هل يصبح خروج الفاغنر من ليبيا شرطاً لتوحيد المؤسسة العسكرية؟

هل يصبح خروج الفاغنر من ليبيا شرطاً لتوحيد المؤسسة العسكرية؟

هل يصبح خروج الفاغنر من ليبيا شرطاً لتوحيد المؤسسة العسكرية؟


05/04/2023

تبدو مسارات الأزمة الليبية قيد الانفراج، بحسب عدة خطوات وإجراءات، مرة على مستوى جهود المصالحة الوطنية وتوحيد المؤسسة العسكرية، وأخرى على مستوى الوضع الدستوري الذي يكفل تحقيق الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، خاصّة بعد التوافق على التعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري، فضلاً عن الزخم الدولي والإقليمي المساند لترميم الأزمة في ليبيا، وفرض الاستقرار في البلاد. بيد أنّ واقع الأمر، وحال القوى الفاعلة في الداخل؛ يشي بكون محددات الأزمة وعناصرها الرئيسة، ما زالت صوب التفاعل، ومتنافرة نحو الحد الذي يحول دون نزع فتيل التناقضات وعزلها؛ مما يسمح بتحقيق الأجواء التمهيدية اللازمة والضرورية؛ للشروع نحو الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، خاصّة فيما يتعلق بخروج القوات الأجنبية، وتفكيك الميليشيات ودمجها داخل أجهزة الدولة، وتوحيد المؤسسات العسكرية وكذا السلطة التنفيذية.

اجتماع أمني رفيع المستوى

نحو ذلك، انتهى الاجتماع الأمني الذي ضم، مساء الأحد الأخير من شهر آذار (مارس) الماضي، في العاصمة الليبية طرابلس، قيادات عسكرية وأمنية بارزة من الشرق والغرب. وخلص هذا اللقاء الذي استمر ساعات، في مجمع قاعات ريكسوس، بحضور المبعوث الأممي عبدالله باثيلي، على دعم جهود المصالحة الوطنية، وتوحيد المؤسسات العسكرية.

كما اتفق المجتمعون على دعم إجراء الانتخابات، والتعهد بحمايتها خلال العام الحالي، والعمل على توحيد المؤسسات التنفيذية. كما توافق المجتمعون على الاستمرار في عقد الاجتماعات، لافتين إلى أنّ اللقاء المقبل سيكون في بنغازي، خلال شهر رمضان؛ إذ أوضحت مصادر ليبية مطلعة أنّ هذا الاجتماع قسم على ثلاث مراحل، وهذا هو الجزء الأول منه، فيما سيعقد الجزء الثاني في بنغازي، والأخير في سرت.

وقد ضمّ الاجتماع الأمني رئيسي الأركان في الشرق والغرب، عبد الرازق الناظوري، ومحمد الحداد، بالإضافة إلى عسكريين يمثلون الجيش، ووكيل وزارة الداخلية بحكومة فتحي باشاغا، فرج قعيم، إلى جانب رئيس جهاز دعم الاستقرار، عبد الغنى الككلي، ووزير داخلية حكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، عماد الطرابلسي.

حسين مفتاح: المسار العسكري يستوجب بالحتمية أن يقوم العمل على هدف رئيس، يرتكز على توحيد المؤسسة العسكرية

من جانبه، يشير الكاتب الصحفي الليبي، حسين مفتاح، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، إلى أنّ المسار العسكري يستوجب بالحتمية أن يقوم العمل على هدف رئيس، يرتكز على توحيد المؤسسة العسكرية، كون قيمة  توحيد المؤسسة العسكرية تحت قيادة واحدة، وهيكل واحد، يمثل الممر الآمن نحو تحقيق كافة السبل؛ لبسط الاستقرار على المشهد الليبي. لكنّه يردف قائلا: "كيف السبيل لذلك، والأسس التي ينبغي أن يقوم عليها مبدأ توحيد المؤسسة العسكرية، غائبة عن التنفيذ؛ لأنّ ما يدور الآن ليس له علاقة بهذا الهدف". وذلك في تقديره يعود في الأصل إلى وجود خلل بنيوي في المؤسسة العسكرية في ليبيا، رغم أنّ الواقع في المنطقة الشرقية يمثل النموذج الأقرب الى التنظيم والتراتبية، بيد أنّ الوضع في غرب البلاد يعج بعديد من المجموعات المسلحة، فضلاً عن وقوع جزء كبير من البلد خارج إطار القانون، بالتزامن مع وجود مجموعة من المدنيين، ليس لهم علاقة بمنظومة الدولة، أو فلسفة الجندية والعسكرية من الأساس.

حسين مفتاح: ما حدث في اجتماع ريكسوس، يبدو بعيداً عن الجهود الحقيقية التي تبتغي توحيد المؤسسة العسكرية

يتابع مفتاح تصريحاته، مؤكداً أنّ ما حدث في اجتماع ريكسوس، يبدو بعيداً عن الجهود الحقيقية التي تبتغي توحيد المؤسسة العسكرية، ولذا يراه استجابة للضغوط الدولية التي تمارسها الدول الكبرى، خاصّة الولايات المتحدة الأمريكية، سيما عقب زيارة مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية مؤخراً؛ ولذلك فإنّ الغرض من ذلك كله، هو محاربة التواجد الروسي في ليبيا، والمتمثل في مجموعات شركة فاغنر الأمنية.

يشار إلى أنّ هذا اللقاء يعتبر استكمالاً لمباحثات جرت في تونس الأسبوع الماضي، برعاية أمميّة؛ بهدف توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية، وتكوين نواة للجيش؛ بتشكيل لواء مشترك بين قوات من الشرق والغرب وجنوب البلاد؛ لتأمين الحدود الجنوبية وحقول النفط.

نحو توحيد المؤسسة العسكرية

كانت محادثات إعادة توحيد المؤسسة العسكرية تعثرت أكثر من مرة سابقاً، على الرغم من الدعم والوساطات الدولية من الأطراف المعنية بالشأن الليبي. واصطدمت بعدة عراقيل، أهمها الخلاف حول منصب القائد الأعلى للجيش، بالإضافة إلى غياب كامل للثقة، ورفض الميليشيات التخلي عن سلاحها.

كشفت مصادر ليبيّة مطلعة تحدثت إلى "حفريات"، عن أبرز النقاط التي خرجت بها القيادات العسكرية والأمنية بعد اجتماع ريكسوس، حيث العمل نحو التأكيد على ضرورة إيجاد حكومة موحدة، واستكمال مشروع المصالحة الوطنية، وتشكيل قوة عسكرية مشتركة، وتعيين آمر لها؛ باتفاق رئاستي الأركان واللجنة العسكرية المشتركة. وكذا استكمال خطوات توحيد المؤسّسة العسكرية، وسحب المقاتلين الأجانب والمرتزقة. على أن تكون مهمة القوة العسكرية المشتركة؛ حماية الحدود الجنوبية، والحقول النفطية، وتأمين الانتخابات المقبلة، نهاية العام الجاري.

في سياق متصل، وصل وفدا القيادة العامة، ولجنة 5+5 العسكرية، التابعة للجيش الليبي، إلى مدينة الزنتان جنوب غرب ليبيا، مساء الأحد، الثاني من شهر نيسان (أبريل) الجاري؛ للاجتماع مع آمر المنطقة العسكرية الغربية، اللواء أسامة جويلي، في إطار عدد من الزيارات التي تستهدف توحيد المؤسّسة العسكرية.

محاولات إخراج الفاغنر

السياسي الليبي توفيق الشهيبي، قال في تصريحات لـ"حفريات"، إنّ اجتماعات ريكسوس طرابلس تأتي نتيجة للضغوطات الأمريكية، التي ربما ستعمل على  تسريع المسار العسكري، غير أنّه يستدرك من خلال معرفته بالواقع الليبي، قائلاً إنّ آفاق التوحيد بالمعنى المفهوم، أمر لا يزال بعيد المنال، حتى وإن ضغط الجانب الأمريكي لتحقيق ذلك.

توفيق الشهيبي: اجتماعات ريكسوس طرابلس تأتي نتيجة للضغوطات الأمريكية

يتابع الشهيبي، مؤكداً أنّه يعتقد أنّ الولايات المتحدة تأمل في معركة أو صفقة؛ لإخراج الفاغنر، لافتاً إلى أنّه يعتقد أنّ الأخيرة لن تخرج من الميدان الليبي بدون مقابل. مضيفاً: "اعتقد أنّه سيطرح على الطاولة قريباً، إن لم يكن طرح فعلاً، أن يكون الحضور التركي، مقابلاً لقوات الفاغنر، ويبدو أنّ هذا الطرح هو الأقرب نحو التطبيق، أو بالأحرى القابل للتطبيق".

يختتم توفيق الشهيبي تصريحاته، لافتاً إلى أنّ أيّ جهود تتجه نحو توحيد المسار العسكري، سوف تؤدي إلى نتيجة حتمية، هي إخراج الفاغنر بشكل أو بآخر، ويرى أنّ ذلك ربما يؤدي إلى تهذيب الميليشيات قليلاً، والعمل على إعادة ترتيبها بشكل أكثر تنظيماً، ولكن هذا أيضاً لن يلغي وجود قوات متعددة غرب البلاد، ولاءاتها لقاداتها، وليس لحكومة أو رئيس مباشر.

انتخابات محتملة وتداعيات متوقعة

من جانبه، يرى الباحث الليبي محمد عادل امطيريد، أنّ اللجان العسكرية دوماً تتحرك بخطوات ثابته، ويمكن ملاحظة ذلك في عديد الاجتماعات السابقة للعسكريين. وتابع بقوله إنّ أهم هذه اللقاءات ما جرى مؤخراً في شهر شباط (فبراير) الماضي في القاهرة، لمجموعة اللجنة 5+5 العسكرية، حيث تمّ الاتفاق علي توحيد المؤسسة العسكرية، وتجميع وتبادل المعلومات بين الطرفين، وكان الأمر يسير بخطوات ثابتة، لإنهاء هذا الانقسام، سيما ما هو حادث بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وما يترتب على ذلك من تناقضات وتشابكات، في كل ما يخص الترتيبات السياسية. 

محمد عادل امطيريد: التوافق الأمني الذي جرى في فندق ريكسوس طرابلس، ولقاء الزنتان مساء الأحد الماضي، يعزز الاستقرار نحو الذهاب إلى الاستحقاق الانتخابي

يتابع امطيريد في إطار تصريحاته لـ"حفريات"، مؤكداً أنّ هذا التوافق الأمني الذي جرى في فندق ريكسوس طرابلس، ولقاء الزنتان مساء الأحد الماضي، يعزز الاستقرار نحو الذهاب إلى الاستحقاق الانتخابي المزمع أواخر العام 2023.

ويطرح الباحث الليبي محمد امطيريد سؤالاً حول قدرة تلك الخطوات على تحقيق طموحات الشعب الليبي؛ من خلال توحيد المؤسسة العسكرية، وتعزيز قدراتها؛ من أجل استقرار المشهد الليبي، والعمل على الخطوات التالية والمعززة لتنفيذ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والمضي قدماً نحو تأهيل الشارع، الذي من المفترض أن يستمع إلى خطاب إعلامي موحد، بين كافة الأطراف؛ يعمل على كلمة سواء بين جميع الليبيين، بعيداً عن إقصاء أيّ طرف أو جهة؛ بغية الوصول إلى حلول تعزز الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي.

مواضيع ذات صلة:

هل يُخرج التقارب المصري التركي ليبيا من عنق الزجاجة؟

المبعوثون الأمميون إلى ليبيا مفرطون في التفاول. لماذا؟

ليبيا الغارقة في الآمال والوعود: هل تنقذها الانتخابات؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية