نعومي كلاين: كيف نهزم "رأسمالية الكورونا"؟

نعومي كلاين: كيف نهزم "رأسمالية الكورونا"؟


23/03/2020

ترجمة وتحرير: محمد الدخاخني


تقول الكاتبة والناشطة والصحافية نعومي كلاين إنّ أزمة فيروس كورونا، شأنها شأن سابقاتها، يمكن أن تكون عامِلاً حافزاً لمساعدة الأغنياء ومصالحهم بوفرة، بما في ذلك أولئك الذين تقع على عاتقهم مسؤولية نقاط ضعفنا الحالية، بينما يُقدم ما هو أقرب إلى اللاشيء إلى معظم العمال وأصحاب الأعمال الصغيرة.

اقرأ أيضاً: في زمن كورونا.. هل تنفذ الحكومة الأفغانية اتفاقها مع طالبان؟
في عام 2007، نشرت كلاين كتابها "عقيدة الصدمة: صعود رأسمالية الكوارث". وتُجادِل، الآن، بأنّ خطة الرئيس ترامب هي عبارة عن عقيدة صدمة قائمة على انتشار الوباء. وفي فيديو جديد نشره موقع "ذي إنترسيبت"، حيث تحتل كلاين وظيفة كبيرة مراسلين، تجادل بأنّه من الضروري أن يناضل الناس من أجل تغيير تحويلي لا يحد فقط من أسوأ آثار الأزمة الحالية ولكن يضع أيضًا المجتمع على مسار أكثر عدالة.

كتابها "عقيدة الصدمة: صعود رأسمالية الكوارث"

وهذا تفريغ لمحتوى الفيديو:

يقول ميلتون فريدمان: "الأزمة فقط - سواء كانت فعلية أو متصورة - هي ما يُنتِج تغييراً حقيقياً. وعندما تحدث تلك الأزمة، تعتمد الإجراءات التي تُتَخذ على الأفكار الموجودة حينها. وأعتقد أنّ هذه هي وظيفتنا الأساسية: تطوير بدائل للسياسات القائمة، إبقاؤها حية ومتاحة، حتى يصبح المستحيل سياسياً هو الحتمي سياسياً".

الفيروس ليس هو الأزمة الوحيدة التي نواجهها. فهناك، اضطراب مناخي، وهذه الصناعات التي تُنقَذ بأموالنا هي التي تقود هذا الاضطراب

"الأفكار الموجودة حينها". كان فريدمان، أحد أكثر اقتصاديي السوق الحرة تطرفًا في التاريخ، مخطئًا بشأن الكثير، لكنه كان محقًا في ذلك. في أوقات الأزمات، تصبح الأفكار التي تبدو مستحيلة فجأةً ممكنة. لكن أفكار من؟ أفكار حساسة، عادلة، مصممة للإبقاء على أكبر عدد ممكن من الناس في أمان وصحة؟ أم أفكار مفترسة، مصممة لزيادة من هم أثرياء بالفعل وبشكل لا يمكن تخيله ثراءً، مع ترك أكثر الفئات ضعفاً أكثر عرضة للخطر؟
يتوقف الاقتصاد العالمي في مواجهة صدمات متتالية. وفي خضم هذا الذعر واسع الانتشار، تقوم جماعات الضغط التابعة للشركات بكل أشكالها، بالطبع، بنفض الغبار عن جميع أفكارها. فيدفع ترامب بتعليق ضريبة الرواتب، وهو ما يمكن أن يُفلِس نظام الضمان الاجتماعي، ويوفر العُذر لتقليصه أو خصخصته بالكامل - وتلك فكرة كانت موجودة منذ فترة طويلة. فكرة كان تدور في فلك الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء.

ميلتون فريدمان
وبعد ذلك، تُطرَح أفكار إنقاذ بعض القطاعات الأكثر ثراءً والأكثر تلويثًا في اقتصادنا. إن عمليات الإنقاذ المالي لشركات النفط والغاز، ناهيك عن السفن السياحية وشركات الطيران والفنادق، هي إعانات يمكن أن يستفيد منها ترامب شخصياً. وتلك مشكلة كبيرة لأن الفيروس ليس هو الأزمة الوحيدة التي نواجهها. فهناك، أيضًا، اضطراب مناخي، وهذه الصناعات التي تُنقَذ بأموالنا هي التي تقود هذا الاضطراب.

اقرأ أيضاً: كيف جاءت استجابة دول الخليج في مواجهة كورونا؟
والآن، يجتمع ترامب، أيضاً، مع شركات التأمين الصحي الخاصة. تلك الشركات التي فعلت كل ما بوسعها حتى لا يستطيع الكثير من الأمريكيين تحمل تكاليف الرعاية التي يحتاجونها. وما هي فرص عدم مساعدتهم مالياً؟ يبدو أنّ الوباء برمته يخضع لحالة من التعهيد.

خطة ترامب تكمن في عقيدة صدمة قائمة على انتشار الوباء، تضم أفكاراً خطيرة من خصخصة الضمان الاجتماعي إلى احتمال إلغاء الانتخابات

كانت الخطوة الأولى التي اتخذها المجلس الاحتياطي الفيدرالي هي ضخ 1.5 تريليون دولار في الأسواق المالية، مع المزيد من الأموال في الطريق، دون شك. وإذا كنت عاملاً، لا سيما عاملاً بالمياومة، فهناك فرصة كبيرة جداً ألا تكون محظوظاً. وإذا كنت بحاجة إلى زيارة طبيب للحصول على الرعاية اللازمة، فهناك فرصة كبيرة أنّ أحداً لن يساعدك في دفع الفاتورة ما لم تكن خاضعاً للتأمين. وإذا كنت تريد الإصغاء إلى تحذيرات الصحة العامة وأخذ إجازة من العمل والبقاء في المنزل، فهناك أيضًا فرصة أنك لن تحصل على راتبك. بالطبع، ما زلت بحاجة إلى دفع الإيجار وجميع ديونك - الطبية والدراسية وديون بطاقة الائتمان والرهن العقاري.
والنتائج يُمكِن التنبؤ بها. الكثير من المرضى ليس لديهم خيار سوى الذهاب إلى العمل، مما يعني إصابة المزيد من الأشخاص بالفيروس والمزيد من انتشاره. وبدون عمليات إنقاذ شاملة للعمال، يمكننا توقع المزيد من حالات الإفلاس والمزيد من المتشردين في الشوارع.

اقرأ أيضاً: وباء "كورونا" إذ يصيب دعاة الخطاب الديني
استمع، إننا على أُلفة بهذا السيناريو. في عام 2008، وهي المرة الأخيرة التي شهدنا فيها انهياراً مالياً عالمياً، شاعت الأفكار الرديئة نفسها لعمليات إنقاذ الشركات دون قيود أو شروط، ودفع الناس العاديون حول العالم الثمن. وحتى هذا كان متوقعاً تماماً.
قبل ثلاثة عشر عاماً، ألفت كتاباً بعنوان "عقيدة الصدمة: صعود رأسمالية الكوارث"، ووصفت فيه تكتيكاً وحشياً ومتكرراً تقوم به الحكومات اليمينية. بعد حدثٍ صادم - حرب أو انقلاب أو هجوم إرهابي أو انهيار اقتصادي أو كارثة طبيعية -، يستغلون ارتباك الجمهور، ويعلقون الديمقراطية، ويدفعون من أجل سياسات سوق الحرة راديكالية تُثري الـ 1٪ على حساب الفقراء والطبقة الوسطى.


لكن إليك ما علمني إياه بحثي. لا تسير الصدمات والأزمات دائماً في مسار عقيدة الصدمة. في الواقع، من الممكن أن تحفز الأزمة نوعاً من القفزة التطورية. فكر في ثلاثينيات القرن الماضي، عندما أدى "الكساد الكبير" إلى "الصفقة الجديدة". حينها، في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، بدأت الحكومات في نسج شبكة أمان اجتماعي، بحيث في المرة القادمة التي يحدث فيها انهيار، يكون هناك برامج مثل الضمان الاجتماعي لإنقاذ الناس.

اقرأ أيضاً: مصر في زمن الكورونا: الحياة "أون لاين"
استمع، إننا نعلم ما هي خطة ترامب: عقيدة صدمة قائمة على انتشار الوباء، تضم جميع الأفكار الأكثر خطورة، من خصخصة الضمان الاجتماعي إلى إغلاق الحدود إلى حبس المزيد من المهاجرين. بل إنه قد يحاول، ويا للجحيم، إلغاء الانتخابات.
لكن نهاية هذه القصة لم تُكتب بعد. إنها سنة انتخابات. والحركات الاجتماعية والسياسيين المتمردين قد حشدوا أنفسهم بالفعل. ومثلما حدث في ثلاثينيات القرن العشرين، لدينا مجموعة كاملة من الأفكار الأخرى الموجودة. لقد جرى رفض الكثير من هذه الأفكار على اعتبار أنّها متطرفة للغاية قبل أسبوع فقط. الآن، تبدو هذه الأفكار وكأنها المسار الوحيد المعقول للخروج من هذه الأزمة ومنع وقوع أزمات مستقبلية. ومع وجود واشنطن فجأةً في مجال التحفيز العملاق، فهذا هو بالضبط وقت التحفيز الذي يتحدث عنه الكثير منا منذ أعوام.

اقرأ أيضاً: إسبانيا مرعوبة من كورونا ومن مخاوف "سيناريو إيطاليا"
يسمى مشروعنا "الصفقة الخضراء الجديدة". فبدلاً من إنقاذ الصناعات القذرة التي تعود إلى القرن الماضي، يجب علينا تعزيز الصناعات النظيفة التي ستقودنا إلى بر الأمان في القرن القادم. وإذا كان هناك شيء واحد يعلمنا إياه التاريخ، فهو أنّ لحظات الصدمة شديدة التقلب. إما أن نخسر الكثير من الأرض، وتسلبنا النخَب أموالنا وندفع الثمن لعقود، أو نفوز بانتصارات تقدمية بدت مستحيلة قبل أسابيع قليلة. ليس هذا بالوقت المناسب لفقدان أعصابنا. فالمستقبل سيحدده من هم على استعداد للقتال بقوة من أجل أفكارهم.


مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

ديموكراسي ناو

لمشاهدة الفيديو كاملاً:

https://www.democracynow.org/2020/3/19/naomi_klein_coronavirus_capitalism



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية