
شهدت خطوط المواجهة بين القوات الروسية والقوات الأوكرانية تصعيدًا ملحوظًا في النشاط العسكري على مدار الأيام الثلاثة الأخيرة. ووفقًا للتقارير الميدانية الصادرة، فقد شهدت المناطق الشرقية والجنوبية من أوكرانيا اشتباكات عنيفة، وتصاعدًا في استخدام الأنظمة الصاروخية والطائرات بدون طيار، ممّا يدل على محاولات كلا الجانبين لفرض الهيمنة أو تأمين مواقع استراتيجية على الخطوط الأمامية.
وفي كورسك تواجه جيوب المقاومة الأوكرانية حرب إبادة، في ظل قطع خطوط الإمداد عنها، ووقوعها تحت حصار الجيش الروسي الذي يواصل شن عمليات عسكرية انتقامية واسعة.
التصعيد في منطقة دونباس
أفادت التقارير الميدانية أنّ القوات الروسية قامت بعدة محاولات لتوسيع نطاق تقدمها في بعض القطاعات بمحاذاة خطوط المواجهة في منطقة دونباس، بينما أظهرت القوات الأوكرانية مقاومة شرسة، حيث تم تبادل إطلاق النار بكثافة، واستخدام المدافع الثقيلة وأنظمة الدفاع الجوي.
بالتزامن مع ذلك تزايد استخدام الطائرات بدون طيار للتجسس والهجوم، وشنّ كلا الجانبين هجمات دقيقة لاستهداف مواقع الآخر الحيوية. وأسفرت هذه العمليات عن أضرار في البنية التحتية العسكرية، وتراجع طفيف في بعض المواقع الاستراتيجية. وبشكل عام، فإنّ القوات الأوكرانية في موقف دفاعي، ولم تعد قادرة على شن هجمات مضادة.
وبالإضافة إلى منطقة دونباس، قامت القوات الروسية بعدة تحركات محدودة في المناطق الجنوبية لمحاولة قطع خطوط الإمداد وتحجيم حركة القوات الأوكرانية.
وبدورها قامت القوات الأوكرانية بتكتيكات مرنة، تضمنت استخدام مراكز الدفاع المتنقلة، ممّا ساعدها على صد الهجمات، ومنع تحقيق تقدم واضح للقوات الروسية.
وشهدت الأيام الأخيرة تبادل ضربات مركزة على مواقع عسكرية محددة، مثل قواعد التخزين ومراكز القيادة والاتصالات. وأفادت بعض التقارير أنّ الضربات الروسية تميزت بدقة عالية بفضل استخدام تقنيات متطورة لتحديد الأهداف.
الوضع العسكري في منطقة كورسك
من جهة أخرى، تشهد منطقة كورسك، الواقعة في الجزء الغربي من روسيا، نشاطًا عسكريًا مكثفًا في الأيام الأخيرة في إطار العمليات الروسية في الجبهة الشرقية. وفقًا للتقارير الميدانية يقوم الجيش الروسي حاليًا بتعزيز تواجده في هذه المنطقة الاستراتيجية عبر تحريك وحداته ومراكز القيادة، ممّا مكّن القوات من تنفيذ هجمات مركزة ضدّ نقاط المقاومة الأوكرانية. وتُظهر الصور الجوية وتقارير الاستطلاع استخدامًا واسعًا للتكنولوجيا الحديثة في جمع المعلومات وتحديد مواقع القوات الأوكرانية.
وفقًا لمصادر (بي بي سي)، فقد حقق الجيش الروسي تقدمًا ملموسًا في منطقة كورسك، خلال الأيام الثلاثة الماضية، وتمكن من السيطرة على عدة مواقع استراتيجية على الجبهة، وفقاً لما يلي:
الهجمات المركزة: نفذت القوات الروسية هجمات مدعومة بأنظمة مدفعية حديثة ودبابات متطورة، مثل (T‑90)، لقطع خطوط الإمداد، وحصار بعض الوحدات الأوكرانية.
التكتيكات المتكاملة: تضافرت جهود الهجوم الروسي باستخدام الصواريخ الموجهة بدقة والطائرات بدون طيار لجمع المعلومات وتوجيه الضربات بدقة عالية، ممّا ساهم في تحقيق مكاسب تكتيكية وتخفيف أو إسكات جيوب المقاومة الأوكرانية.
وأوضحت التقارير الميدانية أنّ الجيش الروسي يعتمد على تشكيلة متطورة من الأسلحة والتقنيات الحديثة في عمليات كورسك، مثل:
المدفعية الثقيلة والصواريخ الموجهة: يتم استخدام أنظمة مدفعية متقدمة وصواريخ موجهة لتحقيق ضربات دقيقة على مواقع الجيش الأوكراني، وقد ساعد ذلك في تدمير مواقع التخزين ومراكز القيادة لدى القوات الأوكرانية.
الدبابات وأنظمة الهجوم المدعومة: تم نشر دبابات من الطراز الحديث مثل (T‑90) مع دعم من أنظمة الهجوم الذكية لضمان تقدم أسرع وتغطية نارية مكثفة.
أنظمة الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية: استخدمت القوات الروسية أنظمة الدفاع الجوي المتطورة مثل (S‑400) لاعتراض الطائرات بدون طيار والمعترضات المقاتلة، كما أطلقت حملات لحرب إلكترونية شاملة لتعطيل اتصالات القوات الأوكرانية وإضعاف قدراتها على التنسيق.
وضع القوات الأوكرانية المحاصرة
تشير تقارير (بي بي سي)، ومصادر أخرى، إلى أنّ بعض الوحدات الأوكرانية التي تم حصارها في مناطق قرب كورسك تواجه ظروفًا قاسية بسبب نقص الإمدادات والدعم، حيث تفتقر القوات المحاصرة إلى الإمدادات الأساسية من الذخائر والوقود والدعم اللوجستي، ممّا يضعها في موقف دفاعي حرج.
ونتج عن الاشتباكات المستمرة وقوع خسائر بشرية كبيرة بين صفوف القوات الأوكرانية، ممّا أضعف قدرتها على الصمود في مواجهة الهجمات الروسية المركزة.
وبالرغم من الضغط الكبير، تسعى القوات الأوكرانية إلى إعادة تنظيم صفوفها باستخدام تكتيكات الدفاع المتنقل وتكتيكات حرب العصابات، لتأخير تقدم الروس، وتأمين بعض الخطوط الحيوية.
وربما إذا استمرت العمليات العسكرية بوتيرة معتدلة دون تصعيد كبير، فقد يتمكن الجيش الروسي من إحراز تقدم تدريجي على حساب القوات الأوكرانية المحاصرة، وفي حال تصاعدت الهجمات الروسية بشكل مفاجئ، مع استخدام المزيد من الأسلحة المتطورة، قد تتعرض القوات الأوكرانية للمزيد من الخسائر، ممّا يؤدي إلى تغيير جذري في موازين القوى في المنطقة.
جدير بالذكر، أنّه على مدى الأسابيع الأخيرة أفادت التحليلات العسكرية التي نشرتها مواقع عسكرية مثل: "Defense News" و "Breaking Defense" أنّ فعالية القوات الأوكرانية شهدت تدهورًا ملحوظًا على الصعيد العملياتي، وأظهرت التقارير النقاط التالية:
انهيار الروح المعنوية:
أشارت التقارير إلى أنّ القتال المطول والخسائر البشرية الثقيلة، والنقص الدائم في الذخائر والإمدادات، أدى إلى تآكل الروح المعنوية للقوات الأوكرانية بشكل حاد. وقد ساهمت الاضطرابات في قنوات الاتصال بين القيادة في تفاقم الوضع، ممّا أسفر عن عمليات دفاعية مشتتة وغير منظمة في عدة نقاط حيوية على الخطوط الأمامية.
التقدم الروسي والتفوق النيراني:
استغل الجيش الروسي هذا الضعف بتوظيف أسلحة حديثة، تشمل أنظمة مدفعية متطورة وصواريخ موجهة بدقة وطائرات بدون طيار، لاستهداف المواقع الدفاعية الأوكرانية بشكل منهجي. وأدت الهجمات المستمرة على الأرض وفي الجو إلى إجبار العديد من الوحدات الأوكرانية على الانسحاب الفوضوي، وفي بعض الحالات تمّ حصار كتائب كاملة وإجبارها على الاستسلام.
أنظمة الحرب الإلكترونية:
لعبت أنظمة الحرب الإلكترونية الروسية دورًا محوريًا في تعطيل الاتصالات وجمع المعلومات لدى القوات الأوكرانية، ممّا أثر سلبًا على قدرة القيادة على تنسيق ردود الأفعال. وأدى ذلك إلى تأخر وصول التعزيزات، وعدم قدرة القوات على التكيف مع الظروف المتغيرة بسرعة في ساحة المعركة.
التداعيات على الخطوط الأمامية والتوازن العسكري
يُحذّر المحللون الغربيون من أنّ استمرار انهيار القوات الأوكرانية بهذا الإيقاع قد يغير موازين القوى في المنطقة. فقد تؤدي خسارة مواقع استراتيجية جديدة، وإمكانية استسلام واسع النطاق، إلى تمكين القوات الروسية من تعزيز مواقعها، وتوسيع نطاق سيطرتها على الأراضي المتنازع عليها.
بشكل عام، فإنّ القوات الأوكرانية تواجه ضغوطًا شديدة من الجيش الروسي المنسق تقنيًا والمجهز بأسلحة حديثة، ممّا قد يؤثر بشكل كبير على معترك الصراع المستمر في المنطقة.