح كنديين، وهاجم مشعل خارج المكتب السياسي للحركة في عمان، حيث رشه أحد العملاء الإسرائيليين بالسم في أذنه، لكن قبض عليه مع عضو آخر في الفريق قبل أن يتمكنا من الفرار.

ودخل مشعل في غيبوبة، وهدد الأردن بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل ما لم تقدم إسرائيل الترياق الذي أنقذ حياته. وقتها، اقترح إفرايم هاليفي، المسؤول الإسرائيلي الذي ساعد في بناء علاقات سرية مع الأردن، على إطلاق الشيخ ياسين من السجن لتأمين حرية عملاء الموساد الإسرائيلي.

غير فعالة

وفي مقابلة، قال هاليفي إن سياسة إسرائيل المتمثلة في قتل قادة حماس في جولات منتظمة من العنف، والتي باتت تعرف في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بـ"جز العشب"، كانت غير فعالة، وأحياناً أفرزت قادة أكثر خطورة.

ويشير المسؤولون الإسرائيليون السابقون في كثير من الأحيان إلى اغتيال عباس الموسوي، أحد مؤسسي حزب الله في 1992، وكيف أدى ذلك إلى صعود حسن نصر الله، الذي حول الحزب إلى عدو أكثر قوة.

وإلى حد ما، انقلبت توقعات نتانياهو في 2004، حيث أدى قتل الشيخ أحمد ياسين إلى تقويض حماس على المدى القصير، لكنه في النهاية لم يكن فعالاً في ردع الحركة. واستمر قتال إسرائيل ضد حماس، في صراعات قصيرة في غزة في 2008 و2011 و2014 و2021.

موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية