"التيار الإسلامي العريض".. ما دلالات العودة المتلونة لإخوان السودان؟

"التيار الإسلامي العريض".. ما دلالات العودة المتلونة لإخوان السودان؟


21/04/2022

للمرة الرابعة، عاد إخوان السودان بحلّة جديدة، تحت اسم "التيار الإسلامي العريض"، الذي يضم، حتى الآن، 8 تنظيمات إخوانية، أبرزها قيادات "المؤتمر الوطني"، وحزب "دولة القانون والتنمية"، المعروف بولائه لتنظيم داعش.

ووسط حالة من الجدل والتساؤلات حول طبيعة الدور الذي يمكن أن يعود الإخوان، رسمياً، لممارسته في البلاد التي تشهد حالة حرجة جراء السيولة السياسية والأمنية، أعلنت الجماعة عن "التحالف الجديد" دون أي تفاصيل تحمل إجابات حول استراتيجيته للعمل السياسي مستقبلاً.

لكن غالبية التوقعات اتجهت لكونها محاولة جديدة من الجماعة للمشاركة في الحكم باستغلال الظرف السياسي "غير المستقر" في البلاد، وأنها تجربة جديدة في سياق المحاولات التاريخية لتنظيم الإخوان للنفاذ إلى منطقة السلطة مجدداً، بالاعتماد على تغيير اسمها للمرة الرابعة، لكن لا تذهب أي من التوقعات إلى احتمال تغيير الجماعة لاستراتيجياتها أو أيديولوجيتها الخاصة، بينما يُرتقب أن تميل نحو تيار أكثر تطرفاً، بحكم التحالف الجديد.

وفي كلمته التي ألقاها للإعلان عن تدشين التحالف الجديد، قال القيادي الإخواني أمين عمر حسن، "اتفقنا على أنّ حاكمية التنظيم لا الأفراد هي الضمانة الحقيقة من الانجراف والاستبداد وتنكب الطريق، واللجوء إلى المراجعات لتقديم تجربة إسلامية مستقبلية تصحح الأخطاء وتخطط للمستقبل وتساعد على التوحد، وترسيخ فقه الاختلاف دون أن يؤدي إلى انشقاق أو شرخ في التنظيم"، التصريح الذي قرأه مراقبون بأنه كاشف لما سيكون عليه عمل التنظيم الجديد، وأنه ليس سوى امتداد لأفكار التأسيس القديمة لدى جماعة الإخوان بالبلاد، والتي تؤسس لفكرة الإنفراد بالحكم لدى التيار الإسلامي.

لماذا عاد الإخوان الآن؟

يرى الدكتور مدى الفاتح، الباحث السوداني في مركز الدراسات الدبلوماسية والاستراتيجية في باريس، أنّ عودة الإسلاميين بواجهات مختلفة والبدء في أنشطة من قبيل اللقاءات السياسية والإفطارات الجماعية، التي تمت خلال الفترة الماضية، أثناء شهر رمضان، هو حدث جديد في سياق الفترة الانتقالية في السودان والتي كان يغلب عليها الطابع العلماني، مشيراً إلى أنّ الفترة الماضية شهدت صعوداً لبعض الأحزاب طالبت بإقصاء الدين من المجال العام كالحزب الشيوعي أو الحزب البعثي للمشهد.

الفاتح: يؤيد التيار الجديد قيام انتخابات نزيهة لثقته في أنّ السودانيين سيفضلون انتخاب الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية

وفي تصريح لـ"حفريات" يقول الفاتح، إنه بعد قرارات قائد الجيش التي أفضت إلى تغيير تركيبة السلطة تنفّست عدد من الجماعات ذات الأيديولوجية الإخوانية الصعداء مستقوية بما أفرزته تجربة حكم أحزاب "الحرية والتغيير" في المرحلة الأولى، مشيراً إلى أنّ ما فهم من قبل كثير من المواطنين على أنه عداء للدين بالمجمل وليس فقط للأحزاب الإسلامية.

وأكد الفاتح على أهمية الأخذ في الاعتبار أنّ التيار الناشئ هو تحالف يضم جماعات مختلفة الرؤى والمصالح وتعتمد في غالبها المنهج البراغماتي، كما أنه خال من حزب المؤتمر الشعبي، حزب حسن الترابي، الذي يرى أنّ هذا الكيان الجديد خصم عليه فهو يريد أن يكون المتحكم في الحراك الإسلامي وفي مسارات التفاوض مع الحكومة، كما أنّ الشعبيين يتحفظون أيضاً على التعاون مع الجماعات القريبة من حزب البشير المحلول الذي سبق وأقصى شيخهم الترابي وقام بالكثير من أجل قص أجنحة الحزب وتخفيف سطوته على مؤسسات الدولة.

وأضاف الفاتح: "حتى الآن يؤيد التيار الجديد قيام انتخابات نزيهة لثقته في أنّ السودانيين سوف يفضلون انتخاب الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية لكن هذه القناعة قد تتغير لمحاولة الوصول إلى السلطة بطريقة مختلفة إذا ما شعروا بتأخر الانتخابات أو بأي بوادر إقصاء."

مؤشر على اندثار الثورة

وفي قراءته لدلالات عودة الإخوان إلى المشهد السياسي مجدداً في السودان، يرى الكاتب السوداني إسماعيل عبد الله، في مقاله المنشور تحت عنوان: " عودة الإخوان ومصير السودان"، المنشور بموقع "سودانايل"، أنّ "عودة الحرس القديم لجماعات الإسلام السياسي للمشهد العام مؤشر على قرب اندثار شرارة الثورة، التي أشعل جذوتها شباب السودان المتطلع نحو تحقيق دولة الحرية والسلام والعدالة.

ويشير عبد الله إلى أنّ "الدولة المعاكسة لتلك الدولة الإخوانية التي عملت على مدى 3 عقود على كبت الحريات العامة والخاصة، وأشعلت الحروب الجهوية والعرقية في غالب بقاع السودان ونحرت العدالة على سوح المحاكم المحلية، مما اضطّر المحكمة الجنائية الدولية لأن تصدر مذكرة توقيف بحق رأس الدولة حينذاك لضلوعه في ارتكاب جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية بحق مواطنيه".

ويؤكد الكاتب السوداني أنّ عودة جماعة الإخوان للعمل العام دون محاكمة أعضائها الضالعين في ارتكاب جرائم الحرب وجريمة الانقلاب على الحكم الشرعي والوالغين في مواعين الفساد والاختلاسات المالية، يعني "الردة الحضارية ورهن البلاد ومقدراتها للمرة الثانية لذات الجماعة التي عرف عنها دعمها المفضوح للإرهاب الدولي وتهديدها للسلم والأمن الدوليين"، منوها إلى أنّ "إطلاق سراح من يطلقون على أنفسهم التيار الإسلامي العريض من رموز الحكم البائد ومن دون محاكمة، يعني الرجوع للمربع الأول، اضطراب الإقليم أمنياً وتنشيط بؤر التطرف الديني، والاستسلام لحكم الفاشلين الذين أوردوا البلاد والعباد موارد الهلاك".

تسلل إخواني

من جانبه، حذّر عضو لجنة تفكيك نظام 30 حزيران (يونيو) المجمدة، صلاح مناع، من تدشين الانتخابات المبكرة؛ لأنها تمثل فرصة لعودة الإخوان للمشهد كما حدث في السابق في مصر وليبيا وتونس.

وفي سلسلة تغريدات له عبر تويتر قال مناع إنّ "عدم اتفاق القوى السياسية يحتاج إلى ثورات شبابية تقود المشهد وتأسس جبهة عريضة بواسطة الشباب دون الأربعين، فهم المستقبل وهم ضد الدولة القُطرية وضد دول الإقليم".

وبحسب مناع يمثل حراك 25 تشرين الأول (أكتوبر) عودة الإخوان إلى الحكم مضيفاً أنهم يسيطرون على 85% من جهاز المخابرات و 67% من القوات المسلحة و 60% من الشرطة.

مواضيع ذات صلة:

السودان: هل بات الإفراج عن عمر البشير قريباً؟

الإخوان المسلمون في مصر والسودان والصومال.. تقدير موقف

-  هل باتت البعثة الأممية أداة وصاية على السودان؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية