كيف جاءت استجابة دول الخليج في مواجهة كورونا؟

كورونا

كيف جاءت استجابة دول الخليج في مواجهة كورونا؟


23/03/2020

إذا  أردنا الإضاءة على كيفية استجابة الحكومات والناس في دول الخليج العربية للتحدي الكبير الذي فرضه فيروس كورونا، فيمكن القول إنّ انتشار الوباء الفتّاك شكّل اختباراً حاسماً وكبيراً للإدارات الحكومية في تلك الدول، وللأنظمة الصحية، ولتعاضد الناس وتفهّمهم ومدى التزامهم التعليمات وشروط السلامة وتقيدهم بالإجراءات الرسمية التي تم اتخاذها في مواجهة انتشار الوباء.

اقرأ أيضاً: كورونا يحصد الأرواح في إيطاليا وأمريكا ويجعلهما أكثر الدول المتضررة.. آخر التطورات
وفيما انتشر في دولة الكويت شعار "بتحب الكويت.. اقعدْ بالبيت" عبّر المواطنون والمقيمون في دولة الإمارات عن تقيّدهم بالإجراءات الرسمية الهادفة لحمايتهم بإطلاق هاشتاغ  #ملتزمون_يا_وطن، وأشادوا بالشفافية التي التزمت بها الإمارات ومسؤوليتها منذ بداية أزمة فيروس كورونا، ما أكسبها ثقة الناس.


وقررت المملكة العربية السعودية تعطيل العمل في جميع الدوائر الحكومية، باستثناء قطاعي الصحة والأمن، لمدة أسبوعين، وإغلاق مراكز التسوق والمقاهي والمطاعم. وأعلنت عن عزمها ضخ 13 مليار دولار لدعم الاقتصاد. وأعلنت المملكة فرض غرامات تصل إلى 133 ألف دولار على من يخفون تفاصيل سفرهم عند دخولهم البلاد أو إعطاء معلومات غير صحيحة فيما يتعلق بصحتهم.
وفرضت سلطنة عمان قيوداً مماثلة، وأمرت بتعليق صلاة الجمعة والفعاليات الاجتماعية مثل حفلات الزفاف، وكذلك إغلاق الحدائق العامة.

اقرأ أيضاً: وباء "كورونا" إذ يصيب دعاة الخطاب الديني
وكما يقال إنّ ثمة قيماً في أثناء الأزمات تتعالى، حيث يتقدم العطاء والتضامن والتعاطف إلى جانب الحذر وحب الذات واختلاف العادات والروتين اليومي. وقد نبّه وزير الصحة الكويتي، باسل الصباح، إلى أنّ مواجهة كورونا مسؤولية مجتمعية مشتركة تبدأ بالمسؤول وتنتهي بالمواطن والمقيم في الكويت.
التزام المنزل
وفي الإمارات، انضمت مدينة دبي إلى العاصمة أبو ظبي، في إغلاق دور السينما والمنتجعات الصحية والصالات الرياضية والمتنزهات. وأعلنت السلطات الإماراتية على غرار بلدان كثيرة  فرض الحجر المنزلي لمدة 14 يوماً على كل شخص قادم إلى الإمارات. وقال النائب العام الإماراتي، المستشار حمد سيف الشامسي: "إنّ مخالفة التعليمات، والإجراءات الصادرة من الجهات المختصة في الدولة للحد من انتشار فيروس كورونا باعتباره أحد الأمراض السارية، يعد جريمة يعاقب عليها طبقاً لقوانين الدولة"، وفقاً لوكالة الأنباء الإماراتية "وام".

ستيف هارفي: أكثر مكان آمن من كورونا بالعالم هو الإمارات، وأتمنى لو حذت أمريكا حذو قيادة الإمارات في تعاطيها مع الوباء

ولقد أمرت العديد من دول الشرق الأوسط، بما في ذلك السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وعُمان وغيرها، بإغلاق المنشآت التعليمية والحجر الصحي واتخذت خطوات لتقليص، إن لم يكن وقف، السفر من وإلى الدول الآسيوية والأوروبية التي تضررت بشدة من الفيروس، أو بمنع مؤقت لسفر المواطنين إلى الخارج، ووقف مؤقت لاستقبال الزائرين والمقيمين الموجودين خارج بلد الإقامة.
ومع ذلك، فإنّ الانتشار المتسارع للفيروس يمكن أن يشدد على اختبار الاستعدات الطبية وتوفر مستلزمات الوقاية والعلاج في كل الدول الغنية بالنفط التي استثمرت في أحدث المرافق الطبية.


وقد جددت قيادات دولة الكويت مناشداتها للمواطنين والمقيمين بالبقاء في المنازل؛ نظراً لسرعة تفشي فيروس كورونا بين التجمعات وانتقاله من شخص لآخر عبر الاحتكاك والملامسة. وقال وزير الصحة الكويتي د. باسل الصباح عبر حسابه بموقع التدوين المصغر "تويتر": "استحلفكم بالله البقاء في منازلكم". كما غرد وزير التجارة والصناعة خالد الروضان، ووزيرة الأشغال وزيرة الدولة لشؤون الإسكان د. رنا الفارس ووزير الإعلام محمد الجبري، ووزير النفط د. خالد الفاضل، مؤكدين مناشدة وزير الصحة، "استحلفكم بالله البقاء في منازلكم".

اقرأ أيضاً: مصر في زمن الكورونا: الحياة "أون لاين"
وقد قام مجلس الوزراء الكويتي بإجراء الاستعدادات اللازمة لإعادة الطلبة الكويتيين في الخارج خلال أيام، وكلف "وزارة الدفاع الكويتية" بإنشاء مستشفى ميداني متكامل في أرض المعارض في العاصمة الكويت، وتكليف وزارة التجارة الكويتية والجهات المعنية بتوفير رحلات شحن لاستيراد المواد الغذائية والمواد الأساسية، والسماح للمدرسين من غير الكويتيين بالسفر إلى بلدانهم، والتأكد من الوضع الصحي لهم عند عودتهم مع استئناف الدراسة في الكويت في آب (أغسطس) 2020.
الإمارات وتكريس الطمأنينة
ونظراً لأهمية قضية تعاون المواطنين والمقيمين مع الإجراءات الحكومية التي تهدف بالدرجة الأولى إلى حمايتهم، سعت دولة الإمارات إلى تكريس الطمأنينة في نفوس الناس، فلم تفرض حظر التجول، ولا منعت ارتياد المطاعم والمقاهي، لكنها أصدرت تعليمات لتوخي أعلى معايير الصحة وتجنب الاكتظاظ. وعلى خط الطريق الواصل بين دبي وأبوظبي عُلّقت لافتة كبيرة كُتب عليها "لا تشِلُونْ هَمّ"، وهي تُحيل إلى كلام ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حين قال مع بداية أزمة كورونا "لا تحملوا أي همّ وواصلوا حياتكم بهدوء وطمأنينة، فحكومة الإمارات ورجالها المخلصون وجنودها المجهولون، الذين يعملون بكل صمت وهدوء... يعملون ليل نهار في خدمة هذا الوطن، والدواء والغذاء متوفر إلى ما لا نهاية".

اقرأ أيضاً: إسبانيا مرعوبة من كورونا ومن مخاوف "سيناريو إيطاليا"
من جانبه، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش "تعمل إجراءاتنا الوطنية في الوقاية من فيروس كورونا بفعالية. وهي تقوم على مبادئ الحماية والاحتراز والوقاية وآلياتها الفحص والحجر المنزلي. مارس حياتك الطبيعية ضمن ثقافة صحية وقائية تحميك وتحافظ على صحة الآخرين. وسننجح بتكاتف الجميع".
أما في السعودية، فقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة السعودية "إنّ الجلوس في البيت هذه الفترة ليس مجرد نصائح عابرة، بل مسؤولية لا بد من تطبيقها".


وقد قام تجار ورجال أعمال كبار إماراتيون بالتبرع بالملايين للسلطات الصحية الإماراتية؛ من ضمنها سيارات إسعاف ومبان كاملة مجهزة لأغراض الحجر الصحي والالتزام ببناء منشأة متخصصة بالدراسات عن الفيروسات والأوبئة. وتبرع تاجر كبير بدعم قيمته 100 مليون درهم إماراتي لمساعدة تجار التجزئة من المستأجرين في مراكز المجموعة التجارية التابعة له.

اقرأ أيضاً: الإمارات تعلن عدد حالات الشفاء من فيروس كورونا.. وتتخذ إجراءات احترازية
وتداول مغردون ومواقع إعلامية مقطعاً للإعلامي الأمريكي ستيف هارفي خلال برامجه الإذاعي (The Steve Harvey Morning Show) قال فيه إن "أكثر مكان آمن من كورونا في العالم هو الإمارات، وأتمنى لو حذت أمريكا حذو قيادة دولة الإمارات في تعاطيها مع كورونا، لقد أجروا أكبر عدد من الاختبارات للفيروس، وهذا له علاقة بقيادة جادة تحب شعبها وتفعل كل ما يمكن للحفاظ على سلامته".

على الدول العربية أن تطور خططها وبرامجها الإعلامية والطبية؛ للتكيّف مع سيناريو استمرار وطأة الفيروس لفترة قد تمتد لنهاية العام

وتقوم الجهات الحكومية الإماراتية بين وقت وآخر بتعقيم شوارع دبي وأبوظبي.
من جهته، نشر السفير الفرنسي لدى الإمارات، لودوفيك بوي، مقطع فيديو باسمه واسم سفارة بلاده قال فيه "شكراً لسلطات دولة الإمارات لحرصها على سلامة المواطنين الفرنسيين. الجالية الفرنسية ملتزمة باحترام إجراءات السلامة والوقاية. فرنسا والإمارات معاً يداً بيد ضد انتشار فيروس كورونا الجديد".
ولعل من المهم أن تطور الدول العربية، ومن ضمنها دول الخليج، خططها وبرامجها الإعلامية والطبية؛ بغية التكيّف مع سيناريو استمرار وطأة فيروس كورونا لفترة قد تمتد إلى نهاية العام الجاري، ما يتطلب إعادة ترتيب الأولويات وإدارة الموارد والتعاطي الفعال مع الأزمة بجوانبها الطبية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية، ولا شك في أنّ قيم التضامن المجتمعي عنصر أساسي في تحقيق إدارة ناجحة لذلك كله.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية