بعدما كان رمزا للمقاومة الصلبة في وجه آلة قتل مليشيا الحوثي، حول تنظيم الإخوان في اليمن، المجمع القضائي الحكومي في جبل "جرة" وسط مدينة تعز إلى سجن سري يخفي قسرا عشرات من المقاتلين الرافضين للانقلاب الحوثي ومدنيين آخرين.
كشف جندي يمني أفرج عنه مؤخرا بضمانات مشددة، مدى التوحش والتعذيب داخل تلك السجون السرية، حيث أكد "عدنان" الذي أمضى 3 أعوام من الإخفاء القسري، دون معرفة أسرته، أنه تنقل خلال تلك الفترة في عدة سجون سرية تتبع مليشيا حزب الإصلاح اليمني (ذراع الإخوان)، من بينها المجمع القضائي.
ففي مؤتمر صحفي عقد بمبادرة من حقوقيين، قدم "عدنان" شهادة حية وذلك إثر عدم تحسن حالته الصحية جراء التعذيب الوحشي، ففي المدينة المحاصرة منذ عام 2015، لا تختلف المعتقلات التابعة لمليشيات الحوثي والإخوان، في تقييد حريات اليمنيين دون وجه حق؛ سوى في مسافة فاصلة تقدر بـ12 كيلومترا، تعد خط نار ملتهب، وتربط سجني مجمع "الصالح" السكني أقصى الشرق وحتى المجمع القضائي في قلب تعز.
إعدامات وتعذيب وحشي
أكد عضو لجنة المخفيين قسراً، عبدالستار الشميري، أن تنظيم الإخوان يمارس أبشع أنواع التعذيب للمعتقلين في سجونها في تعز والتي تضم العشرات من رفقاء السلاح وكان لهم دور كبير في العمليات العسكرية ضد مليشيا الحوثي المدعومة من إيران.
وأوضح في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن فصائل الإخوان ارتكبت جرائم بشعة أوساط سجون استحدثت في مدارس ومباني ومعسكرات تدريبية، منها جريمة الإعدام خارج القانون.
ولفت إلى أن خوف الإخوان من كشف أسرار تلك المعتقلات دفع بفصائله إلى تصفية المخفيين قسرا بعيدا عن الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة وإغلاق بعضها وإطلاق سراح بعض المعتقلين تحت ضمانات مشددة.
وعن التعذيب الوحشي أكد الجندي "عدنان" أنه رغم فقد أحد عينيه خلال المواجهات مع الانقلاب الحوثي، فقد قامت مليشيا حزب الإصلاح التابعة لتنظيم الإخوان بتعذيبه بشكل وحشي عن طريق الصعق والضرب وإطلاق الرصاص الحي على قدمه ويده.
ويعاني المعتقل السابق من إصابة في العمود الفقري إثر الضرب على ظهره، ويمر بحالة نفسية متدهورة عقب تهديده أكثر من مرة بالقتل بعد إطلاق سراحه، حسب حديثه لـ"العين الإخبارية".
وقال "عدنان"، وهو في العقد الثالث من العمر، إنه التحق مع ولادة مقاومة تعز بصفوف كتائب "أبوالعباس"، ولم يكن يدرك غدر رفقاء السلاح من مليشيا الإخوان بعد اختطافه مطلع 2017، وتعذيبه بشكل بشع داخل سجون غير قانونية.
وتنقل الجندي اليمني من سجن "مدرسة النهضة" إلى "معهد المعلمين" ثم في طابق أرضي من "المجمع القضائي"، وأشار إلى أن هناك مباني مدنية أخرى يملكها نازحون حولت إلى أماكن للاحتجاز والإخفاء القسري.
واتهم قيادات عدة في حزب الإصلاح اليمني؛ منها قيادات ما يعرف بفصيل "الصعاليك" والقطاع الثاني باللواء 22 ميكا، في إدارة هذه السجون غير الخاضعة للحكومة، المعترف بها دوليا.
شهادات حية
رصدت اللجنة الوطنية في اليمن المدعومة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، 16 سجنا سريا تدار من قبل جماعات لم تسمِّها، إلا أن وثائق رسمية حصلت عليها "العين الإخبارية" في وقت سابق، تثبت أن حزب الإصلاح الإخواني يملك حصة الأسد من تلك السجون.
كما أن تنامي الاختفاء القسري والسجون السرية الواقعة في الأجزاء الخاضعة للجيش والأمن في مدينة تعز، ظاهرة دقت ناقوس الخطر لدى نشطاء وحقوقيين يمنيين.
ووفق الناشط والحقوقي اليمني، باسم الحاج، فإن التكوين الحزبي والديني للجيش والأمن في تعز ابتلع مؤسسات الدولة الهشة إثر الانقلاب الحوثي، وحمل الحاج، حزب الإصلاح المسؤولية الأولى عن ملفات هذه الجرائم الحاطة بالكرامة الإنسانية باعتباره المهيمن على السلطات التي تنتشر في نطاق جغرافي يضم هذه السجون.
وأشار الناشط اليمني إلى أنه يمارس في هذه المعتقلات تعذيب وحشي وصنوف انتهاكات عدة في أعقاب تحويل مرافق حكومية ومنازل إلى سجون سرية، داعيا المؤسسات الرسمية المعنية بحماية حقوق الإنسان إلى تحمل مسؤولية فتح ملف المخفيين قسرا واتخاذ تدابير جادة.
وقال "من الضروري إيجاد تدابير حمائية فعالة قادرة على تأمين الضحايا وجبر ضررهم ومساءلة الجناة لتحقيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب".
وطالب الحاج المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحماية المخفيين قسرا بإرسال بعثة لتقصي الحقائق في تعز، كما طالب فريق لجنة الخبراء البارزين الخاص باليمن تضمين فقرة في تقريرهم القادم تقدم تدابير وتوصيات تخص هذه الظاهرة التي تنتهك حقوق الإنسان.
عن "العين" الإخبارية