هل تصمد جماعة الإخوان أمام عواصف الانشقاقات؟

هل تصمد جماعة الإخوان أمام عواصف الانشقاقات؟


30/08/2021

تحاول جماعة الإخوان الصمود أمام العواصف عقب الزلازل الكثيرة التي ضربتها في عدد كبير من فروعها الرئيسية في العالم، وعلى رأسها فروع مصر، وتونس، والأردن، والسودان، واليمن بسبب الخلافات التي تحولت إلى انقسامات وانشقاقات على إثر الخسائر السياسية الكبيرة التي تلقتها في معظم الدول العربية.

اقرأ أيضاً: قيادي منشقّ عن "النهضة" لـ "حفريات": الغنوشي خائن وللحركة عناصر في الجيش والأمن

وعلى الرغم من الأحداث المتسارعة التي تؤصل لهذا التغيير الحتمي داخل الإخوان والأشبه بعملية إعادة تكوين للجماعة، إلا أنّ التنظيم الدولي المسؤول عن كل فروع الإخوان يحاول بكافة الطرق منع الصراعات داخل فروعه من التحول إلى انقسامات وانشقاقات تغير من شكل الجماعة بالكامل، ولكن التجربة التاريخية تؤشر إلى أنّ التنظيمات العقائدية والإيديولوجية تضعف وتتراجع ولكنها لا تموت، وتعمل على التكيّف مع البيئة الجديدة، ويظل أتباعها يحاولون إحياء التنظيم؛ وتؤشر التجربة التاريخية لتنظيم الإخوان المسلمين منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وتجربة حركة حماس منذ التسعينيات على حالة الضعف والنهوض وإعادة إحياء التنظيم من جديد.

 انقسامات واضحة

شهد تنظيم الإخوان المصري بوصفه المكون الأساسي للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، خلافات داخلية شديدة أفضت إلى فصل واستقالة العديد من القيادات، وخروج بعضها وتأسيس كيانات سياسية جديدة، والانفصال الأخطر تمثل في تشكيل اللجنة الإدارية العليا ومكتب الخارج ككيانات موازية لمكتب الإرشاد، فبينما يتبنى الأول منهج التغيير العنيف، يميل مكتب الإرشاد للتغير التدريجي، إضافة إلى خلافات حول التجديد الفكري والسياسي، والفساد الإداري والمالي والأخلاقي داخل التنظيم، أثراً لذلك انقسم التنظيم في كل أماكن تواجده، ترتب عليه تشكيل " تيار التغيير" وتنظيم "ضمير الإخوان".

يشير تاريخ الجماعة إلى استقالات فردية فقط معروفة شهيرة مثل الشيخين الباقوري ومحمد الغزالي

لم تكن باقي التنظيمات القُطرية للإخوان المسلمين بمعزل عن الأزمة التي تواجه التنظيم المصري، إذ شهدت باقي التنظيمات في الوطن العربي حالة من الصراع الداخلي، تمخض عنها العديد من حالات الانشقاق والخروج، وتأسيس كيانات جديدة، حيث خرج من التنظيم الأردني العديد من القيادات وانقسم التنظيم إلى أربعة تنظيمات فرعية، وشهد التنظيم العراقي حالة من الصراع بين الجماعة (حركة الإحسان) والحزب الإسلامي العراقي، وتبنى كل منهما مواقف ورؤى مختلفة، وظهر صراع داخل حزب النهضة التونسي بين جناحين، وكذلك الحال داخل حزب العدالة والتنمية المغربي بين جناح "بنكيران" وجناح "الاستوزار" بقيادة رئيس الحكومة الحالي الدكتور سعد الدين العثماني، ولم يكن التنظيم الجزائري بمعزل عن الحالة العامة، إذ انقسم إلى ثلاث حركات، وكذلك الحال في التنظيمين السوداني والصومالي.

اقرأ أيضاً: منشق عن الإخوان لـ"حفريات": الجماعة اختطفت الدولة ولا تصلح للحكم

وتشير الانقسامات إلى مجموعة من التحولات والأنماط على مستوى الشخص أو على مستوى الجماعة، وقد تكون تحولات جزئية أو كلية، وبذلك تكون هناك أنماط أربعة محتملة كالتالي:

1-   تحولات فردية جزئية: تقتصر عادةً على تغيير الموقف من قضية أو مسألة واحدة، وقد يترتب عليها بقاء الشخص منتمياً إلى جماعته أو تغيير انتمائه إلى جماعة أخرى نتيجة تحوُّله، ويتوقف ذلك على قدرة الجماعة على استيعاب تحولات أتباعها.

2-   تحولات فردية كلية: ويشمل التحول في هذه الحالة الموقف من ثوابت خاصة أو عامة، وهنا ينتج عن التحول خروج الشخص عن مسمَّاه التنظيمي إلى تنظيم واتجاه آخر.

3-  تحولات جماعية جزئية: حيث تغيِّر الجماعة كلها موقفها من إحدى القضايا مع بقائها محافظة على ثوابتها الخاصة بصورة عامة.

4-   تحولات جماعية كلية: حيث تغيِّر الجماعة دفعة واحدة باقة من ثوابتها الخاصة.

الانكماش لا الفناء

لم تحدث انشقاقات معروفة على مستوى جسم التنظيم الإخواني طولياً أو عرضياً، ويشير تاريخ الجماعة إلى استقالات فردية فقط معروفة شهيرة مثل الشيخ الباقوري أو الشيخ محمد الغزالي، لذا لم تتأثر بخروج قطاع أو أفراد مؤثرين، ولم تقض الانشقاقات على الجماعة لأسباب متعددة ومتنوعة.

 شهدت التنظيمات الإخوانية حالة من الصراع الداخلي تمخض عنها حالات انشقاق عديدة والخروج وتأسيس كيانات جديدة

وتشير جملة التحولات أو الانشقاقات والاستقالات التي عصفت بالتنظيم إلى الانكماش لا الفناء، أي التحول من التنظيم الصارم إلى الميوعة التنظيمية، فعلى الرغم من أن الاستقالات وتأسيس كيانات جديدة هزت الإخوان المسلمين وأضعفتها، لكن لم يُكتب لها النجاح، لعدة أسباب: تفرُّق المنشقين على أكثر من حزب، وعدم تكتلهم في كيان موحد قادر على العمل الموازي للتنظيم الأم، واتجاه الأغلبية للعمل الفردي والتنموي من خلال عمل جمعيات مدنية، نظراً لذلك فإنها لم تؤدي إلى اختفاء التنظيم، وما يزال متماسك نسبياً، قادراً على النهوض في أي لحظة، ما يتطلب الوعي بذلك.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية