هل يكون 2020 عام الحسم في اليمن؟

بانوراما 2019

هل يكون 2020 عام الحسم في اليمن؟


26/12/2019

يتوافر الواقع اليمني في لحظته الحالية على عناصر تؤشر إلى إمكانات التهدئة والتوصل إلى مسار سياسي توافقي، وعناصر أخرى مقابِلة تؤشر إلى إمكانات التصعيد والتأزيم واستمرار الصراع وغياب الحلول لأجَلٍ غير معروف. ويبدو في المدى المنظور أنّ اليمن يستقبل العام 2020 على وَقع هذين الحدّين.

أوجد الحوثيون، بدعم قوي من إيران، منذ استيلائهم على السلطة وحتى الآن بيئة سياسية وأمنية طاردة للاستقرار والتسويات المستدامة

وتكاد تتراوح الآفاق المتفائلة لحرب اليمن المشتعلة منذ نحو خمسة أعوام، بين خيار إدارة هذه الأزمة المستفحلة بشكل جزئي ومتقطّع يتضمن التوافق على هدنة هنا وهناك، أو خيار التمكن من التوصل إلى حلول شاملة بين الأطراف المتنازعة تقود إلى إنهاء الصراع وإعادة الاستقرار إلى هذا البلد. ومع تراجع حدة الصراع، وتسجيل مؤشرات لتعزيز التهدئة، عبّرت الأمم المتحدة على لسان مبعوثها إلى اليمن، مارتن غريفيث، عن أملها في أن يتم إنهاء الصراع في هذا البلد خلال الأشهر الأولى من عام 2020. وفي جوار هذا الأمل، لا يزال اتفاق ستوكهولم بين طرفي الأزمة في اليمن، يراوح مكانه بعد عامٍ من توقيعه في نهاية مشاورات سلام رعتها الأمم المتحدة بالسويد. وقد شهد تنفيذ الاتفاق تعثراً منذ توقيعه وحتى اليوم.

البيئة التي أنتجها الحوثيون
وقد أوجد الحوثيون، بدعم قوي من إيران، منذ استيلائهم على السلطة في 2014 وحتى الآن بيئة سياسية وأمنية طاردة للاستقرار والتسويات المستدامة. ويقول الباحث سامويل راماني، في تحليل نشره مركز كارنيغي إنّ رغبة إيران في منع التوصل إلى تسوية سلمية في اليمن بشروط سعودية تنعكس أيضاً في الانتقادات الإيرانية للمفاوضات المدعومة من الأمم المتحدة والتي تتم برئاسة غريفيث. والحال، بحسب راماني، هو أنّ التزام الأمم المتحدة المستمر بقرار مجلس الأمن الدولي 2216 الذي يحمّل الحوثيين مسؤولية إشعال شرارة الحرب الأهلية اليمنية، هو مصدر قلق شديد لصنّاع السياسات الإيرانيين.

اقرأ أيضاً: طهران تجاهر بدعم الحوثيين.. تحركات مريبة لإرباك السلام في اليمن
وأعلنت رئيسة مجلس الأمن الدولي للشهر الحالي، المندوبة الأمريكية البديلة لدى الأمم المتحدة السفيرة شيريث نورمان شاليه، أنّ أعضاء المجلس وافقوا بالإجماع على توفير "الدعم الكامل" للمبعوث الدولي "في جهوده بالعملية السياسية"، ملاحظين "بعض التطورات الإيجابية رغم استمرار التحديات".

عام الحسم؟
وتوقعت صحيفة سعودية نافذة أن يكون العام المقبل 2020 عام الحسم في اليمن وانتهاء الصراع المستمر منذ أكثر من خمسة أعوام. وأوضحت "عكاظ" السعودية في تقرير نشرته في الحادي عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أنّه من الواضح أنّ لدى الحكومة الشرعية اليمنية رغبة قوية لبدء تنفيذ اتفاق الرياض الذي تم التوقيع عليه في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، بحضور ولي العهد محمد بن سلمان، والرئيس عبد ربه منصور هادي، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.

توقعت صحيفة عكاظ السعودية أن يكون العام 2020 عام الحسم باليمن وانتهاء الصراع المستمر منذ أكثر من 5 أعوام

وقالت حركة الحوثي اليمنية ومصادر في الحكومة المعترف بها دولياً، يوم الخميس الماضي، إنّ طرفي النزاع في محافظة تعز نفّذا تبادلاً للأسرى في اتفاق بوساطة محلية، وفقاً لما ذكرت وكالة "رويترز" للأنباء، وتزامن الاتفاق مع تجدد جهود الأمم المتحدة الدبلوماسية ومع عقد السعودية محادثات غير رسمية مع الحوثيين بشأن إمكانية وقف إطلاق النار.
وقالت مصادر في الحكومة المحلية إنّ 75 أسيراً لهم صلات بحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً أفرج عنهم. وفي المقابل ذكر تلفزيون المسيرة التابع للحوثيين ومصادر محلية أنّ 60 ممن لهم صلات بالحوثيين تم الإفراج عنهم أيضاً، بحسب "رويترز".

اقرأ أيضاً: عام على اتفاق ستوكهولم.. تعنت حوثي يفاقم معاناة اليمنيين
وكان وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، قال في تصريحات سابقة، بداية هذا الشهر، إنّ هناك خطوات نحو بناء الثقة يمكن التأسيس عليها لإرساء تهدئة تقود إلى تسوية للأزمة في اليمن، مؤكداً أنّ الحلّ في اليمن سياسي. وفي مداخلة له أمام "منتدى حوار المتوسط" في روما، قال الجبير إنّ المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، بذل جهوداً أسفرت عن فتح تدريجي لمطار صنعاء الدولي، كما بدأت السفن بدخول ميناء الحديدة.


وأضاف بأنّه "تمّ تبادل سجناء مع الحوثيين، وشهدنا تراجعاً كبيراً في الهجمات الصاروخية الحوثية على السعودية، كما خفّض التحالف العربي من هجماته في اليمن بشكل كبير". وتابع المسؤول السعودي "كلما كان هناك إرادة كان هناك حل سياسي". وأشار الجبير في كلامه أمام المنتدى المتوسطي في روما إنّ السعودية لطالما قالت إنّ اليمن جار لنا، ولديه معنا صلات أسرية وعشائرية، ونحن نريد أفضل العلاقات مع اليمنيين، بمن فيهم الحوثيون، ونرغب في إنهاء هذه الحرب، والانطلاق نحو إعادة الإعمار والتنمية".
هل نضجت الظروف؟
لكن في مقابل سيناريو احتمال التوصل لإجراءات وتفاهمات لإنهاء الصراع في اليمن في 2020، فإنّ هناك من يرى أنّ الظروف ما تزال غير ناضجة بشكل كامل لإنتاج مثل هذه التفاهمات، في ظل احتدام الصراع الإقليمي والدولي حول أزمات المنطقة وملفاتها المتشابكة. ولهذا ثمة من يميل إلى الفرصة قد تكون متاحة في 2020 لإدارة الصراع، في أحسن الأحوال، وليس التوصل إلى حل نهائي وشامل له، وفي هذا الصدد نقلت "رويترز" عن جراهام جريفيث، المحلل في منظمة كونترول ريسك ميدل إيست، قوله "أعتقد أنّ أكثر النتائج تفاؤلاً التي يمكن التوصل إليها هي وقف للقتال يمكن الحفاظ عليه ومجموعات من المفاوضات المطولة المستبعد أن تقود إلى تسوية واضحة وشاملة".

تصاعد الدور السلبي الذي تلعبه قيادات موالية لقطر وجماعة الإخوان في الحكومة الشرعية

ومن العقبات المحلية الأساسية التي تقف بوجه فرص إحداث اختراقات باتجاه التسوية الشاملة والواضحة في اليمن أنّ الطرف الحوثي المدعوم من إيران يجد مصالحه في التأزيم ما دامت العلاقات الأمريكية-الإيرانية في مرمى التصعيد والتوتر المتنامي، برغم الحديث عن قنوات متوارية بين طهران وواشنطن بُغية الانخراط في محادثات تقود إلى اتفاق.
من جانب آخر، شرعت أطراف منضوية تحت الحكومة الشرعية في تكوين تكتلات سياسية جديدة مناهضة للتحالف العربي ورافضة لاتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية والمجلس الجنوبي الانتقالي، وقد حرّكت الدوحة أوراقها داخل الحكومة الشرعية في أعقاب إنهاء مشاركتها في التحالف العربي، وتصاعد الدور السلبي الذي تلعبه قيادات موالية لقطر وجماعة الإخوان في الشرعية بشكل لافت بعد مواجهات عدن في آب (أغسطس) الماضي، والتي وفّرت الذريعة لعدد من المسؤولين للكشف عن مواقفهم المعادية للتحالف، على حدّ ما ذكرت صحيفة "العرب" اللندنية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية