هل ستكون بريطانيا أول دولة تعترف بصومالي لاند؟

صومالي لاند

هل ستكون بريطانيا أول دولة تعترف بصومالي لاند؟


28/01/2019

المكانة التي بدأت تشغلها منطقة القرن الإفريقي في النظام العالمي الجديد، البادئ بالتشكّل، جعلتها ساحة تنافس بين العديد من القوى الإقليمية والدولية، وفي إطار التدافع الجاري على المنطقة، تبذل غالبية القوى أقصى جهودها لتقوية مكانتها في المنطقة، ليحتدم الصراع بين القوى العظمى من جهة، وبين اللاعبين الإقليميين من جهة أخرى.

أكدت تيريزا ماي أنّ بريطانيا تهدف لأن تكون أكبر مستثمر أجنبي في إفريقيا في غضون الأعوام 4 المقبلة

ومن جانبها؛ تسعى المملكة المتحدة، بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، إلى لعب دورٍ جديد في المنطقة، هدفه توسعة الشركات التجارية والإنمائية مع دولها، عبر تبنّي سياسات أكثر مرونة من سياسات الاتحاد الأوروبي.
وقد صرّح وزير التجارة البريطاني، مارك برايس، خلال زيارة له إلى جنوب إفريقيا، العام 2017، بأنّ انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي لن يعني انسحاباً من العالم، لكن سيعني زيادة الانفتاح والفرص المتاحة للدول الشريكة، كما أكّد التزام بريطانيا بعدم تعطيل العلاقة التجارية بموجب اتفاقية الشراكة الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وجماعة تنمية الجنوب الإفريقي (SADC) ، بعد مغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي، والتقى برايس حينها وزراء التجارة، في كلّ من بوتسوانا، وليسوتو، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، كما تمّ عقد اجتماعات أخرى مع شركاء رئيسيين في التجارة والتنمية عبر القارة.

اقرأ أيضاً: صومالي لاند تستثمر في الكتاب والثقافة بحثاً عن الاعتراف الدولي
وفي أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء بريطاني للقارة خلال نصف عقد؛ زارت تيريزا ماي عدة دول إفريقية، شملت دُولاً في القرن الإفريقي، وأكدت أنّ المملكة المتحدة تهدف إلى أن تكون أكبر مستثمر أجنبي في إفريقيا في غضون الأعوام الأربعة القادمة.

 تيريزا ماي في زيارة إلى كينيا

قاعدة عسكرية جديدة على البحر الأحمر

كما قام وزير الدفاع البريطاني، غافن ويليامسون، مؤخراً، بزيارة إلى كلّ من كينيا وصومالي لاند، وهما مسعمرتان بريطانيتان سابقتان، والتقى برئيسَي البلدين.

اقرأ أيضاً: الإمارات تغيث صومال لاند وسقطرى بعد إعصاري "ساجار" و"ميكونو"
وأشارت تقارير إعلامية إلى أنّ المباحثات مع جمهورية صومالي لاند، المعلنة من طرف واحد، شملت استضافة قاعدة بحرية بريطانية، والتي ستضاف إلى الوجود العسكري النشط على طول ساحل البحر الأحمر، وهو واحدٌ من أكثر الممرات البحرية ازدحاماً في العالم، وأكثرها أهمية من الناحية الإستراتيجية.
وأكّد أحمد حسن عقال، سفير صومالي لاند لدى إثيوبيا، لوكالة "الأناضول" التركية؛ أنّ التعاون العسكري، وتحديداً إنشاء قاعدة بحرية بريطانية في صومالي لاند في ميناء بربرة، كان من بين نقاط النقاش.

زار وزير الدفاع البريطاني غافن ويليامسون صومالي لاند في مطلع هذا الشهر

وتستضيف دولة جيبوتي المجاورة، التي نالت استقلالها من فرنسا، العام 1977، قواعد عسكرية أجنبية أكثر من أيّة دولة في العالم؛ فبالإضافة إلى قاعدة بحرية فرنسية قديمة، هناك قواعد أمريكية ويابانية وإيطالية وإسبانية، وقاعدة بحرية صينية، تأسست العام 2017.
وقال عقال: "إذا كانت دولة أصغر منا بكثير، (في إشارة إلى جيبوتي) تستضيف العديد من القواعد البحرية من قبل العديد من البلدان، فلماذا لا تفعل صومالي لاند الأمر نفسه؟".

اقرأ أيضاً: صومالي لاند: دولة الأمر الواقع الأنجح إفريقياً في المسار الديمقراطي
وردّاً على سؤال حول ما إذا كان يؤكد نيّة المملكة المتحدة لإنشاء قاعدة بحرية في صومالي لاند، قال: "هناك أهمية إستراتيجية لصومالي لاند، ونحن نعلم أنّ بريطانيا لها علاقات تاريخية طويلة معنا، وبسبب الوضع الأمني المستقر لدينا، فإنّ البريطانيين مهتمون للغاية بإنشاء شركات مع دولتنا".
كما ينطوي اهتمام المملكة المتحدة على إقامة علاقات ثنائية في القطاعات الاقتصادية وغيرها، وِفق السفير.
هل ستكون بريطانيا أول دولة تعترف بصومالي لاند؟
حصلت أرض الصومال على استقلالها من بريطانيا قبل استقلال الصومال من إيطاليا، وأضاف عقال، "إنّ الاتحاد مع الصومال، الذي استمر بين عامي 1961 و1991، كان "حلماً" ومشروعاً "عاطفياً" لم ينجح".
وقال: "إنّ المجتمع الدولي يعرف أنّ صومالي لاند دولة قائمة حصلت على استقلالها بشكل منفصل".
حتى الآن؛ لم تعترف أيّة دولة في العالم بصومالي لاند كدولة مستقلة، رغم أنّها تعمل منذ ثلاثة عقود كدولة الأمر الواقع، وتعارض حكومة الصومال بشدة فكرة استقلال صومالي لاند، وتعدّها كياناً انفصالياً.
وأكدت سفارة صومالي لاند في نيروبي؛ أنّ التقارير تشير إلى أنّ بريطانيا كانت تسعى لإنشاء قاعدة عسكرية في البلد الإفريقي، وقال سفير صومالي لاند لدى كينيا، عمر باشي: إنّ "بلاده متحمسة لزيارة وليامسون، التي قال إنّها ستساعد في دفع البلاد للاعتراف الدولي بعد الانفصال عن الصومال".

أشارت تقارير إعلامية إلى أنّ المباحثات مع صومالي لاند، المعلنة من طرف واحد، شملت استضافة قاعدة بحرية بريطانية

وأضاف السفير باشي "زيارة وليامسون كانت مؤشراً واضحاً على أنّ المجتمع الدولي يدرك أهمية صومالي لاند".
وكانت مدينة شيفلد البريطانية، قد أعطت صومالي لاند، عام 2014، بعض الأمل في إنعاش مستقبل قضيتها، لنيل اعتراف دولي رسمي، بعدما قرّر المجلس البلدي في المدينة الاعتراف رسمياً بالإقليم كدولة شرعية، وتكوين دولته الخاصة.
وجاء تصويت شيفلد، الذي أجري بحضور وزير خارجية صومالي لاند، محمد يونس بيحي، كبريق أمل لجالية "صومالي لاند" المقيمة في المدينة البريطانية، والبالغ عددها أكثر من 8000 شخص، إضافة إلى جاليات في مدن بريطانية أخرى، بعد ضغوط منظّمة مارستها لفترات طويلة، وأثنى الوزير على خطوة  المجلس، قائلاً: إنه يعمل على تحريك المجتمع الدولي للاهتمام بقضيتهم، معرباً عن تقديره لصعوبة إنجاح خطوة شفيلد بسبب الصعوبات التي تواجههم، كما هاجم بشدة الحكومة الفيدرالية في الصومال، واتهمها بالعمل على تدبير المؤامرات لزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق الواقعة تحت سلطة صومالي لاند.

اقرأ أيضاً: الصومالية إلهان عمر: أول محجبة في الكونغرس.. ماذا تعرف عنها؟
وأكّد رئيس منظمة "من أجل صومالي لاند"، آدم يوسف، أنّ الجالية تعمل بجدّ لحثّ المجتمع الدولي على الاعتراف بحقوق مواطني صومالي لاند الشرعية، قائلاً: إنّه "أصبح واضحاً أنه بعد أكثر من 20 عاماً من عدم الاعتراف الدولي، بدأت بوادر الانفراج تلوح في سماء صومالي لاند؛ حيث يقول مراقبون إنّ التوقعات بدأت ترتفع وبشكل كبير، نتيجة هذا التصويت"، وأضاف أنّ تصويت شيفلد قد يكون رمزياً، وربما لا يشكل أهمية كبيرة بالنسبة إلى القرار الدولي، لكن يوسف يعتقد أنّ قرار المجلس البلدي في شيفلد، هو "ثورة بركان بدأ يتحرك"، ما سيشكل تحولاً في مسار قضية صومالي لاند، بعد أعوام من الإحباط.

اقرأ أيضاً: خيارات الصومال لمواجهة "الشباب المجاهدين" بعد جلاء القوات الإفريقية
ورغم امتيازها بعلاقات جيدة، غير رسمية، مع بعض الحكومات الأجنبية التي أرسلت وفوداً بروتوكولية إلى العاصمة هرجيسا، إلّا أنّ الجمهورية، المعلنة من طرف واحد، ما تزال غير معترف بها من قبل أيّة دولة أو منظمة دولية، ما جعلها تكثّف من حملاتها المستمرة لساستها ودبلوماسييها، إضافة إلى مواطنين بارزين لاستمالة العالم، ونيل الاعتراف بشكل رسمي.

مخاطر وفرص
صرح الوزير البريطاني، أُثناء زيارته للجيش البريطاني في كينيا، مطلع هذا الشهر؛ بأنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيسمح للمملكة المتحدة بتغيير سياسة الستينيات، الرامية إلى الانسحاب من مناطق شرق السويس.
وتنضم بريطانيا إلى روسيا، التي أعلنت في نيسان (أبريل) الماضي، نيّتها إقامة قاعدة بحرية في مدينة زيلع الساحلية في صومالي لاند.

 أشارت تقارير إعلامية إلى أنّ روسيا تنوي إقامة قاعدة بحرية بمدينة زيلع

وكان وفد روسي قد أجرى محادثات مع حكومة صومالي لاند، لإقامة 1500 رجل لدعم سفنها الحربية والغواصات المقاتلة، للعمل في المنطقة المضطربة والممرات الملاحية المزدحمة التي تمر منها معظم البضائع الأوروبية.

اقرأ أيضاً: الاستبداد يحول الإقليم الصومالي الإثيوبي إلى سجن
ويرى بعض المراقبين؛ أنّ إستراتيجية منح القواعد العسكرية قد تساهم في بناء علاقات وثيقة مع بعض قوى العالم من أجل نيل الاعتراف، لكنه من ناحية ثانية ينطوي على مغامرة خطيرة، وفقهم، قد تزعزع أمن المنطقة في ظلّ احتدام التنافس الدولي والإقليمي على المنطقة، خاصة في الحرب الباردة بين الصين وأمريكا، التي باتت تلوح بوادرها في الأفق.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية