هل تُخمد استقالة حكومة دياب الشارع اللبناني؟

هل تُخمد استقالة حكومة دياب الشارع اللبناني؟


11/08/2020

استقبل الشارع اللبناني استقالة حكومة حسان دياب بارتياح، لا يخلو من ترقب وقلق، فرغم ما تمنحه الاستقالة من مؤشرات على صدى الشارع المشحون بغضب انفجار مرفأ بيروت، فإنّ الشارع اللبناني أكثر يقظة لاستثمار غضبه ذاك في تغييرات حقيقية تتجاوز تبديل الأسماء مع الإبقاء على السياسات نفسها.

استقبل ناشط لبناني قرار تغيير الحكومة بنشر صورة على صفحته لمتظاهر يرفع لافتة "تسقط الحكومة القادمة"، وعلى الرغم من أنّ الحكومة لم تكن قد قدّمت استقالتها خلال رفع اللافتة، فإنها تعكس نبض الشارع اللبناني الذي علّق المشانق، آملاً أن يُنهي بها سنوات من الفساد والتبعية.

 تعكس المؤشرات حشد الفصائل الطائفية الشيعية عناصرها لدعم دياب، بدعوى مواجهة التدخل الأجنبي، والاحتلال القديم الذي تمثله باريس بحسبهم

ويظلّ الطريق نحو اختراق حقيقي في المشهد السياسي اللبناني، يفكّ من سطوة الفصائل الطائفية على رقبة الحكم، غير ممهّد، فالمتصفح للهاشتاغات التي تتصدّر لبنان، بين ساعة وأخرى، من "#لبنان_ينتفض" إلى "#علقوا_المشانق"، مروراً بـ"#الشعب_معك_يا_حسان" و"#نواف_سلام" يدرك أنّ اللبنانيين ما زالوا مادة للانقسام، خصوصاً إذا ما وضعنا في الاعتبار ألاعيب اللجان الإلكترونية.

وكان شبان ينتمون إلى فصيل حزب الله قد تداولوا مقطعاً مصوّراً يجدّد البيعة للخميني، مرتدين الملابس السوداء التي ترتبط بالفصيل، في الوقت الذي علّق فيه متظاهرون المشانق في ساحة بيروت السبت الماضي، واقتحموا الوزارات، في إشارة إلى رفض الساسة والحكومة.

كما بدا غريباً تصدّر موقع "تويتر" في لبنان هاشتاغ "#الشعب_معك_يا_حسان"، بعد ساعات من كشف وكالة أنباء "رويترز" عن تقرير أمني يفيد أنّ الحكومة والرئيس اللبناني ميشيل عون كانوا على علم بشحنة نترات الأمونيوم، وما تمثله من خطر على بيروت، بحسب تقرير أمني وصل إليهم قبل أسبوعين من الانفجار.

وتعكس تلك المؤشرات حشد الفصائل الطائفية عناصرها لدعم دياب، بدعوى مواجهة التدخل الأجنبي، والاحتلال القديم الذي تمثله باريس بحسبهم، فيما يتناسون الانبطاح لإيران.

اقرأ أيضاً: تقرير: الفساد والانهيار في العراق ولبنان سببهما إيران وميليشياتها

أمّا نواف سلام، فهو أكاديمي لبناني مخضرم، يلقى قبولاً بين المتظاهرين اللبنانيين، وكان اسمه قد طُرح لتشكيل الحكومة قبل دياب، غير أنه لم يلقَ قبولاً لدى الطوائف الشيعية، وتجدّد طرح اسم سلام هذه المرّة، مدعوماً بضعط دولي تتقدّمه فرنسا.

وسبق أن طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارة للبنان، عقب ساعات من الانفجار، بإجراء تغييرات سياسية عاجلة في لبنان، وأكّد أنّ المساعدات إلى بيروت لن تصل إلى الأيادي الفاسدة.

اقرأ أيضاً: هل تعود فرنسا "الأم الحنون" لاحتلال لبنان؟

في غضون ذلك، قال الممثل والمخرج اللبناني فادي أبو سمرة لـ"حفريات" تعليقاً على استقالة الحكومة، وتوجّهات الشارع: منذ ١٧ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، والشارع يطالب بحكومة مستقلة تُشرف على إجراء انتخابات نيابية مستقلة، السلطة حاولت شراء الوقت بحكومة دمى (عرائس).

ويضيف أبو سمرة: هذه الحكومة كانت ساقطة شعبياً منذ تشكيلها، لكنّ أزمة كورونا أعطتها وقتاً إضافياً، لكنّ زلزال الفساد الذي انفجر في بيروت أعاد حركة الشارع إلى بداياتها.

وشدّد المخرج اللبناني على أنّ استقالة هذه الحكومة لا تكفي، قائلاً: الشارع يريد إعادة تشكيل طبقة سياسية جديدة لا علاقة لها بهذه الطبقة التي تسلّطت على البلاد  والعباد منذ 30 عاماً، الآن التسويات الدولية بقيادة فرنسا تحاول صياغة معادلة جديدة في لبنان، تقوم على تنازل العديد من القوى السياسية لمصلحة بناء سلطة جديدة.

ويشير المثقف اللبناني إلى الصعوبات التي تواجه ذلك المسار قائلاً: لا أظنّ أنّ هذه القوة الطائفية والمذهبية ستقبل ذلك بسهولة، ثمّة نضال مستمر، وينبغي على الشعب المتابعة به.

اقرأ أيضاً: مبادرة إماراتية إنسانية جديدة في لبنان.. تعرف إليها

وحول تداول اسم نواف سلام، قال أبو سمرة: سلام رجل نزيه ومحترم، وهو فرصة جيدة للثورة، لكنّ زعماء الطوائف لن يقبلوا به، متوقعاً أن يتمّ تشكيل حكومة مستقلة (وهذا شرط فرنسي للمساعدة)، مهمّتها إجراء انتخابات مبكرة. ولفت إلى أنّ السؤال وقتها سيكون: أي قانون سيُعتمد؟ موضحاً أنّ القانون الانتخابي في لبنان ليس ثابتاً، وقبل كلّ انتخابات يُصاغ قانون جديد، والطبقة السياسية كانت ترسم قانوناً على مصلحتها، وتابع: الآن مطلوب قانون عادل وخارج حسابات الطوائف.

مخرج لبناني: الشارع يطالب بحكومة مستقلة تُشرف على إجراء انتخابات نيابية مستقلة، السلطة حاولت شراء الوقت بحكومة دمى (عرائس)

ويعني ذلك أنّ الشارع اللبناني أمامه مشوار طويل من الضغط والنضال، حال رغب في إجراء تغيير حقيقي، الأمر ذاته تراه الإعلامية اللبنانية زاهية ناصر، تقول لـ"حفريات": قرار الاستقالة لا علاقة له بالشارع، فالشارع ليس هو من أسقط الحكومة.

وتشير زاهية إلى تحدٍّ أمام التظاهرات اللبنانية، يتمثل في عدم وقوف المتظاهرين على مطالب واحدة: التظاهرات مقسومة في لبنان، فليس كلّ الموجودين على الأرض لهم هدف واحد، هناك قسم من المرتزقة في الشارع، وقسم آخر يطالب بتغيير النظام السياسي في لبنان.

وتضيف زاهية: "السياسة فقط من أسقطت الحكومة، ولا علاقة للشارع ومطالب الناس أبداً، الكلّ يتحدث عن أنّ ماكرون أوصى "حزب الله" بحكومة وحدة وطنية تتشارك فيها جميع الطوائف، وهذا ما كان حزب الله وحلفاؤه متمسكين به من قبل، لكن وقتها سعد الحريري لم يقبل".

وتابعت أنّ كلّ تلك التغييرات لا تحقق شيئاً من مطالب الشعب غير الطائفي، لأنهم يطالبون برحيل كلّ الطبقة السياسية، وبانتخابات نيابية مبكرة، وبتغيير النظام الطائفي في لبنان، وبإنشاء دولة مدنية.

ووفق الفلسفة نفسها، دوّن الناشط اللبناني خضر جهادي على تويتر عبر هاشتاغ "#نواف_سلام": "غلطة تشرين نفسها عم تنعاد، بعد استقالة الحكومة الخطوة التانية مش لازم تكون البحث عن رئيس حكومة جديد، لازم تكون المطالبة والعمل على إسقاط ميشال عون، وإسقاط نبيه بري، وحلّ المجلس النيابي".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية