هل يُخرج التقارب المصري التركي ليبيا من عنق الزجاجة؟

هل يُخرج التقارب المصري التركي ليبيا من عنق الزجاجة؟

هل يُخرج التقارب المصري التركي ليبيا من عنق الزجاجة؟


25/03/2023

على وقع التقاربات التي تجتاح المنطقة خلال الأشهر الماضية؛ بدءاً بالتقارب العربي مع سوريا، ثم التقارب السعودي الإيراني، وأخيراً التقارب المصري التركي، ثم التقارب السعودي السوري، يأمل المتابعون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على الملفات المتأزمة في المنطقة.

تعتبر ليبيا من أهم الملفات الشائكة بين الثنائي مصر وتركيا. جاءت زيارة وزير الخارجية التركي إلى القاهرة بعد استقباله نظيره المصري في إسطنبول إبان الزلزال، لتنقل جهود البلدين في التقارب إلى مرحلة جديدة.

ولا يتوقع المتابعون انفراجة كبيرة في الشأن الليبي على وقع تقارب القاهرة وأنقرة؛ الفاعليْن الإقليمييْن الأبرز في الأزمة، إلا أنّ البلدين يعملان جنباً إلى جنبٍ لدعم مسار سياسي، يبقي لهما دوراً فاعلاً ويحقق مصالحهما.

التقارب المصري التركي

أكد وزيرا خارجية البلدين؛ المصري سامح شكري، والتركي مولود جاويش أوغلو، العمل على استعادة العلاقات الثنائية، عبر ترتيب لقاء مشترك بين الرئيسين المصري والتركي، ورفع التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى السفراء.

وكانت العلاقات الدبلوماسية انقطعت بين البلدين على خلفية الموقف التركي الداعم للإخوان المسلمين، والرافض لثورة 30 يونيو 2013، التي أطاح فيها الجيش بحكم الإخوان استجابةً لثورة شعبية ضدهم.

محمد محفوظ: التقارب لا يزال في بدايته

وتتعدد ملفات الخلافات بين البلدين؛ الثنائية والإقليمية، ومنها؛ الدعم التركي للإخوان المسلمين ضدّ النظام السياسي في مصر، واستضافة مواطنين مصريين مطلوبين في قضايا تتعلق بالإرهاب. وعلى مستوى الإقليم تتصدر ليبيا الأزمة بين البلدين، خاصةً بعد التدخل التركي العسكري في عام 2019 عبر المرتزقة والمستشارين العسكريين لدعم القوى المسلحة في طرابلس، لصد هجوم الجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر.

وتدعم مصر مجلس النواب الليبي والجيش الوطني في المنطقة الشرقية والجنوبية، وتدعم تركيا المجلس الأعلى للدولة وحكومة الدبيبة وحلفاء من الساسة والميليشيات في المنطقة الغربية.

الباحث الليبي محمد محفوظ لـ"حفريات": سيكون للتقارب الحقيقي بين مصر وتركيا انعكاسات إيجابية وسيساعد الأطراف الليبية في الانخراط بشكل إيجابي في إدارة مشهد سياسي ديمقراطي

وبينما التزمت مصر الصمت عقب زيارة أوغلو للقاهرة، قال الأخير في تصريحات لوكالة "الأناضول" بأنّ "القضية التي لا ترتاح لها مصر، هي وجودنا في ليبيا، ونحن نقول منذ البداية إنّ وجودنا هناك لا يشكل خطراً على مصر، وإنّ هذا التواجد جاء بناء على دعوة من الحكومة الشرعية في ذلك الوقت، واستمر بناء على رغبة الحكومات اللاحقة، ونصرح دائماً بأنّ الوجود التركي في ليبيا ليس له أي آثار سلبية على مصر".

من جانبه، يرى الباحث السياسي والدستوري الليبي، محمد محفوظ، أنّ ليبيا كانت محوراً رئيسياً من محاور اللقاء بين أوغلو وشكري في القاهرة، بعدما ذكر أوغلو أنّ مصر تخشى وجود بلاده في ليبيا. ونوّه محفوظ لـ"حفريات" بأنّ أوغلو سعى لطمأنة مصر بشأن وجود بلاده في ليبيا.

ليبيا بين الخصمين

وأضاف الباحث الليبي، بأنّه لا يمكن القول إنّ هناك تقارباً مصرياً تركياً حقيقياً حتى ينعكس على ليبيا. موضحاً أنّ التقارب لا يزال في بدايته، وبالتالي مسألة الانعكاس على ليبيا تحتاج إلى مزيد من الوقت، لكنّ خلافات البلدين لم تعد تنبع من نكاية سياسية كما في السابق.

كان أهم تطور ملحوظ شهدته البلاد خلال الأشهر الماضية، إطلاق رئيس البعثة الأممية في ليبيا، عبد الله باتيلي، مبادرته الرامية إلى الوصول إلى الانتخابات. شنّ باتيلي هجوماً حاداً على مجلسيْ النواب والدولة، المدعوميْن من مصر وتركيا.

ودعماً لباتيلي، صدر بيان رئاسي عن مجلس الأمن الدولي، في 17 من آذار (مارس) الجاري، تضمن تأييداً للمبادرة، وتهديداً بفرض عقوبات على الأطراف المعرقلة للانتخابات.

من جانبها، أبدت مصر أسفها لصدور بيان المجلس، بسبب دعمه لمبادرة باتيلي التي تتحفظ عليها القاهرة، خوفاً من القفز على دور المجلسين في العملية السياسية.

بدوره، يرى المحلل السياسي الليبي، محمد قشوط، أنّ بيان مجلس الأمن غير مسبوقٍ؛ بسبب تأييد كامل الأعضاء للبيان، بما فيها روسيا التي تحفظت من قبل على مبادرة باتيلي.

محمد قشوط: اتفاق دولي للإبقاء على عائلة الدبيبة

وتعليقاً لـ"حفريات" على الموقف المصري، يتفق قشوط مع حديث الخارجية المصرية بأنّ هذا البيان "تناول مفاهيم ومصطلحات خادعة ظاهرها دعم ليبيا للذهاب للانتخابات وباطنها نوايا قد تكون غير سليمة في اختيار مصطلح "الجهات الأمنية الفاعلة".

يتابع قشوط بأنّ المصطلح السابق يعني وضع الميليشيات في نفس مستوى شرعية القوات المسلحة، فضلاً عن تجاهل البيان الإشارة إلى تشكيل حكومة جديدة محايدة تتولى الإشراف على الانتخابات، ما يكشف عن تماهٍ دولي للإبقاء على عائلة الدبيبة في السيطرة على السلطة داخل طرابلس، ومنحها حق الإشراف على العملية الانتخابية.

مصالح مشتركة

وفي السياق الدولي، تستمر الجهود الأمريكية والغربية والأممية للدفع نحو عقد الانتخابات العامة، بحلول نهاية العام الجاري. وفي قضية انسحاب المرتزقة، يستمر الزخم الإقليمي الذي يبحث سحب المرتزقة الأفارقة من البلاد، في ظل رعاية المبعوث الأممي للجنة العسكرية المشتركة (5+5)، دون حديث عن وضع القوات التركية والمرتزقة التابعين لها.

ومحلياً انتخب مجلس النواب ممثليه الستة في اللجنة المشتركة (6+6) مع المجلس الأعلى للدولة التي ستعمل على وضع القاعدة الدستورية، وفق التعديل الدستوري الثالث عشر، الذي أصدره مجلس النواب بموافقة المجلس الأعلى للدولة.

تدعم مصر مجلس النواب الليبي والجيش الوطني في المنطقة الشرقية والجنوبية، وتدعم تركيا المجلس الأعلى للدولة وحكومة الدبيبة وحلفاء من الساسة والميليشيات في المنطقة الغربية

وبالعودة إلى التقارب المصري التركي، يرى مراقبون أنّ لدى البلدين مصلحة مشتركة في تعزيز المسار السياسي بين مجلسي النواب والدولة، منعاً لتشكيل هيئة جديدة وفق مبادرة باتيلي، على غرار ملتقى الحوار السياسي السابق في جنيف، قد تأتي بقاعدة دستورية في غير صالح الحلفاء المحليين.

يقول الباحث محمد محفوظ، بأنّ مواقف مصر وتركيا متقاربة في الشأن الليبي بحكم المصلحة، وليس بينهم تقارب سياسي. وأشار إلى أنّ دعم مصر وتركيا مسار المجلسين، وخاصة فيما يتعلق بالقاعدة الدستورية والقوانين الانتخابية يعد تقارباً في الملف الليبي.

ونوه محفوظ بأنّ التقارب الحقيقي بين البلدين في جميع المسارات المشتركة سيكون له انعكاسات إيجابية على ليبيا، عبر مساعدة الأطراف الليبية في الانخراط بشكل إيجابي في إدارة مشهد سياسي ديمقراطي.

بخلاف تركيا تتحفظ مصر على مسار المبعوث الأممي، بسبب تجنب طرح مسألة الوجود العسكري التركي، والإبقاء على حكومة الدبيبة في طرابلس، والتي أعلنت مصر عدم اعترافها بشرعيتها.

شنّ باتيلي هجوماً حاداً على مجلسي النواب والدولة

بينما تستفيد تركيا من المسار الأممي من حيث بقاء حليفها الدبيبة على رأس السلطة التنفيذية، واستمرار وجودها العسكري والاقتصادي، والذي يترسخ يوماً بعد آخر عبر التعاون المشترك.

يذكر أنّ الانتخابات العامة كان من المقرر عقدها في نهاية العام 2021، إلا أنّ الخلافات بين مجلسي النواب والدولة حول القوانين الانتخابية أدت إلى تأجيلها لأجلٍ غير معلوم، فضلاً عن عدم توافر الظروف المناسبة لتنظيم الانتخابات، ما دعا المفوضية العليا للانتخابات إلى إعلان عدم قدرتها على الدعوة للانتخابات بسبب الظروف القاهرة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية