هل تضاعف تركيا تواجدها في الصومال؟

هل تضاعف تركيا تواجدها في الصومال؟


23/12/2020

مصطفى غوربوز

قد لا يبشر العام الجديد بالسلام بالنسبة للصوماليين، إذ تصاعدت التوترات عشية الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وجاء إعلان إدارة ترامب بسحب القوات الأميركية بحلول يناير في توقيت حرج. وسيشكل تحديات خطيرة للصومال حيث سيبحث المقاتلون الشباب عن فرصة لاستغلال اضطرابات موسم الانتخابات. ويشير الهجوم الانتحاري الأخير الذي استهدف رئيس الوزراء وقتل ثلاثة من كبار الضباط في الجيش إلى مدى هشاشة البنية التحتية الأمنية الصومالية.

وأصبحت الأوضاع بمثابة برميل بارود يمكن أن ينفجر في أي لحظة بسبب طبيعة لعبة السلطة الإقليمية قبل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في أوائل فبراير. ويُذكر أن الصومال تجاوزت الموعد النهائي لإجراء انتخاباتها البرلمانية في الأول من ديسمبر، وهو الموعد الذي وافقت عليه الحكومة الفيدرالية وست ولايات إقليمية في وقت سابق من السنة الحالية. وفي الوقت الحالي، لا توجد انتخابات جديدة مقررة.

وتشعر المعارضة الصومالية بالقلق من التدخل التركي من خلال الدعم المسلح لقوات الشرطة الخاصة التي استخدمت الرصاص الحي ضد المتظاهرين السلميين في مقديشو. كما تلقى الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو الدعم من تركيا وقطر وإثيوبيا، بينما تدعم الإمارات العربية المتحدة ومصر وكينيا المعارضة. قد يتحول التدخل الدولي في هذه الفترة الزمنية الحساسة إلى كارثة بالنسبة للصومال التي مزقتها الحرب، وكذلك خطط الحكومة التركية لإرسال ألف بندقية من طراز جي 3 و 150 ألف رصاصة إلى قوات الأمن.

واتهمت الحكومة الصومالية كينيا بالتدخل في شؤونها الداخلية وقررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع نيروبي على الرغم من حقيقة أن قوات حفظ السلام الكينية كانت ذات أهمية استراتيجية لأمن حدود الصومال.

وتحتفظ تركيا بأكبر قاعدة عسكرية خارجية لها في الصومال. وضاعفت حكومة أنقرة من استثماراتها في الصومال كجزء من أهدافها في البحر الأحمر، نتيجة لتفاقم الأزمة في الخليج مع مقاطعة قطر منذ سنة 2017. وأصبحت الرباعية بقيادة السعودية، والتي تضم الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر، منزعجة من التوسع العسكري التركي في القرن الأفريقي.

يُنظر إلى الصومال على أنها دولة مهمة لحماية "الوطن العربي" لموقعها الاستراتيجي. وبالتالي، أزعج استعراض تركيا لعضلاتها في المنطقة الرباعية العربية بشدة. فقد نتج عن التنافس الإقليمي على القرن الأفريقي انقلاب السودان في 2019، الذي أنهى حكم عمر البشير الذي امتد 3 عقود. ويذكر أن البشير كان الحليف المقرب لأردوغان. لذلك، وجّهت خسارة السودان ضربة قوية لأنقرة. لكن الحكومة التركية خرجت منتصرة في تأمين طرابلس ضد نفس الخصوم الإقليميين من خلال مضاعفة مشاركتها العسكرية. وضاعفت مصر نشاطها العسكري ضد ما أسمته "التحركات التركية الخبيثة في الصومال" مستغلة التطبيع في العلاقات الإسرائيلية السودانية للسيطرة على البحر الأحمر.

وتتمتع تركيا، بالمقارنة مع منافسيها، ببعض المزايا في الصومال. فبدلا من "دبلوماسية الدفع" التي تنتهجها دول الخليج، شُيّدت المشاركة التركية من خلال لمسة القوة الناعمة على المدى الطويل. وكان أردوغان أول زعيم غير أفريقي يزور مقديشو في 2011. وقدمت تركيا مساعدات إنسانية ومشاريع تنموية ومنشآت تعليمية وسط مجاعة مدمرة في الدولة التي مزقتها الحرب. ولأول مرة في السياسة الخارجية التركية، عينت أنقرة مبعوثا خاصا للصومال سنة 2018، وكلفته باستئناف المفاوضات بين حكومة مقديشو ومنطقة أرض الصومال الانفصالية.

وفي تحول تدريجي من القوة الناعمة إلى القوة الصلبة، بدأت أنقرة في تدريب الجيل القادم من الضباط الصوماليين. ويتلقى ثلث القوات العسكرية الصومالية تعليمهم باللغة التركية بعد دورة مكثفة في اللغة ويؤدون قسمهم بالتركية. كما يحتفل الضباط الصوماليون الشباب ببعض الأحداث التركية مثل إحياء ذكرى الذين سقطوا في الحملة العثمانية ضد بريطانيا في جاليبولي وترديد النشيد العسكري التركي.

كما زادت تركيا من استثماراتها الاقتصادية. فقد نالت مجموعة البيرق التابعة لعائلة أردوغان على حقوق تشغيلية في ميناء مقديشو وتدير شركة تركية أخرى الآن المطار أيضا. وأعلنت تركيا مؤخرا أنها ستدفع 2.4 مليون دولار من ديون الصومال المستحقة لصندوق النقد الدولي.

لكن تركيا تواجه تحديا حقيقيا هذه المرة. فقد يأتي الرهان بقوة على نظام فارماجو من خلال تعزيز قوات الشرطة الخاصة بنتائج عكسية. وفي الفترة التي سبقت الانتخابات الرئيسية، مع الانتخابات الصغيرة السابقة في الجنوب الغربي وفي جوبالاند، دفع فارماجو مرشحيه مما تسبب في أعمال عنف كادت تؤدي إلى مواجهة مع كينيا وإثيوبيا. وعلى الرغم من انحياز أديس أبابا إلى أنقرة في دعم فارماجو، كان اندلاع الحرب الأهلية الأخيرة في منطقة تيغراي مكلفا للجيش الإثيوبي، مما خلق مخاوف من انهيار الدولة وتداعيات ذلك في القرن الأفريقي. وفي حال عدم قبول فارماجو أو المعارضة لنتائج الانتخابات، قد تواجه الصومال أزمة شرعية حقيقية.

وتبقى البنية الأمنية الصومالية الأكثر هشاشة ويتدخل اللاعبون الإقليميون، سواء أكانت تركيا أم خصومها في الخليج، فيها مما سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار الذي قد يؤدي إلى تصاعد الخصومات العشائرية. ولن يفيد مثل هذا السيناريو إلا حركة الشباب والجماعات المتطرفة الأخرى، بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية في القرن الأفريقي.

عن "أحوال" تركية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية