تحذيرات من عودة الإخوان للسلطة في السودان.. ما آخر تحركاتهم؟

تحذيرات من عودة الإخوان للسلطة في السودان.. ما آخر تحركاتهم؟


09/05/2022

حذّرت تقارير أوروبية من احتمالات عودة تنظيم الإخوان إلى السلطة مجدداً في السودان باستغلال حالة السيولة السياسية والأمنية خلال الوقت الراهن، وأكدت التقارير أنّ مثل هذه المحاولات للتسلل مجدداً إلى المشهد السياسي السوداني ستعّقد جهود الحل وتزيد من حدة التوترات المتفاقمة في البلاد على نحو غير مسبوق. 

وفي هذا السياق، أعرب وفد أوروبي أمريكي مشترك عن بالغ قلقه من إعادة تنصيب أعضاء النظام السابق لجماعة الإخوان في أجهزة الحكم بالسودان، وقال الوفد، الذي يضم مسؤولين رفيعين من فرنسا وألمانيا والنرويج وبريطانيا وأمريكا والاتحاد الأوروبي في بيان صحفي بختام زيارته إلى السودان في 28 نيسان (أبريل) الماضي، إنّ إعادة رموز النظام السابق سيزيد من حدة التوترات في المجتمع السوداني ويصعّب تنفيذ الإصلاحات.

وحذر مراقبون سودانيون تحدثوا لـ"حفريات" من مغبّة استمرار تلك المحاولات التي ستزيد الأزمة في البلاد تعقيداً، لكنهم أكدوا في الوقت ذاته أنّ المحاولات من جانب الجماعة محكومة بسيناريوهات الفشل؛ بسبب عدة عوامل أهمها؛ حالة الرفض الشعبي لهم، والتفكك التنظيمي الذي تعيشه الجماعة على مدار سنوات وعدم قدرتها على الدخول في تحالفات سياسية قوية.

عودة محمومة ومشهد عبثي

ويرى الخبير السوداني المختص في شؤون الجماعات الإرهابية والإسلام السياسي، فتحي عثمان مادبو، أنّ العودة إلى المشهد السياسي في السودان بالنسبة لجماعة الحركة الإسلامية، "غير ممكنة"، فتلك الجماعة لم تخرج فقط من كراسي السلطة إنما خرجوا من قلوب أهل السودان وعقولهم نتيجة لما ارتكبوه من موبقات ومهلكات بحق الوطن والمواطن، وفق مادبو.

ويتحدث مادبو في تصريح لـ"حفريات"، عن العوامل التي أدت إلى تراجع شعبية الإخوان في السودان، ففي الوقت الذي  يتحدثون فيه عن الحريات العامة وفساد الآخرين فهم من نالوا قدح الصدارة في سجلات الفساد والاستبداد حتى تذيل السودان في عهدهم قائمة الدول الأكثر فساداً في العالم، مستطرداً: صحيح أنّ حالة التراخي التي حدثت عقب قرارات 25 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي جعلت بعضهم يعتقد أنه قد أصبح بالإمكان عودة الإخوان إلى المسرح السياسي من جديد، لكن هذا الأمر "لن يحدث أبداً".

أسباب عجز الإخوان في الوقت الراهن

ويرجع الخبير السوداني عدم عودة الإخوان للسلطة في السودان إلى عدة أسباب أولها؛ أنّ الحركة الإسلامية تفرّقت وتمزّقت قدرتها على إحداث أية تغييرات في المشهد السياسي نتيجة الخلافات حول السلطة والثروة، والأمر الثاني هو خروج تيارات عديدة من الحركة الإسلامية والوقوف ضد الحركة الأم فاق عددها الـ 5 تيارات أبرزها المؤتمر الشعبي والإصلاح الآن، أما السبب الثالث فيتمثل في التركة الثقيلة في مجال انتهاكات حقوق الإنسان وإحراق دارفور، في حين يكمن السبب الرابع في  تورطهم في ملفات الفساد المالي والإداري.

الخبير السوداني فتحي عثمان مادبو: الحركة الإسلامية تفرقت وتمزقت قدرتها على إحداث أية تغييرات في المشهد السياسي نتيجة الخلافات حول السلطة والثروة

كما ينوّه مادبو إلى أسباب أخرى منها "السخط الشعبي في السودان الناتج عن الظلم والقهر والطغيان باعتباره حائط صد، يمنع ويحول دون خروج رموز الحركة الإسلامية للعلن"، فضلاً عن "افتقار الحركة الإسلامية للقيادة بغياب المؤسس حسن الترابي". 

تاريخ مشبوه وتحالفات نفعية

من جانبه، يرى المحلل السياسي والإعلامي السوداني، عبد الواحد إبراهيم، أنّ محاولات جماعة الإخوان التسلل إلى الحكم هي محاولات "قديمة ومستمرة ومتكررة على مدار فترات تاريخية مختلفة"، سواء من خلال المشاركة مع الآخرين أو الاستيلاء على الحكم منفردين، وهذه هي سياستهم المنكشفة منذ العام 1954. 

عبد الواحد إبراهيم: عودة التنظيم للسلطة في البلاد أمر أقرب للمستحيل

وفي تصريح لـ"حفريات" يشير إبراهيم إلى استراتجية الإخوان للتحالف مع الحزبين الكبيرين في البلاد منذ ذلك التوقيت والاستمرار في إبرام تحالفات سياسية كان هدفها وضع الجماعة التي لم يكن لديها وزن في ذاك التوقيت في قلب المشهد السياسي السوداني، لافتاً إلى أنّهم استغلوا تلك الشراكات لتعزيز مكانتهم وتدريب عناصرهم وتجهيز أنفسهم للحكم، وبالفعل تمت عملية انقلاب البشير ووصول الإخوان للحكم آنذاك. 

وأكد الخبيرالسوداني أنّ جماعة الإخوان استفادت من وجودها في تلك المساحة على مدار العقود الماضية، لكن تحركاتها في الوقت الراهن لا يمكن التعويل عليها أو اعتبارها قادرة على تحريك الأحداث للنحو الذي تريده الجماعة، مدللاً على ذلك بأنّ الجماعة في الوقت الراهن باتت ضعيفة على المستوى التنظيمي ومفككة إلى حد كبير بعد الضربات والانشقاقات المتتالية التي تعرضت لها. 

لا ثقل للإخوان في المعادلة السياسية

ويرى إبراهيم أنّ عودة التنظيم للسلطة في البلاد "أمر أقرب للمستحيل"، مستدركاً: لكن السياسة دائماً ما تأتي بالمفاجآت، خاصة أنّ تنظيم الإخوان تقف وراءه دول كبيرة وتدعمه بالأموال بشكل كبير، وهو ما سيجعله يلتقط أنفاسه خلال الفترة المقبلة لكن ليس شرطاً أن يتمكنوا من العودة لمفاصل الحكم. 

يرى المحلل السياسي والإعلامي السوداني، عبد الواحد إبراهيم أنّ محاولات جماعة الإخوان التسلل إلى الحكم هي محاولات قديمة ومستمرة ومتكررة على مدار فترات تاريخية مختلفة

وعودة الإخوان للحكم ستكون لها تداعيات سلبية كبيرة سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي، وفق إبراهيم الذي يبين أنّ الجماعة ستمارس سياستها المعهودة في الانتقام من أي فصيل أو دولة دعمت الدولة الوطنية ومقوماتها خلال الفترة الماضية.

وفي 21 نيسان (أبريل) الماضي، عاد إخوان السودان بحلّة جديدة، تحت اسم "التيار الإسلامي العريض"، الذي يضم، حتى الآن، 8 تنظيمات إخوانية، أبرزها قيادات "المؤتمر الوطني"، وحزب "دولة القانون والتنمية"، المعروف بولائه لتنظيم داعش، ووسط حالة من الجدل والتساؤلات حول طبيعة الدور الذي يمكن أن يعود الإخوان، رسمياً، لممارسته في البلاد التي تشهد حالة حرجة جراء السيولة السياسية والأمنية، أعلنت الجماعة عن "التحالف الجديد" دون أي تفاصيل تحمل إجابات حول استراتيجيته للعمل السياسي مستقبلاً.

مواضيع ذات صلة:

"التيار الإسلامي العريض".. ما دلالات العودة المتلونة لإخوان السودان؟

الإخوان المسلمون في مصر والسودان والصومال.. تقدير موقف

-  هل باتت البعثة الأممية أداة وصاية على السودان؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية