يدفع ثمن تعثر العملية السياسية... النفط الليبي في قلب الصراع من جديد

يدفع ثمن تعثر العملية السياسية... النفط الليبي في قلب الصراع من جديد

يدفع ثمن تعثر العملية السياسية... النفط الليبي في قلب الصراع من جديد


16/07/2023

مرة أخرى يدفع النفط الليبي (قوت الليبيين) ثمن الصراع على السلطة، مكبّداً الخزينة خسائر يومية بملايين الدولارات، مع استمرار لعبة شد الحبل بين حكومتين تتصارعان على الشرعية، فضلاً عن انتشار الميليشيات المسلحة في بعض مواقع الإنتاج، وتحكم بعض القبائل في أخرى.

ويعتمد الاقتصاد الليبي بشكل كلي على الصادرات النفطية المقدرة في الفترة الأخيرة بنحو (1.2) مليون برميل يومياً، ويذهب أغلب الغاز لإنتاج الطاقة محلياً، وتسعى حكومة طرابلس لزيادة إنتاجه، خاصة بعد توقيع اتفاقية مع (إيني) الإيطالية للاستثمار في حقلين بحريين.

ومنذ 2011 استغلت جماعات خارجة عن القانون - بما فيها جماعات متطرفة وأخرى وافدة من الخارج- الفوضى للاستيلاء على هذه المواقع النفطية للتنقل والاختباء وتقوية نفسها، وسرقة سيارات المنشآت النفطية، وأجهزة الاتصالات اللاسلكية، والحواسب وغيرها.

 

يعتمد الاقتصاد الليبي بشكل كلي على الصادرات النفطية المقدرة في الفترة الأخيرة بنحو (1.2) مليون برميل يومياً

وتعرّض كثيرون من العاملين في هذه الحقول للقتل في الأعوام القليلة الماضية، إثر هجمات مباغتة كان من بينها عمليات نفذها تنظيم داعش. وقد فضلت شركات نفط، وخبراء أجانب، التوقف عن العمل، والرحيل من ليبيا، بانتظار استقرار الأوضاع.

إغلاق جديد لحقول النفط            

ويشهد قطاع النفط في ليبيا، منذ انهيار نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، إغلاقات عدة آخرها الخميس، بعد أن قادت قبيلة الزوي في جنوب ليبيا -التي ينحدر منها بومطاري- إغلاق (4) حقول نفطية داخلية يوم الخميس، حسب ما قال أحد شيوخ القبيلة، السنوسي الزوي، احتجاجاً على اختطاف فرج بومطاري، وزير المالية في الحكومة السابقة.

وقال: إنّ من بين المواقع الـ (4) التي يؤكد أنّها أوقفت الإنتاج، حقل الشرارة الواقع جنوب غربي البلاد، وهو أحد أكبر المواقع النفطية الليبية وينتج مئات الآلاف من البراميل يومياً.

النفط الليبي في قلب الصراع من جديد

وأضاف الزعيم القبلي الذي تحدث عبر الهاتف من مدينة بنغازي بشرق البلاد يوم الجمعة  قائلاً: "مطلبنا الرئيسي هو الإفراج عن الوزير".

وأوضح أنّ المواقع الـ (3) الأخرى التي يؤكد أنّها أوقفت الإنتاج هي: حقل الفيل وحقل أبو الطفل وحقل (108)، من جهتها لم تعلق شركة النفط الوطنية الليبية على هذه الأنباء.

يشهد قطاع النفط في ليبيا منذ انهيار نظام الرئيس الراحل معمر القذافي إغلاقات عدة

وينتمي كل من حقلي الشرارة والفيل إلى حوض مرزق النفطي (750) كيلومتراً جنوب طرابلس، ويُعدّ حقل الشرارة أكبر الحقول النفطية الليبية بقدرة إنتاجية تصل إلى (300) ألف برميل يومياً، ما يعادل ثلث إنتاج ليبيا من النفط (1.20) مليون برميل نفط يومياً، ويرتبط بميناء ومصفاة الزاوية لمعالجة النفط وتصديره، وينتج حقل الفيل (80) ألف برميل يومياً، ويحتوي على (1.2) مليار برميل من الاحتياطات النفطية الليبية.

خسائر ضخمة

تعليقاً على ذلك، كشف يوم أمس السبت وزير النفط الليبي في الحكومة المقالة من البرلمان محمد عون أنَّ إغلاقات الحقول النفطية في ليبيا أدَّت إلى خسارة نحو (340) ألف برميل نفط خام يومياً، مشيراً إلى أنَّ الأطراف التي بدأت هذه الإغلاقات مصرّة على إطلاق سراح وزير المالية السابق فرج بومطاري كشرط لإعادة فتح الحقول.

وأكد عون أنَّه تم إغلاق حقلي (الفيل) و(الشرارة) الجمعة، لافتاً إلى أنَّ مجموع إنتاج الحقلين يبلغ (340) ألف برميل نفط خام يومياً، مبيناً أنَّ 88% من هذا الإنتاج هو من حصة الدولة، وليس الشركاء الأجانب.

 وزير النفط الليبي في الحكومة المقالة من البرلمان محمد عون

كما حذّر من تأثيرات سلبية جداً لهذه الإغلاقات على شراكات ليبيا مع الشركات والعملاء الأجانب.

وكان حقل الشرارة، أحد أكبر الحقول المنتجة للنفط في ليبيا بقدرة (300) ألف برميل يومياً، هدفاً دائماً للمحتجين المحليين لأسباب ومطالبات سياسية متعددة. ويقع الحقل في حوض مرزق بجنوب شرق ليبيا، وتديره المؤسسة الوطنية للنفط عبر شركة (أكاكوس) للعمليات النفطية مع شركتي (ريبسول) الإسبانية (وتوتال) الفرنسية.

أمّا حقل الفيل، الذي تبلغ طاقته الإنتاجية (70) ألف برميل يومياً، فتديره شركة (مليته) للنفط والغاز، وهو مشروع مشترك بين المؤسسة الوطنية للنفط الليبية وشركة (إيني) الإيطالية.

تتالي الإغلاقات

وكانت حقول النفط الثمينة في ليبيا عرضة لإغلاقات متكررة لأسباب سياسية مختلفة، وبسبب مطالب المحتجين منذ 2011. والعام الماضي قام أشخاص من الجنوب بإيقاف إنتاج وتصدير النفط بهدف الضغط على حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة لتسليم السلطة لرئيس الحكومة فتحي باشاغا المعيّن آنذاك من البرلمان في شباط (فبراير) 2022.

وتكبدت ليبيا وقتها خسائر قدّرت بـ (60) مليون دولار يومياً جراء تواصل الإغلاقات، أي ما يقارب ضياع نحو (600) ألف برميل من الإنتاج النفطي يومياً (بحسب تصريحات سابقة لوزير النفط الليبي محمد عون)، في وقت عرفت فيه أسعار النفط انتعاشاً غير مسبوق.

تدار عائدات النفط، المصدر الرئيسي للدخل في ليبيا، من قبل المؤسسة الوطنية للنفط والبنك المركزي الليبي، ومقرهما العاصمة طرابلس حيث يقع مقر حكومة الدبيبة

ولم يُخفِ خبراء النفط بالبلد تخوفهم من الدخول في أزمة طاقة، خاصة أنّ الدول الأوروبية تعتمد على الإمدادات النفطية الليبية التي كان البلد يطمح لرفعها إلى أكثر من (1.20) مليون برميل يومياً (الإنتاج اليومي للنفط قبل إغلاق حقلي الشرارة والفيل).

تجدد الخلافات حول تقاسم عائدات النفط

هذا، وأثار انخراط القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر في الصراع الدائر منذ الأيام الماضية المتعلق بالثروة والعائدات النفطية وطريقة تقاسمها وتلويحه باستخدام القوة العسكرية، ارتباك السلطات في طرابلس، التي سارعت بعقد لقاء موسع لبحث هذه المسألة الشائكة، التي عادت إلى الواجهة مجدداً، وطغت على الجدل بشأن إجراء الانتخابات المعطلة منذ نحو عامين.

وخلال اجتماع موسع عقده رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، بمقر مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، ضم كلّاً من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ومحافظ المصرف الصديق الكبير، ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، بحث الحاضرون تشكيل "لجنة مالية عليا" بمشاركة كل الأطراف في البلاد تشرف على التوزيع العادل للثروة وإيرادات النفط، وفق بيان للرئاسي، وذكر البيان أنّ الاجتماع "بحث مشروع المجلس الرئاسي لتنظيم الإنفاق العام وتحديد أولوياته".

وناقش الاجتماع "سبل تعزيز الشفافية وما يتطلبه ذلك من تشكيل لجنة مالية عليا تشارك في عضويتها كل الأطراف الليبية"، بحسب البيان.

حقول النفط في ليبيا

ويعزز ذلك الإجراء -وفق البيان- "الثقة ويؤسس لبيئة اقتصادية عادلة مواتية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحظى بقبول الليبيين كافة".

ويأتي هذا الاجتماع بعد عودة الصراع على الثروة والعائدات النفطية وطريقة تقاسمها إلى الواجهة مؤخراً، وكان آخر المنخرطين القائد العام للجيش الليبي الذي طالب بتشكيل "لجنة مالية عليا" تتولى التوزيع العادل لإيرادات البلاد مانحاً مهلة حتى نهاية آب (أغسطس) المقبل لإنهاء تلك اللجنة أعمالها.


كما هددت حكومة حماد الأسبوع الماضي، وهي مدعومة من حفتر، بأنّها ستمنع تدفق النفط والغاز وتوقف تصديرهما باللجوء للقضاء واستصدار أمر بإعلان القوة القاهرة.

ونشب الجدل قبل نحو أسبوعين عندما هدد نواب بإيقاف تصدير النفط وطالبوا بتقسيم الثروة تقسيماً عادلاً.

وتدار عائدات النفط، المصدر الرئيسي للدخل في ليبيا، من قبل المؤسسة الوطنية للنفط والبنك المركزي الليبي ومقرهما العاصمة طرابلس، حيث يقع مقر حكومة الدبيبة.

ومنذ آذار (مارس) 2022 يدور في ليبيا صراع على السلطة التنفيذية بين حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس التي يرأسها الدبيبة وتسيطر على العاصمة ومؤسسة النفط والبنك المركزي، والأخرى المكلفة من مجلس النواب والتي يرأسها حماد.

وتواجه ليبيا أزمة سياسية منذ العام الماضي عندما رفض البرلمان تفويض حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة الدبيبة في طرابلس، وكلف بتشكيل حكومة جديدة لم تتمكن من تولي زمام الأمور في العاصمة، وتم مؤخراً الإطاحة برئيسها فتحي باشاغا، وتعيين حماد خلفاً له.

مواضيع ذات صلة:

تأثيرات تجميد عائدات النفط على الانقسام السياسي في ليبيا

بعد سنوات صنع الله العجاف... ما مصير القطاع النفطي الليبي؟

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية